الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فمن المعلوم أن مذهب أهل السنة في التبديع ، فيه مراعاة لحال البدعة ظهوراً وخفاءً ، وكونها مكفرة أو مفسقة ، ثم هناك مراعاة لحال المبتدع هل داعية أم ليس بداعية وهذا قول عامة أهل العلم
غير أنني سمعت بعض الناس يقول أن صاحب البدعة غير المبتدع ، وأن صاحب البدعة
هو الذي وقع في بدعة ولم تقم عليه الحجة ، والمبتدع هو الذي قامت عليه الحجة
والحق أن السلف ما كانوا يفرقون بين ( مبتدع ) و ( صاحب بدعة ) وأما العقوبة
فلها تعلق بكون المرء داعية أو ليس بداعية مع تفاصيل أخرى وليس معنى هذا أن المبتدع
غير الداعية لا يعاقب وإنما معناه أن الداعية يخص بمزيد عقوبة
قال حرب الكرماني في عقيدته :" وكذب أصحاب الرأي أعداء الله، بل هم
النابتة تركوا أثر الرسول وحديثه وقالوا بالرأي، وقاسوا الدين بالاستحسان، وحكموا بخلاف
الكتاب والسنة، وهم أصحاب بدعة جهلة ضلال طلاب دنيا بالكذب والبهتان"
فسماهم هنا ( أصحاب بدعة )
وفي مكان آخر قال ( مبتدعة ضلال ) فدل على أن المعنى عنده واحد
وقال عبد الله بن أحمد في السنة 875 : حدثني روح بن عبد المؤمن المقرئ
، حدثني حرب بن ميمون ، صاحب الأغمية ، قال : رأيت عمرو
بن عبيد يصلي بقوم وهو معهم في الصف ، فسألت ابن فضاء ، فقال : هذا رجل صاحب بدعة .
وعمرو بن عبيد لا يمكن أن يقال أنه لم تقم عليه الحجة فهو رأس في الاعتزال
والسلف لا يختلفون في أنه مبتدع ضال
ثم إن السلف قد نصوا على عقوبة ( صاحب البدعة ) فهو في معنى البدع وهو
مستحق للتصنيف والعقوبة
قال أبو داود في مسنده 963 : قال حدثنا زائدة بن قدامة الثقفى قال أبو
داود وكان لا يحدث قد ريا ولا صاحب بدعة يعرف
وقال ابن وضاح في البدع نا محمد بن سعيد قال نا أسد بن موسى قال نا بعض
أصحابنا عن موسى بن أعين عن ليث بن أبي سليم عن الحسن قال :
لا تجالس صاحب بدعة فأنه يمرض
قلبك .
- نا أسد قال بعض أصحابنا عن عبد الملك بن أبي كريمة عن سفيان الثوري قال
:
من جالس صاحب بدعة لم يسلم من
إحدى ثلاثة أما أن يكون فتنة لغيره وأما أن يقع في قلبه شيء فيزل به فيدخله الله النار
وأما أن يقول والله ما أبالي ما تكلموا وأني واثق بنفسي فمن أمن الله على دينه طرفة
عين سلبه إياه.
وهذا واضح أنه في المبتدع
وقال الآجري في الشريعة ص145:" وقول أئمة المسلمين مثل مالك بن أنس
، والأوزاعي ، وسفيان الثوري ، وابن المبارك وأمثالهم ، والشافعي رضي الله عنه وأحمد
بن حنبل ، والقاسم بن سلام ، ومن كان على طريقة هؤلاء من العلماء ، وينبذ من سواهم
، ولا نناظر ، ولا نجادل ولا نخاصم ، وإذا لقي صاحب بدعة في طريق أخذ في غيره ، وإن
حضر مجلسا هو فيه قام عنه هكذا أدبنا من مضى من سلفنا"
وقال الآجري في الشريعة 1983 : وحدثنا الفريابي قال : حدثنا إبراهيم بن
عثمان المصيصي قال : حدثنا مخلد بن الحسين ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن قال :
صاحب بدعة لا تقبل له صلاة ولا
حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صرف ولا عدل
وسواءً وافقنا الحسن أو خالفناه لا شك أنه في هذا السياق إنما يريد المبتدع
وآثار السلف في هذا الباب كثيرة وإنما أريد هنا التنبيه على أن ( صاحب
البدعة ) و ( المبتدع ) عند السلف شيء واحد .
والسني الذي وقع في بدعة خفية لتأويل سائغ
لا يسمى مبتدعاً ولا صاحب بدعة إن لم تقم عليه الحجة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم