مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: من عيون قصص البر : قصة الدينار المبارك

من عيون قصص البر : قصة الدينار المبارك



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال معمر في جامعه 1639 - عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : « كان رجل له أربع بنين ، فمرض ، فقال أحدهم : إما أن تمرضوه وليس لكم من ميراثه شيء ، وإما أن أمرضه وليس لي من ميراثه شيء ، قالوا : بل مرضه وليس لك من ميراثه شيء ، قال : فمرضه حتى مات ، ولم يأخذ من ماله شيئا ، قال : فأتي في النوم فقيل له : ايت مكان كذا وكذا فخذ منه مائة دينار ، فقال في نومه : أفيها بركة ؟ قالوا : لا ، قال : فأصبح ، فذكر ذلك لامرأته فقالت : خذها ، فإن من بركتها أن نكتسي ونعيش فيها ، قال : فأبى  ، فلما أمسى أتي في النوم فقيل له : ايت مكان كذا وكذا فخذ منه عشرة دنانير ، فقال : أفيها بركة ؟ قالوا : لا ، فلما أصبح ذكر ذلك لامرأته فقالت : مثل مقالتها الأولى ، فأبى أن يأخذها ، فأتي في النوم في الليلة الثالثة : أن ايت مكان كذا وكذا فخذ منه دينارا ، قال : أفيه بركة ؟ قالوا : نعم ، قال : فذهب فأخذ الدينار ، ثم خرج به إلى السوق ، فإذا هو برجل يحمل حوتين ، فقال : بكم هما ؟ فقال : بدينار ، فأخذهما منه بالدينار ، ثم انطلق بهما ، فلما دخل بيته شق الحوتين فوجد في بطن كل واحد منهما درة لم ير الناس مثلها ، قال : فبعث الملك لدرة يشتريها ، فلم توجد إلا عنده ، فباعها بوقر ثلاثين بغلا  ذهبا ، فلما رآها الملك قال : ما تصلح هذه إلا بأخت اطلبوا مثلها ، وإن أضعفتم ، فجاءوه وقالوا : عندك أختها ونعطيك ضعف ما أعطيناك ؟ قال : وتفعلون ؟ قالوا : نعم ، قال : فأعطاهم إياها بضعف ما أخذوا الأولى »

هذا إسناد صحيح إلى طاوس

وفي القصة من العبر أن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه

وإن من أعظم أعمال البر التي ترجى بركتها في الدنيا والآخرة بر الوالدين وقد جاء في الخبر ( ذنبان معجل عقوبتهما في الدنيا العقوق والبغي ) وما كان الغفور الرحيم ليعجل عقوبة هذين ولا يعجل ثواب ضدهما من البر والصلة والإنصاف مع ما يدخر للعبد في الآخرة

وفيها أن القليل مع البركة مآله إلى كثرة وأن الكثير مع محق البركة قليل ، وأي خير يرجى من مال يكون سبباً في دخول النار

وفيها أن المرء يحذر من طاعة أهله في معصية وقد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِن مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِن اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي