مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: مفاهيم مغلوطة حول تعدد الزوجات

مفاهيم مغلوطة حول تعدد الزوجات



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فإن الله عز وجل حكيم لا يشرع شيئاً إلا لحكمة بالغة علمها من علمها وجهلها من جهلها ، وكل ما شرعه لا بد أن تكون مصلحته راجحة ، وإن اشتمل على ما مفسدة فإن هذه المفسدة تكون مغمورةً بالمصالح المقارنة له ، والعكس بالعكس في المنهيات

وقد شرع الله عز وجل تعدد الزوجات وفي التعدد مصالح عديدة

منها تكثير المسلمين

قال الإمام أحمد في مسنده 13569 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي: " وَقَدْ رَأَيْتُ خَلَفَ بْنَ خَلِيفَةَ وَقَدْ قَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: يَا أَبَا أَحْمَدَ "، حَدَّثَكَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، قَالَ أَبِي: «فَلَمْ أَفْهَمْ كَلَامَهُ كَانَ قَدْ كَبِرَ فَتَرَكْتُهُ» ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِالْبَاءَةِ  وَيَنْهَى عَنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا، وَيَقُولُ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

وقول بعض الناس اعتراضاً على تعدد الزوجات ( لنربي أولادنا أولاً ) رد على النبي صلى الله عليه وسلم ودعوة لتقليل الأمة ، وتربية الأبناء أمر مقدور عليه وكفل كبير منه يقع على المرأة وكل امرأة من الزوجات العدة تربي أبناءها والرجل يعين الجميع وهذا هو الحال في الكثير من الإصلاحيات والحضانات والمدارس في عدد من بلدان العالم بالنسبة للمدرسات وأعداد الطلبة هائلة

المصلحة الثانية : إعفاف امرأة مسلمة وهذا مطلب ملح في هذه الأيام التي كثرت فيها الفتن وزاد فيها عدد النساء جداً بالنسبة لعدد الرجال

المصلحة الثالثة : الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء

قال أحمد في مسنده 2048 - حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَقِيَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: «تَزَوَّجْتَ؟» قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: «تَزَوَّجْ» ، ثُمَّ لَقِيَنِي بَعْدَ ذَلِكَ. فَقَالَ: «تَزَوَّجْتَ؟» ، قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: «تَزَوَّجْ، فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَانَ أَكْثَرَهَا نِسَاءً»

المصلحة الرابعة : تحصيل تمام العفة لمن شهوته عظيمة ولا تقوم بها امرأة واحدة

قال ابن القيم في بدائع الفوائد (4/1406) :" ومن مسائل الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله _ يعني أحمد ابن حنبل _  قيل له ما تقول في التزويج في هذا الزمان فقال مثل هذا الزمان ينبغي للرجل أن يتزوج ليت أن الرجل إذا تزوج اليوم ثنتين فقلت ما يأمن أحدكم أن ينظر النظر فيحبط عمله قلت له كيف يصنع من أين يطعمهم فقال ارزاقهم على الله عز و جل "

فهذا قول أحمد في زمانه فما عسانا نقول في زماننا وهذا كلام رجل فقيه لا الجهلة الذين يأتون إلى زمان يعج بالاختلاط والفتن ويقولون ( زوجة واحدة تكفي ) ومثل هذا الكلام مخالف لبداهة العقول فإنها إن كفت زيداً فلا تكفي عمراً فالناس متفاوتون في حاجتهم تفاوتاً عظيماً وظروفهم مختلفة

المصلحة الخامسة : حل مشكلة المطلقات والأرامل والعوانس فإن كثيراً منهن لا يرغب بها إلا على جهة التعديد

وهذا يبين جهل وسطحية من يعتبر التعدد إجحافاً للمرأة فهو مع كفره واعتراضه على دين الله فإنه أحمق جاهل فإن الرجل لا يتزوج رجلاً آخر وإنما امرأة أخرى فهو إن فرضنا أنه حط على الأولى فهو في مصلحة ثانية فهو زيادة في نصيب المرأة ككل

المصلحة السادسة : كثرة الأبناء المستغفرين للأب فقد صح في الخبر أنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر منها ولد صالح يدعو

قال ابن سعد في الطبقات 5213- قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَلاَّ يَتَزَوَّجَ , فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ : تَزَوَّجْ , فَإِنْ مَاتُوا أُجِرْتَ فِيهِمْ , وَإِنْ بَقُوا دَعَوُا اللَّهَ لَكَ.

وهذا إسناد صحيح إلى أم المؤمنين حفصة

وهناك مصالح أخرى وبعضها عام فلا يمكن دفع كل هذه المصالح من أجل غيرة امرأة لو كانت هي الجالسة في بيت أهلها وكبر بها السن لكانت من أنصار التعدد ، ولو كان لها ابنة طال بها العمر ولم تتزوج لكانت من أنصار التعدد أو كانت لها أخت كذلك

ومع الأسف كثير ممن يسمون أنفسهم بالدعاة وبعض النساء يتكلمون بكلام قبيح انهزامي حول هذه المسألة ، وليس من الحكمة في زمن انتشرت فيه الفتن وكثرت فيه حالات العنوسة الكلام بتشويه تعدد الزوجات ولو على جهة الطرافة

وقد بلغني عن بعضهم أنه اشترط رضا الزوجة الأولى في التعدد وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وهذا شرط اخترعه من عند نفسه بل حتى إذن الوالدين لا يشترط بالنسبة للرجل بل ليس لأمه وأبيه منعه مما أحل الله له وتاقت نفسه إليه ، وإنما يجوز لها اشتراط عدم التعديد في العقد والأفضل عدمه لأنه ليس من فعل أكثر الصالحات ولا تدري بما يعرض لها، فلعل الرجل يضطر للتعديد فيطلق ليتخلص من هذا الشرط

وهنا لا بد من التعليق على بعض المفاهيم المغلوطة والممارسات الخاطئة حول تعدد الزوجات

الأول : اعتقاد البعض أن العدل الذي اشترطه رب العالمين في كل شيء

ولهذا يعسرون هذا الأمر جداً والصواب أنه لا يشترط في المحبة والجماع وهذا مذكور في القرآن ولكنهم يأخذون ببعض النصوص دون بعض

قال ابن أبي حاتم في تفسيره 6090- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ:  " وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ "  يَعْنِي: فِي الْحُبِّ وَالْجِمَاعِ، يَقُولُ: لا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَعْدِلَ بِالشَّهْوَةِ فِيمَا بَيْنَهُن، وَلَوْ حَرَصْتَ". وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ:"فِي الشَّهْوَةِ وَالْجِمَاعِ". وَرُوِيَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، وَالْحَسَنِ، قَالا:"فِي الْحُبِّ وَالْجِمَاعِ".

والعدل كما أنه واجب بين الزوجات هو واجب بين الأبناء وواجب على كل من تولى شيئاً من أمر المسلمين فما لنا لا نرى من يتورع من الولاية خوفاً من عدم العدل أو ينصح بالعدول عن ذلك لهذا السبب

ونحن نرى بعض أفسق الناس يعدل بين أبنائه ، والعدل بين الأزواج في الكسوة والنفقة والمبيت مثل ذلك أو أهون

الثاني : إطلاق كلمات لا تنبغي على الزوجة الثانية

كقولهم ( سرقت الرجل من امرأته ) أو ( هدمت بيت المرأة الأولى ) وهذا كلام خبيث وأذية لامرأة مسلمة بما لا يجوز وذم لما أباحه الله عز وجل ، فالله يبيحه وأنت تسميه سرقه فهذا رد على الله عز وجل  ، فإذا كان هذا يقال في المسلمة العفيفة التي تزوجت بالحلال فما عسى أن يقال في الزانية ؟

ومع الأسف رأيت بعض الجاهلات ممن تزعم أنها طالبة علم تستخدم بعض هذه العبارات الفاجرة

الثالث : اعتبار التعدد إهانة للزوجة الأولى ولا يقع إلا عند تقصيرها في حقوق زوجها

وهذا باطل فالنبي صلى الله عليه وسلم عدد ونساؤه أحسن النساء وكذا فعل الصحابة

فلعل قائلة ستقول ( لستم كالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه )

فيقال : ولستن كأمهات المؤمنين والصحابيات والفتن في وقتهم أقل بل لا تقارن في فتن وقتنا من جهة شهوة النساء ، وقد قدمنا أن التعديد قد يكون داعيه قوة الشهوة في الرجل ، أو يكون داعيه تقوى لله عز وجل يرغب الرجل في إعفاف امرأة مسلمة وقد يكون داعيه محبة ورغبة في المرأة الثانية 

والعجيب أن هذه الطريقة في إبطال القياس لا تكون موجودة عند الاستدلال بحديث ( فاطمة بضعة مني ) ، مع خصوصية فاطمة وأبيها صلى الله عليه وسلم بلا خلاف على أن الأقرب أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط ذلك على علي منذ البداية بدليل ذكره لأصهاره الذين وفوا له صلى الله عليه وسلم 

والعجيب أن كثيراً من النساء تكون هي في نفسها مقصرةً حقاً ومع ذلك تكابر

والأعجب منه تلك المقالة الفاجرة التي تنتشر بين كثير من النساء في تفضيل الزنا على التعديد وهذا قلة في العقل وضعف شديد في الدين 

بل تأتي من تستفتي في البقاء مع زوجها الذي يشرب الخمر أو تارك الصلاة أو الزاني أو حتى الملحد ولا تتردد وبدون فتوى بمفارقته إذا تزوج عليها 

وبعضهن تطلب طلاق الثانية وهذا لا يجوز شرعاً

قال البخاري في صحيحه  2140 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا

ومن عجائب ما رسخته وسائل الإعلام الخبيثة في أذهان كثير من الناس أن غيرة النساء التي تحملهن على كل هذا التحريف لدين الله عز وجل محاربة للتعدد مبررة تماماً ، وغيرة الرجل على زوجه شك وتخلف ورجعية

وإنني لأتعجب من كثرة دعاوى المساواة بين الرجل والمرأة ثم بعد ذلك يأتي من يتكلم على نفقة الرجل لزوجته المطلقة ، والنفقة إنما تجب بالشرع على وجه حدده الشرع فإذا كنتم لا تؤمنون بالشرع وتؤمنون بالمساواة فلا يجب شيء للمرأة في حال الانفصال بل لا يجب على الرجل أن يدفع المهر فلماذا هو الذي يدفع المهر وهو والمرأة متساوون بل على الراغب منهما في الآخر أن يعرض عليه ما يرضيه هذا ما تقتضيه المساواة ! 

بل لماذا تكون الحضانة لها في حال صغر الولد بل يكون الأمر بالتساوي ! 

وتعليقاً على مسألة عمل المرأة بإمرة رجل يقال

أن الهروب من قوامة الرجل في البيت إلى قوامة الرجل الغريب في العمل لا تحل شيئاً من عقدة النقص ، وترك المرأة القرار في بيتها له آثار سلبية عظيمة على الأسرة على المدى البعيد وهذا مشاهد في دول أوروبا حتى أنك لترى معدل المسنات في دور العجزة يبلغن مئات الآلاف في ألمانيا، وذلك أن الحميمية بين الأم وولدها صارت ضعيفة جداً وبعدهم عن الدين له أثره

وإذا نظر المرء في البلدان التي يفشو فيها قيادة المرأة للسيارة وخروجها للعمل واستخدامها الذكية وغير الذكية يرى أن شراً عظيماً حصل بسبب هذه الأمور

ولا يكاد المرء يسمع بحادثة فاحشة إلا كان من أسبابها أركان الشر الثلاثة المذكورة

ولينظر المرء للكويت ومصر على سبيل المثال وليعتبر

ومن المعلوم أن كون المسئول في العمل رجلاً لا ينسيه أبداً ميله للنساء ولهذا المرأة ذات الصورة الوضيئة قد تحصل على عمل بربع المؤهلات التي عند غيرها وهذا أمرٌ معلوم منتشر ، حتى أن كبار الفسقة من الإعلاميين يتخذون هذا الأمر مضرباً للسخرية والهزل

وهذه أمريكا التي يعظمون يتكلمون فيها عن معدلات هائلة لما يسمونه ب( الابتزاز الجنسي ) والاغتصاب وما يترتب عليها من حالات الإجهاض أو وجود أسر لا معيل لها إلا المرأة لأن الرجل يسافح ثم يهرب ، بل ربما لم تكن المرأة تعرف من هو أب بعض أبنائها لأنها كانت ساعتئذ ثملة !

ومن المعلوم أن الركن الأكبر في حصول الفاحشة سواءً كانت عن تراض أو غصباً هو خلوة الرجل بالمرأة وهذا يتوفر بقوة في أماكن العمل المختلطة والجامعات المختلطة

ولهذا كانت السويد هي الدولة الأكثر في حوادث الاغتصاب في العالم

وإلى دعاة المساواة لماذ دائماً يغتصب الرجال الفجرة النساء ، لماذا لا يكون العكس ؟!

وإذا كانت لا تستطيع أن تحمي نفسها فقد علمنا هاهنا دور المحرم !

أفرأيت إن كن هؤلاء النسوة لا يخرجن إلا مع محرم ويرفضن الخلوة مع الرجال  أكان سيحصل ذلك ؟

مع العلم أن ما يذكره بعض الدعاة من أن كثيراً من التشريعات جاءت لحماية المرأة فهذا يقال في العفيفة ، وأما الفاجرة فيراد حماية المجتمع من شرها وإفسادها

قال مسلم في صحيحه 7048- [99-2742] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا ، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بَشَّارٍ : لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ.

وجاء في المطالب العالية 420 - قال مسدد : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر ، عن عبد الله ، رضي الله عنه ، قال : كان نساء بني إسرائيل يصلين مع الرجال في الصف ، فاتخذن قوالب يتطاولن بها ، تنظر إحداهن إلى صديقها ، فألقي عليهن الحيض ، فأخرن ، قال عبد الله : فأخروهن من حيث أخرهن الله عز وجل

وهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود

قال البخاري في صحيحه  869 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُلْتُ لِعَمْرَةَ أَوَمُنِعْنَ قَالَتْ نَعَمْ

ولا شك أنهن لا يصنعن عشر ما تصنع النساء اليوم

وقد أخبرني بعض من كان يعيش في أوكرانيا أن المرأة هناك إذا قدمت على وظيفة سكرتيرة في بعض الشركات يتم التعاقد معها على ما يسمونه ب( الخدمات الجنسية ) مرة أو مرتين في الشهر أو الأسبوع ويبدو أن ذلك لتنظيم الأمر لكي لا يكون منلفتاً ، وتتقاضى لذلك أجراً إضافياً

ولا شك أن الأوكرانيات لما دخل عليهن عمل المرأة قبل خمسين سنة لم يكن يتوقعن أن الأمر سيصل إلى هذا الحد ، بل كن يتكلمن عن حاجتهن لهذا الأمر وعن رجعية من يمنع من ذلك وسوء ظنه بالمرأة _ فيما أظن _ ، وربما ضربن أقيسة فاسدة كقياس عمل المرأة عند الرجل مع الخلوة على شرائها منه في السوق!

ومن يتكلم عن الحرب على تعدد الزوجات والسماح بالاختلاط والخلوة والحث على نزع الحجاب والحث على عمل المرأة إنما يريد بنا السير في هذا الطريق شاء أم أبى

والعجيب أن القوم لا ينتقدون بعض العادات التي تخالف الشرع ولها مفاسد عظيمة كغلاء المهور والتشدد في أمر الأنساب فيما لا يعرفه حتى الفقهاء القائلين بالكفاءة في أمر النسب

ولا ينتقدون أبداً الامتهان للنساء في الدول التي يعظمونها وقد ذكرت لك بعض صورها فإن الأمر إذا كان يعارض الشرع فإنه مقبول على ما هو عليه

والمؤمن المتبع ليس بحاجة إلى كثير مما سبق ذكره بل يكفيه إيمانه وتسليمه للنص ، وإنما كتبت بعض ما سبق رداً على تحريف المحرفين وتشويش المشوشين 

وأخيراً أحب أن أعلق على أثر ذكره المناوي في فيض القدير _ والاسم منتقد _:"  وقد بالغ بعض السلف في ذلك حتى كان ابن عمر رضي الله عنه ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه حتى يبرد "

وهذا الأثر لم أجد له أصلاً ولعل ذلك من قصور بحثي ، ولم أجد من ذكره غير المناوي وهو خرافي لا يعتمد عليه وهو متأخر بينه وبين ابن عمر أكثر من ألف سنة ، ولو صح فليس فيه مدعاة للسخرية وإنما السخرية من حال النساء في البلدان تزعمونها متحررة وقد صارت سلعة ومروجاً للسلعة ، والسخرية تكون من حالات الهيجان والاغتصاب والأفلام الإباحية التي تنتشر في البلدان التي تعظمون وتريدون لنا أن نسير على طريقهم 

وهذا فقه يفهمه الرجال ولا يعيه أبداً ديوث ولا مخنث ولا عنين 

والعجيب أن تعدد الزوجات أمر أدرك ضرورته حتى بعض النصارى المتأخر فهذا مارتن لوثر إمام البروتستانت الثائر على فساد الكنيسة يقول :" إن نبضة الجنس قوية بحيث لا يقدر على العفة إلا قليل .........." حتى قال :" بل الزواج بامرأتين قد يسمح به أيضاً كعلاج لاقتراف الإثم كبديل للاتصال الجنسي غير المشروع " هذا في كتاب ماذا المسيحية عن الجنس  
 يقول بيلي جراهام _ منصر مشهور _ :" لا تستطيع المسيحية التوافق مع إشكال تعدد الزوجات . وإذا كانت مسيحية اليوم عاجزة عن ذلك فإن ذلك يضر بها ، لقد أباح الإسلام تعدد الزوجات كعلاج لأمراض اجتماعية وسمح بقدر من الحرية في الطبيعة البشرية ولكن ضمن إطار تشريعي صارم تتبجح البلاد المسيحية اليوم بنظام الزوجة الواحدة ولكنها واقعياً تمارس التعدد لا أحد يجهل دور العشيقات في المجتمع الغربي وفي هذه الناحية الإسلام دين صادق جداً فهو يسمح للمسلم أن يتزوج ثانية إذا اضطر ولكنه يحظر بشدة جميع العلاقات الغرامية السرية لحماية النزاهة الأخلاقية للمجتمع " the myth and reality p64

علينا ألا نقع فيما وقع فيه هؤلاء 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي