الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فإن هذا العصر عصر العجائب بحق ، وحيث وجد
رجل كعدنان إبراهيم من يتبعه على كثرة تناقضه وتلاعبه
وعدنان إبراهيم يسير على منهاج أبي نواس _
والذي ينسب له _ حين أباح الخمر بحجة أن أبا حنيفة يبيح النبيذ والشافعي يسوي بين
النبيذ والخمر فيصير الخمر حلالاً على التلفيق !
وهذه طريقة عدنان يأخذ من كل قوم ما يروقه
حتى يأتي بدين شاذ لم يقل به أحد من العالمين
وقد استروح لمذهبه ثلة من الجهلة
والزنادقة الذين يبطنون الكفر ويبغضون الشريعة فعظموه لهذا الداعي
وقد فجعت حقاً بكلام له في الرجم لا ينطلي
إلا على جاهل جهلاً عميقاً
ففي سياق زندقته وإنكاره للرجم ادعى أن
القول بالرجم يستلزم القول بنسخ السنة للقرآن
لأنه جاء في القرآن ( والزانية والزاني
فاجلدوا ) الآية
والرجم جاء في السنة
وهذا من أعجب العجب فالحديث لم ينسخ الآية
فالآية في البكر والرجم في المحصن ، وفي مذهب علي يجتمع الرجم والجلد في الشخص
الواحد
غير أن هذا الذي ذكره عدنان إبراهيم هل هو
النسخ الذي اختلف فيه العلماء هل تنسخ فيه السنة القرآن أم لا ؟
أم أن هذا الجاهل غلط بين أبحاث مختلفة
الذين بين الآية والحديث هي علاقة خصوص
وعموم ولا يختلف العلماء في جواز تخصيص السنة للقرآن
مثال ذلك قوله تعالى : ( والسارق والسارقة
فاقطعوا أيديهما )
جاءت السنة مبينة أن السارق لا بد أن يسرق
نصاباً ومن حرز حتى يقطع وأن ما دون ذلك لا يقطع ويلزم عدنان إبراهيم على مذهبه
الذي اتخذه في الرجم أن يقطع في كل قليل وكثير بل ويقطع من العضد لتناول اليد لها
في المعنى اللغوي
المثال الثاني : آيات المواريث هي عامة
وقد أجمع العلماء على أن الكافر لا يرث
المسلم بناء على ما ورد في السنة وهذا تخصيص وبقيت الآية على دلالتها في متفقي
الملة
المثال الثالث : قال الشافعي في الرسالة :"
قال الله: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [ص:227] وَبَنَاتُكُمْ
وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ
الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ
الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ
مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ
بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ، وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ
أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا
وَرَاءَ ذَلِكُمْ (24) " [النساء] .
قال: وذَكَرَ اللهُ مَنْ حَرَّمَ، ثم قال:
" وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ "، فقال رسولُ الله: " لاَ
يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلاَ بَيْنَ المَرْأَةِ وَخَالَتِهَا "
، فلمْ أَعْلَمْ مُخالِفًا في اتِّباعِه"
فهذه ثلاثة أمثلة وغيرها كثير على تخصيص
القرآن بالسنة وأجمع عليه علماء المسلمين مع اختلافهم في نسخ القرآن بالسنة
حتى أن الشافعي قائل الكلام الآنف يقول
بعدم جواز نسخ السنة للقرآن
والتخصيص هو اسثناء بعض أفراد الحكم ،
وأما النسخ فهو رفع للحكم بالكلية
فلو جاءت السنة بأن الزاني سواءً كان
محصناً أو غير محصن فإنه يرجم لكان ذلك نسخاً للآية
وعلماء المسلمين ليسوا مغفلين حتى يختلفوا
في نسخ السنة للقرآن ثم يجمعون على حكم كهذا نسخت فيه السنة القرآن
وقد استدل عدنان إبراهيم بهذا الخبر
قال البخاري في صحيحه 6813 - حَدَّثَنِي
إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ أَبِي أَوْفَى: " هَلْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: قَبْلَ سُورَةِ النُّورِ أَمْ بَعْدُ؟ قَالَ: لاَ
أَدْرِي "
وهو متابع للخبيث محمد رشيد رضا بدعوى
التشكيك في الرجم متسخدمين هذا الحديث وهذا يجاب عليه من وجوه
أولها : ما تقدم أن ما بين الرجم والجلد
خصوص وعموم وليس نسخاً وله نظائر كثيرة في الشريعة
ثانيها : هذا خبر آحادي فمتى صار هؤلاء
الزنادقة يصدقون بالآحاد ويضربون بها المتواتر
ثالثها : أن الصحابي توقف ولم يجزم فكان
ماذا ؟
وقد جاءت أخبار أقوى من هذا الخبر تدل على
أن الصحابة رجموا
فمن ذلك رجم علي لشراحة الهمدانية
وقال عبد الرزاق في المصنف 10777 - عَنِ
الثَّوْرِيِّ، وَمَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ،
عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ الْأَسْدِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «لَا
أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا بِمُحَلَّلَةٍ إِلَّا رَجَمْتُهُمَا
وقال ابن أبي شيبة في المصنف 36191 - ابْنُ
نُمَيْرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «لَا
أُوتِيَ بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إِلَّا رَجَمْتُهُمَا»
وقال أبو داود في سننه 4458 - حَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ:
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُنَيْنٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ
إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْكُوفَةِ، فَقَالَ: لَأَقْضِيَنَّ
فِيكَ بِقَضِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ
كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَكَ جَلَدْتُكَ مِائَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا
لَكَ رَجَمْتُكَ بِالْحِجَارَةِ، فَوَجَدُوهُ قَدْ أَحَلَّتْهَا لَهُ، فَجَلَدَهُ
مِائَةً» قَالَ قَتَادَةُ: كَتَبْتُ إِلَى حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، فَكَتْبَ إِلَيَّ
بِهَذَا.
وقال عبد الرزاق في المصنف 942 - عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ
عَلِيًّا، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ قَالُوا: «مَا أَوْجَبَ الْحَدَّيْنِ
الْجَلْدَ أَوِ الرَّجْمَ أَوْجَبَ الْغُسْلَ»
وهذا إسناد قوي إلى أبي جعفر الباقر
وعدنان يظهر التشيع !
وغير ذلك من الأخبار المتكاثرة والتي
رواها الناس واتفقوا على القول بها فلو
كان النسخ ثابتاً أو حتى مطروحاً لطرق الناس الخلاف ولكان أعلم الناس به الخلفاء
الراشدون
رابعها : أن هذا الاستدلال فيه إقرار ضمني
أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ، فليس الأمر جريمة وحشية إذن !
خامسها : لو سلمنا أنه رجم ثم نسخ الرجم
بالجلد فعدنان ورشيد رضا لا يقولان بذلك على أصولهما لأنهما ينكران النسخ مطلقاً
ولكن الهوى يجعل المرء يتناقض
وتأمل معي هذا التناقض الفاحش لعدنان
إبراهيم
من المعلوم لكل متابع لعدنان إبراهيم أنه
لا منهجية عنده في التعامل مع الأحاديث والأخبار فتراه جين يتعلق الأمر بمعاوية
يصدق الأخبار المكذوبة والمراسيل ، وتجده مع ذلك ينكر الأخبار الصحيحة المتواترة
التي اتفق أهل العلم على تصحيحها كأحاديث نزول عيسى وعذاب القبر والدجال وأحاديث
الرجم وأحاديث ختان الإناث ( التي اتفق أهل العلم على مشروعيتها )
فمن ذلك تصديقه بخبر ( إذا رأيتم معاوية
على منبري فاقتلوه )
وهذا الحديث استنكره أهل العلم على علي بن
زيد بن جدعان
ولا شك أنه منكر من وجوه
أولها : معارضته لحديث ( لا يزال الإسلام
عزيزاً إلى اثني عشر أميراً كلهم من قريش ) ، ومعارضته لحديث ثناء النبي صلى الله
عليه وسلم على الحسن في الصلح بين المسلمين وقد تمخض عن إمارة معاوية
ثانيها : أنه يقضي أن الأمة تخلفت عن
تطبيق هذا الأمر فمعلوم أن الناس لم يقتلوا معاوية
فهذا الأمر النبوي إما أن يكونوا قادرين
عليه وتركوه وهذا ممتنع ففي هذا نسبة معصية النبي صلى الله عليه وسلم لكل الأمة
ولا تجتمع الأمة في ذلك القرن الفاضل على المعصية ، ثم إن على رأس هذه الأمة أعيان
أهل البيت الذين لم يطبقوا هذا الأمر !
وإما أن يكونوا غير قادرين فكيف يأمرهم
النبي صلى الله عليه وسلم بما لا مقدرة لهم عليه
والعجيب أن الرافضة الذين يرددون هذا
الحديث من أصولهم التقية وهذا الحديث يخالف التقية
ومع تصديقه لهذا المنكر لعلي بن زيد والذي
لم يعتضد إلا بما هو شر منه
كذب بهذا الخبر
قال أبو داود الطيالسي في السنن 25 - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: خَطَبَنَا
ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ: يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَامَ
فِينَا فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ الرَّجْمَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ
اللَّهِ فَلَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ فَإِنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ
نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ «رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمَ أَبُو بَكْرٍ وَرَجَمْتُ»
وهذا الخبر لعلي بن زيد اعتضد بالعديد من
الروايات الصحيحة والتي تواترت وأجمع عليها الفقهاء
وهذا يبين لك أن الرجل يسير في تيه وتخبط
ظاهر
وكان من آخر تقاليعه ترحمه على دارون
ورجاؤه له الجنة ، فهذه الجنة التي يجتمع فيها دارون وعدنان إبراهيم ، ولا يدخلها
معاوية وتتأخر عنها عائشة هذه جهنم وليست الجنة غير أنها عائشة لا تسمها النار حتى تتأخر عنها
وباب الرد على هذا المسخ واسع وقد عليه
كثيرون نسأل الله عز وجل أن يكفي المسلمين شره
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم