مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: لم يصح عن أحد من الصحابة القول بإباحة التميمة من القرآن قبل نزول البلاء

لم يصح عن أحد من الصحابة القول بإباحة التميمة من القرآن قبل نزول البلاء



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال البخاري في صحيحه 3005 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ.

وورد في حديث ابن مسعود ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك) وضعفه الألباني

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 23924:  حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، قَالَ :
 دَخَلَ عَبْدُ اللهِ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ ، فَإِذَا فِي عُنُقِهَا خَيْطٌ مُعَلَّقٌ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَتْ : شَيْءٌ رُقِيَ لِي فِيهِ مِنَ الْحُمَّى ، فَقَطَعَهُ وَقَالَ : إِنَّ آلَ إِبْرَاهِيمَ أَغْنِيَاءُ عَنِ الشِّرْكِ.

وهذا إسناد صحيح

والتمائم التي لا يعلم ما فيها ، وليست من القرآن لا يختلف في حرمتها ، إلا إذا كانت أدعية معروفة فسيأتي حكاية الخلاف فيها

وإنما الخلاف في تمائم القرآن ، لأن القرآن كلام الله عز وجل فالعامة من أهل العلم أنه ليس شركاً ، ولكن اختلفوا هل يباح أو يمنع ؟

وقد ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص ما يدل على أنه يرى إباحة التمائم التي تكون من أدعية معروفة

قال أبو داود في سننه 3893 : حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعلمهم من الفزع كلمات
 أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون .
 وكان عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل من بنيه ومن لم يعقل كتبه فأعلقه عليه .

وهذا ضعفه بعض الناس بعنعنة ابن إسحاق ولعلها تحتمل هنا

وورد عن جماعة من السلف كراهية التمائم من القرآن

قال ابن أبي شيبة في المصنف 23933: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يَكْرَهُونَ التَّمَائِمَ كُلَّهَا ، مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ الْقُرْآنِ.
23934: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ الْحَسَنِ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ.
23935: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، قَالَ : قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ : أُعَلِّقُ فِي عَضُدِي هَذِهِ الآيَةَ : {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} مِنْ حُمَّى كَانَتْ بِي ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ.

وعضده جماعة من أهل العلم المعاصرين بقاعدة سد الذريغة وعموم حديث ابن مسعود المتقدم

وللمانعين من تمائم القرآن للصبيان مأخذ آخر ، وهو أنهم يدخلون بها إلى الخلاء

قال ابن أبي شيبة في المصنف 23942: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ :
 أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْمَعَاذَةَ لِلصِّبْيَانِ ، وَيَقُولُ : إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ بِهِ الْخَلاَءَ.

وصح عن عائشة وهو رواية عن أحمد أنها كانت لا تكره التميمة من القرآن بعد نزول البلاء وتكرهه بعده

قال هناد في الزهد 441 : حدثنا ابن المبارك ، عن طلحة بن أبي سعيد ، عن بكير بن الأشج ، عن القاسم ، عن عائشة قالت :
 إنما التمائم ما علق قبل البلاء فما علق بعد البلاء فليس من التمائم .

وهذا إسناد صحيح عن عائشة ، وينبغي أن تحمل هذه الإباحة على ما كان القرآن أو الأدعية الثابتة التي فيها استغاثة بالله عز وجل كالمروي عن عبد الله بن عمرو ، ويحمل على من لا يهينها مراعاةً للمعنى الذي ذكره إبراهيم

قال البيهقي في السنن الكبرى : هَذَا كُلُّهُ رَاجِعٌ إلَى مَا قُلْنَا إنَّهُ إنْ رَقَى بِمَا لَا يَعْرِفُ أَوْ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ إضَافَةِ الْعَافِيَةِ إلَى الرُّقَى لَمْ يَجُزْ وَإِنْ رَقَى بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِمَا يَعْرِفُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مُتَبَرِّكًا بِهِ وَهُوَ يَرَى نُزُولَ الشِّفَاءِ مِنْ اللَّهِ تعالى فلا بَأْسَ بِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

فكأنها رضي الله عنها رأت أن تعليقها قبل البلاء تطير واتكال عليها ، وبعد البلاء من باب التداوي المباح إن كانت القرآن أو الأدعية الثابتة

قال حرب الكرماني في مسائله عن أحمد (2/818) : قلت لأحمد: فتعليق التعاويذ فيه القرآن أو غيره· قال: كان ابن مسعود يكرهه كراهية شديدة جداً وذكر أحمد عن عائشة وغيرها أنهم سهَّلوا في ذلك ولم يشدد فيه أحمد

والخلاصة أنه لا يصح عن الصحابة الإباحة المطلقة وإنما الكراهة الشديدة المروية عن ابن مسعود، على قول من ضعف أثر عبد الله بن عمرو
والإباحة تكون بعد نزول البلاء بشروطها المروية عن عائشة رضي الله عنها
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي