الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فإن عبد الرحيم الطحان نزيل قطر كان له مذاهب اشتهر بها وله كلام
كثير منه ما هو حق ومنه ما هو باطل ، وقد رأيت محمداً الأزهري الحنبلي جاداً في
نشر كلام عبد الرحيم الطحان ومذاهبه
فمن ذلك ما كثر الحديث عنه قديماً من مسألة التبرك وقد حاول
المتحنبلي بالبتر أن يوهم أنه لا أحد ينكر التبرك بالصالحين والرجل كل الذي يهمه
معاندة من يسميهم السلفية المعاصرة وإلا في الأمة من الأبحاث ما هو أهم ألف مرة من
هذا الذي يطرحه خصوصاً بالنسبة لحنبلي فمثلاً نشر أقوال المذهب في مسائل الطلاق
وخطورة ترك الصلاة ووجوب قضاء الفوائت ومذاهب أحمد في الجهمية أولى بكثير مما يبحث
فيه
وقبل إيضاح المسألة وبتره لكلام ابن مفلح ينبغي أن يعلم أن البركة
والتبرك لها معنيان
منها البركة بمعنى عموم المنفعة فهذا أمر لا ينكره أحد ومنها قول
أسيد بن حضير : مَا هِيَ بِأَوَّلِ
بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ.
ومنها قول البعض : أتبرك بمجالسة فلان . فيراد منها أطلب النفع من
مجالسته لما معه من العلم
فهذا معنى لا ينكر وإنما أمر آخر ألا وهو طلب البركة بمسح جسد
الشخص أو مس قبره فهذا الذي ينكره الناس اليوم
نقل الأزهري قول ابن مفلح في الفروع والآداب الشرعية : وَقَالَ
الْمَرُّوذِيُّ فِي كِتَابِ الْوَرَعِ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَدْ
كَانَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَوْصَى لِي بِجُبَّتِهِ فَجَاءَنِي بِهَا ابْنُهُ
فَقَالَ لِي فَقُلْت رَجُلٌ صَالِحٌ قَدْ أَطَاعَ اللَّهَ فِيهَا أَتَبَرَّكُ
بِهَا قَالَ فَذَهَبَ فَجَاءَنِي بِمِنْدِيلٍ ثِيَابٍ فَرَدَدْتهَا مَعَ
الثِّيَابِ.
وكتم كلام ابن مفلح كاملاً فقد نقل رواية قبلها عن أحمد في إنكار
التبرك بالأشخاص : رَوَى الْخَلَّالُ فِي أَخْلَاقِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ
عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيِّ قَالَ مَسَحْت يَدِي عَلَى أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ ثُمَّ مَسَحْت يَدِي عَلَى بَدَنِي وَهُوَ يَنْظُرُ فَغَضِبَ غَضَبًا
شَدِيدًا وَجَعَلَ يَنْفُضُ يَدَهُ وَيَقُولُ عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟
وَأَنْكَرَهُ إنْكَارًا شَدِيدًا.
وقول أحمد ( عمن أخذتم هذا ) دليل على أن الأمر بدعة عنده وليس فقط
على سبيل التواضع وعلي بن عبد الصمد الطيالسي وثقه الخطيب فالخبر الصحيح
فهل هما روايتان عن أحمد وتكون السلفية المعاصرة متمسكة برواية عن
أحمد وهي رواية الإنكار الشديد أم يمكن
الجمع بينهما ؟
أقول : الجمع أولى فقول أحمد في رواية يحيى بن يحيى ( رجل صالح
أطاع الله فيه أتبرك به ) قصد بالبركة عموم الانتفاع بمعنى أنه إذا رأى ثوب هذا
الرجل تذكر طاعته فاقتدى به وفي الرواية أن أحمد أرجع الأثواب أصلاً
وأما بالنسبة لبقية حججه فهي روايات من كتب التواريخ الملأى
بالمجاهيل
فمن ذلك
ما روى ابن الجوزي في مناقب أحمد أخبرنا محمد بن أبى منصور, قال:
أنبأنا الحسن بن أحمد الفَقيه, قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمد, قال:
حدثنا أبو بكر بن شاذان, قال: حدثنا أبو عيسى أحمد بن يعقوب, قال: حدثتنى فاطمة
بنتُ أحمد بن حَنبل, قالت: وَقع الحريقُ فى بيت أخى صالح؛ وكان قد تزوَّج إلى قومٍ
مياسير, فحملوا إليه جهازًا شَبيهًا بأربعة آلاف دينار, فأكلتهُ النار, فجعل صالح
يَقول: ما غَمَّنى ما ذهبَ منى إلا ثوبٌ لأبى كان يُصلى فيه, أتبرّك به وأصلى فيه,
قالت: فَطفئ الحريق ودَخلوا, فوجدوا الثوبَ على سريرٍ قد أكلت النار ما حواليه
والثوب سَليم.
أبو عيسى أحمد بن يعقوب الراوي عن فاطمة لا يعرف ولم أجد له ترجمة
واحتج بما روى ابن الجوزي في مناقب أحمد أخبرنا عبد الملك بن أبي
القاسم، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الأنصاري، قال: أخبرنا غالب بن علي، قال:
أخبرنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن شاذان، قال: سمعت أبا
القاسم بن صدقة، يقول: سمعت علي بن عبد العزيز الطلحي، قال: قال لي الربيع: قال لي
الشافعي: يا ربيع، خذ كتابي وامض به وسلمه إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وأتني
بالجواب، قال الربيع: فدخلت بغداد ومعي الكتاب، فلقيت أحمد بن حنبل صلاة الصبح،
فصليت معه الفجر، فلما انفتل من المحراب، سلمت إليه الكتاب، وقلت له: هذا كتاب
أخيك الشافعي من مصر. فقال أحمد: نظرت فيه؟ قلت: لا، فكسر أحمد الخاتم، وقرأ
الكتاب فتغرغرت عيناه بالدموع، فقلت له: أي شيء فيه يا أبا عبد الله؟ فقال: يذكر
أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال له: اكتب إلى أبي عبد الله أحمد
بن حنبل، واقرأ عليه مني السلام، وقل: إنك ستمتحن وتدعى إلى خلق القرآن، فلا تجبهم
يرفع الله لك علماً إلى يوم القيامة.
قال الربيع: فقلت: البشارة، فخلع قميصه الذي يلي جلده، فدفعه إلي
فأخذته وخرجت إلى مصر، وأخذت جواب الكتاب، وسلمته إلى الشافعي، فقال لي: يا ربيع،
أي شيء الذي دفع إليك؟ قلت: القميص الذي يلي جلده .
وهل وجد ترجمة لعلي بن عبد العزيز الطلحي الذي انفرد بهذه الرواية
المنكرة
وهل يعرف من هو محمد بن الحسين في هذا السند
إنه السلمي الصوفي الذي اتهموه بوضع الحديث للصوفية وأما الرواية
فيها : ادفع الماء حتى نشركك فيه فليس مذكورة إلا في كتاب ابن مفلح بلا إسناد فهل
يحتج بمثل هذا ؟
وقد نقل ابن مفلح بعد هذه القصة قول شيخه ابن تيمية : وَقَدْ قَالَ
الشَّيْخُ تَقِيُّ الدَّيْنِ كَذَبُوا عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ حِكَايَاتٍ فِي
السُّنَّةِ وَالْوَرِعِ وَذِكْرُهُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ.
فابن مفلح أورد القصة وبين كذبها والأزهري الكذاب يبتر كلامه ولا
يوضح فلعنة الله على الكاذبين
اسم الحنبلية كان علماً على الورع والآن شانه هؤلاء ولا حول ولا
قوة إلا بالله
وقد قال بمكر في آخر مقاله بأنه يعرف ما نقله ابن مفلح عن ابن
تيمية ولكنه كتم النقل لأنه ينقض عليه كلامه فتأمل المكر والخسة يذكر للعوام رواية
مكذوبة محتجاً بها ثم يقول : أعلم بما علق ابن تيمية ولا يبين للعوام ما علق ابن
تيمية موهماً أنه اختلاف أفهام وليس نقضاً للرواية من أساسها
وإتماماً للفائدة قال ابن وضاح في البدع 100 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: نا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ , عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ سُوَيْدٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَلَمَّا أَصْبَحْنَا صَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ , ثُمَّ رَأَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ مَذْهَبًا فَقَالَ: أَيْنَ يَذْهَبُ هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ يَأْتُونَ يُصَلُّونَ فِيهِ , فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِمِثْلِ هَذَا , يَتَّبِعُونَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ فَيَتَّخِذُونَهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا , مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ فَلْيُصَلِّ , وَمَنْ لَا فَلْيَمْضِ , وَلَا يَعْتَمِدْهَا»
101 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ نَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا جَرِيرٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ , قَالَ: " خَرَجْنَا حُجَّاجًا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَعَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ مَسْجِدٌ , فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِيهِ , فَقَالَ عُمَرُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ فَقَالُوا: هَذَا مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , [ص:88] فَقَالَ عُمَرُ: «أَيُّهَا النَّاسُ , إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ باتِّبَاعِهِمْ مِثْلَ هَذَا , حَتَّى أَحْدَثُوهَا بِيَعًا , فَمَنْ عَرَضَتْ لَهُ فِيهِ صَلَاةٌ فَلْيُصَلِّ , وَمَنْ لَمْ تَعْرِضْ لَهُ فِيهِ صَلَاةٌ فَلْيَمْضِ»
102 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ مُفْتِي أَهْلِ طَرَسُوسَ يَقُولُ: «أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِقَطْعِ الشَّجَرَةِ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَطَعَهَا لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَذْهَبُونَ فَيُصَلُّونَ تَحْتَهَا , فَخَافَ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ» قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: وَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ , عَنْ نَافِعٍ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَأْتُونَ الشَّجَرَةَ , فَقَطَعَهَا عُمَرُ. قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ يَكْرَهُوَنَ إِتْيَانَ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ وَتِلْكَ الْآثَارِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَدَا قُبًّا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: وَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ دَخَلَ مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى فِيهِ وَلَمْ يَتَّبِعْ تِلْكَ الْآثَارَ وَلَا الصَّلَاةَ فِيهَا , وَكَذَلِكَ فَعَلَ غَيْرُهُ أَيْضًا مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ. وَقَدِمَ وَكِيعٌ أَيْضًا مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمْ يَعْدُ فِعْلَ سُفْيَانَ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: فَعَلَيْكُمْ بِالِاتِّبَاعِ لِأَئِمَّةِ الْهُدَى الْمَعْرُوفِينَ؛ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى: كَمْ مِنْ أَمْرٍ هُوَ الْيَوْمَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ مُنْكَرًا عِنْدَ مَنْ مَضَى , وَمُتَحَبِّبٌ إِلَيْهِ بِمَا يُبْغِضُهُ عَلَيْهِ , وَمُتَقَرَّبٌ إِلَيْهِ بِمَا يُبْعِدُهُ مِنْهُ , وَكُلُّ بِدْعَةٍ عَلَيْهَا زِينَةٌ وَبَهْجَةٌ
وإتماماً للفائدة قال ابن وضاح في البدع 100 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: نا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ , عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ سُوَيْدٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَلَمَّا أَصْبَحْنَا صَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ , ثُمَّ رَأَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ مَذْهَبًا فَقَالَ: أَيْنَ يَذْهَبُ هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ يَأْتُونَ يُصَلُّونَ فِيهِ , فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِمِثْلِ هَذَا , يَتَّبِعُونَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ فَيَتَّخِذُونَهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا , مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ فَلْيُصَلِّ , وَمَنْ لَا فَلْيَمْضِ , وَلَا يَعْتَمِدْهَا»
101 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ نَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا جَرِيرٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ , قَالَ: " خَرَجْنَا حُجَّاجًا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَعَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ مَسْجِدٌ , فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِيهِ , فَقَالَ عُمَرُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ فَقَالُوا: هَذَا مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , [ص:88] فَقَالَ عُمَرُ: «أَيُّهَا النَّاسُ , إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ باتِّبَاعِهِمْ مِثْلَ هَذَا , حَتَّى أَحْدَثُوهَا بِيَعًا , فَمَنْ عَرَضَتْ لَهُ فِيهِ صَلَاةٌ فَلْيُصَلِّ , وَمَنْ لَمْ تَعْرِضْ لَهُ فِيهِ صَلَاةٌ فَلْيَمْضِ»
102 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ مُفْتِي أَهْلِ طَرَسُوسَ يَقُولُ: «أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِقَطْعِ الشَّجَرَةِ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَطَعَهَا لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَذْهَبُونَ فَيُصَلُّونَ تَحْتَهَا , فَخَافَ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ» قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: وَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ , عَنْ نَافِعٍ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَأْتُونَ الشَّجَرَةَ , فَقَطَعَهَا عُمَرُ. قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ يَكْرَهُوَنَ إِتْيَانَ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ وَتِلْكَ الْآثَارِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَدَا قُبًّا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: وَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ دَخَلَ مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى فِيهِ وَلَمْ يَتَّبِعْ تِلْكَ الْآثَارَ وَلَا الصَّلَاةَ فِيهَا , وَكَذَلِكَ فَعَلَ غَيْرُهُ أَيْضًا مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ. وَقَدِمَ وَكِيعٌ أَيْضًا مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمْ يَعْدُ فِعْلَ سُفْيَانَ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: فَعَلَيْكُمْ بِالِاتِّبَاعِ لِأَئِمَّةِ الْهُدَى الْمَعْرُوفِينَ؛ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى: كَمْ مِنْ أَمْرٍ هُوَ الْيَوْمَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ مُنْكَرًا عِنْدَ مَنْ مَضَى , وَمُتَحَبِّبٌ إِلَيْهِ بِمَا يُبْغِضُهُ عَلَيْهِ , وَمُتَقَرَّبٌ إِلَيْهِ بِمَا يُبْعِدُهُ مِنْهُ , وَكُلُّ بِدْعَةٍ عَلَيْهَا زِينَةٌ وَبَهْجَةٌ
جاء في كشاف القناع :" قَالَ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَلَا
يَتَمَسَّحُ وَلَا يَمَسُّ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- وَلَا حَائِطَهُ وَلَا يُلْصِقُ بِهِ صَدْرَهُ وَلَا يُقَبِّلَهُ) أَيْ: يُكْرَهُ
ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الْأَدَبِ وَالِابْتِدَاعِ قَالَ الْأَثْرَمُ: رَأَيْتُ
أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَمَسُّونَ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ يَقُومُونَ مِنْ نَاحِيَةٍ فَيُسَلِّمُونَ قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهَكَذَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ وَأَمَّا الْمِنْبَرُ
فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَقْعَدِ النَّبِيِّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمِنْبَرِ ثُمَّ يَضَعَهَا عَلَى وَجْهِهِ.
(قَالَ الشَّيْخُ: وَيَحْرُمُ طَوَافُهُ
بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ اتِّفَاقًا) وَقَالَ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا
يُقَبِّلُهُ وَلَا يَتَمَسَّحُ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الشِّرْكِ وَقَالَ وَالشِّرْكُ
لَا يَغْفِرَهُ اللَّهُ، وَلَوْ كَانَ أَصْغَر"
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله
وصحبه وسلم