مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: رد شيخ الإسلام على من أباح التداوي بالمحرم وقاسه على أكل الميتة للمضطر

رد شيخ الإسلام على من أباح التداوي بالمحرم وقاسه على أكل الميتة للمضطر



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 24/ 268) :" وَاَلَّذِينَ جَوَّزُوا التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ قَاسُوا ذَلِكَ عَلَى إبَاحَةِ الْمُحَرَّمَاتِ: كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ لِلْمُضْطَرِّ
وَهَذَا ضَعِيفٌ لِوُجُوهِ:

أحدها :
 أن المضطر يحصل مقصوده يقينا بتناول المحرمات فإنه إذا أكلها سدت رمقه وأزالت ضرورته وأما الخبائث بل وغيرها فلا يتيقن حصول الشقاء بها فما أكثر من يتداوى ولا يشفى ولهذا أباحوا دفع الغصة بالخمر لحصول المقصود بها وتعينها له
بخلاف شربها للعطش فقد تنازعوا فيه : فإنهم قالوا : إنها لا تروي

الثاني :
 أن المضطر لا طريق له إلى إزالة ضرورته إلا الأكل من هذه الأعيان وأما التداوي فلا يتعين بتناول هذا الخبيث طريقا لشفائه فإن الأدوية أنواع كثيرة وقد يحصل الشفاء بغير الأدوية كالدعاء والرقية وهو أعظم نوعي الدواء حتى قال بقراط : نسبة طبنا إلى طب أرباب الهياكل كنسبة طب العجائز إلى طبنا
وقد يحصل الشفاء بغير سبب اختياري بل بما يجعله الله في الجسم من القوى الطبيعية ونحو ذلك

الثالث :
 أن أكل الميتة للمضطر واجب عليه في ظاهر مذهب الأئمة وغيرهم كما قال مسروق : من اضطر إلى الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار وأما التداوي فليس بواجب عند جماهير الأئمة وإنما أوجبه طائفة قليلة كما قال بعض أصحاب الشافعي وأحمد بل قد تنازع العلماء : أيما أفضل : التداوي ؟ أم الصبر للحديث الصحيح حديث ابن عباس عن الجارية التي كانت تصرع وسألت النبي صلى الله عليه و سلم أن يدعو لها فقال [ إن أحببت أن تصبري ولك الجنة وإن أحببت دعوت الله أن يشفيك ] فقالت : بل أصبر ولكني انكشف فادع الله لي أن لا أنكشف فدعا لها أن لا تتكشف ولأن خلقا من الصحابة والتابعين لم يكونوا يتداوون بل فيهم من اختار المرض كأبي بن كعب وأبي ذر ومع هذا فلم ينكر عليهم ترك التداوي
وإذا كان أكل الميتة واجبا والتداوي ليس بواجب لم يجز قياس أحدهما على الآخر فإن ما كان واجبا قد يباح فيه مالا يباح في غير الواجب لكون مصلحة أداء الواجب تغمر مفسدة المحرم والشارع يعتبر المفاسد والمصالح فإذا اجتمعا قدم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة ولهذا أباح في الجهاد الواجب ما لم يبحه في غيره حتى أباح رمي العدو بالمنجنيق وإن أفضى ذلك إلى قتل النساء والصبيان وتعمد ذلك يحرم ونظائر ذلك كثيرة في الشريعة ولله أعلم "

وهذا الكلام في نظري ينطبق على الانتخابات - والله أعلم - ، فإنها لا تندفع بها الضرورة يقيناً 
وها هم لهم السنوات الطوال في المجالس النيابية وما وصلوا إلى تحكيم الشريعة ، والدعوة والوصول إلى حكم الله عز وجل له وسائل
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي