الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
براءة أتباع التابعين من عقيدة التفويض
1_ مالك بن أنس إمام دار الهجرة
روى أبو داود في في مسائل الإمام أحمد (ص263)
بسند صحيح عن عبدالله بن نافع عن الامام مالك أنه قال : " الله في السماء
وعلمه في كل مكان "
وعبدالله بن نافع هذا هو الصائغ وقد عده
ابن معين من الأثبات في مالك وقال عنه ابن سعد (( لزم مالك لزوما شديدا )) وقال
أحمد (( كان أعلم الناس برأي مالك وحديثه )) وقال أبوداود (( كان عبدالله عالما
بمالك )) وقال أحمد بن صالح (( أعلم الناس بمالك وحديثه )) وعلى فرض أنه بن ثابت
فهو ثقة أيضاً ( انظر تهذيب التهذيب )
قلت : وهذا الأثر صريح في إثبات العلو إذ
أن مالكاً لو كان قصده القدرة أو القهر لما كان لتخصيص السماء بالذكر فائدة فإن
قدرته وقهره في السماء والأرض
وروى مالك في الموطأ حديث النزول وحديث الجارية وحديث ( يضحك الله إلى رجلين ) خلافاً لمن ادعى أنه لا يروي أحاديث الصفات
وروى مالك في الموطأ حديث النزول وحديث الجارية وحديث ( يضحك الله إلى رجلين ) خلافاً لمن ادعى أنه لا يروي أحاديث الصفات
2_ معمر بن راشد الإمام المعروف
قال معمر في جامعه (3/53):" باب من
يضحك الله إليه"وساق عدة أخبار في إثبات صفة الضحك
3_ حماد بن زيد
قال ابن أبي حاتم في كتاب الرد على
الجهمية وقال ابن أبي حاتم ، حدثنا أبي، حدثنا سليمان بن حرب ، سمعت حماد بن زيد
يقول: "إنما يريدون يدورون على أن يقولوا ليس في السماء إله".
قلت : وهذا إسنادٌ صحيح وهو واضح في في
إنكار حماد على الجهمية إنكارهم للعلو ، وكتاب الرد على الجهمية لابن أبي حاتم غير
أن الذهبي نقل عنه هذا الأثر بإسناده في كتاب العلو ص106
وقد روى الخلال هذا الأثر بسندٍ صحيح في
السنة (1695) و (1696)
4_ عبد الله بن المبارك
عن علي بن الحسن بن شقيق ، قال: "قلت
لعبد الله بن المبارك كيف نعرف ربنا؟ قال: في السماء السابعة على عرشه قلت : فإن
الجهمية تقول : هو هذا . قال : إنا لا نقول كما قالت الجهمية ". رواه البيهقي
(2/335) في الأسماء والصفات بإسناد صحيح ورواه غيره كثير غير أنني أكتفي به
لوثاقته عند المعطلة
وهذا الأثر صريح في إثبات العلو فإن ابن
المبارك لو كان يقصد فوقية القهر لما كان لذكر السماء السابعة معنى ولما كان لذكر
الجهمية معنى فإن فوقية القهر لا ينكرها أحد
5_ زهير بن محمد
قال ابن أبي حاتم في تفسيره 2002- حَدَّثَنَـا
أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا الْوَلِيدُ، قَالَ: سَأَلْتُ
زُهَيْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ،"عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ
يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ , قَالَ: ظُلَلٌ مِنَ
الْغَمَامِ، مَنْظُومٌ بِالْيَاقُوتِ، مُكَلَّلٌ بِالْجَوَاهِرِ وَالزَّبَرْجَدِ"
قلت : وهذا إسنادٌ صحيح وهو صريح في إثبات
صفة المجيء وللكلام بقيه
6_ عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون
قال ابن مندة في كتاب التوحيد ص587 أخبرنا
أبو القاسم حمزة بن محمد بن العباس الكناني ثنا أحمد ابن حماد أخو زغبة ثنا محمد
بن حاتم ثنا إسحاق بن عيسى الطباع قال : أتينا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون
برجل ينكر حديث يوم القيامة وأن الله تعالى يأتيهم في صورته فقلنا : يا أبا عبد
الله ! إن هذا ينكر حديث عبد الله في صفة يوم القيامة ، وما يأتيهم الله عز وجل
فيه ، فقال : يا بني ما تنكر من هذا ؟ فقال : إن الله أجل وأعظم من أن يرى في هذه
الصفة ، فقال : يا أحمق إن الله ليس يتغير عن عظمته ولكن عيناك يغيرهما حتى تراه
كيف شاء
قلت : وهذا الإسناد قوي فحمزة بن الكناني
حافظ معروف
وأحمد بن حماد صدوق من رجال التهذيب
ومحمد بن حاتم هو المروزي ثقة من رجال
التهذيب
وإسحاق بن عيسى الطباع صدوق من رجال
التهذيب _هذه التراجم مستفادة من تعليق الغصن والوهيبي على التوحيد لابن مندة _
وهذا الأثر صريح في إثبات صفة الإتيان لله
عز وجل ولم يكن ذلك محل خلاف بين ابن الماجشون ومناظره وإنما وقع الخلاف في تغير
الصورة فأثبت ابن الماجشون صورةً واحدةً لله عز وجل وجعل الصورة الأخرى راجعة إلى
تغير بصر ابن آدم
وفي الأثر احتجاج السلف بأخبار الآحاد في
مسائل الإعتقاد
7_ شريك بن عبد الله
وقال ابن مندة في كتاب التوحيد ص807
أخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا سلم بن قادم ثنا موسى
بن داود قال ثني عباد بن العوام ، قدم علينا شريك بن عبد الله النخعي منذ نحو
خمسين سنة فقلت : يا أبا عبد الله ! إن عندنا قومٌ ينكرون هذه الأحاديث يعني
الصفات ، قال : حدثني نحو من عشرة في هذا قال : نحن أخذنا ديننا عن التابعين عن
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهم عن من أخذوا "
قلت : إسناده قوي ، وجواب شريك بن عبد
الله جوابٌ حسن يصلح للرد على الأشاعرة
فنقول لهم ديننا هذا ها أنتم ترونه أخذناه
من النصوص على فهم السلف الصالحين
وأما أنتم من أين أخذتم القول بأن الله عز
وجل لا داخل العالم ولا خارجه ومن أين أخذتم أن ظواهر النصوص تفيد التشبيه ومن أين
أخذتم القول بالكلام النفسي والقول بأن الله يرى إلى غير جهة وغيرها من الأقوال
التي خالفتم بها النصوص وجماهير العقلاء والفطرة السليمة
تنبيه : تحرف اسم ( سلم بن قادم ) إلى (مسلم
بن فلاح ) في طبعة الوهيبي والغصن وجاء على الجادة في طبعة الفقيهي _ في الحاشية _
8_ يحيى بن زياد الفراء
قال البيهقي في كتابه الأسماء والصفات (2/310)
: أنبأنا الحاكم ،حدثنا الأصم ، حدثنا
محمد بن الجهم حدثنا يحيى بن زياد الفراء قال: "وقد قال عبد الله بن عباس: {ثُمّ
اسْتَوَى} صعد، وهو كقولك للرجل كان قاعدا فاستوى قائماً، وكان قائمًا فاستوى
قاعدًا، وكل في كلام العرب جائز"
قلت :إسناده صحيح ومحمد بن الجهم وثقه
الدارقطني كما ((تاريخ بغداد)) (2/161) وفيه تفسير الآية على الإثبات خلافاً
للمفوضة
9_ شيوخ قتيبة بن سعيد
قال أبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث
(ص40 _41) : "سمعت محمد بن إسحاق الثقفي قال سمعت أبا رجاء قتيبه بن سعيد قال:
"هذا قول الأئمة المأخوذ في الإسلام
والسنة:
الرضاء بقضاء الله والاستسلام لأمره ،
والصبر على حكمه ، والإيمان بالقدر خيره وشره.
والأخذ بما أمر الله - عز وجل - والنهي عن
ما نهى الله عنه ، وإخلاص العمل لله ، وترك الجدال والمراء والخصومات في الدين ،
والمسح على الخفين،
والجهاد مع كل خليفة ، جهاد الكفار ، لك
جهاده وعليه شره.
والجماعة مع كل بر وفاجر - يعني الجمعة
والعيدين - والصلاة على من مات من أهل القبلة سنة .
والإيمان قول وعمل ، والإيمان يتفاضل،
والقرآن كلام الله عز وجل .
وأن لا ننزل أحدا من أهل القبلة جنة ولا
نارا ، ولا نقطع الشهادة على أحد من أهل التوحيد وإن عمل بالكبائر . ولا نكفر أحدا
بذنـب, إلا ترك الصلاة, وإن عمل بالكبائر .
وأن لا نخرج على الأمراء بالسيف وإن
حاربوا ، ونبرأ من كل من يرى السيف في المسلمين كائنا من كان .
وأفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر
ثم عثمان.
والكف عن مساوئ أصحاب محمد - صلى الله
عليه وسلم - ولا نذكر أحدا منهم بسوء ، ولا ننتقص أحدا منهم .
ونؤمن بالرؤية ، والتصديق بالأحاديث التي
جاءت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرؤية حق . واتباع كل أثر جاء عن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يعلم أنه منسوخ فيتبع ناسخه .
وعذاب القبر حق
والميزان حق
والحوض حق
والشفاعة حق، وقوم يخرجون من النار حق،
وخروج الدجال، والرجم حق .
وإذا رأيـت الرجـل يحـب سفيان الثوري ،
ومالك بن أنس إمام دار الهجرة ت 179هـ، وأيوب السختياني ، وعبد الله بن عون، ويونس
بن عبيد، وسليمـان التيمي، وشـريكـا شريك بن عبد الله النخعي القاضي أبو عبد الله
ت 177هـ ، وأبا الأحوص والفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة ، والليث بن سعد ، وابن
المبارك ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى بن يحيى
، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه - فاعلم أنه على الطريق.
وإذا رأيت الرجل يقول : هؤلاء الشَّكَّاكَ
فاحذروه فإنه على غير الطريق .
وإذا قال : المشبهة فاحذروه فإنه جهمي .
وإذا قال : المجبرة . فاحذروه فإنه قدري .
الإيمان يتفاضل ، والإيمان قول وعمل ونية
، والصلاة من الإيمان ، والزكاة من الإيمان ، والحج من الإيمان، وإماطة الأذى عن
الطريق من الإيمان .
ونقول: الناس عندنا مؤمنون بالاسم الذي
سماهم الله ...
ولا نقول حقا ، ولا نقول عند الله ، ولا
نقول كإيمان جبريل وميكائيل ؛ لأن إيمانهما متقبل، ولا يصلى خلف القدري ولا
الرافضي ولا الجهمي .
ومن قال: إن هذه الآية مخلوقة فقد كفر: سورة
طه الآية 14 ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾، وما
كان الله ليأمر موسى أن يعبد مخلوقا ،
ونعرف الله في السماء السابعة على عرشه ،
كما قال : سورة طه الآية 5 و6 ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى﴾ .
والجنة والنار مخلوقتان ولا تفنيان .
والصلاة فريضة من الله واجبة بتمام ركوعها
وسجودها والقراءة فيها"
قلت : وإسناده صحيح كله أئمة
وبهذا نكون انتهينا من طبقة أتباع
التابعين وللكلام بقية
براءة الآخذين من أتباع التابعين من عقيدة
التفويض:
(1) الشافعي:
قال ابن حجرفي شرح البخاري (13/418) الطبعة
السلفية: (( وأخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى سمعت
الشافعي يقول: لله أسماء وصفات لا يسع أحدا ردها، ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه
فقد كفر، وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل لأن علم ذلك لايدرك بالعقل ولا
الرؤية والفكر، فثبت هذه الصفات وننفي عنه التشبيه كما نفى عن نفسه)).
قلت :هذا سندٌ صحيح فلا عشاري هنا ولا
هكاري ولا حتى مقدسي، وكتاب مناقب الشافعي لابن أبي حاتم من مرويات الحافظ في
معجمه المفهرس (183)، وليس في سنده العشاري أو الهكاري أو المقدسي، ونفي الشافعي
للتشبيه يدل على أنه يثبت الصفات -كما صرح بذلك- إذ أن المفوض لا يثبت شيئاً فلا
يرد عليه استلزام التشبيه -الذي يتصوره أصحاب العقول المريضة-.
(2) أحمد بن حنبل:
(أ) قال إسحاق بن منصور الكوسج -رحمه الله-:
قلت لأحمد -يعني ابن حنبل- ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة ، حين يبقى ثلث الليل
الآخر إلى سماء الدنيا))، أليس تقول بهذه الأحاديث ؟ و((يراه أهل الجنة )) ، يعني
ربهم عز وجل . و(( لاتقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته )) . و (( اشتكت
النار إلى ربها عز وجل حتى وضع فيها قدمه )) . و (( إن موسى لطم ملك الموت))، قال
أحمد: كل هذا صحيح، قال إسحاق : هذا صحيح ، ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي،
رواه الآجري (306) بسند صحيح فتامل سؤال إسحاق لأحمد أليس تقول بهذه الأحاديث ومن
بينها حديث الرؤية و قد كفر أحمد من لم يؤمن بالرؤية فهذا يدل انه يثبت النزول كما
يثبت الرؤية وليس لقائل أن أحمد يفوض حديث الرؤية أو حديث لطم موسى للملك!! وفيه
أخذ الإمام بأخبار الآحاد في مسائل الإعتقاد.
(ب) نقل القاضي أبو يعلى في إبطال
التأويلات ورقة 85 من المخطوط (مستفاد من تحقيق بيان تلبيس الجهمية): "وقد
قال أحمد في رواية أبي طالب وقول الله عز وجل ((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في
ظلل من الغمام والملائكة)) ((وجاء ربك والملك صفاً صفاً)) فمن قال أن الله لا يرى
فقد كفر".
(ج) جاء في رواية الميموني للمسائل (27) قول
الإمام: ((من زعم أن يديه نعمتاه فكيف يصنع بقوله : ﴿خلقت بيدي﴾ مشددة)) وما جاء
في رواية أبي طالب للمسائل ((قلب العبد بين أصبعين ، وخلق أدم بيده ، وكل ما جاء
الحديث مثل هذا قلنا به)).
(د) عن يوسف بن موسى البغدادي أنه قيل
لأبي عبدالله أحمد بن حنبل : الله عزوجل فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه
، وقدرته وعمله في كل مكان ؟ قال : نعم على العرش ، وعلمه لا يخلو منه مكان.
قلت: رواه الخلال كما أفاد بذلك الذهبي في
العلو (ص130) وابن القيم في اجتماع الجيوش (ص200) وإسناده قوي.
(هـ) روى النجاد في(ق : 87 / ب): ((الرد
على من يقول القرآن مخلوق)) عن عبد الله بن أحمد قوله سألت أبي –رحمة الله– عن قوم
يقولون: لما كلم الله عز وجل موسى لم يتكلم بصوت ، فقال أبي: بلى ، إن ربك عز وجل
تكلم بصوت ، هذه الأحاديث نرويها كما جاءت)).
قلت : وهذا كله خلاف إعتقاد الجهمية
الإناث (الأشاعرة).
(3) أبو عبيد القاسم بن سلام:
روى ابن مندة في كتاب التوحيد ص578 عن
أحمد بن محمد بن زياد عن عباس الدوري قال سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام: "هذه
الأحاديث التي تروى (ضحك ربنا من قنوط عباده)، (وإن جهنم لا تمتليء حتى يضع ربك
قدمه فيها)، (والكرسي موضع القدمين)، وهذه الأحاديث التي تروى في الرؤية هي عندنا
حق حملها الثقات بعضهم عن بعض، ونحن إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها وما أدركنا
أحد يفسرها".
قلت: إسناده صحيح كله أئمة ، وفيه الأخذ
بأخبار الآحاد في مسائل الإعتقاد، وفيه إثباتهم للصفات إذ لم يفرق بين أحاديث
الرؤية وأحاديث الصفات ومعلومٌ أن السلف يثبتون الرؤية ولا يفوضونها.
(4) أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي:
قال ابن مندة في التوحيد ص810 أخبرنا أحمد
بن محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سمعت يقول: "من زعم أن
الله لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر ولا يغضب ولا يرضى وذكر أشياء من هذه الصفات فهو
كافر بالله".
قلت: إسناده صحيح وأحمد هذا هو اللنباني
ثقة حافظ مترجم في السير (15/311) والأثر موجود في السنة لعبد الله بن أحمد.
(5) إسحاق بن راهويه:
تقدم في نصوص أحمد نصه في تبديع من لم يقل
بأخبار الصفات، وقال أحمد بن سلمة: "سمعت إسحاق بن راهويه يقول: جمعني
وهذاالمبتدع -يعني إبراهيم بن أبي صالح- مجلس الأمير عبد الله ابن طاهر ، فسألني
الأميرعن أخبار النـزول فسردتها.قال ابن أبي
صالح: كفرت برب ينـزل من سماء إلى سماء. فقال:
آمنت برب يفعل ما يشاء"، أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة
والجماعة(3/452) برقم(774)، والبيهقي في الأسماء والصفات ( برقم951). وأورده
الذهبي في العلو (ص131)، وفي السير (11/376)، وفي تاريخ الإسلام في حوادث وفيات (231-240،
ص89)، وأورده في الأربعين (ص71، برقم59) وقال: "رواها الحاكم بإسناد صحيح عنه".(هذا
مستفاد من تحقيق كتاب العرش)، وللكلام بقية.
(6) البخاري:
(أ) قال البخاري في كتاب التوحيد باب
﴿وكان عرشه على الماء﴾، ﴿وهو ربُّ العرش العظيم﴾، ثم أسند حديث أم أم المؤمنين
زينب بنت جحش: "زوجني الله من فوق سبع سماوات".
قلت: وهذا يدل صراحةً على إثباته لصفة
العلو.
(ب) وأورد البخاري في صحيحه التفسير المنقول
عن مجاهد وهو قوله استوى علا والتفسير المنقول عن أبي العالية وهو قوله استوى
ارتفع وهذا يدل على أنه مذهبه.
(ج) وللبخاري كتاب خلق أفعال العباد صدع
فيه بالإثبات ومحاولة بعض المعطلة للطعن في هذا الكتاب ساقطة فقد حققه الدكتور فهد
الفهيد على عدة نسخ خطية وقد ثبت هذا الكتاب بالسند الصحيح للإمام البخاري، وقد
أثبت ابن حجر نسبة هذا الكتاب فاحتج بنصوص منه في عدة مواطن في الفتح.
منها قوله في الفتح (13/460): "فان
قرينة قوله ان الله يأمرك تدل ظاهرا على ان المنادي ملك يأمره الله بان ينادي بذلك
وقد طعن أبو الحسن بن الفضل في صحة هذه الطريق وذكر كلامهم في حفص بن غياث وانه
انفرد بهذا اللفظ عن الأعمش وليس كما قال فقد وافقه عبد الرحمن بن محمد المحاربي
عن الأعمش أخرجه عبد الله بن احمد في كتاب السنة له عن أبيه عن المحاربي واستدل
البخاري في كتاب خلق أفعال العباد على ان الله يتكلم كيف شاء وان أصوات العباد
مؤلفة حرفا حرفا فيها التطريب بالهمز والترجيع".
ومما جاء في الكتاب ص2: "وقال وهب بن
جرير الجهمية الزنادقة انما يريدون أنه ليس على العرش استوى"، وقوله في ص3:
"وقال بن المبارك لا نقول كما قالت الجهمية انه في الأرض ههنا بل على العرش
استوى وقيل له كيف تعرف ربنا قال فوق سماواته على عرشه وقال لرجل منهم أتظنك خاليا
منه فبهت الآخر وقال من قال لا إله إله هو مخلوق فهو كافر وانا لنحكي كلام اليهود
والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية".
وقال في ص 57: "حدثني به أحمد بن
إسحاق ثنا الأنصاري ثنا التيمي عن أبي عثمان عن أبي موسى رضى الله تعالى عنه قال
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرقينا في عقبة أو ثنية قال كان الرجل
منا إذا علاها قال لا إله إلا الله والله أكبر فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنكم
لا تنادون أصما ولا غائبا قال وهو على بغلته يعرضها فقال يا أبا موسى أو يا عبد
الله ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة قال بلى يا رسول الله قال لا حول ولا قوة إلا
بالله وذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب أن يكون الرجل خفيض الصوت
ويكره أن يكون رفيع الصوت وإن الله عز وجل ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من
قرب فليس هذا لغير الله جل ذكره قال أبو عبد الله وفي هذا دليل أن صوت الله لا
يشبه أصوات الخلق لأن صوت الله جل ذكره يسمع من بعد كما يسمع من قرب وأن الملائكة
يصعقون من صوته فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا وقال عز وجل فلا تجعلوا لله أندادا
فليس لصفة الله ند ولا مثل ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين".
(7) أبو داود السجستاني:
(أ) أبو داود (4728) حدثنا عليّ بن نصر،
ومحمد بن يونس النسائي، المعنى قالا: أخبرنا عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا حرملة -يعني:
ابن عمران- حدثني أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة قال: سمعت أبا هريرة يقرأ
هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى
أَهْلِهَا﴾ إلى قوله تعالى: ﴿سَمِيعاً بَصِيراً﴾ قال: رأيت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه.
قال أبو هريرة: رأيت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- يقرؤها ويضع إصبعيه.
قال ابن يونس: قال المقري: يعني: إن الله
سميعٌ بصير -يعني: أن للّه سمعاً وبصراً-.
قال أبو داود: وهذا ردّ على الجهمية
قلت : وفي احتجاج أبي داود بأخبار الآحاد
في مسائل الإعتقاد ، والمتأمل لكتاب السنة من سننه يرى إثباته للصفات جلياً ونقل
عنه الخلال ذهابه لأثر مجاهد في المقام المحمود (244).
(ب) قال الخلال في السنة (1/214) قال
المروذي: وقال أبو داود -يعني صاحب السنن-فيما احتج به، حدثنا محمد بن أبي صفوان
الثقفي، حدثنا يحيى بن كثير، [قال ثنا سلم بن جعفر، ثنا سعيد الجريري، حدثنا سيف [السدوسي]،
عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: "إذا كان يوم القيامةجيء بنبيكم صلى
الله عليه وسلم حتى يجلس بين يدي الله على كرسيه، فقلت يا أبا مسعود: إذا كان على
كرسيه أليس هو معه؟، قال: ويلك هذا أقر حديث في الدنيا لعينيّ.
قال أبو داود: وما ظننت أن أحداً يذكر
بالسنة يتكلم في هذا الحديث ، إلا علمنا أن الجهمية تنكره".
(8) الترمذي:
(أ) قال الترمذي (4 / 692): "والمذهب
في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن
المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا تروى
هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه
الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف وهذا أمر أهل العلم
الذي اختاروه وذهبوا إليه".
وأول كلامه: "وقد روي عن النبي صلى
الله عليه وسلم روايات كثيرة مثل هذا ما يذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون
ربهم وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء " فكلامه يدل على الإثبات إذ أنه لم
يفرق بين الرؤية والقدم.
وقوله: "ولا يقال كيف" دليل على
إثبات المعنى ومثال ذلك لو قلت لك أفي بيتكم حديقة ؟ فإذا قلتَ لا لم يجز لي أن
أسألك عن الكيفية ولم يجز لك نهيي عن ذلك، ولكن لو قلت لي نعم في بيتنا حديقة ولكن
لا تسألني عن الكيفية لاستقام كلامك فما لم يثبت أصله لم يحتاج المتكلم إلى نفي
العلم بكيفيته أو النهي عن السؤال عن كيفيته، وأما آخر الكلام الذي يبتره بعضهم :"
ومعنى قوله في الحديث فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم"؛ فهذا نص صريح في
إثبات صفة التجلي وهي صفة فعليه فأين التفويض؟!
(ب) قال الترمذي (9/185): "وفسر بعض
أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه وعلم الله
وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه".
وهذا صريح في إثبات العلو الحسي وليس
معناه العلو المعنوي لأن الترمذي كان في صدد نفي كون الله في الأرض كما هو ظاهر
الحديث المنكر الذي كان الترمذي يتكلم عنه: "لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى
الأرض السفلى لهبط على الله".
(ج) قال الترمذي (3/50_51): "وقد قال
غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول
الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن
بها ولا يتوهم ولا يقال كيف هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد
الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول
أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا
هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت
الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم
يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد هاهنا القوة و قال إسحق بن إبراهيم
إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال
سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر
ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله
تعالى في كتابه ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير))".
وهذا كلام صريح في الإثبات لوجوه:
الأول: عدم تفريقه بين اليد والسمع والبصر
بل أثبتها جميعاً.
الثاني: قوله (( وفسروها على غير ما فسرها
أهل العلم )) مما يدل أن لأهل العلم تفسير لهذه الآيات والأحاديث وقد تقدم ذكر
الكثير منها ومنها تفسير الترمذي الذي ذكرناه للتو.
الثالث: نفي السؤال عن الكيفية وقد تقدم
شرحه.
الرابع: إثبات الترمذي لصفة العلو.
الخامس: نفيه للتوهم وإنما يحصل توهم
التشبيه والتجسيم لمن يثبت الصفات أما المعطلة فذلك منتفي في حقهم.
وما نقله الترمذي عن إسحاق حق لا مرية فيه
فلو كان الاتفاق باللفظ يقتضي الإافاق في المعنى أو التشابه لكانت يد الجمل كيد
الباب ويد النملة كيد الفيل وساق النبات كساق الإنسان والأمثلة على ذلك كثيرة ،
وفي النص دليل على أن الجهمية أسلاف الأشاعرة في التأويل.
(9) النسائي:
صنف الإمام النسائي السنن الكبرى وجعل
ضمنها كتاباً في الأسماء والصفات أسماه كتاب النعوت وقد طبع مفرداً، بدأ فيه
النسائي بذكر أسماء الله عز وجل ثم صفاته مما يدل على أن القول في جمعيها عنده
واحد ، وكذا أورد بعض الصفات المجمع عليها مثل صفة الكلام، وقد ذكر الحديث الوارد
في صفة الفرح في ص352 والحديث الوارد في صفة الضحك في ص394، وهذه أخبار آحادية في
مسائل اعتقادية فتأمل!
(10) الدارمي صاحب المسند:
بوب في مسنده باب (باب في شأن الساعة
ونزول الرب تعالى).
واستقصاء هذا يطول وأكتفي بهذا القدر.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم