مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: مشروعية قراءة يس عند المحتضر ...

مشروعية قراءة يس عند المحتضر ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد كنت قديماً كتبت مقالاً في مشروعية قراءة يس عند المحتضر والرد على من زعم أن ذلك بدعة ، ثم قد ضاع المقال ووجدت عندي فوائد في الموضوع فبدا لي إعادة كتابته

قال أحمد في مسنده 16969 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنِي الْمَشْيَخَةُ، أَنَّهُمْ حَضَرُوا غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ الثُّمَالِيَّ، حِينَ اشْتَدَّ سَوْقُهُ، فَقَالَ: «هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَقْرَأُ يس؟» قَالَ: فَقَرَأَهَا صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ السَّكُونِيُّ، فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ مِنْهَا قُبِضَ، قَالَ: وَكَانَ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ: إِذَا قُرِئَتْ عِنْدَ الْمَيِّتِ خُفِّفَ عَنْهُ  بِهَا قَالَ صَفْوَانُ: «وَقَرَأَهَا عِيسَى بْنُ الْمُعْتَمِرِ عِنْدَ ابْنِ مَعْبَدٍ»

فهذا غضيف بن الحارث وهو صحابي يأمر أن تقرأ عنده ، ويدرك على ذلك التابعون في الشام ومن أعله بجهالة المشيخة فقد تناكد لأنهم كثرة من التابعين تجبر كثرتهم جهالتهم وفي صحيح البخاري إبهام من هذا النوع احتمله أهل العلم

قال البخاري في صحيحه 3642 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَيَّ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ قَالَ سُفْيَانُ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ قَالَ سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ شَبِيبٌ إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَيَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ

قال  السخاوي في المقاصد الحسنة(ح1044)
روى أبو داود عن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله عن أبائهم عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال(ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه...فأنا خصمه يوم القيامة)
وسنده لا بأس به ولا يضر جهالة من لم يسم من أبناء الصحابة فإنهم عدد ينجبر به جهالتهم ولذا سكت عليه أبو داود.اهـ( هذا النقل مستفاد من من مقال لبعضهم )

وقال كثيرون كقول السخاوي 

وقال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم :"  وأنت ترى عامة كلام أحمد إنما يثبت الرخصة بالأثر عن عمر ، أو بفعل خالد بن معدان  ، ليثبت بذلك أن ذلك كان يفعل على عهد السلف ، ويقرون عليه ، فيكون من هدي المسلمين ، لا من هدي الأعاجم وأهل الكتاب ، فهذا هو وجه الحجة ، لا أن مجرد فعل خالد بن معدان حجة  "

فإذا كان هذا يقال في فعل خالد بن معدان وحده وهو تابعي فما عسى أن يقال في فعل صحابي وافقه عليه جمع من التابعين دون منكر من الطبقتين طبقة الصحابة وطبقة التابعين ويروي الإمام أحمد هذا الخبر في مسنده ولا يعرض له بشيء

وقد ثبت العمل بقراءة يس عند المحتضر عن سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي

قال يعقوب في المعرفة (1/179) : سمعت الحسين بن الحسن قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: الناس يقولون: كان سفيان يرخص في شرب النبيذ وأشهد له لقد رأيته لا يأخذه ووصف له دواء فقيل له: نعمل لك نبيذاً قال: لا ائتوني بعسل.
وما قال عبد الرحمن بن مهدي: كنت أسأل سفيان فيقول: أخر هذا أخر هذا لم أطالع كتبي منذ أربع سنين جهزني فجهزته وطمعت أن يمكني من كتبه فمات.
قال عبد الرحمن: لو رأى إنسان سفيان يحدث فقال: ليس هذا من أهل العلم يقدم ويؤخر ويصح لو جهدت جهدك أن تزيله عن المعنى لن يفعل.
قال: وذهبت مع سفيان إلى عكرمة بن عمار فإذا هو ثقيل الكتاب رديء، فقال: اكتبه لك يا أبا عبد الله ؟ قال: لا، أحب أن يكون بخطي. وسمعت عبد الرحمن: يقول الناس كان سفيان يحب تأخير العصر، وأشهد لقد رأيت تأخره عندنا تتبع المسجد الذي تعجل فيه العصر قال عبد الرحمن: وكان يتمنى الموت فقلت له في ذلك. قال: أحب أن أموت على السلامة من هؤلاء. قال: فلما مرض إذا هو قد كره ما كان يتمنى. قال: فكان يقول لي: كيف تراني اليوم ؟ فأقول: صالحاً. فلما كان اليوم الذي مات فيه، ذهبت لأخرج لصلاة العصر. فقال: تدعني على هذه الحال وتخرج. قال: فصليت عند رأسه، فقال لي: أقرأ علي يس فإنه يقال تخفف عن المريض. قال: فقرأت عليه فما فرغت حتى طفيء

وهذا ثابن عن إمامي الهدى سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وما علمت أحداً خالفهما أو أنكر عليهما

لذا ادعى ابن القيم الإجماع على مشروعية قراءة يس عند المحتضر

قال ابن القيم في الروح ص11 :" الثَّالِث إِن هَذَا عمل النَّاس وعادتهم قَدِيما وحديثا يقرأون {يس} عِنْد المحتضر"

وممن عمل بهذا أبو عثمان الصابوني حيث دعا من يقرأ عليه سورة يس في احتضاره كما في طبقات الشافعية الكبرى 

فالقول ببدعية هذا الفعل بعيد جداً بل هو القول المحدث فيما يظهر 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي