الخميس، 4 مايو 2017

مفارقة أينشتاين والبراءة من القنبلة الذرية ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
                                                       أما بعد :

فإن من الأسئلة الغريبة التي تطرح اليوم قولهم المخترع الفلاني هل سيدخل الجنة ؟

وكأن هذا المخترع اخترع هذا الاختراع طالباً للثواب من الله وليس طلباً لدنيا والله حكم عدل يعطيهم في دنياهم ما يريدون إن أرادوا شهرةً أعطاهم وإن أرادوا غير ذلك فعل سبحانه وإن حبس عنهم فهذا ملكه وهو أعلم بالناس
                                                             
ثم هذا المخترع ليس ذاتاً مقدسة فقد يكون عنده من الذنوب العظيمة ما يوجب عليه العقوبة

بل الاختراع ما هو إلا نفع للبشر وماذا عن رب البشر والمتسبب لهم بكل نفع يرونه ؟

من تأليه الناس لأنفسهم أنهم يفرضون على رب العالمين أن يثيب من أحسن إليهم وأساء إليه

فكيف تريد لنا أن نعرف فضله وهو جحد فضل خالقه ؟

قال مسلم 7191- [56-2808] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً ، يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ ، لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا.

وهذا تفضل من الله فمن لم يؤمن بالعدل الذي يوم القيامة فحرمانه منه عدل ولكن وقع التفضل حتى أنه يقتص للكافر من المؤمن

قال أحمد في مسنده 16042 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي، فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا، حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ فَاعْتَنَقَنِي، وَاعْتَنَقْتُهُ، فَقُلْتُ: حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِصَاصِ، فَخَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ، أَوْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - أَوْ قَالَ: الْعِبَادُ - عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا " قَالَ: قُلْنَا: وَمَا بُهْمًا؟ قَالَ: " لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مِنْ بُعْدٍ كَمَا يَسْمَعُهُ مِنْ قُرْبٍ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ، وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، حَتَّى اللَّطْمَةُ " قَالَ: قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ»

وإذا كنت تعقل أن هذا الكون جاء صدفة إذا كنت ملحداً فلماذا الحضارة المادية تقدس أهلها ؟

وإذا كان الاختراع عندك معياراً فينبغي أن يكون المخترع المتدين أو المكتشف مثل الزهراوي الذي اكتشف أدوات الجراحة أو رجل مثل نيوتن ينبغي أن هذا أعظم عندك من مهرج ملحد مثل دوكنز أو كراوس

وهناك عشرات المكتشفين والمخترعين المنتسبين للإسلام أو النصرانية أو اليهودية وكل واحد باق على عقيدته الدينية ويعتقد أنها سبب النجاة وأن المكتشفات والمخترعات بدون دين ممكن تكون أدوات للدمار

والعجيب أن في هذا العصر يأتي من يدعي أن الدين سبب الحروب والنزاع ويكفر بالدين لذلك !

وكأنه لم يسمع بالقرن العشرين وحروبه التي عامتها كان على القوة والموارد وحتى الحروب القديمة كان غالبها بسبب النساء أو النزاع على الملك

ولكن لا يكفرون بالعلم الذي يقدسونه مع أنه هو الذي طور أدوات الحرب وأدى لحصول القتل والدمار

ولنأتي لمثال أينشتاين والذي يقدس جداً في العقل الحديث بسبب عبقريته ونظريته النسبية

نقل ستيفن هاوكنج في كتابه الكون في قشرة جوز خطاب أينشتاين عن القنبلة الذرية للرئيس الأمريكي روزفلت وفيها قول ألبرت أينشتاين :" وسوف تؤدي أيضاً هذه الظاهرة الجديدة إلى إنشاء قنابل ومما يقبل التصور وإن كان ذلك نحو أقل تأكداً بكثير إنشاء نوع جديد من القنابل له قوة قصوى "

تلاحظ أن أينشتاين كان واعياً تماماً لأمر القنبلة ومعلوم أن القنابل لا تستخدم في اللعب وإنما تستخدم في القتل !

وهنا صورة من الخطاب بالانجليزية :" http://www.dannen.com/ae-fdr.html"

وفيه أن أينشتاين يغري روزفلت بأنها قد تدمر ميناءً كاملاً

واعترف هاوكنج بأن هذا الخطاب هو سبب مشروع مانهاتن الذي كان أساساً للقنبلة الذرية التي ألقيت على هورشيما

ثم دافع عن أينشتاين دفاعاً بارداً وكأنه لم يقرأ الخطاب الذي وضعه أينشتاين فقال :" ويلقي بعض الناس بمسئولية القنبلة الذرية على أينشتاين لأنه اكتشف العلاقة بين الكتلة والطاقة إلا أن هذا يشبه أن تلقي على نيوتن المسئولية كسبب في اصطدام الطائرات لأنه اكتشف الجاذبية "

حقيقة التعليق المهذب على مثل هذا الهراء أمر عسير فأينشتاين تكلم عن القنابل بشكل خاص وشرح هذا وبين أن اكتشافه سيؤدي إلى هذا فهذا دفاع سخيف وأخرق

وعامة ما يذكر عن أينشتاين في الندم لا مستند له في الحقيقة ولا شك أنه ذهل من هذا الأمر وتحت مطرقة اللوم صدرت بعض العبارات الاعتذارية ومن ذلك اقتراحه أن يكون مشروع القنبلة النووية دولياً ولكنه اقتراح ساذج جداً فالعالم يتصارع على القوة وقد تقرب إلى الرئيس الأمريكي ونال مكانة بسبب هذا الأمر فهل أمريكا تفرط بهذه القوة التي حسمت الحرب لصالحها فطلب أن تشارك الناس بهذا أو يكون تحت إشراف دولي إما طلب للمستحيل أو يكون الإشراف أمريكا هي الرأس والمتحكم فيه فنكون ندور على أنفسنا ونخدعها

ولكن هذا الأمر لم يهز مكانة أينشتاين عند عموم البشر بل لا زال له التعظيم والتقدير ويشمئز كثيرون من قطع رأس شخص محارب _ سواء وافقنا أو خالفنا _ ثم هم يعظمون رجلاً وبلداً ألقوا قنبلة قتلت مئات آلاف الأبرياء في لحظات يسيرة

ولو فرضنا أنني قتلت مئات الأبرياء أو ساهمت في تطوير سلاح فتاح بيد حكومة أصلاً قامت على أشلاء السكان الأصليين ولا تخوض معارك عادلة هل يكفي أن أقول أنا آسف

تقدس شخصاً كهذا ثم ترمي بالإرهاب تراثاً يحرم قتل الرهبان التابعين لدين آخر !

قال ابن قدامة في المغني :" (7617) فَصْلٌ فَأَمَّا الْفَلَّاحُ الَّذِي لَا يُقَاتِلُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْتَلَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي الْفَلَّاحِينَ، الَّذِينَ لَا يَنْصِبُونَ لَكُمْ الْحَرْبَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُقْتَلُ الْحَرَّاثُ، إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُقْتَلُ، إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ، لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَنَا قَوْلُ عُمَرَ وَأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْتُلُوهُمْ حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ، وَلِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ، فَأَشْبَهُوا الشُّيُوخَ وَالرُّهْبَانَ."

وإذا رأيت أن قنبلة هيروشيما كانت ضرورة فإذن من السهل تبرير أي عمل إرهابي تحت هذا الداعي وخصوصاً أنها لا تشكل من الأضرار ما يساوي واحد على الألف مما فعلت القنبلة الذرية

فانظر ما صنع بنا المسخ الفكري وتقديس الآخر وكثرة جلد الذات

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم