مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: بيان شذوذ زيادة ( ولا يعز من عاديت ) في حديث قنوت الوتر

بيان شذوذ زيادة ( ولا يعز من عاديت ) في حديث قنوت الوتر



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال أبو داود في سننه 1425 - حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن جواس الحنفي قالا ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء قال
y قال الحسن بن علي [ رضي الله عنهما ] علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم كلمات أقولهن في الوتر قال ابن جواس في قنوت الوتر " اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت [ ولا يعز من عاديت ] تباركت ربنا وتعاليت "

أقول : زيادة ( ولا يعز من عاديت ) انفردت بها هذه الرواية ويبدو أنها من زيادة أحمد بن جواس الحنفي فإن الحديث في جامع الترمذي من رواية قتيبة عن أبي الأحوص بدون هذه الزيادة وكذا رواه يحيى بن حسان عن أبي الأحوص بدون هذه الزيادة وحديثه عند الدارمي برقم ( 1593 ) وقد روى هذا الحديث عن أبي إسحاق عدد ولم يذكروا هذه الزيادة

1_ شريك بن عبد الله وحديثه ابن ماجه في سننه (1178)

2_ إسرائيل بن يونس وحديثه عند الطبراني في الكبير ( 2702 )

3_ سفيان الثوري وحديثه عند الطبراني في الكبير ( 2706 )


ووردت هذه الزيادة من رواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عند الطبراني ( 2704 ) وزهير روى عن أبي إسحاق بعد الاختلاط كما نص عليه ابن معين

وقال الطبراني في الدعاء 740 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ وَاضِحٍ الْعَسَّالُ الْمِصْرِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُولَ فِي الْوِتْرِ: " اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ

وهذه رواية منكرة فشيخ الطبراني مجهول الحال والمحفوظ عن محمد بن جعفر روايته هذا الحديث عن شعبة وبدون تلك الزيادة
وقد تابعه على هذا الخبر كل من شعبة وابنه يونس والحسن بن عبيد الله ولم يذكروا هذه الزيادة التي اضطرب هو فيها وأكثر الرواة عنه لم يذكروها

أما ابنه يونس فحديثه في المسند برقم ( 1718 ) وغيره من المصادر

وأما شعبة فرواه عنه كل من

1_ محمد بن جعفر وحديثه في المسند ( 1727 )

2_ يحيى بن سعيد وحديثه في المسند ( 1723 )

3_ عثمان بن عمر وحديثه عند الدارمي ( 1591 )

4_ مؤمل بن إسماعيل وحديثه عند ابن حبان ( 722 )

5_ أبو داود الطيالسي وحديثه مخرج في مسنده ( 1179 )

6_ عبد الملك بن عمرو وحديثه عند أبي يعلى في مسنده

7_ حجاج بن محمد وحديثه عند الدولابي في الذرية الطاهرة (128)

كل هؤلاء لم يذكروا زيادة ( ولا يعز من عاديت)

وخالف هؤلاء جميعاً عمرو بن مرزروق الذي فيه الحافظ (له أوهام ) فزاد زيادة ( ولا يعز من عاديت ) وحديثه عند الطبراني في الكبير فدل على نكارتها عن شعبة

وأما الحسن بن عبيد الله النخعي فحديثه عند الطبراني في الكبير والدولابي في الذرية الطاهرة ولم يذكر هذه الزيادة

والخلاصة أن هذه الزيادة شاذة انفرد بها أبو إسحاق من دون الأكثر وهو نفسه اضطرب فيها وقد ذكروا عنه الاختلاط ، وقد شكك ابن خزيمة في سماعه هذا الحديث من بريد وأنكر زيادة ( القنوت ) في الخبر لعدم ذكر شعبة لها ، أي الدعاء يصير دعاء عاماً وليس من أدعية القنوت ، وإنكار زيادة ( ولا يعز من عاديت ) أولى من إنكار زيادة القنوت فيما يظهر ، فإذا كان ابن خزيمة أنكر زيادة يونس ووالده من دون شعبة فمن باب أولى تنكر زيادة أبي إسحاق من دون شعبة وابنه يونس فكيف إذا زدنا معهم الحسن بن عبيد الله ، وزدنا مع ذلك اضطراب أبي إسحاق نفسه في الزيادة

وقال البيهقي في الدعوات  : (باب من قال يقنت في الوتر بعد الركوع)
 (اخبرنا) محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ وابو منصور محمد بن القاسم العتكي قالا ثنا الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني ثنا أبو بكر بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي ثنا ابن ابى فديك عن اسمعيل بن ابراهيم بن عقبة عن موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها عن الحسن ابن علي رضي الله عنهما قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق الا السجود اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما اعطيت وقني شر ما قضيت انك تقضيولا يقضى عليك انه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت
 تفرد بهذا اللفظ أبو بكر بن شيبة الحزامي
أبو بكر بن شيبة هذا صدوق يخطيء وقد خالفه غيره عن موسى بن عقبة وغير السند ولم يذكر تلك اللفظة

قال النسائي في سننه 1746 - أخبرنا محمد بن سلمة قال حدثنا بن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن علي عن الحسن بن علي قال : علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم هؤلاء الكلمات في الوتر قال قل اللهم أهدني فيمن هديت وبارك لي فيما أعطيت وتولني فيمن توليت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضي عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت وصلى الله على النبي محمد

وقال الحاكم في المستدرك 4800- حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ، وَأَبُو سَعِيدٍ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالاَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الشَّعْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شَيْبَةَ الْحِزَامِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وِتْرِي إِذَا رَفَعْتُ رَأْسِي وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ السُّجُودُ : اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ ، إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ إِلاَّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَدْ خَالَفَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ فِي إِسْنَادِهِ.
4801- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الزَّاهِدُ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ (ح) وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ ، وَالْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالُوا : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ (ح) وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ فِي الْوِتْرِ : اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ

ورواية محمد بن جعفر هي الأثبت والأصح كما لا يخفى فهذه رواية ( يعني رواية ابن شيبة ) شاذة أو منكرة وزيادة النكارة فيها في شأن السند إذ جعله من رواية عائشة عن الحسن وهذا منكر غريب
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي