الأربعاء، 7 مايو 2014

تعقيب على علي الرازحي فيما أقره من كلام مرجئة الأشعرية الجهمية



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد أخرج علي بن أحمد الرازحي كتاب الأربعين النووية وعلق بتعليقات استفادها من بعض الشروح وفي بعضها أشعريات ولم ينبه عليها

فمن ذلك نقله قول النووي :" (وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَقَلُّهُ ثَمَرَةً"

وهذا أخذه النووي من عياض وهو قول المرجئة الذين لا يتفاضل عندهم الإيمان القلبي ويفسرون الزيادة والنقص بزيادة الثمرة ونقصها لا زيادة عين الإيمان ونقصانه

والنووي وإن قال بزيادة الإيمان ونقصانه فقد حصره بالتصديق وحصر الزيادة بالنظر في الآيات والتفكر بها فلم يجعل العمل سبباً لزيادة الإيمان ونقصانه في القلب وحصره في التصديق تجهم

قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (7/195) :" والمرجئة المتكلمون منهم والفقهاء منهم يقولون أن الأعمال قد تسمى إيمانا مجازا لأن العمل ثمرة الإيمان ومقتضاه ولأنها دليل عليه ويقولون قوله الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق مجاز"

وقال أيضاً كما في مجموع الفتاوى (7/204) :" ظنهم أن الإيمان الذى فى القلب يكون تاما بدون شيء من الأعمال ولهذا يجعلون الأعمال ثمرة الإيمان ومقتضاه بمنزلة السبب مع المسبب ولا يجعلونها لازمة له والتحقيق أن إيمان القلب التام يستلزم العمل الظاهر بحسبه لا محالة ويمتنع أن يقوم بالقلب إيمان تام بدون عمل ظاهر ولهذا صاروا يقدرون مسائل يمتنع وقوعها لعدم تحقق الإرتباط الذي بين البدن والقلب مثل أن يقولوا رجل فى قلبه من الإيمان مثل ما فى قلب أبى بكر وعمر وهو لا يسجد لله سجدة ولا يصوم رمضان ويزنى بأمه وأخته ويشرب الخمر نهار رمضان يقولون هذا مؤمن تام الإيمان فيبقى سائر المؤمنين ينكرون ذلك غاية الإنكار"

فصرح بأن المرجئة يسمون العمل ثمرة وكلام عياض والنووي من هذا الباب فلم يعترفوا بنقصان الإيمان في القلب بترك المنكر بل جعلوا النقص في الثمرات التي يخرجونها من مسمى الإيمان أصلاً

وقد أساء علي الشحود في تعليقه على الحسبة لابن تيمية _ رحمه الله _ فنقل هذه الكلمة

وقد نبه ابن تيمية على أن هذه اللفظة مجملة وهم يستخدمونها في الباطل فقال كما في مجموع الفتاوى (7/363) :" وقول القائل الطاعات ثمرات التصديق الباطن يراد به شيئان يراد به أنها لوازم له فمتى وجد الايمان الباطن وجدت وهذا مذهب السلف وأهل السنة ويراد به أن الإيمان الباطن قد يكون سببا وقد يكون الايمان الباطن تاما كاملا وهى لم توجد وهذا قول المرجئة من الجهمية وغيرهم"

وقد استدل شيخ الإسلام بهذا الحديث عليهم في مسألة تفاضل الإيمان القلبي وعلاقته بالظاهر

وعياض أشعري في مسائل الإيمان وفقط خالف أصولهم في مسألة ساب الله عز وجل ورسوله فحمد له ابن تيمية ذلك


وأيضاً نقل الرازحي  في تعليقه على حديث الطهور شطر الإيمان قولهم :" المراد بالطهور الوضوء قيل معناه ينتهي تضعيف ثوابه إلى نصف أجر الإيمان "

ثم نقل أقوالاً أخرى ولم يرجح وهذا القول تأويل للحديث للهروب من القول بتجزؤ الإيمان فهذا تأويل المرجئة

وهذه في الحقيقة هي نتيجة تعظيم أهل البدع والتهوين من شأن بدعهم فقد وصل الأمر إلى نقل كلامهم في الضلال مع إقراره

وقد رأينا من يقلد ابن حجر في قوله ( لا جبر ولا قدر ) ومن يقلده في قوله ( العمل شرط كمال ) ومن يقلده في اشتراط المعجزة للنبي وفي اشتراط التحدي للمعجزة

ومن يأخذ بتأويل النووي لأحاديث ( ليس منا ) ب( ليس مثلنا ) التي نص الإمام أحمد على أنها كلام المرجئة

وتأثر الناس بكلامهم في التحسين والتقبيح كثير جداً وأمثلته لا تكاد تحصر

ورأينا من ينقل كلام ابن بطال في نفي الاستقرار واعتباره تجسيماً ويقره ، ومن يعتبر إثبات صفة الجلوس تجسيماً

فإن لم يكن هذا كله من أثر النظر في كتبهم فمن أين جاء ؟

ولا يفيد في كثير من الأحوال قولك ( ينظر فيها المتمكن في العقيدة )

فأين هو المتمكن من العقيدة اليوم ودكاترة العقيدة أخطاؤهم كثيرة وخلافهم كثير ويضلل بعضهم بعضاً ، وكم من جاهل يظن في نفسه التمكن ولم يصل إلى هذا ، وكثير يظن الخلاف محصوراً مع الأشاعرة في باب الصفات كما كان يقرره بعض المشايخ قديماً فيأخذ كلامهم في الأبواب الأخرى بطمأنينة كما ترى أمامك

وانظر في كلام ابن القيم في حديث ( لخلوف فم الصائم ) وأنه من أحاديث الصفات وقارنه بكلام كثير من المعاصرين الذين تأثروا بشروح هؤلاء وكيف أنهم يؤولون الخبر وهم لا يشعرون

والسلامة أن تقول من قرأ كتب السلف وفهما في العقيدة وتسميها كتاباً كتاباً ، وقرأ كتب ابن تيمية وابن القيم في العقيدة ( وكتب هذين نافعة في معرفة مقالات وألفاظهم في تقريرها ) ويسميها كتاباً كتاباً ويطلب العلم من كتب السلف في الفقه واللغة ومعاني الحديث هذا من يؤمن عليه النظر في كتب هؤلاء ولا أراه محتاجاً إلى كلامهم إذا أحكم كلام السلف

وهذا التشديد سببه هذه الأمثلة التي نراها أمامنا جهاراً فأين كتب الحارث المحاسبي التي نهى أبو زرعة الناس أن ينظروا فيها وهي كتب مواعظ من كتب تحتوي على التجهم والجبر والإرجاء بعبارات ملتوية ، وأين كتب أهل الرأي التي نهى أحمد من النظر فيها من كتب فيها التجهم والجبر والرأي والإرجاء وعلم الكلام والتصوف المنحرف والقبورية بل والكلام السخيف في علم الحديث والاعتراض على أئمة الفن بعبارات فجة 
وعامة ما ينقل من كلام هؤلاء يوجد في كلام ما هو أفضل ولكننا لضعفنا في الآثار نحتاج إلى كلام مثل هؤلاء وهذا عجز يمكن إزالته واستدراك الأمر 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم