مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث : ( نهى عن قفيز الطحان )

الكلام على حديث : ( نهى عن قفيز الطحان )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال الدارقطني 3028 : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الزَّيَّاتُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ أَبِى كُلَيْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِى نُعْمٍ الْبَجَلِىِّ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ نَهَى عَنْ عَسَبِ الْفَحْلِ زَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَعَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ
.
أقول : هنا تفرد عبيد الله بن موسى بزيادة ( قفيز الطحان ) ، من دون وكيع

فهل تقبل زيادته ؟

وكيع بن الجراح ثقة ثبت وهو من أثبت أصحاب سفيان ، وعبيد الله بن موسى ثقة يتشيع فزيادته من دون محل شك

ثم إن هذا الحديث رواه جماعة عن سفيان بدون ذكر ( قفيز الطحان ) موافقين لوكيع مخالفين لعبيد الله بن موسى وهم

1- عبد الله بن المبارك
2- محمد بن يوسف وحديثهما عند النسائي في الكبرى [ 4694 ]

ولكن وردت هذه الزيادة عن ابن المبارك عند الطحاوي في مشكل الآثار

قال الطحاوي 607 : حدثنا ابن أبي عمران ، حدثنا الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى ابن المبارك وحدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ، حدثنا نعيم بن حماد قالا : حدثنا ابن المبارك ، عن سفيان يعني الثوري ، عن هشام أبي كليب ، عن ابن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري قال :
 نهي عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان .

أقول : أحمد بن أبي عمران إما أن يكون الجرجاني الوضاع ، أو يكون مجهولاً ، ويحيى بن عثمان بن صالح له ما ينكر كما قال الذهبي ، ونعيم له مناكير .
 وسند النسائي بدون هذه الزيادة إلى ابن المبارك صحيح فدل على شذوذ هذه الزيادة عن ابن المبارك ، وبالتالي شذوذها عن سفيان

غير أن شيخ سفيان هشاماً قد خولف

قال النسائي في الكبرى [ 4693 ] حدثنا محمد بن بشار عن محمد هو غندر ثنا شعبة عن المغيرة سمعت بن أبي نعم سمعت أبا هريرة يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وثمن الكلب وعسب الفحل

وقال أيضاً [ 6269 ] حدثنا محمد بن بشار عن محمد قال حدثنا شعبة عن المغيرة قال سمعت بن أبي نعم قال سمعت أبا هريرة يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام وعن ثمن الكلب وعن عسب الفحل .

أقول : المغيرة هنا هو ابن مقسم
وقد خالف هشام بن عائذ أبا كليب فجعل الحديث من مسند أبي هريرة ، وهشام جعله من مسند أبي سعيد ، ثم إن المغيرة لم يذكر زيادة ( قفيز الطحان ) ، التي لا نجزم بحفظها عن هشام أصلاً .

والمغيرة بن مقسم ثقة حافظ ، لم ينقموا إلا التدليس والإرسال وقد صرح هنا بالتحديث فأمنا تدليسه ، وأما هشام بن عائذ فقال الحافظ في التقريب ( صدوق ) ، ولو قلنا أنه ثقة فليس كالمغيرة بن مقسم ، فإذا قلنا بأن الزيادة عن سفيان محفوظة ، فهي شاذة عن شيخ شيخ سفيان لهذه المخالفة

تنبيه : وقد ذهب بعضهم إلى الخلط بين هشام بن عائذ وأبي كليب والصواب
وقد خلط بينهما المزي وقد قلدته سابقاً ، ولكن الصواب أنهما رجلان

قال العجلي في الثقات :" [ 1902 ] هشام بن عائذ بن نصيب ثقة روى عن بن عمر سمع منه الثوري"

ثم قال :" [ 1905 ] هشام بن عبيد الله روى عن القاسم بن عبد الله رازي ضعيف حدثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن هشام أبي كليب عن بن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل أو أجر الفحل"

ففرق بين هشام بن عائذ وهشام راوي حديث قفيز الطحان فوثق الأول وضعف الثاني

وقال البخاري في التاريخ الكبير :" [ 2683 ] هشام أبو كليب يعد في الكوفيين عن الشعبي وابن أبي نعم روى عنه الثوري"

وقال أيضاً " [ 2696 ] هشام بن عائذ الأسلمي نسبه على بن مسهر وقال أبو نعيم هشام بن عائذ بن نصيب الأسدي وقال وكيع الأسدي يحدث عن أبيه وأبي صالح روى عنه وكيع وابن المبارك وعلى بن مسهر ويحيى القطان"

ففرق بينهما وكذا فعل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وابن حبان في الثقات ، ولذا توثيق الذهبي في الكاشف لهشام بن عائذ ، لا يتناقض مع كلامه في هشام أبي كليب فإنه يفرق بينهما موافقاً في ذلك لجمهور المحدثين

في لسان الميزان :

8277- هشام أبو كليب.

عن ابن أبي نعم والشعبي.

وعنه الثوري.

لعبيد الله بن موسى عن سفيان عنه عن ابن أبي نعم ، عَن أبي سعيد قال : نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان.

هذا منكر وراويه لا يعرف. انتهى.
وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات.

وقد أفاد البيهقي في السنن الكبرى (11171) أن عطاء بن السائب قد روى هذا الحديث عن ابن أبي نعم مرسلاً ، وهذا إذا لم يوهن الحديث فلا يقويه

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 28/ 88) :" وما يروى عن النبى صلى الله عليه و سلم انه نهى عن قفيز الطحان فحديث ضعيف بل باطل فان المدينة لم يكن فيها طحان ولا خباز لعدم حاجتهم الى ذلك كما ان المسلمين لما فتحوا البلاد كان الفلاحون كلهم كفارا لأن المسلمين كانوا مشتغلين بالجهاد"
وقال أيضاً (30/ 113) :" وأما الذين قالوا لا يجوز ذلك إجارة لنهيه عن قفيز الطحان فيقال هذا الحديث باطل لا اصل له وليس هو في شيء من كتب الحديث المعتمدة ولا رواه إمام من الأئمة والمدينة النبوية لم يكن بها طحان يطحن بالأجرة ولا خباز يخبز بالأجرة "

وقد تبين لك صواب ما قاله شيخ الإسلام

فإن قيل : قد أخرجه الدارقطني في سننه فكيف يقول شيخ الإسلام أنه ليس في شيء من الكتب المعتمدة

فالجواب أن يقال : أن شيخ الإسلام يننص في غير ما مناسبة أن سنن الدارقطني مجمع الغرائب والمناكير ، ولا يعتبر من المصادر المعتمدة في معرفة السنن الصحيحة

قال شيخ في اقتضاء الصراط المستقيم ص400 :" غلب في عرف كثير من الناس استعمال لفظ زرنا في زيارة قبور الأنبياء والصالحين على استعمال لفظ زيارة القبور في الزيارة البدعية الشركية لا في الزيارة الشرعية ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث واحد في زيارة قبر مخصوص ولا روى أحد في ذلك شيئا لا أهل الصحيح ولا السنن
ولا أئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره وأجل حديث روي في ذلك ما رواه الدارقطني وهو ضعيف باتفاق أهل العلم"

أقول : فجعل الدارقطني ممن جمع الموضوع وغيره

وقال أيضاً كما في (مجموع الفتاوى) (27/165):" هو قصد به غرائب السنن, و لهذا يروي فيه من الضعيف والموضوع ما لا يرويه غيره, وقد اتفق أهل العلم بالحديث على أن مجرد العزو إليه لا يبيح الاعتماد عليه"

و قال أيضاً في (التسعينية)(5/201 ): "إنما صنف هذه (السنن) كي يذكر فيها الأحاديث المستغربة في الفقه, ويجمع طرقها فإنها هي التي يحتاج فيها إلى مثله, فأما الأحاديث المشهورة في (الصحيحين) و غيرهما فكان يستغني عنها في ذلك"

وبقي معنى ( قفيز الطحان ) وهو أنْ يَسْتَأجر رجلاً ليَطْحن له حِنْطة معلومة بقَفِيزٍ من دَقِيقها

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي