مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: بيان علة حديث : (وَعَلَيْكَ بالْعَلَانِيَةِ وَإِيَّاكَ وَالسِّرَّ)

بيان علة حديث : (وَعَلَيْكَ بالْعَلَانِيَةِ وَإِيَّاكَ وَالسِّرَّ)



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال ابن أبي عاصم في السنة 1070- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَالْحُصَيْنُ بْنُ الْبَزَّارِ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ اعْبُدِ اللَّهَ وَلا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَأَقِمِ الصَّلاةَ وَآتِ الزَّكَاةَ وَصُمْ رَمَضَانَ وَحَجَّ الْبَيْتَ وَاعْتَمِرْ وَاسْمَعْ وَأَطِعْ وَعَلَيْكَ بِالْعَلانِيَةِ وَإِيَّاكَ وَالسِّرَّ

أقول : هذا الحديث يصححه عدد من المعاصرين نظراً لظاهر الإسناد فقط ، وعبيد الله هو ابن عمر وقد وقع في بعض النسخ ( ابن عمير ) وهو غلط

وقد أعله البخاري والدارقطني وأبو زرعة وابن حبان البيهقي بالوقف على عمر وإسناده إلى عمر منقطع

قال البيهقي في الشعب 3690 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَاسَرْجِسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الضُّرَيْسِ الرَّازِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَوْصِنِي، قَالَ: " تَعْبُدُ اللهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ وَتَعْتَمِرُ، وَتَسْمَعُ وَتُطِيعُ، وَعَلَيْكَ بالْعَلَانِيَةِ وَإِيَّاكَ وَالسِّرَّ ". قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: " خَالَفَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، فَرَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنِ الدِّينِ فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا "


3691 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَبَّانِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنِيهِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنِ الدِّينِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِّمْنِي الدِّينَ، قَالَ: " تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَعَلَيْكَ بالْعَلَانِيَةِ وَإِيَّاكَ وَالسِّرَّ، وَكُلَّ شَيْءٍ تَسْتَحِي مِنْهُ، قَالَ: وَإِذَا لَقِيتَ اللهَ قُلْ أَمَرَنِي بِهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ خُذْ بِهَذَا، فَإِذَا لَقِيتَ اللهَ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ "، قَالَ الْقَبَّانِيُّ: " قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى: أَيُّهمَا الْمَحْفُوظُ حَدِيثُ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُمَرَ أَوْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدِيثُ الْحَسَنِ أَشْبَهُ ". وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الْجُنَيْدِيُّ، قَالَ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: " هَذَا بإِرْسَالِهِ أَصَحُّ، يَعْنِي حَدِيثَ الْحَسَنِ، عَنْ عُمَرَ مُرْسَلًا، لِأَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ، وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْجُمَحِيِّ "

وقال ابن أبي حاتم في العلل :" 1973- وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ ؛ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنَ عُمَرَ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَوْصِنِي ، قَالَ : تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ، وَتَعْتَمِرُ ، وَتَسْمَعُ وَتُطِيعُ ، وَعَلَيْكَ بِالْعَلانِيَةِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ"

وقال ابن حبان في المجروحين :" 398 - سعيد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْد اللَّهِ بْن حميد الجُمَحِي الْقرشِي كنيته أَبُو عَبْد اللَّهِ أَصله من الْمَدِينَة ولي الْقَضَاء بِبَغْدَاد يروي عَن عبيد اللَّه بْن عَمْرو وَغَيره من الثِّقَات أَشْيَاء مَوْضُوعَة يتخايل إِلَى من سَمعهَا أَنَّهُ كَانَ الْمُعْتَمد لَهَا روى عَنْهُ مُحَمَّد بْن الصَّباح الدولابي والبغداديون وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلا مَعَ الإِمَام فليتم صلَاته ثمَّ يقْضِي مَا فَاتَهُ ثمَّ يُعِيد الَّتِي صَلاهَا مَعَ الإِمَامِ ثناه عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ ثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلاثٌ يَا عَلِيُّ لَا تؤخره الصَّلاةُ إِذَا أَتَتْ وَالْجَنَازَةُ إِذَا حَضَرَتْ وَالأَيِّمُ إِذَا وَجَدَتْ كُفْؤًا حدّثنَاهُ ان خُزَيْمَةَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ قَالَ ثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوف ثَنَا بن وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أوصني تَعْبُدُ اللَّهَ وَلا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ وَتَحُجُّ وَتَعْتَمِرُ وَتَسْمَعُ وَتُطِيعُ وَعَلَيْكَ بِالْعَلانِيَةِ وَإِيَّاكَ وَالسِّرَّ وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ إِنَّمَا رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هَذَا الْكَلامُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ قَوْلَهُ ثَنَا بن خُزَيْمَةَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالأَوَّلُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الدولابي عَنهُ"

وجاء في علل الدارقطني :" 2749 - وسُئِل عَن حَديث يُروى عن نافع ، عن ابن عُمَر ، عنِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم - في أعرابي سأله ، فقال : تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وعليك بالعلانية ، وإياك والسر ، وإياك وكل شيء يستحيا منه ... الحديث.
فقال : يرويه عُبَيد الله بن عمر ، واختُلِفَ عنه ؛
فرواه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن عُبَيد الله ، عن نافع ، عن ابن عُمَر ، عنِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم.
وخالفه محمد بن بشر ، فرواه عن عُبَيد الله ، عن يونس بن عُبَيد ، عن الحسن : أن أعربياً سأل عمر عن الدِّين ؟ فقال : تشهد أن لا إله إلا الله ... الحديث . وهو الصواب"

فالصواب في هذا الخبر أنه من كلام عمر وإسناده إلى عمر منقطع من مراسيل الحسن عنه رضي الله عنه ورحم الحسن

وهذا يبين لك أهمية الرجوع إلى كتب العلل وعدم الاغترار بظواهر الأسانيد فهذا الحديث مع حسن متنه وكون مداره على بعض مشاهير الثقات اجتنبه أصحاب الكتب الستة والإمام أحمد في مسنده فهذا  يوجب ريبة في قلب الباحث تدفعه إلى تطلبه في كتب العلل والنظر فيما قيل فيه، وتأمل وصف ابن حبان للرواية المرفوعة بأنها خطأ فاحش وكيف وقع بعض من تعجل بالمتابعة على هذا الخطأ الفاحش

وما فائدة التغني بكثرة النظر في المخطوطات وتكثير مصادر التخريج إن لم تمكن المرء من الوقوف على علة الخبر الخفية ، وما أسهل تصحيح الأحاديث بظاهر الإسناد فتقريب التهذيب وبعض كتب التراجم كاف في ذلك ، وما أسهل الحكم على الأسانيد ظاهرة الضعف بالضعف ، وهذا يشترك فيه عموم الناس ويحسنه متوسطي الباحثين ، وإنما الشأن في الوقوف على العلة من وقف أو إرسال أو اضطراب أو زيادة شاذة أو الوقوف على إرسال خفي مأخذه دقيق 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي