الثلاثاء، 6 مايو 2014

تعقيب على من كره تسمية الأصبع التي تلي الإبهام ب( السبابة )




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد رأيت بعض الناس يزعم أن تسمية الأصبع الذي بين الإبهام والوسطى بالسبابة تسمية جاهلية وأن التسمية الإسلامية هي سباحة

وهذا غلط فإن عامة إطلاق الصحابة ( سبابة ) وإطلاق سباحة قليل في كلامهم ولا يكاد يثبت منه كبير شيء ، فلو كانت ( السبابة ) تسمية جاهلية لما تواردوا على ذكرها والإكثار منها وجعلها أكثر استخداماً من التسمية الإسلامية بزعم المعترض

1_ قال البخاري في صحيحه 5301 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ أَبُو حَازِمٍ سَمِعْتُهُ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ أَوْ كَهَاتَيْنِ وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى

2_ وقال مسلم في صحيحه 1246- [113-...] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ (ح) قَالَ : وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ يَدْعُو ، وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى ، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ ، وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى ، وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ.

3_ وقال مسلم في صحيحه 1960- [43-867] وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ ، وَعَلاَ صَوْتُهُ ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ : صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ ، وَيَقُولُ : بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ ، وَالْوُسْطَى ، وَيَقُولُ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ ، مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهْلِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا ، أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ.

4_ وقال مسلم في صحيحه 5378- [146-2042] حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ ، قَالَ : نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي ، قَالَ : فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَامًا وَوَطْبَةً ، فَأَكَلَ مِنْهَا ، ثُمَّ أُتِيَ بِتَمْرٍ فَكَانَ يَأْكُلُهُ وَيُلْقِي النَّوَى بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ، وَيَجْمَعُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى ، قَالَ شُعْبَةُ : هُوَ ظَنِّي وَهُوَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلْقَاءُ النَّوَى بَيْنَ الإِصْبَعَيْنِ ، ثُمَّ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ ، قَالَ : فَقَالَ أَبِي : وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ ، ادْعُ اللَّهَ لَنَا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ ، بَارِكْ لَهُمْ فِي مَا رَزَقْتَهُمْ ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ.

5_ وقال مسلم في صحيحه 7518- [135-...] وَحَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مَعْبَدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ. قَالَ : وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى.

فهؤلاء خمسة من الصحابة يقولون ( السبابة ) وهناك غيرهم ولكنني أكتفي بهذا القدر وكذلك كان التابعون ومن بعدهم يكثرون من هذا الاستخدام

ولا يوجد حديث في الصحيحين فيه تسمية السبابة ب( السباحة ) وإنما هي أخبار في المسند وغيره

1_ قال أحمد في مسنده 586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَجْعَلَ خَاتَمِي فِي هَذِهِ السَّبَّاحَةِ ، أَوِ الَّتِي تَلِيهَا "

وقد ورد في بعض ألفاظه عند أحمد وأبي عوانة تسميتها ب( السبابة ) وأكثر الألفاظ وأقواها بغير ذكر اللفظين بل يقول ( الوسطى والتي تليها )

2_ قال أحمد في مسنده 15368 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّاحَةِ  فِي الصَّلَاةِ "

وهذا ضعفه المعلقون على المسند بجهالة الخزاعي وغفلوا عن أن رواية منصور عنه تقويه وخبره محفوظ في الجملة وهو تابعي ومن روى عن صحابي مكثر ما يستنكر علماً بأن صححوه بمجموع الطرق وله طرق ليس فيها ذكر السباحة

3_ وقال المروزي في زوائد في الزهد 982 - حدثنا معتمر بن سليمان قال : سمعت إسماعيل بن أبي خالد يحدث عن قيس بن أبي حازم قال : سمعت المستورد أخا بني فهر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وأشار بأصبعه - : « والله ، ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه السباحة - أو السبابة - في اليم ، فلينظر بما يرجع »

وهذا على التردد بين السبابة والسباحة

وقد رواه وكيع بن الجراح الثبت بلفظ ( السبابة ) وأكثر الروايات بدون ذكرها ولا ذكر السباحة

قال أحمد في مسنده 18008 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ، أَخِي بَنِي فِهْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَمِثْلِ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ فِي الْيَمِّ ، فَلْيَنْظُرْ بِمَا يَرْجِعُ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ "

وأصح ما ورد في لفظ ( المسبحة )

ما روى مسلم في صحيحه 1971- [53-874] وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ ، قَالَ : رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ ، فَقَالَ : قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ.

وهناك أخبار بذكر ( السباحة ) غير أن الروايات الأقوى فيها بلفظ ( السبابة )

ومن هذا يعلم سقوط اعتراض بعض المتأخرين على استخدام لفظ ( السبابة ) وكراهيتهم له وقد ورد خبر في النهي عن لفظ السبابة أشار إليه الدارقطني في أطراف الأفراد والغرائب ويبدو أنه منكر البتة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم