مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على زيادة ( لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ )

الكلام على زيادة ( لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
        
                   
قال الإمام أحمد 21415: حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ :
 أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ .
وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ .

أقول : لفظة ( من كنز تحت العرش ) لا توجد إلا في هذه الرواية وقد حسنت اللجنة المحققة للمسند هذا السند من أجل ( سلام أبي المنذر ) وهو ابن سليمان المقريء

وثقه ابن معين وقال أبو حاتم :" صدوق صالح الحديث " ، وقال أبو داود :" ليس به بأس " وذكره ابن حبان في الثقات وقال :" كان يخطىء وليس هذا بسلام الطويل ذاك ضعيف وهذا صدوق" ، وقال الساجي :" صدوق يهم ليس بمتقن في الحديث "
هذا ما نقله ابن حجر في التهذيب
وقال ابن طهمان في سؤالاته لابن معين ص117:" سلام أبو المنذر روى عنه عفان ليس بذاك "
وقال العقيلي في الضعفاء الكبير (2/ 160) :" سلام بن سليمان أبو المنذر القاري عن ثابت ويونس بن عبيد ولا يتابع على حديثه "

وقال البيهقي في الكبرى 19973 : أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنبأ أبو بكر الفحام ثنا محمد بن يحيى ثنا عفان بن مسلم ثنا سلام بن سليمان قارئ أهل البصرة ح وأخبرنا أبو طاهر قال أنبأ أبو طاهر المحمدأباذ ثنا العباس الدوري ثنا يزيد بن عمرو بن جنزة المدائني ثنا سلام أبو المنذر المقرئ البصري عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال :
 أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه و سلم بسبع أمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي وأمرني بحب المساكين والدنو منهم وأمرني أن لا أسأل أحدا شيئا .
وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا وأمرني أن لا يأخذني في الله لومه لائم وأمرني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنز الجنة "

أقول : فقال : ( فإنها من كنز الجنة ) ولم يقل ( تحت العرش )

وقال ابن حبان 449 : أخبرنا الحسن بن إسحاق الأصبهاني بالكرخ قال : حدثنا إسماعيل بن يزيد القطان قال : حدثنا أبو داود عن الأسود بن شيبان عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت :" عن أبي ذر قال : أوصاني خليلي صلى الله عليه و سلم بخصال من الخير :
 ( أوصاني بأن لا أنظر إلى من هو فوقي وأن أنظر إلى من هو دوني وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم وأوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرا وأوصاني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة )

أقول : والأسود بن شيبان ثقة ، وقد خالف سلام الذي قال :" من كنز تحت العرش " فرواه بلفظ ( كنز من كنوز الجنة ) ، ولا ريب أن الجنة تحت العرش ، ولكن لفظ سلام فيه مزيد خصوصية

وقال النسائي في الكبرى [ 10186 ] أخبرنا أحمد بن بكار الحراني قال حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال حدثنا أبو حرة عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال أوصاني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة .

وهذا موافق لرواية الأسود بن شيبان عن عبد الله بن الصامت ، ومخالفٌ لرواية سلام

وقال البوصيري إتحاف الخيرة (3/ 128) :" ورواه أبويعلى الموصلي: ثنا روح بن حاتم، ثنا هشيم، عن الكوثر، عن أبي رافع، عن أبي ذر قال: "أوصاني خليلي أبوالقاسم - صلى الله عليه وسلم - بسبع خصال، فلن أدعهن حتى ألقاه: أمرني بحب المساكين ومجالستهم، وأن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، ولا أسأل الناس شيئًا، وأن أعفو عمن ظلمني، وأصل من قطعني، وأن آخذ الحق وإن كان أمَرَّ من الصبر، ولا تأخذني في اللّه لومة لائم، وأن أكثر من قول: لا حوله ولا قوة إلا باللّه "

أقول : ولم يذكر لفظة ( فإنهن من تحت العرش )

وقال أيضاً :" قال مسدد: ثنا يحيى، عن سفيان، حدثني إسماعيل بن أبي خالد، عن رجل، عن أبي ذر- رضي اللّه عنه- قال: "أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بسبع: أن أصل قرابتي وإن جفاني، وأن أحب المساكين، وألا أخاف في اللّه لومة لائم، وأن أنظر إلى من هو أسفل مني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أقول الحق وإن كان مرًّا، وأن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا باللّه "

وقال :" رواه الحارث بن محمد بن أبي أسامة: ثنا يزيد، ثنا أبو أمية بن فضالة، سمعت محمد بن واسع يقول عن عبداللّه بن الصامت، قال أبوذر: "أوصاني خليلي بسبع: أن أنظر إلى من هو أسفل مني، ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أحب المساكين وأن أدنو منهم، وأن أقول الحق وإن كان مرًّا، وألا أسأل أحدًا شيئًا، وأن أصل الرحم وإن أدبرت، وألا أخاف في اللّه لومة لائم، وأن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا باللّه "

وقال البزار في مسنده 3966ـ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ النَّشَائِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا الْغَسَّانَيُّ أَبُو مَرْوَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
أَوْصَانِي خَلِيلِي : أَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَإِنْ أَدْبَرَتْ ، وَأَنْ أَقُولَ الْحَقَّ ، وَإِنْ كَانَ مُرًّا ، وَأَنْ لاَ تَأْخُذَنِي فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ ، وَأَنْ أَنْظُرَ إِلَى مِنْ تَحْتِي ، وَلاَ أَنْظُرُ إِلَى مَنْ فَوْقِي ، وَأَنْ أُجَالِسَ الْمَسَاكِينَ وَأَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ.
قال البزار : وَلاَ نَعْلَمُ أَسْنَدَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ إِلاَّ هَذَا الْحَدِيثَ ، وَبُدَيْلٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ ، وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا .

وقال أحمد في المسند 21346 : حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
 أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

والخلاصة أن لفظة ( من كنز تحت العرش ) مما انفرد به سلام وقد خالفه من هو أوثق منه .
وقد تكون من أوهام رواة المسند فقد قال الذهبي في آخر ترجمة ( ابن المذهب) من الميزان :"قلت: الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس بمتقن، وكذلك شيخه ابن مالك، ومن ثم وقع في"المسند " أشياء غير محكمة المتن، ولا الإسناد. والله أعلم ". وأقره ابن حجر في اللسان والله أعلم .

وله شاهد ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال 345 : حدثنا الحسين بن قاسم العسكري ، ثنا علي بن حرب ، ثنا زيد بن الحباب ، حدثني كثير بن زيد ، حدثني المطلب بن عبد الله بن حنطب ، عن عامر بن سعد ، قال : لقيت أبا أيوب ، فقال :
 ألا آمرك بما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ؛ فإنها كنز من تحت العرش .

وشيخ ابن شاهين لم أستطع الوقوف على ترجمةٍ له ، وقد خالفه ابن أبي شيبة الإمام فرواة بلفظ ( كنز من كنوز الجنة )

قال ابن أبي شيبة في المصنف 36410: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدِينِيِّ ، قَالَ : حدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، قَالَ : لَقِيت أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ ، فَقَالَ لِي : أَلاَ آمُرُك بِمَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ فَإِنَّهُ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي