مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث : ( إذا كان الرجل بأرض قي فحانت الصلاة .. فإن أقام صلى معه ملكاه ، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يري طرفاه )

الكلام على حديث : ( إذا كان الرجل بأرض قي فحانت الصلاة .. فإن أقام صلى معه ملكاه ، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يري طرفاه )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فقال عبد الرزاق 1955 : عن ابن التيمي عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 إذا كان الرجل بأرض قي فحانت الصلاة فليتوضأ ، فإن لم يجد ماء فليتيم ، فإن أقام صلى معه ملكاه ، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يري طرفاه .

أقول : هذا الحديث احتج به القائلون باستحباب الأذان للمنفرد دون الوجوب ووجه الدلالة في قوله ( فإن أقام صلى معه ملكاه ) فأثبت له فضلاً مع أنه لم يؤذن فدل على استحباب الأذان دون وجوبه لما رتب من أجرٍ على الأذان


غير أن هذا الخبر معلولٌ بالوقف وهذه الزيادة ( فإن أقام ) شاذة وإليك التفصيل

قال ابن أبي شيبة 2277 : حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان عن سلمان قال :" لا يكون رجل بأرض قي فيتوضأ فإن لم يجد الماء يتيمم ثم ينادي بالصلاة ثم يقيمها إلا أم من جنود الله ما لا يرى طرفاه"

أقول : فخالف عبد الرزاق فرواه موقوفاً فشيخهما في الحديث واحد ، فابن التيمي هو معتمر بن سليمان كذا يسميه عبد الرزاق ، ولم يذكر ابن أبي شيبة زيادة ( فإن أقام صلى معه ملكاه )


وقال ابن أبي شيبة 2278 : حدثنا ابن علية عن أبي هارون الغنوي قال حدثنا أبو عثمان قال قال سلمان ما كان من رجل في أرض قي فأذن وأقام إلا صلى خلفه من خلق الله ما لا يرى طرفاه .
وهذا كالوجه الأول

وقال ابن المبارك في الزهد 341 : قال أخبرنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال إذا كان الرجل بأرض قي فتوضأ وإن لم يجد الماء فتيمم ثم ينادي بالصلاة ثم يقيمها ثم يصليها إلا أم من جنود الله عز و جل صفاً ما يرى طرفه أو ما يرى طرفاه .

وهذا موافق لرواية ابن أبي شيبة


وقال البيهقي في الكبرى 1981: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِى عَمْرٍو قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ : يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ أَبِى طَالِبٍ بِبَغْدَادَ فِى سَنَةِ ثَمَانِ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى طَالِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ : لاَ يَكُونُ رَجُلٌ بِأَرْضِ قِىٍّ فَيَتَوَضَّأُ أَوْ يَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا ، فَيُنَادِى بِالصَّلاَةِ ثُمَّ يُقِيمُهَا فَيُصَلِّى - وَفِى حَدِيثِ أَبِى الْعَبَّاسِ فَيُقِيمُهَا - إِلاَّ أَمَّ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ مَنْ لاَ يُرَى قُطْرَاهُ ، أَوْ قَالَ طَرَفَاهُ شَكَّ التَّيْمِىُّ.



وقال البيهقي في السنن الكبرى 1982- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَحُمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ : لاَ يَكُونُ رَجُلٌ بِأَرْضِ قِىٍّ فَيَتَوَضََّأُ إِنْ وَجَدَ مَاءً وَإِلاَّ تَيَمَّمَ ، فَيُنَادِى بِالصَّلاَةِ ثُمَّ يُقِيمُهَا إِلاَّ أَمَّ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا لاَ يُرَى طَرَفَاهُ ، أَوْ قَالَ طَرَفُهُ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ.

أقول : وهذا كحديث ابن أبي شيبة ، وقد رجح البيهقي الوقف كما ترى .


ولخبر عبد الرزاق شواهد مقطوعة

قال عبد الرزاق في مصنفه 1952 : عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال : إذا صلى الرجل وأقام صلى معه ملكاه ، وإذا أذن وأقام صلى معه من الملائكة كثير .


وهذا صحيح إلى طاوس ، والتابعي إذا تكلم في مثل هذا كان كلامه بمنزلة الخبر المرسل


وقال عبد الرزاق 1953: عن ابن جريج عن مكحول قال : إذا أقام الرجل لنفسه صلى معه ملكاه ، وإذا وأقام صلى معه من الملائكة ما شهد الأرض .

وابن جريج مدلس وقد عنعن ، وإن كنت أشك في أصل سماعه من مكحول


وقال عبد الرزاق 1954: عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المسيب قال :
"من صلى بأرض فلاة فأقام ، صلى عن يمينه ملك ، وعن يساره ملك ، ومن أذن وأقام صلى معه الملائكة أمثال الجبال "

وقال مالك في الموطأ رواية يحيى بن يحيى 160 : عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب :
"أنه كان يقول من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك فإذا أذن وأقام الصلاة أو أقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال "

أقول : وهذه تختلف عن رواية عبد الرزاق ، فإنه ليس فيها اشتراط الإقامة ليصلي عن يمينه ملك وعن شماله ملك ، ولا شك أن رواية مالك أصح من رواية عبد الرزاق ، ولكن الراوي عن مالك يحيى بن يحيى ، تقبل زيادة عبد الرزاق من دونه , وقد تابع يحيى غيره


وقال الدارقطني في العلل (6/63) :" س 980- وسُئِل عن حديث سعيد بن المُسيَّب عن معاذ من صلى في فلاة من الأرض فلم يثوب بالصلاة صلى معه ملكان أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وإن ثوب صلى معه من الملائكة أمثال الجبال.
فقال يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري واختُلِف عنه ؛ فرواه الليث بن سَعد ، عَن يحيى عن ابن المُسيَّب عن معاذ.
وخالفه مالك فرواه عن يحيى عن ابن المُسيَّب قوله.
وقول الليث أصح ومن عادة مالك ارسال الأحاديث واسقاط رجل"


أقول : وهذا اللفظ الذي ذكره الدارقطني ليس فيه إلا ( التثويب ) وهي الإقامة ولا ذكر للأذان هنا ، ومالك قد وافقه على روايته سفيان بن عيينة عند عبد الرزاق في المصنف ولكن ابن عيينة كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة فيحتمل أن يكون دلسه عن مالك فيكون الخبر محفوظاً من طريق سعيد عن معاذ بلفظٍ لا يخدم استدلال من استدل بالخبر على عدم وجوب الأذان.

والبحث هنا هل سمع سعيد بن المسيب معاذاً ؟


والجواب : الظاهر أنه لم يسمع منه فمعاذ متقدم الوفاة جداً فقد مات في طاعون عمواس بالشام سنة 17 أو 18 ، أي أنه مات قبل عمر بن الخطاب بست أو سبع سنوات

قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (195 - 196): " وفيما قاله رحمه الله نظر من وجهين : أحدهما أنه لم يثبت سماع أبي وائل من معاذ ، وبأن كان قد أدركه بالسن ، وكان معاذ بالشام ، وأبو وائل بالكوفة ومازال الأئمة كأحمد وغيره يستدلون على انتفاء السماع بمثل هذا ، وقد قال أبو حاتم الرازي :في سماع أبي وائل من أبي الدرداء ، قد أدركه وكان بالكوفة ، وأبو الدرداء بالشام يعني إنه لم يصح له سماع منه . وقد حكى أبو زرعة
الدمشقي عن قوم أنهم توقفوا في سماع أبي وائل من عمر أو نفوه فسماعه من معاذ أبعد "

وأبو وائل مخضرم ، فسعيد بن المسيب في هذا الباب مثله أو أولى منه فهو ليس مخضرم ، فسعيد مدني ومعاذ شامي

فإن قيل : مراسيل سعيد بن المسيب قوية

قيل جواباً عليه : لعل هذا خاصاً في مراسيله عن النبي صلى الله عليه وسلم

قال ابن أبي حاتم في المراسيل ص2 : حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل حدثنا علي بن المديني قال قلت ليحيى بن سعيد سعيد بن المسيب عن أبي بكر قال ذاك شبه الريح .

أقول : فضعف مراسيله عن أبي بكر

وقد جاء الحديث الصحيح الدال على جواز الأذان في البادية منفرداً ، ولكن صيغة الخبر لا تدل على وجوب أو عدمه


قال البخاري 609 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

أقول : وهذا الخبر من أحسن ما يرد به على من منع أذان المنفرد من الفقهاء ، وقد يستفاد الوجوب من الحديث التالي


قال البخاري 628 : حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا قَالَ ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ .

أقول : ووجه الدلالة على الوجوب في الأمر ( فليؤذن ) ، والأصل في الأمر أنه للوجوب

فإن قيل : هذا في جماعة وبحثنا في المنفرد

أجيب بأن التفريق لا وجه له ، فإن الأذان قد ثبتت مشروعيته للمنفرد ، فدل ذلك على بطلان ما يزعمه بعض الفقهاء من أن الأذان لا يشرع للمنفرد ، لأنه إنما شرع لجمع الناس ، وأثر سلمان يدل على أنه يراد به جمع غير الناس ، وحال هؤلاء الذين أوصاهم النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان ، لا يحتاج فيه إلى هذا المعنى فهم في الغالب مجتمعون
ثم وقفت على أثر فاصل في المسألة لعلي رضي الله عنه :
 قلتُ في الصحيح المسند من آثار العشرة المبشرين بالجنة :
 39 - قال عبد الرزاق في المصنف [1950]:
عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:
أَيُّمَا رَجُلٍ خَرَجَ فِي أَرْضِ قِيٍّ - يَعْنِي قَفْرٍ - فَلْيَتْخَيَّرْ لِلصَّلَاةِ، وَلْيَرْمِ بِبَصَرِهِ يَمِينًا، وَشِمَالًا فَلْيَنْظُرْ أَسْهَلَهَا مَوْطِئًا، وَأَطْيَبَهَا لِمُصَلَّاهُ فَإِنَّ الْبِقَاعَ تَنَافَسُ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ كُلُّ بُقْعَةٍ تُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ فِيهَا، فَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ، وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ.
وقد تابع سفيان أبو الأحوص عند ابن أبي شيبة في المصنف [2290] وفي هذا الأثر عدم وجوب الأذان على المنفرد في الفلاة، وقد كنت جمعت بحثاً في هذه المسألة، وملت إلى وجوب الأذان على المنفرد في الفلاة، ولم أكن قد وقفت على هذا الأثر.انتهى

ولكن إذا كان في حي يؤذن فيه ويقام ، فهل يؤذن ؟

هذا محل خلاف بين الصحابة

قال البيهقي في الكبرى 1986: وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِى الْمَعْرُوفِ الْمِهْرَجَانِىُّ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِى هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ : صَلَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِى وَبِالأَسْوَدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ ، وَرُبَّمَا قَالَ : يُجْزِئُنَا أَذَانُ الْحَىِّ وَإِقَامَتُهُمْ.
أقول : نعيم بن حماد صدوق له أخطاء ، و انفراده عن أبي معاوية بمثل هذا يتوقف فيه ولكنه لروايته ما يشهد لها

قال عبد الرزاق 1962 : عن الثوري عن حماد عن إبراهيم أن ابن مسعود وعثمان ( كذا في الأصل وصوابه علقمة ) والأسود صلوا بغير أذان ولا إقامة ، قال سفيان كفتهم إقامة المصر .

أقول : ومراسيل النخعي عن عبد الله قوية

وقال عبد الرزاق 1965 : عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة ابن خالد عن عبد الله بن واقد قال : كان ابن عمر إذا صلى بأرض تقام بها الصلاة يصلي بإقامتهم ، ولم يقم لنفسه .

أقول : وهذا صحيح ، وإذا كان ابن عمر لا يقيم فهو لا يؤذن ، ومفهوم هذه الآثار أنهم إن لم يكونوا في مصر وكانوا في أرض قي ، أذنوا وأقاموا ولكن مجرد فعل الصحابة لا يفيد الوجوب .
 وقد ورد عن أنس ما يخالف هذا ( أعني ترك الأذان والإقامة في الحي )

قال عبد الرزاق 1967 : عن ابن جريج بن سليمان ( كذا في الأصل ولعله ابن جريج عن لسليمان ) عن أبي عثمان قال : رأيت أنسا وقد دخل مسجدا قد صلي فيه ، فأذن وأقام .

أقول : هذا السند غلطٌ في المطبوع ، والصواب جعفر بن سليمان عن أبي عثمان كما روى ابن المنذر في الأوسط ، وأبو عثمان اسمه الجعد

وقال ابن المنذر في الأوسط 1189 : حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي عثمان ، قال : رأيت أنس بن مالك قد دخل مسجدا قد صلي فيه ، فأذن وأقام .


ثم قال : 1190 : حدثنا محمد بن علي ، قال : ثنا سعيد بن منصور ، قال : ثنا حماد بن زيد ، قال : ثنا الجعدي أبو عثمان ، قال : أتانا أنس بن مالك في مسجد بني ثعلبة .
 فقال :  قد صليتم وذلك صلاة الغداة ، فقلنا : نعم ، فقال لرجل : أذن ، فأذن وأقام ثم صلى في جماعة .

وبهذا يكون الخبر قد صح عن أنس .

ثم قال : 1191 : حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا محمد بن أحمد ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا عاصم بن يزيد بن أبي عبيد . كذا في الأصل ولعل صوابه عاصم عن يزيد .  عن سلمة بن الأكوع : أنه كان إذا فاتته الصلاة مع القوم أذن وأقام ، ويبني الإقامة .


أقول : وهذا أثرٌ عزيز لم أجده إلا في الأوسط لابن المنذر ، ولكن في إسناده كلاماً ، فعاصم إن كان هو عاصم بن عبد العزيز الأشجعي فهو ضعيف ، وإن كان غيره فهو فجهول ، والذي يظهر أنه لا هذا ولا ذاك ، وإنما هو أبو عاصم النبيل الثقة الثبت ،فهو الذي يروي عنه يحيى ويروي عن يزيد وسقطت ( أبو ) وهذه السلسلة ( أبو عاصم عن يزيد عن سلمة ) سلسلة معروفة في الصحيح وبها روى البخاري عدداً من ثلاثياته ، فإذا كان شيخ ابن المنذر ومن فوقه ثقات فالخبر ثابت

ويمكن الجمع بين الآثار ، بأن الأذان والإقامة للمنفرد في الحي الذي يؤذن فيه ويقام أو الجماعة الثانية ، مشروع وليس واجباً ، فإن فعل الصحابي المجرد لا يستفاد منه وجوب .

 قال عبد الرزاق في المصنف [1950]:
عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:

أَيُّمَا رَجُلٍ خَرَجَ فِي أَرْضِ قِيٍّ - يَعْنِي قَفْرٍ - فَلْيَتْخَيَّرْ لِلصَّلَاةِ، وَلْيَرْمِ بِبَصَرِهِ يَمِينًا، وَشِمَالًا فَلْيَنْظُرْ أَسْهَلَهَا مَوْطِئًا، وَأَطْيَبَهَا لِمُصَلَّاهُ فَإِنَّ الْبِقَاعَ تَنَافَسُ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ كُلُّ بُقْعَةٍ تُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ فِيهَا، فَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ، وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ.
وقد تابع سفيان أبو الأحوص عند ابن أبي شيبة في المصنف [2290] وفي هذا الأثر عدم وجوب الأذان على المنفرد في الفلاة، وقد كنت جمعت بحثاً في هذه المسألة، وملت إلى وجوب الأذان على المنفرد في الفلاة، ولم أكن قد وقفت على هذا الأثر.
* وقال أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة [270]:
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
إِذَا خَرَجْتَ قِيًّا مِنَ الْأَرْضِ، أَوْ فِي قِيٍّ مِنَ الْأَرْضِ، فَتَخَيَّرْ وَأَذِّنْ وَأَقِمْ، أَوْ إِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ.
* وقال أيضا: [272]:
حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
أَذِّنْ وَأَقِمْ، وَإِنْ أَقَمْتَ أَجْزَأَكَ.
أقول: رواية شريك عن أبي إسحاق قوية
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي