مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: شافي العجمي وخيانة العقيدة السلفية ...

شافي العجمي وخيانة العقيدة السلفية ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فهذه ندوة عقدت بتاريخ 1 / 7 / 2011 بدولة الكويت لمناقشة كتاب مفهوم البدعة ألقاها عبدالإله العرفج وهو من الإحساء وشارك فيها شافي العجمي وعصام القطان ويوسف الشراح ومدتها ساعتين ونصف  انتشر منها مقطع مدته 12 دقيقة :
وهذا تفريغ المقطع:

د.عبدالآله العرفج: وهذا يدل على أن الصدور فيها شي كثير, وأن هناك خوف وأن هناك قلق وأن هناك تربص ولذلك أنا أقول شخصياً, أنا أنسان واضح إنسان أختصر المسافات ليس عندي وقت للمجاملة من أجل أكسب مكاسب معينة, الأن الوقت وقت الأمة وقت الشباب هذا الشباب الذي أحياناُ يتردد يتردد ويتجاذب حتى ينفر من الدين تماماً من الدين ويلحد كما قال بذلك أناس ألحدوا بسبب هذه التجاذبات وهذه المهاترات أنا أقول ليس هناك وقت لهذا فبالتالي أنا صريح جداً, سؤالك أخي الكريم, أنت سئلت عن شيء معين : هل أبقى على أزهريتي أم أغير, أنا أقول: ابقي على أزهريتك الأزهر أزهر, وخصوصاً في ثوبه الأول ليس عندما صار جامعةً أزهرياً كما يقول الشيخ عبدالحميد كشك رحمه الله : "رضينا بهِ مؤنثاً ولم نرضى به مذكراً", طبعا هذا أنا لست ضد المرأة عموما فاقول كان من شرف الألقاب التي نالتها الإحساء بلادي وهي قريبة منكم أنها لقبت بفترة من الفترات أزهر الخليج لأن الازهر كان منارة ياشيخنا الكريم في عقيدته وفي منهجه الفقهي وفي طبيعته فابقى على ما أنت عليه, لكن أن نناقش قضية الاشعرية هذه تحتاج إلى شيء كبير لكن هذا رأي في الموضوع.

د.يوسف الشراح : هذه الواقعة حصلت لي شخصياً أنا في الكلية يومن من الايام شاء الله أن سبحان الله كل من قدم أعمال في درجات الطلاب ومشى يومها أتوقع مافي غيري وسبحان الله يعني رب العالمين مقدرها أثنين من الدكاترة موجودين مافي غيرهم لأني طليت على كل الممر , أهم ممرين, فما وجدت أحد, أنا جالس دخلت طالبة طرقة الباب , قالت: السلام عليكم. قلت: وعليكم السلام - جان تقولي - : يا دكتور عندي سؤال. قلتلها : تفضلي - جان تقولي - : أنت أشعري. أنا أبتسمت قلتها : أجاوبج بس بشرط مثل ماسئلتي أسئل ومثل ما أنا صريح بالجواب ابي صراحة بالجواب جان تقول : طيب إن شاء الله. قلت: أنا لو صرت أشعري أنا أتشرف أكون من الأشاعرة فأمتنا فيها اشاعرة كثر ماضنتي الجنة رب العالمين حرمها المسلمين منها ولا عن الذين دافعوا عن مذهب اهل السنة والجماعة لما خرجت المعتزلة فهم كانوا ظاهره صحية في هذه الأمة لكن الأن دور سؤالي وأنا صريح معاج لعلج جلستي - وأنا سميت دكتورين ألي كانوا موجودين سبحان الله ذاك اليوم - فلعلج سمعتي الدكتور فلان وفلان وإذا تبين أزيد الاسماء ذكروا الاشاعرة وقالوا فرقة ضالة وفرقة بالنار و و و ولايسلم عليهم ولايبتسم بوجههم ويلجأون إلى أضيق الطرق - بدأ الحظور بالضحك - والله أنا حطيت السيناريو من عندي جان تأشر جذي - حركت رأسها بالإجابة - جان قلتلها حتى ماعندج جرأة تقولين نعم, بس براويج شي ما راح تنسينه طول حياتج جان تقولي : خير , قلت: بس ابيج توقفين عند مكتبي لأن مكتبي إذا وقفتي عنده تشوفين وين أروح, وأروح حق الأول هو سمع الصوت طرقت الباب عليه - فرحب فيه قائلاً - ياهلا ومرحبا ويلمني ويضحك ويقولي اقعد مايصير تمشي الا تقهوى الا كذا - قال أحدهم كلمة يستهزأ فعم الضحك الحظور - . وأخلص منه وأروح حق الثاني وأسلم عليه الثاني بيني وبينه مو مصادمات بس أهو حاط أباله أنا أشعري صوفي أهوا جذي التصنيف مع ان والله مساكين الاشاعرة ماندري شيقولون ولا الصوفية شيسون ولا احنا صوب الي يسونه حتى ننسب إليه لكن الواحد هذا الي يتهم فيه ويرمى به, سلمت عليه - فأجاب - أتفضل يادكتور أدع خلني أطلبلك قهوه بس الضحكة شقاقية كما نقول, خلصت جان أرجع لها قلتلها شفتي ترا قل إناء بما فيه ينضح ورب العالمين يسائلني مثل ماراح يسائلنا كثر ماراح يسائلج يوم القيامة عمن تكاملنا فيه إن كان خيراً أو شر فأنتي عندج عقل ومن يتهم بأنه أشعري وضال ترا مستعد أسطر لج أرقام بالألاف فإذا هذيلي ضلال راجعي نفسج مايعقل أن الامة تكون على الضلالة والنبي يقول عليه الصلاة والسلام "لاتجتمع أمتي على ضلالة" ولاتنسين أنا للحين أقولج كلنا مسلمين وصدقينا شفتي المعاملة ألي سلمت عليهم والله بغيرها ما ألقاهم يعني بهذا التعامل أعاملهم ولا اتكلم عليهم وعسى الله يهدينا وإياهم.

د.شافي العجمي : بسم الله, أبعطيكم يا إخوان قصة بخصوص الاشاعرة مادام تكلم الشيخ وطبعاً أتمنى أنا ياشيخ أئكد على نفس الموضوع, موضوع الأشاعرة والحنابلة أو الأشاعرة ومن خالفهم ماياخذ أكبر من الحيز الذي وضعه العلماء فيه هناك أولويات في ضني والعلم عند الله خل يصححون لي أهل العلم أهم من الدخول في هذا النزاع, أول ماكانت علاقتي بالأشاعرة كان يا أخوان سنة 99 قبل 11 سنة لما درست تفسير الرازي لأن رسالتي بالدكتوراة "درء موهم التعارض بالقرآن" فدرست الآيات الي في ظاهرها تعارض وجهود المفسرين في معرفة هل هذه الآية تعارض هذه الآية فقرأت كلام الرازي في تفسيره في الآيات التي ظاهرها التعارض عنده طبعاً في العقائد غالبها في العقائد ثم هذا أعطاني دافع أني أقرأ كتب الرازي الأخرى فقرأت عدة كتب للرازي وهذا دعاني أقرأ من خالف الرازي من رد عليه وهو بن تيمية في ردودة على الرازي نفسه وانا أعرض تجربتي على الكريم ولن أقول الرأي ألي يريد رأيي يمرني بالمسجد أعطيه رأيي بالموضوع في النهاية يا أخوان توسعت في كتب الأشاعرة وثم انتقلنا إلى موضوع علم الكلام والفلاسفة وإلى قبل ان أتيكم كان عندي كتاب في الفلسفة موضوع يا أخوان علم الكلام موضوع متشعب وكبير وغالب الأحبة الذين يقرؤون في علم الكلام رأو من علم الكلام التفويض والتقليد خصوصاً بعد الألف يعني منذ 400 سنة وأكثر المعاصرين يرضون لأنه متشعب ومتعب لكن يا أخوان والله لو دخلت في داخله تجد متعة متعة حين تقرأ لهؤلاء وتقرأ لهؤلاء كما تدرس المذاهب الفقهية مذهب الحنفي والشافعي والحنبلي وتدرس أدلة الفريقين ونقاش الفريقين وتدرس أدلة الأشاعرة من أصولهم لا من اصول غيرهم وادرس من خالفهم من اصوله نفسه يعني ردود ابن تيمية وبن القيم اقرأها من نفس المصدر ولا تنظم لصف !! يعني نحن نعاني من مشكلة يا أخوان يا اما -أسمحلي الدكتور- يا اما واحد يصير مع أهل الرياض أو مع أهل الاحساء مايصير الواحد يصير حكم يعني أما يصير من أهل الاحساء ويرد على أهل الرياض والا يصير من أهل الرياض - وانا مادري هل في احد من اهل الرياض مع اهل الاحساء - .
د.عبدالآله العرفج : أي نعم في هنا وهنا الأمور اختلطت الأن إختلاط كبير
شافي العجمي : يعني إحنا يا أخوان نعاني من مشكلة أنا يا إخوان تكلمت قبل عدة سنوات عن البدعة قلت يا أخوان في البدعة يا أما على الطريقة السعودية أما على الطريقة المصرية, نبي طريقة ثالثة ! يعني لماذا تلزم نفسك في زاوية وتجد ان هذا الدين الذي لايقبل الله غيره يا اخي ادرس الامر كما تدرس المسألة الفقهية إن كنت من اهل الدراسة ويعني في النهاية يا اخوان انا أؤكد على كلام الشيخ جزاه الله خيراً إن الإنسان إذا كان يعجز عن دراسة الأقوال المختلفة يلزم التقليد, اما إذا كان قادراً على القراءة والنظر والبحث فمثل ماذكر الشيخ جزاه الله خير يوسف أنا ما راح أعقب عليه بعد اليوم فالإنساء يقرأ ويتوسع وبارك الله فيكم ونسأل الله أن يصحح إيماننا جميعنا.
عصام القطان : الأشاعرة نعم أهل سنة أهل سنة, المسالة الاولى: ابن تيمية رحمه الله شيخ الاسلام كان له مجلس أدبي ومجلس علمي واسع النطاق, يعني أنا من تتبعي لحياته وترجمته عنده مجلس علمي ومجلس أدبي واسع النطاق مع من ؟ مع أصحاب لهُ من أئمة الاشاعرة ومن أئمة المتصوفة بل ومن الشيعة, هذا ابن المطهر الذي قال عنه ابن المنجس الذي صار حبيباً له صار يزوره ويزوره أنا اذكر فقط حادثة لخليل الدين الصفدي وهو شيخ الاشاعرة الاديب المترسل, أهو أنه لما ذكر له ماقاله ابن الفارض وهو أن خضت بحراً وقف الأنبياء بساحلهِ خضت بحراً, فقاله هذا واضح شيخ الاسلام قال هذا واضح: قال لانه هذا يقول تعدى على الانبياء واساء الادب, قال: أليس يحتمل أيها الشيخ انه ظلم نفسه واوردها المهالك وماتابع الانبياء وقفوا بالساحل وهوظلم نفسه وتعدى على حدوده المخاطرة حتى وقع في الشبهات فقاله الشيخ: نعم يحتمل هذا ولو زرتنا لانتفعنا بك.أه
لما تورد المسائل عند هؤلاء انا يعجبني رأيهم اتنا اتمنى بالشباب اليوم يقتدون بابن تيمية بأدب بن تيمية , بن تيمية عنده مع العلماء مع الشيوخ مع المسائل العلمية ويوردها على روية لأن يذكر عن ابن عربي إمام ابن عربي مقولته هذه صحيحة في الصميم صريحة وصحيحة وابن عربي هو اقرب اهل الحلول لأهل السنة والجماعة ابن عربي هو اقرب اهل الحلول لأهل السنة والجماعة والله أعلم بالحالة التي مات عليها.
(*) : غير مسلم أنه من أهل الحلول !
عصام القطان : لا هذا من الانصاف من الانصاف
(*) : غير مسلم غير مسلم .انتهى
أقول : هذا المجلس خلاصته جلسة مجموعة من الجهمية الجبرية المرجئة الذين يسمون أنفسهم أشاعرة مع خائن العقيدة شافي العجمي وأنهم دافعوا عن عقيدتهم وصرخوا بأعلى أصواتهم في نصرتها والثناء عليه وشافي جالس يتبسم ومع رد عليهم قولهم وأقرهم على أنهم من أهل السنة

والواقع أن عقيدة الأشاعرة اليوم وخصوصاً معهد الأزهر الذي أسس على الكفر والضلال من أول يوم اجتمع فيها القبورية والتجهم في إنكار عامة الصفات وقد كان في زمن السلف من وافق الجهمية في تحريف صفة ألحق بهم فكيف بمن حرف عامة الصفات ، ثم إنهم جبرية غلاة ، ومرجئة غلاة أيضاً ويخالفون كلام السلف في النبوات وينفون الحكمة والتعليل والتحسين والتقبيح العقليين وغيرها من البلايا التي واحدة منها تخرج المرء من السنة ، بل بعضها يخرجه من الإسلام بلا مثنوية

وإليك كلام شيخ الإسلام في ذم هؤلاء القوم خصوصاً أنه قد جاء اسمه وقد افتروا عليه التمييع

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (6/53) :" وَ " الْأَشْعَرِيَّةُ " فِيمَا يُثْبِتُونَهُ مِنْ السُّنَّةِ فَرْعٌ عَلَى الْحَنْبَلِيَّةِ كَمَا أَنَّ مُتَكَلِّمَةَ الْحَنْبَلِيَّةِ - فِيمَا يَحْتَجُّونَ بِهِ مِنْ الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ - فَرْعٌ عَلَيْهِمْ؛ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِ فِتْنَةِ القشيري.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ " الْأَشْعَرِيَّةَ " الخراسانيين كَانُوا قَدْ انْحَرَفُوا إلَى التَّعْطِيلِ. وَكَثِيرٌ مِنْ الْحَنْبَلِيَّةِ زَادُوا فِي الْإِثْبَاتِ. وَصَنَّفَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى كِتَابَهُ فِي " إبْطَالِ التَّأْوِيلِ " رَدَّ فِيهِ عَلَى ابْنِ فورك شَيْخِ القشيري وَكَانَ الْخَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ مَائِلِينَ إلَيْهِ؛ فَلَمَّا صَارَ للقشيرية دَوْلَةٌ بِسَبَبِ السَّلَاجِقَةِ جَرَتْ تِلْكَ الْفِتْنَةُ وَأَكْثَرُ الْحَقِّ فِيهَا كَانَ مَعَ الفرائية مَعَ نَوْعٍ مِنْ الْبَاطِلِ وَكَانَ مَعَ القشيرية فِيهَا نَوْعٌ مِنْ الْحَقِّ مَعَ كَثِيرٍ مِنْ الْبَاطِلِ. فَابْنُ عَقِيلٍ إنَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِ الْمَادَّةُ الْمُعْتَزِلِيَّةُ بِسَبَبِ شَيْخِهِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ التَّبَّانِ المعتزليين؛ وَلِهَذَا لَهُ فِي كِتَابِهِ " إثْبَاتِ التَّنْزِيهِ " وَفِي غَيْرِهِ كَلَامٌ يُضَاهِي كَلَامَ المريسي وَنَحْوِهِ لَكِنْ لَهُ فِي الْإِثْبَاتِ كَلَامٌ كَثِيرٌ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ فِي كِتَابِ " الْإِرْشَادِ " مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ فِي الْإِثْبَاتِ لَكِنْ مَعَ هَذَا فَمَذْهَبُهُ فِي الصِّفَاتِ قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ قُدَمَاءِ الْأَشْعَرِيَّةِ والْكُلَّابِيَة فِي أَنَّهُ يُقِرُّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالْخَبَرُ الْمُتَوَاتِرُ وَيَتَأَوَّلُ غَيْرَهُ؛ وَلِهَذَا يَقُولُ بَعْضُ الْحَنْبَلِيَّةِ أَنَا أُثْبِتُ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ تَعْطِيلِ ابْنِ عَقِيلٍ وَتَشْبِيهِ ابْنِ حَامِدٍ"

أقول : في كلام شيخ الإسلام عدة مسائل :
الأولى : أنه قال (وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِ فِتْنَةِ القشيري) بين متكلمي الحنابلة والأشاعرة وليس بين أهل الحديث والأشاعرة وفرق بين متكلمي الحنابلة وأهل الحديث

الثانية : أن الشيخ نفسه نص على أن أبا يعلى رد على ابن فورك شيخ القشيري في إبطال التأويل وهذا الرد بدع فيه أبو يعلى الأشعرية المؤولة فالخلاف سابق للفتنة وإنما أراد ابن تيمية ب( الفرقة ) الاقتتال الذي حصل

الثالثة : تنصيص شيخ الإسلام أن الأشعرية الخراسانية مالوا إلى التعطيل ، وهذا تدقيق من شيخ الإسلام إذ أن متقدمي الأشعرية كانوا يثبتون العلو والصفات الذاتية وأما متأخروهم فزادوا في التجهم نفي العلو ونفي الصفات الذاتية وحاتم العوني بجهله يسوي بين متقدميهم ومتأخريهم وإن كان كلهم يشملهم اسم البدعة إلا أن المتأخرين بدعتهم أشنع

قال شيخ الإسلام في شرح العقيدة الأصبهانية ص78 :" أئمة أصحاب الأشعري كالقاضي أبي بكر ابن الباقلاني وشيخه أبي عبد الله بن عبد الله بن مجاهد وأصحابه كأبي علي بن شاذان وأبي محمد بن اللبان بل وشيوخ شيوخه كأبي العباس القلانسي وأمثاله بل والحافظ أبي بكر البيهقي وأمثاله أقرب إلى السنة من كثير من أصحاب الأشعري المتأخرين الذين خرجوا عن كثير من قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة.
فإن كثير من متأخري أصحاب الأشعري خرجوا عن قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة إذ صاروا موافقين في ذلك كما سننبه عليه.
وما في هذا الاعتقاد المشروح هو موافق لقول الواقفة الذين لا يقولون بقول الأشعري وغيره من متكلمة أهل الإثبات وأهل السنة والحديث والسلف بل يثبتون ما وافقه عليه المعتزلة البصريون فإن المعتزلة البصريين يثبتون ما في هذا الاعتقاد ولكن الأشعري وسائر متكلمة أهل الإثبات مع أئمة السنة والجماعة يثبتون الرؤية ويقولون القرآن غير مخلوق ويقولون: "إن الله حي بحياة عالم بعلك قادر بقدرة" وليس في هذا الاعتقاد شئ من هذا الإثبات"

فهنا ينص على أن اعتقاد متأخري الأشاعرة لا يختلف عن اعتقاد المعتزلة البصريين

بل صرح شيخ الإسلام أن متأخري الأشاعرة ينفون الرؤية وأن قولهم قول المعتزلة في الحقيقة

قال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (1/360) :" حتى إن أئمة أصحاب الأشعري المتأخرين كأبي حامد وابن الخطيب وغيرهما لما تأملوا ذلك عادوا في الرؤية إلى قول المعتزلة أو قريب منه وفسروها بزيادة العلم كما يفسرها بذلك الجهمية والمعتزلة وغيرهم وهذا في الحقيقة تعطيل للرؤية الثابتة بالنصوص والإجماع المعلوم جوازها بدلائل المعقول"

وصرح بأن تأويلاتهم هي عين تأويلات المريسي فكيف يقال لم يظهر الخلاف إلا بعد فتنة القشيري
قال شيخ الإسلام في الفتوى الحموية :" فإنما بيَّنت أن عين تأويلاتهم هي عين تأويلات المريسي، ويدل على ذلك كتاب الرد الذي صنفه عثمان بن سعيد الدارمي أحد الأئمة المشاهير في زمان البخاري، صنف كتابًا سماه: «رد عثمان بن سعيد على الكاذب العنيد فيما افترى على الله في التوحيد» حكى فيه من التأويلات بأعيانها عن بشر المريسي بكلام يقتضي أن المريسي أقعد بها، وأعلم بالمنقول والمعقول من هؤلاء المتأخرين الذين اتصلت إليهم من جهته، ثم رد عثمان بن سعيد بكلام إذا طالعه العاقل الذكي: علم حقيقة ما كان عليه السلف، وتبين له ظهور الحجة لطريقهم، وضعف حجة من خالفهم"

والمريسي أقرب إلى أن أهل السنة في مسائل الإيمان منهم فقد كان على قول مرجئة الفقهاء وهؤلاء مرجئة غلاة

ويا ليت شعري كيف لحاتم أن يدعي أن الخلاف لم يظهر إلا بعد فتنة القشيري وأهل الحديث أنكروا على الأشعري والباقلاني

فقصة البربهاري مع الأشعري معروفة

وقال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (2/ 98) :" قال الشيخ أبو الحسن وكان الشيخ ابو حامد الإسفرايني شديد الإنكار على الباقلاني وأصحاب الكلام قال ولم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا الى الأشعري ويتبرؤن مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت عدة من المشايخ والأئمة منهم الحافظ المؤتمن بن أحمد بن على الساجي يقولون سمعنا جماعة من المشايخ الثقات قالوا كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علما وأصحابا اذا سعى الى الجمعة من قطعية الكرج الى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع ويقبل على من حضر ويقول اشهدوا على بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما قاله الإمام ابن حنبل لا كما يقوله الباقلاني وتكرر ذلك منه جمعات فقيل له في ذلك فقال حتى ينتشر في الناس وفي أهل الصلاح ويشيع الخبر في أهل البلاد أني بريء مما هم عليه يعني الأشعرية وبريء من مذهب ابي بكر بن الباقلاني فإن جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية وقرؤون عليه فيفتنون بمذهبه فإذا رجعوا الى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة فيظن ظان أنهم منى تعلموه قبله وأنا ما قلته وأنا بريء من مذهب البلاقلاني وعقيدته
قال الشيخ أبو الحسن الكرجي وسمعت شيخي الإمام أبا منصور الفقيه الأصبهاني يقول سمعت شيخنا الأمام أبا بكر الزاذقاني يقول كنت في درس الشيخ أبي حامد الإسفرانين وكان ينهي أصحابه عن الكلام وعن الدخول على الباقلاني فبلغه أن نفرا من أصحابه يدخلون عليه خفية لقراءة الكم فظن أني معهم ومنهم وذكر قصة قال في آخرها إن الشيخ أبا حامد قال لي يا بني قد بلغني أنك تدخل على هذا الرجل يعني الباقلاني فإياك وإياه فإنه مبتدع يدعو الناس الى الضلالة وإلا فلا تحضر مجلسي"

والباقلاني متقدم على القشيري فهو من طبقة الدارقطني والقشيري من طبقة تلاميذ تلاميذ الدارقطني فقد تتلمذ عند الحاكم

وقال أبو نصر السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص155 :" ومنكر القرآن العربي وأنه كلام الله كافر بإجماع الفقهاء ومثبت قرآن لا أوّل له ولا آخر كافر بإجماعهم، ومدعي قرآن لا لغة فيه جاهل غبي عند العرب"

وهذا هو قول الأشاعرة كلهم متقدمهم ومتأخرهم فهم يرون أن كلام الله معنى نفسي إذا ترجم للعربية صار قرآنا وإذا ترجم للسريانية صار إنجيلاً ، وليس هو الذي بين أيدينا بل هو شيء واحد لا تتابع فيه ولا أي سمة من سمات الحدوث

وقال السجزي في رسالته المذكورة :" ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع. وضررهم أكثر من ضرر (المعتزلة) وغيرهم، وهم: أبو محمد بن كلاب
وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري.
وبعدهم: (محمد بن أبي تريد بسجستان وأبو عبد الله بن مجاهد بالبصرة.
وفي وقتنا: أبو بكر بن الباقلاني ببغداد، وأبو إسحاق الاسفرائيني
وأبو بكر بن فورك بخراسان فهؤلاء يردون على (المعتزلة) بعض أقاويلهم. ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردّوه على المعتزلة.
وظهر بعد هؤلاء: الكرامية، والسالمية فأتوا بمنكرات من القول.
وكلهم أئمة ضلالة يدعون الناس إلى مخالفة السنة وترك الحديث وإذا خاطبهم من له هيبة وحشمة من أهل الاتباع قالوا: الاعتقاد ما تقولونه وإنما نتعلم الكلام لمناظرة الخصوم. والذي يقولونه (كذب) وإنما يستترون بهذا لئلا يشنع عليهم أصحاب الحديث"

وقال الهروي في ذم الكلام 1309 - سمعت أحمد بن أبي نصر يقول:
((رأينا محمد بن الحسين السلمي يلعن الكلابية)).

والأشاعرة كلابية ومحمد بن الحسين متقدم

وقال أيضاً في ذم الكلام 1265 : أخبرنا أحمد بن محمد بن العباس بن إسماعيل المقري، أبنا محمد بن عبد الله البيع؛ [قال]: سمعت أبا سعيد عبد الرحمن بن محمد المقرئ؛ قال: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول:
((من نظر في كتبي المصنفة في العلم ظهر له وبان أن الكلابية لعنهم الله، كذبه فيما يحكون عني مما هو خلاف أصلي وديانتي، قد عرف أهل الشرق والغرب أنه لم يصنف أحدٌ في التوحيد وفي أصول العلم مثل تصنيفي؛ فالحاكي عني خلاف ما في كتبي المصنفة التي حملت إلى الآفاق شرقاً وغرباً كذبه فسقه)).

ولا يعزب عن ذهنك أن الكلابية خير من الأشعرية فالكلابية من مرجئة الفقهاء وأما الأشعرية فغالية في الإرجاء والأشعرية جبرية ومتأخروهم أوغلوا في التجهم

قال شيخ الإسلام في الإيمان :" وإذا تدبرت حججهم وجدت دعاوى لا يقوم عليها دليل والقاضى أبو بكر الباقلاني نصر قول جهم في مسألة الإيمان متابعة لأبي الحسن الأشعرى وكذلك أكثر أصحابه فأما أبو العباس القلانسى وأبو على الثقفي، وأبو عبدالله بن مجاهد شيخ القاضى أبي بكر وصاحب أبي الحسن فإنهم نصروا مذهب السلف وابن كلاب نفسه والحسين بن الفضل البجلي ونحوهما كانوا يقولون : هو التصديق والقول جميعا موافقة لمن قاله من فقهاء الكوفيين كحماد بن أبي سليمان، ومن اتبعه مثل أبي حنيفة وغيره .
فصل
وأبو الحسن الأشعري نصر قول جهم في الإيمان مع أنه نصر المشهور عن أهل السنة من أنه يستثني في الإيمان فيقول : أنا مؤمن إن شاء الله ; لأنه نصر مذهب أهل السنة في أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة ولا يخلدون في النار"


ومذهب الأشعري في الإيمان كفر به السلف

بل نص شيخ الإسلام على أن الباقلاني قد نصر قول جهم في القدر أيضاً

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (14/ 347) :" و قد ذكر هذه الأمور القاضي أبو بكر ابن الباقلاني و غيره ممن يقول بمثل هذه الأقوال ممن سلك مسلك جهم بن صفوان في القدر و فى الوعيد و هؤلاء قصدوا مناقضة المعتزلة فى القدر و الوعيد "

ثم إن الباقلاني بعد ذلك من المرجئة الواقفة الذين يقولون لا نجزم بأن أحداً من أهل القبلة سيعذب ، وقد دلت النصوص أن هناك من أهل السنة من سيعذب

بل صرح شيخ الإسلام أن قول الأشاعرة في الإيمان أشنع من قول المعتزلة

قال شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى (6/ 639) :" وَأَيْضًا فَأَنْتُمْ فِي مَسَائِلِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ قَابَلْتُمْ الْمُعْتَزِلَةَ تَقَابُلَ التَّضَادِّ حَتَّى رَدَدْتُمْ بِدْعَتَهُمْ بِبِدَعٍ تَكَادُ أَنْ تَكُونَ مِثْلَهَا، بَلْ هِيَ مِنْ وَجْهٍ مِنْهَا وَمِنْ وَجْهٍ دُونَهَا، فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ جَعَلُوا الْإِيمَانَ اسْمًا مُتَنَاوِلًا لِجَمِيعِ الطَّاعَاتِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا قَوْلُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ. وَقَالُوا: إنَّ الْفَاسِقَ الْمِلِّيَّ لَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا وَلَا كَافِرًا، وَقَالُوا: إنَّ الْفُسَّاقَ مُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا بِشَفَاعَةٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَهُمْ فِي هَذَا الْقَوْلِ مُخَالِفُونَ لِلسَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، فَخِلَافُهُمْ فِي الْحُكْمِ لِلسَّلَفِ، وَأَنْتُمْ وَافَقْتُمْ الْجَهْمِيَّةَ فِي الْإِرْجَاءِ وَالْجَبْرِ فَقُلْتُمْ: الْإِيمَانُ مُجَرَّدُ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ، وَهَذَا عِنْدَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّة شَرٌّ مِنْ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ. ثُمَّ إنَّكُمْ قُلْتُمْ: إنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ النَّارَ أَوْ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ فَوَقَفْتُمْ وَشَكَكْتُمْ فِي نُفُوذِ الْوَعِيدِ فِي أَهْلِ الْقِبْلَةِ جُمْلَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْبِدَعِ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ"

فكيف يكونون من أهل السنة وهم شر من واصل بن عطاء ! وأصحاب المنزلة بين منزلتين ولم يقل أحد من الأئمة أن أصحاب المنزلة بين منزلتين من أهل السنة قط !

قال الحاكم في معرفة علوم الحديث 161 : سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول :
 من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته ، فهو كافر بربه يستتاب ، فإن تاب ، وإلا ضربت عنقه ، وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون ، والمعاهدون بنتن ريح جيفته ، وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين ، إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم »

وقال اللالكائي في السنة :" سياق ما دل من الآيات من كتاب الله تعالى وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة ، وأنه أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتحدى به ، وأن يدعو الناس إليه ، وأنه القرآن على الحقيقة . متلو في المحاريب ، مكتوب في المصاحف ، محفوظ في صدور الرجال ، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن ، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب ، بل هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل به متكلما ، ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة"

والأشاعرة يقولون بالعبارة أو الحكاية على نزاع بينهم وبين الماتردية لعله لفظي

وقال أبو الحسن الآمدي في غاية المرام ص138:" واعلم أن هذه الظواهر وإن وقع الاغترار بها بحيث يقال بمدلولاتها ظاهر من جهة الوضع اللغوى والعرف الاصطلاحى فذلك لا محالة انخراط في سلك نظام التجسيم ودخول في طرف دائرة التشبيه وسنبين مافي ذلك من الضلال وفي طيه من المحال إن شاء الله"

قال سعيد فودة الأشعري المعاصر في "نقض التدمرية" (ص83): فهذه هي أصول الكفر على حسب ما وضحه الإمام السنوسي, وكلامه فيها في غاية الإتقان, وما يهمنا الكلام عليه ههنا هو الأصل الأخير, وهو التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة .. إلخ"

قال أبو إسماعيل الأنصاري الهروي في ذم الكلام (5/140) واصفاً حال الأشاعرة :" وسموا الإثبات تشبيهاً فعابوا القرآن وضللوا الرسول "

قلت : إي والله لقد ضللوا الرسول إذ نسبوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما ينزهون أنفسهم عنه من أنه قضى عمره يتكلم فيما ظاهره التجسيم والتشبيه ، وما بين للناس الإعتقاد

قال الجويني في الإرشاد ص161 :" وأما الأحاديث التي يتمسكون بها ، فآحاد لا تفضي إلى العلم ، ولو أضربنا عن جميعها كان سائغاً "

قلت : هذا قدر السنة عند القوم ومع ذلك يأتي من يجعلهم أهل سنة ، ولا أدري أي سنة يقصد هذه التي لو ضرب عنها الجويني صفحاً لكان سائغاً !!

قال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية ص70 :" ولا شك أن من قال : إن كلام الله معنى واحد قائم بنفسه تعالى _ وهم الأشاعرة _ وأن المتلو المحفوظ المكتوب المسموع من القارىء حكاية كلام الله وهو مخلوق - : فقد قال بخلق القرآن وهو لا يشعر، فإن الله يقول : قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله. أفتراه سبحانه وتعالى يشير الى ما في نفسه أو إلى المتلو المسموع ؟ ولا شك أن الإشارة إنما هي إلى هذا المتلو المسموع ، إذ ما في ذات الله غير مشار إليه ، ولا منزل ولا متلو ولا مسموع .
وقوله : لا يأتون بمثله- أفتراه سبحانه يقول : لا يأتون بمثل ما في نفسي مما لم يسمعوه ولم يعرفوه ، وما في نفس الله عز وجل لا حيلة إلى الوصول إليه ، ولا إلى الوقوف عليه .
فإن قالوا : إنما أشار إلى حكاية ما في نفسه وعبارته وهو المتلو المكتوب المسموع ، فأما أن يشير إلى ذاته فلا - فهذا صريح القول بأن القرآن مخلوق ، بل هم في ذلك أكفر من المعتزلة ، فإن حكاية الشيء بمثله وشبهه . وهذا تصريح بأن صفات الله محكية ، ولو كانت هذه التلاوة حكاية لكان الناس قد أتوا بمثل كلام الله ، فأين عجزهم ؟! ويكون التالي - في زعمهم - قد حكى بصوت وحرف ما ليس بصوت وحرف. وليس القرآن إلا سوراً مسورة ، وآيات مسطرة ، في صحف مطهرة "

فصرح أن مذهبهم في القرآن أكفر من مذهب المعتزلة

قال شيخ الإسلام كما في مجموعة الرسائل والمسائل (3/91) :" فإن هذا القرآن العربي لا بد له من متكلم تكلم به أولاً قبل أن يصل إلينا، وهذا القول يوافق قول المعتزلة ونحوهم في إثبات خلق القرآن العربي، وكذلك التوراة العبرية، ويفارقه من وجهين: أحدهما أن أولئك يقولون أن المخلوق كلام الله وهم يقولون إنه ليس كلام الله لكن يسمى كلام الله مجازاً هذا قول أئمتهم وجمهورهم، وقال طائفة من متأخريهم: بل لفظ الكلام يقال على هذا وهذا بالاشتراك اللفظي، لكن لفظ هذا الكلام ينقض أصلهم في إبطال قيام الكلام بغير المتكلم به، ومع هذا لا يقولون أن المخلوق كلام الله حقيقة كما يقولوه المعتزلة مع قولهم أنه كلام حقيقة، بل يجعلون القرآن العربي كلاماً لغير الله وهو كلام حقيقة، وهذا شر من قول المعتزلة وهذا حقيقة قول الجهمية، ومن هذا الوجه نقول: المعتزلة أقرب، وقول الآخرين هو قول الجهمية المحضة، لكن المعتزلة في المعنى موافقون لهؤلاء وإنما ينازعونهم في اللفظ الثاني أن هؤلاء يقولون: لله كلام هو معنى قديم قائم بذاته والخلقية يقولون لا يقوم بذاته كلام، ومن هذا الوجه الكلابية خير من الخلقية في الظاهر، لكن جمهور الناس يقولون إن أصحاب هذا القول عند التحقيق لم يثبتوا كلاماً له حقيقة غير المخلوق"

وهذا أيضاً قرره ابن القيم
فقد جاء في مختصر الصواعق المرسلة ص524 :" وَيَعْجَبُ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ نَصْبِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَقَالَ: مَا نُثْبِتُهُ نَحْنُ مِنَ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ لَا تُنَازِعُنَا فِي ذَلِكَ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّا نَحْنُ نُسَمِّيهِ كَلَامًا وَهُمْ يُسَمُّونَهُ عِلْمًا وَإِرَادَةً، وَأَمَّا هَذَا النَّظْمُ الْعَرَبِيُّ الَّذِي هُوَ حُرُوفٌ وَكَلِمَاتٌ، وَسُوَرٌ وَآيَاتٌ، فَنَحْنُ وَهَمَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، لَكِنْ هُمْ يُسَمُّونَهُ قُرْآنًا، وَنَحْنُ نَقُولُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْقُرْآنِ أَوْ حِكَايَةٌ عَنْهُ.
فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْأُخُوَّةَ الَّتِي بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ، وَأَنَّهُمْ زَادُوا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي التَّعْطِيلِ فَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا: هَذَا الْكَلَامُ الْعَرَبِيُّ هُوَ الْقُرْآنُ حَقِيقَةً لَا عِبَارَةً عَنْهُ، وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَإِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ"

فابن أبي العز أخذ كلامه من كلام الشيخين فيما يظهر

وقال ابن قدامة في المناظرة في القرآن ص47 :" وَاتفقَ أهل السّنة على أَن الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق وَلم يكن الْقُرْآن الذى دعوا إِلَى القَوْل بخلقه سوى هَذِه السُّور الَّتِي سَمَّاهَا الله قُرْآنًا عَرَبيا وأنزلها على رَسُوله عَلَيْهِ السَّلَام وَلم يَقع الْخلاف فِي غَيرهَا الْبَتَّةَ وَعند الْأَشْعَرِيّ أَنَّهَا مخلوقة فَقَوله قَول الْمُعْتَزلَة لَا محَالة إِلَّا أَنه يُرِيد التلبيس فَيَقُول فِي الظَّاهِر قولا يُوَافق أهل الْحق ثمَّ يفسره بقول الْمُعْتَزلَة "

فليتأمل هذا من يفرق بين حكم الأشاعرة وحكم المعتزلة

قال عبد الغني المقدسي في الاقتصاد ص141 :" ونعتقد أن الحروف المكتوبة عين كلام الله عز وجل، لا حكاية ولا عبارة. قال الله عز وجل: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} . وقال: {المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} . وقال: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} وقال: {المر} . وقال: {كهيعص} . {حم عسق} ، فمن لم يقل إن هذه الأحرف عين كلام الله عز وجل ( يعني الأشاعرة ) فقد مرق من الدين، وخرج عن جملة المسلمين، ومن أنكر أن يكون حروفاً فقد كابر العيان وأتى بالبهتان"

قال المحقق أحمد الغامدي _ رحمه الله _ :" يشير المصنف ـ رحمه الله ـ هنا إلى مقالة الأشاعرة في القرآن الكريم والتي يقولون فيها: إن القرآن الكريم ليس هو كلام الله حقيقة، وإنما هو عبارة عن كلام الله تعالى ـ على قول طائفة منهم ـ أو حكاية لكلام الله تعالى على قول طائفة أخرى. لأن كلام الله تعالى ـ عندهم ـ نفسي قديم قائم بذات الله تعالى ليس بحروف ولا أصوات. والمصنف رحمه الله يرد هنا على هذه الفرية ويقرر الحق بأدلته من الكتاب والسنة.
انظر مقالة الأشاعرة في الإنصاف للباقلاني ص106-107. ولهم على ذلك استدلالات باطلة. راجع كتاب البيهقي وموقفه من الإليهات ص199-213"

فهذه مقالة متقدميهم ومتأخريهم

ولسنا الآن بصدد الكلام على ضوابط التكفير

قال ابن بطة في الإبانة (6/31) :" فمن أنكر أن الله كلم موسى كلاما بصوت تسمعه الأذنان وتعيه القلوب ، لا واسطة بينهما ، ولا ترجمان ولا رسول ، فقد كفر بالله العظيم وجحد بالقرآن ، وعلى إمام المسلمين أن يستتيبه ، فإن تاب ورجع عن مقالته ، وإلا ضرب عنقه ، فإن لم يقتله الإمام وصح عند المسلمين أن هذه مقالته ففرض على المسلمين هجرانه وقطيعته ، فلا يكلمونه ، ولا يعاملونه ، ولا يعودونه إذا مرض ، ولا يشهدونه إذا مات ، ولا يصلى خلفه ، ومن صلى خلفه أعاد الصلاة ، ولا تقبل شهادته ، ولا يزوج ، وإن مات لم ترثه عصبته من المسلمين إلا أن يتوب"

أقول : هذا كلام شديد جداً ، ومن ينكر أن الله يتكلم بصوت هم الأشاعرة القائلون بالكلام النفسي ، والمختار أن تكفير النوع لا يلزم منه تكفير الأعيان والمعين يكفر بعد إقامة الحجة أو تمكنه من العلم والإعراض
قال الإمام عبد الوهاب ابن الحنبلي في الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة (2/480_ 481) :" ثم ذكروا العبارة والحكاية ، ما جاء به شرع ولا نطق به سلف من الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين فكيف يحل لمسلم أن يقول مثل هذا ...فقد خالفت الأشاعرة ببدعتهم نص الكتاب وصريح السنة ، وأدلة المعقول وإجماع أهل الملل من اليهود والنصارى ، والزيادة على كفار قريش في تكذيب القرآن "

وكلامه هذا ينطبق على إنكارهم للعلو أيضاً

وقد قال الطحاوي في عقيدته :" وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة.
ليس بمخلوق ككلام البرية.
فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر، فقد كفر.
وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) [المدثر : 26].
فلما أوعد الله بسقر لمن قال: (إن هذا إلا قول البشر). علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر.
ولا يشبه قول البشر.
ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر"

فالطحاوي جعل القائلين بخلق القرآن كالمشركين

فهذا الشراح الذي يفتخر بأشعريته ليفخر بهذا الكفر وهذا التناقض وهذا الضياع

وأما شافي العجمي فقد شهد على نفسه بالمروق من السلفية ( التي لم يدخل فيها أصلاً ) بهذا المجلس فالأرواح جنود مجندة .
قال ابن بطة : "ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه ـ[أي: من البدع]، وهجرانه، والمقت له، وهجران من والاه، ونصره، وذب عنه، وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنّة". [الإبانة الصغرى ( ص 282 )] ـ

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (15/ 286):" لأن المعصية إذا كانت ظاهرة كانت عقوبتها ظاهرة كما في الأثر (من أذنب سرا فليتب سرا ومن أذنب علانية فليتب علانية) وليس من الستر الذي يحبه الله تعالى كما في الحديث (من ستر مسلما ستره الله) بل ذلك إذا ستر كان ذلك إقرارا لمنكر ظاهر وفى الحديث (إن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها وإذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة) فإذا أعلنت عقوبتها بحسب العدل الممكن
ولهذا لم يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة كما روى ذلك عن الحسن البصري وغيره لأنه لما أعلن ذلك استحق عقوبة المسلمين له وأدنى ذلك أن يذم عليه لينزجر ويكف الناس عنه وعن مخالطته ولو لم يذم ويذكر بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغتر به الناس وربما حمل بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه ويزداد أيضا هو جرأة وفجور ومعاصي فإذا ذكر بما فيه إنكف وإنكف غيره عن ذلك وعن صحبته ومخالطته قال الحسن البصري: اترغبون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه كي يحذره الناس وقد روى مرفوعا و (الفجور) اسم جامع لكل متجاهر بمعصية أو كلام قبيح يدل السامع له على فجور قلب قائله
ولهذا كان مستحقا للهجر إذا أعلن بدعة أو معصية أو فجورا أو تهتكا أو مخالطة لمن هذا حاله بحيث لا يبالى بطعن الناس عليه فإن هجره نوع تعزير له، فإذا السيئات أعلن هجره، وإذا أسر , أسر هجره " ا هـ
قلت: في نص شيخ الإسلام هذا عدة فوائد

أهمها بالنسبة لي: إلحاق مجالس الداعي للبدعة به، فكيف إذا كان مدافعاً منافحاً عنه مؤذياً لأهل السنة من أجله؟

ثم إن شيخ الإسلام لم يجعل شرط الإلحاق انعقاد الإجماع على كون هذا الرجل مبتدعاً أو داعياً إلى بدعة فهذا الذي قرره شيخ الإسلام (منهج إقصائيٌ) عند بعضهم نسأل الله السلامة ولم يعتبر في هذا الحكم كون المعلن بالبدعة أو المخالط له لهما حسنات كثيرة فتأمل

قال أبو داود كما في طبقات الحنابلة (1/ 160): قلت لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة أترك كلامه؟
قال: لا، أو تُعلَمهُ أنَّ الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة , فإن ترك كلامه فكلّمه، وإلاّ فألحقه به.
قال ابن مسعود: ((المرء بخدنه)).

قال أبو نعيم في الحلية (8/ 103) : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْأَزْدِيُّ , ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ , قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ , يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ صَاحِبَ بِدْعَةٍ أَحْبَطَ اللهُ عَمَلُهُ , وَأَخْرَجَ نُورَ الْإِسْلَامِ مِنْ قَلْبِهِ»
وهذا إسناد قوي

وقال أبو نعيم أيضاً حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ , قَالَا: ثنا أَبُو يَعْلَى , ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ , يَقُولُ:
مَنْ أَعَانَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ  .
 قال: وَسَمِعْتُ رَجُلًا قَالَ لِلْفُضَيْلِ: مَنْ زَوَّجَ كَرِيمَتَهُ مِنْ فَاسِقٍ فَقَدْ قَطَعَ رَحِمَهَا
قَالَ: وَسَمِعْتُ فُضَيْلًا، يَقُولُ:
نَظَرَ الْمُؤْمِنُ إِلَى الْمُؤْمِنِ جَلَاءُ الْقَلْبِ , وَنَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى صَاحِبِ الْبِدْعَةِ يُورِثُ الْعَمَى.
قَالَ وَسَمِعْتُ الْفُضَيْلَ، يَقُولُ:  مَنْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَاوَرَهُ فَقَصَرَ عَمَلُهُ فَدَلَّهُ عَلَى مُبْتَدَعٍ فَقَدْ غَشَّ الْإِسْلَامَ
وَقَالَ الْفُضَيْلُ:  إِنِّي أُحِبُ مَنْ أُحَبَّهُمُ اللهُ وَهُمُ الَّذِينَ يُسَلِّمُ مِنْهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُبْغِضُ مَنْ أَبْغَضَهُ اللهُ وَهُمْ أَصْحَابُ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ.

وهذا إسناد قوي أيضاً

وقال اللالكائي في السنة 915 : أخبرنا الحسن بن عثمان قال : أخبرنا أحمد بن حمدان قال : ثنا أحمد بن الحسن قال : ثنا عبد الصمد مردويه قال : سمعت الفضيل يعني ابن عياض يقول :
 من جلس مع صاحب بدعة فاحذره ، ومن جلس مع صاحب البدعة لم يعط الحكمة ، وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد ، آكل عند اليهودي والنصراني أحب إلي من أن آكل عند صاحب بدعة

قوله (جلس مع صاحب بدعة فاحذره ، ومن جلس مع صاحب البدعة لم يعط الحكمة) فيه الإلزام بالجرح ونقض قاعدة ( خلافنا في غيرنا لا يكون خلافاً بيننا )

وشيخ الإسلام لا يرى مجالسة أهل البدع كما افتروا عليه والصفدي كان تلميذه وقد كان عاقاً والله المستعان

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (15/ 286):" لأن المعصية إذا كانت ظاهرة كانت عقوبتها ظاهرة كما في الأثر (من أذنب سرا فليتب سرا ومن أذنب علانية فليتب علانية) وليس من الستر الذي يحبه الله تعالى كما في الحديث (من ستر مسلما ستره الله) بل ذلك إذا ستر كان ذلك إقرارا لمنكر ظاهر وفى الحديث (إن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها وإذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة) فإذا أعلنت عقوبتها بحسب العدل الممكن
ولهذا لم يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة كما روى ذلك عن الحسن البصري وغيره لأنه لما أعلن ذلك استحق عقوبة المسلمين له وأدنى ذلك أن يذم عليه لينزجر ويكف الناس عنه وعن مخالطته ولو لم يذم ويذكر بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغتر به الناس وربما حمل بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه ويزداد أيضا هو جرأة وفجور ومعاصي فإذا ذكر بما فيه إنكف وإنكف غيره عن ذلك وعن صحبته ومخالطته قال الحسن البصري: اترغبون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه كي يحذره الناس وقد روى مرفوعا و (الفجور) اسم جامع لكل متجاهر بمعصية أو كلام قبيح يدل السامع له على فجور قلب قائله
ولهذا كان مستحقا للهجر إذا أعلن بدعة أو معصية أو فجورا أو تهتكا أو مخالطة لمن هذا حاله بحيث لا يبالى بطعن الناس عليه فإن هجره نوع تعزير له، فإذا السيئات أعلن هجره، وإذا أسر , أسر هجره " ا هـ

قلت: في نص شيخ الإسلام هذا عدة فوائد

أهمها بالنسبة لي: إلحاق مجالس الداعي للبدعة به، فكيف إذا كان مدافعاً منافحاً عنه مؤذياً لأهل السنة من أجله؟

ثم إن شيخ الإسلام لم يجعل شرط الإلحاق انعقاد الإجماع على كون هذا الرجل مبتدعاً أو داعياً إلى بدعة فهذا الذي قرره شيخ الإسلام (منهج إقصائيٌ) عند بعضهم نسأل الله السلامة ولم يعتبر في هذا الحكم كون المعلن بالبدعة أو المخالط له لهما حسنات كثيرة فتأمل

وقد قال شيخ الإسلام كما مجموع الفتاوى (28/ 231):" ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة او العبادات المخالفة للكتاب والسنة فان بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب اليك أو يتكلم في أهل البدع فقال إذا قام وصلى واعتكف فانما هو لنفسه وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغى هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء"

قال شيخ الإسلام في الفتاوى مقرراً لهذا المعنى (10/ 376):" وكذلك يجوز قتال (البغاة) وهم الخارجون على الإمام أو غير الإمام بتأويل سائغ مع كونهم عدولا ومع كوننا ننفذ أحكام قضائهم ونسوغ ما قبضوه من جزية أو خراج أو غير ذلك إذ الصحابة لاخلاف فى بقائهم على العدالة أن التفسيق انتفى للتأويل السائغ وأما القتال فليؤدوا ما تركوه من الواجب وينتهوا عما ارتكبوه من المحرم وان كانوا متأولين
وكذلك نقيم الحد على من شرب النبيذ المختلف فيه وان كانوا قوما صالحين فتدبر كيف عوقب أقوام في الدنيا على ترك واجب أو فعل محرم بين في الدين أو الدنيا وان كانوا معذورين فيه لدفع ضرر فعلهم في الدنيا كما يقام الحد على من تاب بعد رفعه إلى الإمام وان كان قد تاب توبة نصوحا وكما يغزو هذا البيت جيش من الناس فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم وفيهم المكره فيحشرون على نياتهم وكما يقاتل جيوش الكفار وفيهم المكره كأهل بدر لما كان فيهم العباس وغيره وكما لو تترس الكفار بمسلمين ولم يندفع ضرر الكفار إلا بقتالهم فالعقوبات المشروعة والمقدورة قد تتناول في الدنيا من لا يستحقها في الآخرة وتكون في حقه من جملة المصائب كما قيل في بعضهم القاتل مجاهد والمقتول شهيد وعلى هذا فما أمر به آخر أهل السنة من إن داعية أهل البدع يهجر فلا يستشهد ولا يروى عنه ولا يستفتى ولا يصلى خلفه قد يكون من هذا الباب فإن هجرة تعزير له وعقوبة له جزاء لمنع الناس من ذلك الذنب الذي هو بدعة أو غيرها وإن كان في نفس الأمر تائبا أو معذورا إذ الهجرة مقصودها أحد شيئين أما ترك الذنوب المهجورة وأصحابها وأما عقوبة فاعلها ونكاله فأما هجرة بترك في غير هذا الموضع"

قلت: فانظر كيف صرح بوقوع العقوبة على داعية البدع وإن كان في نفسه متأولاً مراعاةً للمصلحة العامة في ترك الناس لبدعته

ودعوى أن ابن تيمية صادق ابن المطهر كذب وقح ، وابن تيمية يكفر ابن عربي وابن الفارض وغيرهم ، والصفدي أهلك نفسه في الثناء على قوم وفي كتابه الغيث المسجم شرح لامية العجم ادعى دعاوى عريضة ما أحسبها صحيحة ، على أنه أفرط في ذكر المجون في كتابه على طريقة لا تليق بأهل العلم

وهذا يبين لك أن الحركيين كاذبون في دعواهم الحمية على الدين والحرص على إقامة الدولة الإسلامية فإن من لم يأبه لأمر العقيدة أنى له أن يأبه لما هو دون ذلك كإقامة الدولة الإسلامية

والكفر عن طريق العلمانية يؤدي إلى جهنم والكفر عن طريق القبورية أو التعطيل يؤدي إلى جهنم أيضاً والحريص على عقائد الناس يحذرهم من هذا كله ، وأما الخونة فيتركونهم يقعون في الكفر لتحقيق المآرب الشخصية

وإلى الذين استغربوا أو استنكروا تركيزنا على موضوع الأشاعرة :
 انظروا إلى هذا واحكموا واعلموا أن الخطر قريب فهنا أعلام للتمشعر يدعون إليه بكل صراحة والحركيون هم مطية أهل الكفر التي يركبونها لنشر كفرهم كما ركب الجفري وعدنان إبراهيم وطارق سويدان سلمان العودة ونشروا كفرهم من خلاله

وشافي يفخذ مجد قومه في الدعوة إلى الضلال
وقد قال الله تعالى : ( وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ )
والفتنة باتفاق المفسرين الشرك فانتشار شرك القبورية وتعطيل الجهمية بين المسلمين أشد من وقوع التقتيل فيهم فمن زعم أن فيه حمية على المسلمين ألا يقتلوا ثم لم تكن فيه حمية عليهم ألا يشركوا أو يكفروا فهو كذاب
وأما دعوة شافي الباردة لقراءة كتب الأشاعرة وألا يصير المرء مع الركب ، فهذا من جهله فقد أغنانا الله عز وجل بكتب السلف وقد قال الإمام أحمد لا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبوا عن السنة
فكيف بالملاحدة الأقحاح كالرازي ابن الخطيب ؟
قال شيخ الإسلام كما في جامع المسائل تحقيق محمد عزيز شمس المجموعة الثامنة ص137:" فمتكلمة الجهمية لا يعبدون شيئا، ومتعبدتهم يعبدون كل شيء.
في مبدأ دولة التتار «ابن الخطيب» متكلم المعطلة الجهمية والزنادقة. و«ابن العربي» متصوفهم وعارفهم فاتفقا على جحد رب العالمين الذي أنزل الكتاب وأرسل الرسل؛ واختلفا بعد ذلك.
فالأول: أثبت العالم؛ لكن بالكلام الباطل.
 والثاني: أثبت العالم، لكن بالعقل الفاسد.
فتدبر هذا واجمعه مع ما قدمته من القواعد يتبين لك الأمر. والله أعلم"

أقول : ابن الخطيب هو الفخر الرازي ، وابن العربي هو ابن عربي الطائي المنكر اسمه أصالةً معرف ثم نكر

وهذا النص النفيس غير موجود في مجموع الفتاوى ولا الفتاوى الكبرى وإنما هو في المستدرك على مجموع الفتاوى
وتشبيهه للمعركة بين الكفر والتوحيد على أنها كلعبة كرة القدم يدل على مكان العقيدة في قلبه !

وإلى الغلاة في المصلحة أقول :
 قد حل الأشاعرة في داركم ووجدوا لهم عضيداً ونصيراً وقد تغلغلوا في جامعاتكم وجميع وسائل الإعلام وعما قريب افتتحوا جمعية ، فليس من ( المصلحة ) أن يؤذى أهل السنة في الأشاعرة وأن تحمر الأنوف لهم إذا قيل بأن بدعتهم مكفرة وأن مذهبهم في الإيمان والقدر والقرآن شر من مذهب المعتزلة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي