مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: لا يكون إماماً في السنة حتى يكون مجانباً للبدع

لا يكون إماماً في السنة حتى يكون مجانباً للبدع



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال حرب الكرماني في عقيدته :
" فهذه الأقاويل التي وصفت مذاهب أهل السنة والجماعة، والأثر، والجماعة، وأصحاب الروايات، وحملة العلم الذين أدركناهم وأخذنا عنهم الحديث وتعلمنا منهم السنن، وكانوا أئمة معروفين ثقات أهل صدق وأمانة يقتدى بهم ويؤخذ عنهم، ولم يكونوا أصحاب بدع ولا خلاف، ولا تخليط وهو قول أئمتهم وعلمائهم الذين كانوا قبلهم، فتمسكوا بذلك رحمكم الله، وتعلموه وعلموه وبالله التوفيق"

وقال أيضاً :
" والدين إنما هو كتاب الله وآثار وسنن وروايات صحاح عن الثقات بالأخبار الصحيحة القوية المعروفة المشهورة، يرويها الثقة الأول المعروف عن الثاني الثقة المعروف، يصدق بعضهم بعضًا حتى ينتهي ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أصحاب النبي، أو التابعين، أو تابع التابعين، أو من بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم، المتمسكين بالسنة، والمتعلقين بالأثر، الذين لا يُعرفون ببدعة، ولا يُطعَن عليهم بكذب، ولا يُرمَون بخلاف"

فحصر الاقتداء بالأئمة الذين لا يعرفون ببدعة ، وإذا قلنا ( لا يعرفون ببدعة ) فإننا نعني البدعة الواضحة البينة ، لا ما يختلف الفقهاء في مشروعيته فيقول بعضهم ( بدعة ) والآخر ( مشروع ) ولا يكون هناك دليل بين في المسألة

قال ابن نصر السجزي في رسالته في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص313 :
" فإذا تقدم واحد في هذه العلوم، وكان أخذه إياها ممن علم تقدمه فيها، وكونه متبعا (للسلف) مجانبا للبدع حكم بإمامته واستحق أن يؤخذ عنه ويرجع إليه ويعتمد عليه"

فاشترط للحكم بإمامته في الحق مجانبته للبدع

وقال قوام السنة الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/333) :
" فصل
فِي بَيَان الْأُمُور الَّتِي يكون بهَا الرجل إِماما فِي الدّين وَأَن أهل الْكَلَام لَيْسُوا من الْعلمَاء"

ثم ذكر فصلاً في شروط الإمامة ، يهمنا منها أنه ذهب أن أهل الكلام ليسوا من أهل الإمامة في الدين

وقد يكون الرجل إماماً في باب من أبواب العلم ، ولكن الإمامة في السنة لهذا خصوصية لا تنال بسهولة

قال ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل ص63 :
" نا محمد بن مسلم قال سمعت أبا زياد يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول الناس على وجوه فمنهم من هو إمام في السنة إمام في الحديث ومنهم من هو إمام في السنة وليس بإمام في الحديث ومنهم من هو إمام في الحديث ليس بإمام في السنة فأما من هو إمام في السنة وإمام في الحديث فسفيان الثوري"

فتأمل كيف ينص أن بعض أئمة الحديث ليسوا أئمة في السنة ، فكيف يجعل من هو دون أئمة الحديث بمراحل إماماً في السنة بعد ذلك

قال البربهاري في شرح السنة
[148] ولا يحل لرجل أن يقول: فلان صاحب سنة حتى يعلم منه أنه قد اجتمعت فيه خصال السنة، لا يقال له: صاحب سنة حتى تجتمع فيه السنة كلها.
وقال عبد الله بن المبارك: أصل اثنين وسبعين هوى: أربعة أهواء، فمن هذه الأربعة الأهواء انشعبت [الاثنان] وسبعون هوى: القدرية، والمرجئة، والشيعة، والخوارج.

أقول : فلا يشهد لأحد بأنه صاحب صاحب سنة حتى يبرأ من هذه الأهواء ، فكيف يجعل المتلبس بشيء من هذه الأهواء إماماً في السنة ؟!
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي