مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: فائدة في تكفير أبي سعيد الخدري للخوارج

فائدة في تكفير أبي سعيد الخدري للخوارج



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال البخاري في صحيحه 6931 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ:

 أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَسَأَلَاهُ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ أَسَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أَدْرِي مَا الْحَرُورِيَّةُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ أَوْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنْ الدَّمِ شَيْءٌ.

قول أبي سعيد الخدري (يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا) فهم منه جماعة من أهل العلم أنه لا يرى الخوارج من هذه الأمة وأنه يكفرهم

قال ابن حجر في شرح البخاري (19/ 389) :" لَمْ تَخْتَلِف الطُّرُق الصَّحِيحَة عَلَى أَبِي سَعِيد فِي ذَلِكَ فَعِنْد مُسْلِم مِنْ رِوَايَة أَبِي نَضْرَة عَنْ أَبِي سَعِيد " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّته " وَلَهُ مِنْ وَجْه آخَر " تَمْرُق عِنْد فِرْقَة مَارِقَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ " وَلَهُ مِنْ رِوَايَة الضَّحَّاك الْمِشْرَقِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد نَحْوه ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي سَعِيد بِلَفْظِ " مِنْ أُمَّتِي " فَسَنَده ضَعِيف ، لَكِنْ وَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ بِلَفْظِ " سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي قَوْم " وَلَهُ مِنْ طَرِيق زَيْد بْن وَهْب عَنْ عَلِيّ " يَخْرُج قَوْم مِنْ أُمَّتِي " وَيُجْمَع بَيْنه وَبَيْن حَدِيث أَبِي سَعِيد بِأَنَّ الْمُرَاد بِالْأُمَّةِ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد أُمَّة الْإِجَابَة وَفِي رِوَايَة غَيْره أُمَّة الدَّعْوَة ، قَالَ النَّوَوِيّ : وَفِيهِ دَلَالَة عَلَى فِقْه الصَّحَابَة وَتَحْرِيرهمْ الْأَلْفَاظ ، وَفِيهِ إِشَارَة مِنْ أَبِي سَعِيد إِلَى تَكْفِير الْخَوَارِج وَأَنَّهُمْ مِنْ غَيْر هَذِهِ الْأُمَّة "

الشاهد هو كلام النووي

ومن أدلة القائلين بتكفير الخوارج ما روى البخاري 6935 : حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
 لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ

وهاتان الفئتان هما فئة علي وفئة معاوية ودعواهما الواحدة هي الإسلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل الخوارج معهم ، وأخرجهم منهم ، فدل على أنهم ليسوا على هذه الدعوة دعوة الإسلام

وقد يقال دعوة علي ومعاوية هي السنة والإسلام معاً ، والخوارج خرجوا عن السنة

والقائلون بعدم تكفير الخوارج استدلوا بالأحاديث الواردة وفيها ( من أمتي ) وبسيرة علي معهم وعدم تكفيره لهم

وقد اختار هذا القول بعض المعاصرين 

وممن قال بتكفير الخوارج أبو أمامة رضي الله عنه 

قال عبد الله بن أحمد في السنة 1414 - حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب ، نا عمر بن يونس الحنفي ، نا عكرمة بن عمار ، نا شداد بن عبد الله ، قال : وقف أبو أمامة وأنا معه على رءوس الحرورية بالشام عند باب مسجد حمص أو دمشق فقال لهم : « كلاب النار » مرتين أو ثلاثا « شر قتلى تظل السماء وخير قتلى من قتلوهم » ودمعت عينا أبي أمامة قال رجل : أرأيت قولك لهؤلاء القوم شر قتلى تظل السماء وخير قتلى من قتلوهم أشيء من قبل رأيك أم شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : من قبل رأيي ؟ إني إذا لجريء ، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين حتى عد سبع مرات ما حدثتكم . فقال له رجل : رأيتك دمعت عيناك فقال : رحمة رحمتهم كانوا مؤمنين فكفروا بعد إيمانهم ثم قرأ هذه الآية ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم  )

والمراد هنا بيان وجود الخلاف القديم في هذه المسألة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي