مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: ثبات أهل الباطل على باطلهم فما بال أهل الحق ؟

ثبات أهل الباطل على باطلهم فما بال أهل الحق ؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فما أكثر ما يشهد المرء في هذه الأيام من انتكاسة بعض أهل الحق عن حقهم وإنا لله وإنا إليه راجعون

غير أن العجب أنك ترى من بعض أهل الباطل ثباتاً كنت تتمنى أن تراه من بعض إخوانك

قال الله تعالى : ( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ)

فانظر إليهم يتواصون بالصبر على معبوداتهم الباطلة ، ونحن أولى بالتواصي بالصبر على التوحيد والسنة

وقال البيهقي في السنن الكبرى 12650 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ , أنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ح وَأنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , قَالَا: ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لِأَخٍ لَهَا يَهُودِيٍّ: " أَسْلِمْ تَرِثْنِي "، فَسَمِعَ بِذَلِكَ قَوْمُهُ فَقَالُوا: أَتَبِيعُ دِينَكَ بِالدُّنْيَا، فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ، فَأَوْصَتْ لَهُ بِالثُّلُثِ

فتأمل كيف ثبت هذا اليهودي على كفره لما خشي أن يقال له ( بعت دينك ) وما أكثر ما باعوا دينهم اليوم وما بالوا !

ومثله أبو طالب الذي لم يرد أن يرغب عن ملة عبد المطلب لما استحكم في نفسه أن في هذا إزراءً على عبد المطلب ، فكيف بمن يتبع السلف الأخيار يرغب اليوم عن طريقتهم ولا يبالي بل ربما حط على من بقي على طريقتهم

قال العقيلي في الضعفاء الكبير (2/369) : حدثنا محمد بن عمرو بن عبدوس بن كامل قال : حدثنا أبو عامر عبد الله بن مراد الأشعري قال : حدثنا زياد بن الحسن قال : سمعت أبي يذكر عن حماد قال : مر سلمة بن كهيل على حماد وعنده أصحابه فقال له سلمة : كنت فينا رأسا فصرت في هؤلاء ذنبا ، قال : والله لأن أكون ذنبا في الخير خير من أن أكون رأسا في الشر .

حماد بن أبي سليمان كان سنياً ثم صار مرجئاً فعاتبه إخوانه أنه كان رأساً في السنة ثم صار ذيلاً في الإرجاء فأجابهم بأنه يفضل أن يكون ذنباً في الخير على أن يكون رأساً في الشر

فانظر ما أحسن جوابه على خبث مراده ، واليوم كثير من الناس ما منعهم أن يتبعوا الحق إلا خشية أن يصيروا أذناباً فيه على سنن أهل الجاهلية

قال الله تعالى : ( فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ)

وقال الله تعالى : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ )
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي