مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث ( إن لله آنية من أهل الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين )

الكلام على حديث ( إن لله آنية من أهل الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال الطبراني في مسند الشاميين817 : حدثنا جعفر الفريابي ، ثنا إسحاق بن راهويه ، ثنا بقية بن الوليد ، عن محمد بن زياد ، عن أبي عنبة الخولاني ، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال :
 إن لله آنية من أهل الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين ، وأحبها إليه ألينها وأرقها .

بقية صرح بالتحديث في رواية الطبراني غير أن السند معلول بالإرسال فصحابيه مطعون في صحبته طعن بها جهمور المحدثين

قال العلائي في جامع التحصيل :" 997 : أبو عنبة الخولاني مختلف في صحبته أخرج له بن ماجة عن طريق الجراح بن مليح ثنا بكر بن زرعة سمعت أبا عنبة الخولاني وكان ممن صلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه و سلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته قال يحيى بن معين أهل الشام يقولون إنه من كبار التابعين وإنه مددي من أهل اليمن أمدوا به في اليرموك وأنكروا أن يكون له صحبة قلت كذلك محمد بن زياد وشرحبيل بن مسلم وغيرهما وقال أبو حاتم هو بأن لا يكون له صحبة أشبه وهو من الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام وقال أبو زرعة كان جاهليا أكل الدم في الجاهلية ولم يكن له صحبة قلت هذا هو الصحيح وإلا فلو صلى القبلتين مع النبي صلى الله عليه و سلم لكان قديم الإسلام مشهورا وحديث بن ماجة ضعيف من جهة الجراح بن مليح قال الدارقطني ليس بشيء وأحاديث أبي عنبة مرسلة والله أعلم"

وما قاله العلائي في استبعاد صحبته في غاية التحقيق وحديث ابن ماجه المذكور الأمر فيه كما قال العلائي ، ثم إن الخبر الذي معنا معلول بالوقف

قال  الألباني في الصحيحة :" قد خالفه أبو مطيع الأطرابلسي فقال : عن
محمد بن زياد به موقوفا . أخرجه أبو طالب مكي المؤذن في " حديثه " ( ق 230 / 2
) و الضياء المقدسي في " المنتقى من حديث أبي علي الأوقي " ( 1 / 2 ) .
لكن أبو مطيع هذا و اسمه معاوية بن يحيى صدوق له أوهام ، فرواية بقية أرجح"

فيقال : أن روايته أرجح من رواية بقية لأنه وقف وبقية سلك الجادة ورفع ووهم الرواة في رفع الموقوف أكثر منه في وقف المرفوه ، هذا مع كون هذا المتن  بكلام التابعين أشبه منه بكلام النبي صلى الله عليه وسلم

وقال عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد 834: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا ثَوْرٌ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
 إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى آنِيَةً فِي الأَرْضِ وَأَحَبُّ الآنِيَةِ إِلَيْهِ مَا رَقَّ مِنْهَا وَصَفَا ، وَآنِيَةُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ قُلُوبُ الْعِبَادِ الصَّالِحِينَ.

محمد بن القاسم متهم والصواب في الخبر أنه من كلام خالد بن معدان وهو تابعي

قال أحمد في الزهد 2307: حدثني عَبْدُ اللَّهِ بنُ الْحَارِثِ ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ : إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الأَرْضِ آنِيَةٌ وَأَحَبُّ آنِيَةِ اللَّهِ إِلَيْهِ مَا رَقَّ مِنْهَا وَصَفَا ، وَآنِيَةُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ قُلُوبُ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.

وعليه فالخبر لا يصح مرفوعاً ، ولذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية إذا ذكره لم يرفعه بل ينقله عن بعض السلف

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (9/315) :" وبلغنا عن بعض السلف قال القلوب آنية الله في ارضه فأحبها إلى الله تعالى أرقها واصفاها وهذا مثل حسن فان القلب إذا كان رقيقا لينا كان قبوله للعلم سهلا يسيرا ورسخ العلم فيه وثبت واثر وأن كان قاسيا غليظا كان قبوله للعلم صعبا عسيرا "
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي