مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الرد على قول بعض الجهلة ( شيخ الإسلام أثنى على ابن مخلوف الأشعري )

الرد على قول بعض الجهلة ( شيخ الإسلام أثنى على ابن مخلوف الأشعري )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
              
             
فقد طنطن بعض الجهلة ممن يروج للثناء على أهل البدع ، بأن شيخ الإسلام أثنى على ابن مخلوف الأشعري ، وهذا وأمثاله يستغلون عدم اطلاع الكثير من الإخوة فيلبسون عليهم

والحق أن شيخ الإسلام إنما دافع عن ابن مخلوف ومن معه لأنه تغلب حاكم على مصر ، فبايعوه فعاد الحاكم الأول وتغلب مرةً أخرى فأراد قتلهم ظلماً ، وعرف الخلاف بينهم وبين شيخ الإسلام وأراد أن يستصدر فتيا من شيخ الإسلام بقتلهم .
فعرف شيخ الإسلام وسكنه عليهم ، لكي لا يقتلهم ظلماً وانتصاراً لحظ نفسه فهذه كانت ضرورة .
وإليك نص كلام ابن عبد الهادي الذي ينقل الحادثة في العقود الدرية ص298 :" وسمعت الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يذكر أن السلطان لما جلسا بالشباك أخرج من جيبه فتاوى لبعض الحاضرين في قتله واستفتاه في قتل بعضهم
قال ففهمت مقصوده وأن عنده حنقا شديدا عليهم لما خلعوه وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير
فشرعت في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك أما أنا فهم في حل من حقي ومن جهتي وسكنت ما عنده عليهم قال فكان القاضي زيد الدين ابن مخلوف قاضي المالكية يقول بعد ذلك ما رأينا أتقى من ابن تيمية لم نبق ممكنا في السعي فيه ولما قدر علينا عفا عنا "

وقول شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (3/271) :" أنا والله من أعظم الناس معاونة على إطفاء كل شر فيها وفي غيرها وإقامة كل خير وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه ولا أعين عليه عدوه قط ولا حول ولا قوة إلا بالله هذه نيتي وعزمي مع علمي بجميع الأمور فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين ولن أكون عونا للشيطان على إخواني المسلمين ولو كنت خارجا لكنت أعلم بماذا أعاونه لكن هذه مسألة قد فعلوها زورا والله يختار للمسلمين جميعهم ما فيه الخيرة في دينهم ودنياهم ولن ينقطع الدور وتزول الحيرة إلا بالإنابة إلى الله والإستغفار والتوبة وصدق الإلتجاء فإنه سبحانه لا ملجأ منه إلا إليه ولا حول ولا قوة إلا بالله "

فالشيخ يريد عدم إعانة أهل الباطل عليهم وإلا فعدوهم من أهل السنة يعان عليهم ولا شك وهو في سياق هذا الكلام ينسب ابن مخلوف إلى الكذب عليه والتزوير

وإلا فشيخ الإسلام قد ذم ابن مخلوف ذماً بليغاً ولم يذكر له حسنة واحدة

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (2/ 235) :" ولهذا لما ذكر الطبيرسى القضاة وأجملهم قلت له إنما دخل فى هذه القضية ابن مخلوف وذاك رجل كذاب فاجر قليل العلم والدين فجعل يتبسم لما جعلت أقول هذا كأنه يعرفه وكأنه مشهور بقبح السيرة
وقلت ما لابن مخلوف والدخول فى هذا هل ادعى أحد على دعوى مما يحكم به ام هذا الذى تكلمت فيه هو من أمر العلم العام مثل تفسير القرآن ومعانى الأحاديث والكلام فى الفقه وأصول الدين وهذه المرجع فيها الى من كان من أهل العلم بها والتقوى لله فيها وان كان السلطان والحاكم من أهل ذلك تكلم فيها من هذه الجهة واذا عزل الحاكم لم ينعزل ما يستحقه من ذلك كالإفتاء ونحوه ولم يقيد الكلام فى ذلك بالولاية
وإن كان السلطان والحاكم ليس من أهل العلم بذلك ولا التقوى فيه لم يحل له الكلام فيه فضلا عن ان يكون حاكما وابن مخلوف ليس من أهل العلم بذلك ولا التقوى فيه "

فهل بعد قول شيخ الإسلام فيه أنه كذاب فاجر قليل العلم ، يصح أن يقال للناس أن ابن تيمية أثنى على ابن مخلوف ؟!

بل نسب شيخ الإسلام ابن مخلوف إلى الحكم بغير ما أنزل الله على جهة التبديل واعتبره واقعاً في الكفر الأكبر

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (3/236) :" قُلْت وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ ابْنُ مَخْلُوفٍ هُوَ حُكْمُ شَرْعِ مُحَمَّدٍ: فَهُوَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ كَافِرٌ"

بل نص شيخ الإسلام على تسمية ابن مخلوف مشركاً

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (3/272) :" وَهَذَا الَّذِي يَخَافُهُ - مِنْ قِيَامِ " الْعَدُوِّ " وَنَحْوِهِ فِي الْمَحْضَرِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ مِنْ الشَّامِ إلَى ابْنِ مَخْلُوفٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِغَاثَةِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ أَظْهَرُوهُ كَانَ وَبَالُهُ عَلَيْهِمْ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ دِينِ الْمُسْلِمِينَ وَدِينِ النَّصَارَى. فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَا عَلِمُوهُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْبُدَ وَلَا يَدْعُوَ وَلَا يَسْتَغِيثَ وَلَا يَتَوَكَّلَ إلَّا عَلَى اللَّهِ، وَأَنَّ مَنْ عَبَدَ مَلَكًا مُقَرَّبًا أَوْ نَبِيًّا مُرْسَلًا أَوْ دَعَاهُ أَوْ اسْتَغَاثَ بِهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ"

ومنهج شيخ الإسلام مع داعية البدعة أنه لا يجوز توليته القضاء ولا أخذ العلم عنه

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/ 205) :" والتعزير يكون لمن ظهر منه ترك الواجبات وفعل المحرمات كتارك الصلاة والزكاة والتظاهر بالمظالم والفواحش والداعى الى البدع المخالفة للكتاب والسنة واجماع سلف الامة التى ظهر انها بدع
وهذا حقيقة قول من قال من السلف والأئمة ان الدعاة الى البدع لا تقبل شهادتهم ولا يصلى خلفهم ولا يؤخذ عنهم العلم ولا يناكحون فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا ولهذا يفرقون بين الداعية وغير الداعية لأن الداعية اظهر المنكرات فاستحق العقوبة"

بل نص شيخ الإسلام على أنه يعاقب وإن كان في نفسه معذوراً متأولاً

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (10/ 377) :" عَلَى هَذَا فَمَا أَمَرَ بِهِ آخِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ دَاعِيَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ يُهْجَرُ فَلَا يُسْتَشْهَدُ وَلَا يُرْوَى عَنْهُ وَلَا يُسْتَفْتَى وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّ هَجْرَهُ تَعْزِيرٌ لَهُ وَعُقُوبَةٌ لَهُ جَزَاءً لِمَنْعِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ الَّذِي هُوَ بِدْعَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَائِبًا أَوْ مَعْذُورًا"

ومن جهل بعض الناس يأتي لقول شيخ الإسلام ( الأشاعرة خير من المعتزلة ) ويقول هذه موازنة ، وليست موازنة بل مقارنة فخير تعني ( أقل شراً )

فحسان يقول ( فشركما لخيركما فداء ) فهل أبو جهل فيه خير

والصحابيات قلن لعمر ( أنت أفظ وأغلظ ) والنبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه فظاظة ولا غلظة ، وإنما يتجوز في باب المقارنة بالألفاظ

ومن هذا الباب قول أحمد كما روى ابن عدي في الكامل لما سئل عن التسمية على الوضوء :" لا أعلم فيه حديثا يثبت عز وجل اقوي شئ فيه حديث كثير بن زيد ، عن ربيح . وربيح رجل ليس بالمعروف"

فقال ( أقوى ) ثم بين أن الخبر فيه مجهول فليس بالقوي فأقوى كانت بمعنى ( أقل ضعفاً ) وكذلك تكون ( خير ) بمعنى ( أقل شراً ) ولا يخفى أن هذا ليس بمدح
وقال ابن القيم في المدارج (2/ 329) : " وَجِئْتُ يَوْمًا مُبَشِّرًا لَهُ بِمَوْتِ أَكْبَرِ أَعْدَائِهِ، وَأَشَدِّهِمْ عَدَاوَةً وَأَذًى لَهُ. فَنَهَرَنِي وَتَنَكَّرَ لِي وَاسْتَرْجَعَ. ثُمَّ قَامَ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى بَيْتِ أَهْلِهِ فَعَزَّاهُمْ، وَقَالَ: إِنِّي لَكُمْ مَكَانَهُ، وَلَا يَكُونُ لَكُمْ أَمْرٌ تَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى مُسَاعَدَةٍ إِلَّا وَسَاعَدْتُكُمْ فِيهِ. وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ. فَسُّرُوا بِهِ وَدَعَوْا لَهُ. وَعَظَّمُوا هَذِهِ الْحَالَ مِنْهُ. فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ. وَهَذَا مَفْهُومٌ"

وقد ادعى بعضهم من رأسه أن هذا الميت هو ابن مخلوف وزاد ألفاظاً من عنده على شيخ الإسلام وأنه ترحم على الرجل ، والواقع أنه لا دليل على أنه ابن مخلوف  بل القرائن تدل على أنه غيره فابن مخلوف كان في مصر وابن القيم لم يجتمع مع شيخه في مصر فيغلب على الظن أن هذا الميت  شامي  

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي