مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث ( ما السموات السَّبعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ)

الكلام على حديث ( ما السموات السَّبعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ)



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال ابن أبي شيبة في العرش 58- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَسَدِيُّ ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ غَسَّانَ الْعَبْدِيِّ ، عَنْإِسْمَاعِيلَ بْنِ سَلْمٍ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَا آيَةٍ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "آيَةُ الكرسي، ما السموات السَّبعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ تِلْكَ الْفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَةِ"

إسماعيل بن سلم قال محقق كتاب العرش :" هكذا في "الأصل"، قال الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (ح 1159): "إسماعيل بن سلم لم أعرفه، وغالب الظن أنه إسماعيل بن مسلم، فقد ذكره في شيوخ المختار بن غسان، واسمه إسماعيل بن مسلم المكي، أبو إسحاق البصري، ضعيف، من الخامسة"

والأمر كما قال وخصوصاً وأن كلاهما ( عبدي ) وكلاهما ( مكي ) ، وإسماعيل بن مسلم المكي متروك وليس ضعيفاً فقط

قال المزي في تهذيب الكمال :" قال أبو طالب : قال أحمد بن حنبل : إسماعيل بن مسلم المكى منكر الحديث .
و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبى يقول : إسماعيل بن مسلم المكى
ما روى عن الحسن فى القراءات ، فأما إذا جاء إلى مثل عمرو بن دينار ، و أسند عنه بأحاديث مناكير ، ليس أراه بشىء ـ فكأنه ضعفه ـ و يسند عن الحسن عن سمرة بأحاديث مناكير .
و قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : إسماعيل بن مسلم المكى ليس بشىء .
و كذلك قال عثمان بن سعيد الدارمى ، و أبو يعلى الموصلى ، عن يحيى .
و قال محمد بن أحمد بن البراء و أبو العباس القرشى ، عن على ابن المدينى : إسماعيل بن مسلم المكى لا يكتب حديثه .
و قال عمرو بن على : إسماعيل المكى يحدث عنه أهل الكوفة : الأعمش و إسماعيل بن أبى خالد ، و جماعة ، و كان ضعيفا فى الحديث ، يهم فيه ، و كان صدوقا يكثر الغلط ، يحدث عنه من لا ينظر فى الرجال .
و قال إبراهيم بن يعقوب السعدى : إسماعيل بن مسلم واهى ( الحديث ) جدا .
و قال أبو زرعة : هو بصرى سكن مكة ، ضعيف الحديث ."

وقال النساي أيضاً :" متروك " وأبو حاتم وحده قال :" يكتب حديثه " والقول قول الجماعة

ووردت هذه الفقرة في حديث طويل عند ابن حبان في صحيحه (361) و إسناده ضعيف جداً، إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني الدمشقي، قال أبو حاتم: كذاب، كما في «الجرح والتعديل» 2/ 142، 143، وقال الذهبي: متروك، وكذبه أبو زرعة، كما في «ميزان الاعتدال» 1/ 73 و4/ 378.

وقال ابن كثير في تفسيره (1/ 681) :" وقال أبو بكر بن مردويه: أخبرنا سليمان بن أحمد أخبرنا عبد الله بن وهيب الغزيأخبرنا محمد بن أبي السَّرِيّ العسقلاني أخبرنا محمد بن عبد الله التميمي عن القاسم بن محمد الثقفي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة"

أقول شيخ الطبراني والتميمي والثقفي مجاهيل

والعسقلاني قال الذهبي في تذكرة الحفاظ :" وثقه يحيى بن معين وقال بن حبان كان من الحفاظ وقال بن عدى كثير الغلط وقال أبو حاتم لين الحديث قلت: مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين.

وقال البيهقي في الأسماء والصفات 830 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أنا أبو الحسن علي بن الفضل السامري ببغداد ، حدثنا الحسن بن عرفة العبدي ، ثنا يحيى بن سعيد السعدي البصري ، ثنا عبد الملك بن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير الليثي ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ، فذكر الحديث . قال فيه : قلت : فأي آية أنزل الله عليك أعظم ؟ قال : « آية الكرسي » ثم قال صلى الله عليه وسلم ؛ « يا أبا ذر ، ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة » . تفرد به يحيى بن سعيد السعدي

وقد استنكر ابن عدي هذا الحديث على يحيى بن سعيد السعدي حيث قال في الكامل :" روى هذا الحديث الحسن بن إبراهيم البياضي، وَمُحمد بن غالب تمتام، قالا: حَدَّثَنا يَحْيى بن سعد السعدي، عنِ ابن جُرَيج، عَن عطاء فذكر هذا الحديث بإسناده.
وقولهما يَحْيى بن سعد هو الصواب وهذا حديث منكر من هذا الطريق، عنِ ابْنِ جُرَيج، عَن عَطاء، عَن عُبَيد بْنِ عُمَير، عَن أَبِي ذَرٍّ وهذا الحديث ليس له من الطرق إلا من رواية أبي إدريس الخولاني والقاسم بن مُحَمد، عَن أَبِي ذَرٍّ والثالث حديث بن جُرَيج وهذا أنكر الروايات.
ويحيى بن سعد هذا يعرف بهذا الحديث"

ولا شك في نكارة هذا فانفراد هذا المجهول من دون أصحاب ابن جريج يدل على نكارة الخبر ، وكذا استنكر العقيلي عليه هذا الخبر

وقال الذهبي في الميزان :" 9514 - يحيى بن سعيد القرشي العبشمى السعدي.
وقيل السعيدى الشهيد.
عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن أبي ذر بحديثه الطويل.
قال العقيلي: لا يتابع عليه.
وقال ابن حبان: يروي المقلوبات والملزقات.
لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد"

وقال الطبري في تفسيره 5794 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:"وسع كرسيه السموات والأرض" قال ابن زيد: فحدثني أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما السموات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس= قال: وقال أبو ذر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض

وهذا الحديث يخالف بقية أحاديث الباب في شأن تقدير السماوات السبع بالنسبة للكرسي

ومن هو ابن زيد هذا ؟

إنه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فهو المعروف بالتفسير والكلام عليه ، وقد روى عنه ابن وهب كثيراً في التفسير كما يرى ذلك من يطالع تفسير الطبري ، فمن ظن أنه غير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فقد غلط

ولهذا عبد الله الدويش في كتابه ( تنبيه القاري ) متعقباً على الألباني :" هذا فيه نظر ، فإن ابن زيد المذكور ليس كما ذكره وإنما هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم والدليل على ذلك أن ابن جرير يروي في تفسيره بهذا الإسناد كثيرًا ويصرح في بعضها بأنه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وفي بعضها يبهمه وأما عمر بن محمد بن زيد فقليل ذكره له ، وإذا روى بإسناد من طريق ابن وهب عنه صرح باسمه ، وأيضًا الذين ينقلون من تفسير ابن جرير كابن كثير وغيره إذا نقلوا عنه شيئًا ربما اختصروه فيقولون وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أو قال زيد بن أسلم وهذا مطرد عنهم ولم يقولوا عمر بن محمد بن زيد وهذا أشهر من أن ينبه عليه . ولولا خوف التطويل لذكرت من ذلك شيئًا كثيرًا ولكن أذكر مثالاً واحدًا قال ابن جرير في تفسيره الجزء العاشر (ص 53) على قوله تعالى يوم الحج الأكبر حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله يوم الحج الأكبر قال : يوم النحر يوم يحل فيه المحرم وينحر فيه البدن . وكان ابن عمر يقول : هو يوم النحر . وكان أبي يقوله . وقال ابن كثير على هذه الآية عن ابن عباس : الحج الأكبر يوم النحر . وكذا روي عن أبي جحيفة وسعيد بن جبير وعبد الله بن شداد بن الهاد ونافع بن جبير بن مطعم والشعبي وإبراهيم النخعي ومجاهد وعكرمة وأبي جعفر الباقر والزهري وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم . انتهى . من الجزء الثاني ص (335) فانظر كيف سمى ابن زيد الذي ابهمه ابن جرير بعبد الرحمن بن زيد بن أسلم . وأيضًا فالمتواتر في كتب المفسيرين هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وأما عمر بن محمد فلم يشتهر النقل عنه في التفسير وإنما يذكر في كتب الحديث . وإذا تقرر أنه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فلا يخفي ضعفه فلا يصلح لتقوية روايات غيره ، وأبو زيد لم يسمع من أبي ذر كما لا يخفى . والله أعلم "

وما قاله غاية في التحرير فإن عبد الرحمن متروك

قال الألباني في رسالة التوسل :" فإن مداره على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال البيهقي : ( إنه تفرد به ) وهو متهم بالوضع رماه بذلك الحاكم نفسه ولذلك أنكر العلماء عليه تصحيحه لحديثه ونسوه إلى الخطأ والتناقض فقال ( وارث علم الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين شيخ الإسلام ابن تيمية ) ( 1 ) رحمه الله في ( القاعدة الجليلة ) :
( ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه فإنه نفسه قد قال في كتاب ( المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم ) : ( عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه ) . قلت : وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيرا ( 3 ) ضعفه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والدارقطني وغيرهم
وقال ابن حبان : ( كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك ولهذا كان أهل العلم بالحديث لا يعتمدون على مجرد تصحيح الحاكم )
قلت : وقد أورد الحاكم نفسه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في كتابه ( الضعفاء ) كما سماه العلامة ابن عبد الهادي وقال في آخره :
( فهؤلاء الذين قدمت ذكرتهم قد ظهر عندي جرحهم لأن الجرح لا يثبت إلا ببينة فهم الذين أبين جرحهم لمن طالبني به فإن الجرح لا أستحله تقليدا والذي أختاره لطالب هذا الشأن أن لا يكتب حديث واحد من هؤلاء الذين سميتهم فالرواي لحديثهم داخل في قوله صلى الله عليه وسلم : ( من حديث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين )
قلت : فمن تأمل في كلام الحاكم هذا والذي قبله يتبين له بوضوح أن حديث عبد الرحمن بن زيد هذا موضع عند الحاكم نفسه وأن من يرويه بعد العلم بحاله فهو أحد الكاذبين"

وعليه فإن الحديث لا يثبت فإن جميع طرقه واهية ، إلا طريق ابن مردويه وفيها جهالة شديدة ، ولا تقوم لوحدها فالحديث إلى الضعف الشديد أقرب منه إلى الضعف اليسير فضلاً عن الصحة

وأقوى ما في هذا الباب موقوف على مجاهد بن جبر التابعي الجليل رحمه الله تعالى 

قال عبد الله بن أحمد في السنة  438 - (456) حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو سُفْيَانَ يَعْنِي الْمَعْمَرِيَّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «مَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ».

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
 

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي