الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فالإمام أحمد _ رحمه الله _ له كتاب ذكر
فيه الآيات القرآنية التي يستدل بها على الجهمية أظهر فيها فقهاً عظيماً ، وقد نقل
هذا الكتاب ابنه أبو عبد الرحمن عبد الله في كتاب السنة والخلال أيضاً ( ورواية
الخلال أوعب لأنه نقلها عن المروذي )
واللطيف أن الإمام استدل بالآيات التي
نستدل بها على القبورية اليوم ، استدل بها على الجهمية مثبتاً بها أن القرآن كلام
الله غير مخلوق
ومن هذه الآيات
1_ قوله تعالى : (جَاءَتْهَا رِيحٌ
عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ
بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ
هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ
يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)
2_ قوله تعالى : (فَإِذَا رَكِبُوا فِي
الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى
الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)
3_ قوله تعالى : (وَإِذَا غَشِيَهُمْ
مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا
نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا
إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)
4_ قوله تعالى : (وَمَا يَتَذَكَّرُ
إِلَّا مَنْ يُنِيبُ * فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ
الْكَافِرُونَ)
5_ قوله تعالى : (هُوَ الْحَيُّ لاَ
إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ)
6_ قوله تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)
7_ قوله تعالى : (وَإِذَا مَسَّكُمُ
الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ
إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا)
فإن قيل : ما وجه دلالة هذه الآيات في
الرد على الجهمية
فيقال : تظهر دلالة هذه الآيات في الرد
على الجهمية من وجهين
الأول : أن هذه الآيات دلت بأنه لا يجوز
دعاء غير الله عز وجل وقد قال الله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) والجهمية
يقولون أسماء الله مخلوقة ، وبعضهم مآل قوله هذا لأنهم يقولون معنى كون الله عز
وجل متكلماً أنه خلق الكلام في المخلوق ، فيكون المخلوق هو المتكلم ابتداءً بأسماء
الله فهو أقدم منها فهي مخلوقة
الثاني : أنه قد صح في السنة أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان يستعيذ بكلمات الله التامات ويأمر بذلك ولو كانت مخلوقة لم يجز
الاستعاذة بمخلوق كما أنه لا يجوز الاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلا الله كما
دلت عليه الآيات
قال ابن تيمية _ رحمه الله _ في اقتضاء
الصراط المستقيم :" فصار هذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : « أعوذ
برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت
كما أثنيت على نفسك » والاستعاذة لا تصح
بمخلوق ، كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من الأئمة ، وذلك مما استدلوا به على أن
كلام الله غير مخلوق ، ولأنه قد ثبت في الصحيح وغيره ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم : أنه كان يقول « أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق » قالوا : والاستعاذة لا تكون بمخلوق"
فتأمل كيف أن هذه الآيات كانت رداً على
هاتين الفرقتين الكافرتين الجهمية والقبورية ، وقد اجتمعتا في عامة الأشاعرة
المتأخرين جهمية وقبورية كأمثال السبكي والهيتمي وكل المعاصرين من القوم إلا النزر
اليسير وقد اجتمع هذان الكفران في المؤسسة الأزهرية
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم