الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فهناك رجل أشعري من أشاعرة اليمن اسمه
عفيف الدين اليافعي له كتاب اسمه (مرهم العلل المعضلة في الرد على أئمة المعتزلة) يرد
فيه على المعتزلة في مسائل القدر وقد وقع في الجبر على طريقة القوم
وكان شاذلياً ومتعصباً للأشعري ومعظماً
للغزالي حتى زعم أن النبي صوفي أشعري اعتماداً على رؤيا منامية زعموا فيها تقريض
النبي صلى الله عليه وسلم لإحياء علوم الدين
ويا ليت شعري هل أقر النبي كل الأكاذيب
التي نسبت إليه في ذلك الكتاب فهو من أكثر الكتب موضوعات وبواطيل
ومع ذلك على عادة الأشاعرة قال كلاماً
يصلح أن يكون رداً على قومه حين رد على المعتزلة
قال اليافعي في مرهم العلل المعضلة ص95
:" فَمَا تَقول أَيهَا المعتزلي فِي مَجْمُوع هَذِه الْأَخْبَار الَّتِي
رَوَاهَا أَئِمَّة الحَدِيث الْأَعْلَام الْأَحْبَار عَن الثِّقَات والسادات
والأخيار عَن الْمُصْطَفى المكرم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ كثرتها وَكَثْرَة
مخرجها وشهرتها وحسنها وصحتها وَكَثْرَة طرقها وصريح منطوقها الظَّاهِر فِي
إِثْبَات الْقدر وَوُجُوب الْإِيمَان بِهِ على طَرِيق التَّوَاتُر أيترك الْأَخْذ
بهَا وَالْإِيمَان بمقتضاها ويقتصر على مَحْض حكم الْعُقُول ونرمي بِحكم الشَّرْع
وَسنة الرَّسُول وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُول فِي مُحكم كِتَابه الَّذِي
على سَائِر الْكتب يزهو {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ
فَانْتَهوا} فَأَي دين يبْقى لنا إِذا رمينَا سنة نَبينَا ونبذناها وَرَاء
ظُهُورنَا وَدِيننَا إِنَّمَا هُوَ متلقى مِنْهَا إِذْ مرجوع بَيَان أَحْكَام الْكتاب إِلَيْهَا قَالَ الله الْعَظِيم لنَبيه الْكَرِيم عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم {وأنزلنا إِلَيْك الذّكر لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم}
هَذَا وآيات الْكتاب الْمُقدمَات وَغَيرهَا موافقات للأحاديث الْمَذْكُورَات فِي إِثْبَات الْقدر كَمَا مر وَكَذَا إِجْمَاع سلف الْأمة أهل الِاتِّبَاع قبل ظُهُور الابتداع وَكَذَا النّظر الصَّحِيح من الْعقل لَا يجيل مَا ورد فِي ذَلِك من النَّقْل وَمن الْإِجْمَاع الْمَذْكُور اتِّفَاق السّلف فأظنه على قَول مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن"
هَذَا وآيات الْكتاب الْمُقدمَات وَغَيرهَا موافقات للأحاديث الْمَذْكُورَات فِي إِثْبَات الْقدر كَمَا مر وَكَذَا إِجْمَاع سلف الْأمة أهل الِاتِّبَاع قبل ظُهُور الابتداع وَكَذَا النّظر الصَّحِيح من الْعقل لَا يجيل مَا ورد فِي ذَلِك من النَّقْل وَمن الْإِجْمَاع الْمَذْكُور اتِّفَاق السّلف فأظنه على قَول مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن"
فانظر كيف صرح بتقديم المتواتر وظاهر
القرآن على ( محض حكم العقول ) وهذا يخالف طريقة أصحابه الذين يعظمهم
وقال الآمدي في غاية المرام :" وَلَعَلَّ
الْخصم قد يتَمَسَّك هَهُنَا بظواهر من الْكتاب وَالسّنة وأقوال بعض الْأَئِمَّة
وهى بأسرها ظنية وَلَا يسوغ اسْتِعْمَالهَا فِي الْمسَائِل القطعية فَلهَذَا آثرنا
الْإِعْرَاض عَنْهَا وَلم نشغل الزَّمَان بإيرادها"
وليست هذه طريقتهم كلهم بل طريقة الرازي
خصوصاً ومن وافقه وعامتهم يتناقضون
قال ابن العربي في قانون التأويل 461
:" وتعجبوا من رأس المحققين _ يعني الجويني _ يعول في نفي الآفات على السمع
ولا يجوز أن يكون السمع طريقاً إلى معرفة الباري ولا شيء من صفاته لأن السمع منه "
وهذه العبارة السيئة واضحة في أن النصوص
لا يعتمد عليها في باب الصفات وهذا عين التجهم ، ويصف الجويني الأشعري بأنه رأس
المحققين مما يدل على أنه على مذهبه ، والجويني والرازي لهما مذهب خبيث في أن
العقل لا يدل على نفي النقائص عن الله عز وجل فيعولون في هذا الباب على السمع على
غير عادتهم
ويقال لليافعي نصوص العلو أظهر من القدر
في الكتاب والسنة واتفاق الأمم عليها والإشكالات عليها أقل
قَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم
حَدثنَا أبي قَالَ حدثت عَن سعيد ابْن عَامر الضبعِي أَنه ذكر الْجَهْمِية فَقَالَ
هم شَرّ قولا من الْيَهُود والنصارى
قد اجْتمع الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأهل
الْأَدْيَان مَعَ الْمُسلمين على أَن الله عزوجل على الْعَرْش
وَقَالُوا هم لَيْسَ على شَيْء. ( نقله
الذهبي في العلو )
ولهذا الخلاف في القدر ظهر في الأمة قبل
الخلاف في العلو
فما ألزمت به المعتزلة من الانسلاخ من
الدين يدخل عليكم في باب العلو بل وعامة السلف هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم