مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث : ( لا بد للناس من عريف والعريف في النار )

الكلام على حديث : ( لا بد للناس من عريف والعريف في النار )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
 
                  
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ لا بد للناس من عريف والعريف في النار ]
 و حسن بعضهم هذا الخبر بمجموع طرقه
والواقع أنه لا يثبت وإليك تفصيل الكلام على طرقه:

فقد روي من طريق أربعة من الصحابة
1- أنس بن مالك
وروي عنه من طريقين
الطريق الأول : ما رواه قال أبو يعلى في مسنده 1481 : حدثنا الترجماني أبو إبراهيم حدثنا عبيس بن ميمون حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : أما يستطيع أحدكم أن يقرأ في الليلة { قل هو الله أحد } فإنها تعدل القرآن كله
قال : وقال : ولا بد للناس من عريف والعريف في النار
قال : ويؤتى بالشرطي يوم القيامة فيقال له : ضع سوطك وادخل النار

أقول : وهذا سندٌ واهٍ فإن عبيس بن ميمون متروك له ترجمة حافلة في ميزان الإعتدال
قال الذهبي في الميزان :" 5463 - عبيس بن ميمون [ ق ] الخزاز . بصرى ، مسن . يروى عن القاسم بن محمد ، وبكر بن عبد الله المزني . وعنه قتيبة ، وداهر بن نوح ، وأحمد بن عبدة الضبي ، وآخرون .
قال أحمد ، والبخاري : منكر الحديث . وقال ابن معين ، وأبو داود : ضعيف .
( وابن معين قوله ضعيف تضعيف شديد صرح بذلك في تاريخ ابن أبي خيثمة )
 وقال الفلاس : متروك . وقال ابن حبان : يروى عن الثقات الموضوعات توهما .
قال البخاري : أبو عبيدة عبيس بن ميمون التيمى ، عن يحيى بن أبي كثير وغيره - منكر الحديث . وقال ابن عدي : عامة ما يرويه غير محفوظ .
وقال النسائي : ليس بثقة .
أقول : وهذه كلها جروح شديدة عدا قول أبي داود .
 وشيخه يزيد بن أبان الرقاشي ، الراجح فيه أنه ضعيف جداً
وإليك الدليل على ذلك من ترجمته في تهذيب التهذيب
فقد جاء فيها قول أبي داود عن أحمد :" لا يكتب حديث يزيد"

وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين :" رجل صالح وليس حديثه بشيء "

وقال ابن حبان :"كان من خيار عباد الله من البكائين بالليل لكنه غفل عن حفظ الحديث شغلا بالعبادة حتى كان يقلب كلام الحسن فيجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تحل الرواية عنه إلا على جهة التعجب "

أقول : وقول ابن حبان الأخير يوجب تضعيف روايته عن أنس بالذات جداً ، لأنها قد تكون من كلام الحسن .

الطريق الثاني : قال أبو نعيم في أخبار اصبهان 40632 : حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا إسماعيل بن عبد الله ، حدثني العلاء بن أبي العلاء ، حدثني مرداس ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 ما لكم تدخلون علي قلحا لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ، لا بد للناس من العريف والعريف في النار يؤتى بالجلواز يوم القيامة فيقال له ضع سوطك وادخل النار .

أقول : هذه الطريق لا توجد إلا في كتاب أخبار أصبهان لأبي نعيم بهذا السند وعلقها أبو الشيخ في طبقات الشيوخ الأصبهانيين ، والعلاء بن أبي العلاء القيم لا تعرف له إلا هذه الرواية ، وجده مرداس كذلك فهما مجهولان ، ويبعد أن يكون مرداس سمع من أنس ، فاحتمال أن يكون سمع الخبر من عبيس أو يزيد وأرسله واردٌ جداً .

ثم إن هذا الخبر فيه نكارة فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم :" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك " .
 لا يعرف من حديث أنس وإنما يعرف من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد وغيرهما من الصحابة .
 ولو كان معروفاً من حديث أنس لما انفرد به هذا الأصبهاني من دون أهل البصرة الذين حملوا علم ووعوه وأدوه إلى الناس .

2- أبو هريرة
قال أبو نعيم في أخبار أصبهان 40501 : حدثنا أبي ، ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن الحجاج بن حميد ، إملاء في مجلس عبد الله بن محمد بن عمران من حفظه ، حدثني عامر بن عامر حنك ، ثنا داهر بن نوح الأهوازي ، عن عبيس بن ميمون ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   لا بد للناس من عريف ، والعريف في النار .

أقول : عبيس بن ميمون متروك تقدم الكلام عليه والمحفوظ عنه من طريق حديث أنس

3- جعونة الشني

وقال أبو نعيم في معرفة الصحابة 1610 : حدثنا ، . . . ثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ، عن عبيد الله بن زياد الشني ، عن الجلاس بن زياد الشني ، عن جعونة ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :   لا بد من العريف ، والعريف في النار .

قال ابن حجر في الإصابة :" 1171 : جعونة بن زياد الشني ذكره بن منده وقال ذكر عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة أحد الضعفاء عن عبيد الله بن زياد الشني عن الجلاس بن زياد الشني عن جعونة بن زياد الشني أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول لا بد من العريف والعريف في النار وبقية رجاله مجهولون .
أقول : عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ليس ضعيفاً فقط ، بل متهمٌ بالكذب
قال الذهبي في الميزان :" 4928 - عبدالرحمن بن عمرو بن جبلة . عن سلام بن أبى مطيع ، وسعيد بن عبدالرحمن . قال أبو حاتم : كان يكذب ، فضربت على حديثه .
 وقال الدارقطني : متروك ، يضع الحديث "

4- وقال ابن أبي شيبة (237) ما قالوا في كراهية العرافة
حدثنا وكيع عن شعبة عن غالب العبدي عن رجل من بني تميم عن أبيه عن جده أو جد أبيه قال : قلت : يا رسول الله ! إن أبي يقرئك السلام ، قال : (عليك وعلى أبيك السلام) ، قلت : يا رسول الله ! إن قومي يريدون أن يعرفوني ، قال : (لا بد من عريف ، والعريف في النار).
أقول : وفي الطريق إبهام شديد فالتميمي وأبوه وجده أو جد أبيه مبهمون .
وقد يكون أبوه لم يدرك جده فيكون الطريق جمع بين الإنقطاع والإبهام وقد يكون المبهم مرداسا أو عبيسا أو الرقاشي فيعود إلى الطرق الأخرى .
 والطرق الأخرى كلها واهية فلا تصلح لتقوية هذا الطريق ، وإن كان جمعٌ من النقاد يضعفون مثل هذا السند جداً .

وعليه فإن الخبر ضعيفٌ من جميع طرقه مع غرابة متنه ، وإعراض أصحاب الكتب المشهورة عنه .
 فهو ضعيفٌ جداً وإن شئت قل منكر .
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي