مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على زيادة ( جلده إثنان و أربعون ذراعاً بذراع الجبار )

الكلام على زيادة ( جلده إثنان و أربعون ذراعاً بذراع الجبار )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال أحمد في مسنده 10931 : حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ضِرْسُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، كَمَا بَيْنَ قُدَيْدٍ إِلَى مَكَّةَ، وَكَثَافَةُ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ "
      
هذا الحديث أورده البزار في مسنده واستغربه على عبد الرحمن

قال المزي في تهذيب الكمال :" قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : فى حديثه عندى ضعف ، و قد حدث عنه يحيى بن
سعيد القطان ، و حدث عنه حسن الأشيب ، و حدث عنه أبو النضر ، و عبد الصمد بن عبد الوارث ، فحسبه أن يحدث عنه يحيى بن سعيد القطان .
و قال عمرو بن على : لم أسمع عبد الرحمن يحدث عنه بشىء قط .
و قال أبو حاتم : فيه لين ، يكتب حديثه ، و لا يحتج به .
و قال أبو أحمد بن عدى : و بعض ما يرويه منكر ، لا يتابع عليه ، و هو فى جملة
من يكتب حديثه من الضعفاء "

وزاد ابن ججر في التهذيب :" و قال السلمى ، عن الدارقطنى : خالف فيه البخارى الناس ، و ليس بمتروك .
و قال الحاكم ، عن الدارقطنى : إنما حدث بأحاديث يسيرة .
و قال أبو القاسم البغوى : هو صالح الحديث .
و قال الحربى : غيره أوثق منه .
و قال ابن خلفون : سئل عنه على ابن المدينى ، فقال : صدوق "

وقد روي هذا الحديث من طرق عن أبي هريرة بدون زيادة (وَكَثَافَةُ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ) ، فدل على نكارة هذه الزيادة

قال أحمد في مسنده 8345 : حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَعَرْضُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرِقَانَ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مِثْلُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّبَذَةِ .

وقال مسلم في صحيحه 7287- [44-2851] حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ضِرْسُ الْكَافِرِ ، أَوْ نَابُ الْكَافِرِ ، مِثْلُ أُحُدٍ وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاَثٍ.

وقال الترمذي في جامعه 2578 : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، وَصَالِحٌ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ضِرْسُ الكَافِرِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ البَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ مِثْلُ الرَّبَذَةِ  .

وقال ابن المبارك في الزهد 1916 : أنا الليث بن سعيد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال :
 ضرس الكافر مثل أحد ، وفخذه مثل البيضاء ، وجنباه مثل الورقان ، ومجلسه من النار كما بيني وبين الربذة ، وكثف بصره سبعون ذراعا ، وبطنه مثل إضم .

فإن قلت : وردت رواية أخرى عن أبي هريرة بهذه الزيادة

وقال ابن أبي عاصم في السنة 610: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
 غِلَظُ جِلْدِ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ

عبيد الله بن موسى ليس من أصحاب شيبان المعروفين ، وليس له عنه حديث في الكتب الستة ، وشيبان نص الساجي إلى أن له مناكير عن الأعمش ، وقد خالفه محمد بن فضيل فرواه موقوفاً على ابن مسعود

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 35293: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لأَبِي هُرَيْرَةَ : تَدْرِي كَمْ غِلظَ جِلْدِ الْكَافِرِ ؟
 فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : لاَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : غِلَظُ جِلْدِ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا.

وكذا خالفه جرير بن عبد الحميد وأبو معاوية

قال عبد الله بن أحمد في السنة 1083 : حدثنا هارون بن معروف ، وأبو معمر ، قالا : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : قال هارون في حديثه - قال : قال لي عبد الله بن مسعود : قال أبو معمر في حديثه قال : قال لي عبد الله بن مسعود يا أبا هريرة  أتدري كم عرض جلد الكافر ؟  قال : قلت لا أدري ، قال :  أربعون ذراعا بذراع الجبار .

قال ابن المنذر في تفسيره 1912 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالا: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " قَالَ لِي عَبْد اللهِ: أَتَدْرِي كَمْ عَرْضُ جِلْدِ الْكَافِرِ؟ فَقُلْتُ: لا، قَالَ: هُوَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجبارِ "

وقد رجح الدارقطني الوقف كما في العلل :" س 1941 - وسُئِل عَن حَدِيثِ أَبِي صالِحٍ ، عَن أَبِي هُرَيرة ، قال رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم : إِنّ غِلَظ جِلدِ الكافِرِ اثنَتانِ وأَربَعُون ذِراعًا وضِرسَهُ مِثلُ أُحُدٍ.
فَقال : يَروِيهِ الأَعمَشُ ، واختُلِف عَنهُ فَرَفَعَهُ شَيبانُ ، عَنِ الأَعمَشِ ، عَن أَبِي صالِحٍ ، عَن أَبِي هُرَيرةَ.
وتابَعَهُ عُبَيد بن يَعِيش ، عَنِ ابنِ فُضَيلٍ ، عَنِ الأَعمَشِ.
وغَيرُهُ يَروِيهِ ، عَنِ ابنِ فُضَيلٍ ، عَنِ الأَعمَشِ مَوقُوفًا ، وهُو أَشبَهُ"

قد اتفق أبو معاوية وجرير على قوله ( أربعون ) فترجح روايتهما على رواية محمد بن فضيل ( اثنان وأربعون )

والرواية الأصح في ( عرض جلد الكافر ) وليس ( غلظ جلد الكافر )

وقال البزار في مسنده 4189- حَدَّثنا إبراهيم بن سَعِيد ، قَال : حَدَّثنا ريحان عن عباد عن أيوب ، عَن أبي قِلابة ، عَن أبي أسماء عن ثوبان ، رَضِي الله عنه ، وسئل رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وَسَلَّم قال : ضرس الكافر مثل أحد وغلظ جلده أربعون ذراعا بذارع الجبار.
وهذا الحديث لا نعلم رواه عن أيوب إلاَّ عباد بن منصور ، ولاَ عَن عباد إلاَّ ريحان بن سَعِيد ، وقد حدث أهل العلم عن ريحان مثل على بن المديني ، وَابن عرعرة وإبراهيم بن سَعِيد وغيرهم.

وهذا منكر

قال ابن حبان فى " الثقات " في ترجمة ريحان : يعتبر حديثه من غير روايته عن عباد . انتهى ..
و وصله أبو يعلى فى " مسنده " عن إبراهيم بن سعيد الجوهرى ، عن ريحان ، عنه بهذا السند
و قال العجلى : ريحان الذى يروى عن عباد منكر الحديث .
و قال البرديجى : فأما حديث ريحان ، عن عباد ، عن أيوب ، عن أبى قلابة ، فهى مناكير .


وأما معنى قوله ( بذراع الجبار ) فاختار ابن قتيبة أنه الجبار من بني آدم

وظاهر إيراد عبد الله بن أحمد وابن أبي عاصم لهذا الحديث في السنة ، اعتباره من أحاديث الصفات

وانتصر له القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات ورد على كلام ابن قتيبة وتوسع في ذلك


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي