الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
غرد عبد الله الشهري المشرف على مركز
براهين لمعالجة الفكر الإلحادي بما يلي :" في رواية أبي طالب عن أحمد أنه سئل
عن تارك الصلاة هل يكفر ؟ فقال: الكفر شديد لا يقف عليه أحد ! واليوم أغيلمة
التكفير عندهم أيسر من شرب الماء"
أقول : إنا لله وإنا إليه راجعون
يعلم الله كم هو ثقيل على نفسي كتابة
التعقيبات على بعض الناس خصوصاً هذه الأيام
وليعلم الشهري أننا جميعاً نقف ضد الغلو
في التكفير كما أنه ينبغي الوقوف ضد الإرجاء الغالي أيضاً
هذا النص الذي ذكره عن أحمد موجود في
الكتاب الروايتين والوجهين
قال ابن أبي يعلى :" فنقل أبو طالب وقد سئل هل يكفر؟ قال: الكفر
شديد لا يقف عليه أحد، ولكن يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، لأنها من فروع الدين
أشبه الصوم والحج. ونقل أبو داود عنه: إذا قال لا أصلي فهو كافر.
وكذلك نقل العباس بن أحمد اليماني: لا يرث
ولا يورث، وهو أصح؛ لأنه يحكم بإسلامه بفعلها فكفر بتركها كالشهادتين، ولأن
النيابة لا تدخلها بمال ولا ببدن أشبه الشهادتين"
فالرواية لها تتمة بإباحة الدم ، والله
أعلم بصحة هذه الرواية إذ أن إباحة الدم لا تأتي إلا بعد التكفير في هذه الحالة
وقد صح عن أحمد ما يناقض الشطر الأول على
فهم الشهري
قال الخلال في أحكام الملل 1368 - أَخْبَرَنَا
العباس بن مُحَمَّد اليمامي بطرسوس، قَالَ: سألت أبا عبد الله عن الحديث الَّذِي
يروى عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لا يكفر أحد من أهل
التوحيد بذنب» قَالَ: موضوع لا أصل له، كيف بحديث النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «من ترك الصلاة فقد كفر» فَقَالَ: أيورث بالملة؟ قَالَ: لا يرث، ولا
يورث.
وقال الخلال في السنة 1000- أَخْبَرَنِي
مُوسَى بْنُ سَهْلٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأَسَدِيُّ , قَالَ
: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ , قَالَ
: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) , (وَمَنْ حَمَلَ السِّلاَحَ عَلَيْنَا فَلَيْسَ
مِنَّا) ؟ قَالَ : عَلَى التَّأْكِيدِ وَالتَّشْدِيدِ , وَلاَ أُكَفِّرُ أَحَدًا
إِلاَّ بِتَرْكِ الصَّلاَةِ.
وإليك نص رواية أبي طالب الذي تصرف فيه
ابن أبي يعلى تصرفاً مخلاً
قال الخلال في أحكام الملل 1402 - أَخْبَرَنَا
أحمد بن مُحَمَّد بن مطر، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو طالب، أنه سأل أبا عبد الله عن
قول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من ترك الصلاة فقد كفر» .
متى يكفر؟ قَالَ: إذا تركها.
بعض يقول: إذا جاء وقت الصلاة الَّتِي ترك
كفر، ويدخل عَلَيْهِمْ قول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يكون عليكم
أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، فصلوها فِي وقتها، ثم صلوها معهم» .
فقد قَالَ النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، يؤخرون الصلاة عن الوقت.
قُلْتُ: إذا ترك الفجر وهو عامد لتركها،
أصبح ولم يصل، ثم جاء الظهر فلم يصل، ثم صلى العصر، وترك الفجر فقد كفر، قَالَ: هذا
أجود القول؛ لأنه قد تركها حتى وجبت عَلَيْهِ أخرى.
ولم يصلها يستتاب؛ فإن تاب، وإلا ضربت
عنقه مثل فعل أبي بكر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالُوا: لا نؤدي الزكاة، قَالَ: إن
أديتم، وإلا قاتلتكم.
فهذا إذا وجبت عَلَيْهِ صلاة أخرى، ولم
يصل الأولى، فتركها عامدا فقد صار إلى ترك الصلاة.
ومن قَالَ: إذا كان الوقت مثل صلاة العصر
إلى أن يجوز صلاة العصر، فهذا قول ضيق.
وقد قَالَ النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فِي الأمراء يصلون لغير وقتها، فقد خرج الوقت، وإذا ترك صلاة حتى تجيء
أخرى فهذا أجود؛ لأنه قد صار إلى صلاة أخرى.
قُلْتُ: هؤلاء يقولون: لو قَالَ: هي علي
إلى سنة لم يكفر، مثلما يقول: العام أحج، فلم يحج فِيهِ، فكذلك إذا قَالَ: علي
صلاة وأصليها وإن كان بعد سنة.
قَالَ: ليس هذا بشيء، إذا تركها حتى يصلي
صلاة أخرى فقد تركها، فَقُلْتُ: فقد كفر؟ قَالَ: الكفر لا يقف عَلَيْهِ أحد، ولكن
يستتاب؛ فإن تاب، وإلا ضربت عنقه.
أقول : فهذه هي الرواية وهي تكفير لتارك
الصلاة من أولها إلى آخرها ولكن البحث في ماهية الترك الذي يكفر به فأحمد ، والبحث
هنا في ترك صلاة واحدة فقط ، فقول أحمد ( لا يقف عليه أحد ) يعني من ترك صلاة
واحدة فقط لا مطلقاً وإلا فهو كفر بترك ثلاثة
وتأمل قول أحمد حين له أبو طالب في تارك
ثلاث صلوات فقد كفر (هذا أجود القول؛ لأنه
قد تركها حتى وجبت عَلَيْهِ أخرى)
وأحمد كان يفرق بين ترك صلاة وترك ثلاثة
قال الخلال في أحكام الملل 1403 - أَخْبَرَنَا
مُحَمَّد بن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب بن بختان، قَالَ: سئل أبو عبد الله عن
رجل ترك الصلاة؟ فَقَالَ: أما صلاة وصلاتين فينظر كما جاء: قوم يؤخرون الصلاة،
ولكن إذا ترك ثلاث صلوات.
وقال الخلال في أحكام الملل 1404 - أَخْبَرَنَا
مُحَمَّد بن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابن المبارك: إذا قَالَ: أصلي الفريضة غدا، فهو عندي أكفر من
الحمار.
وإليك هذا النص النفيس من مسائل ابن هانيء
ذكر رجل للإمام أحمد عقيدة فأقره عليها
إلى أن قال الرجل : وألا يكفر أحداً بذنب ؟
فقال له الإمام أحمد : اسكت ، من ترك
الصلاة فقد كفر . ( مسائل ابن هانيء ١٨٧٦
)
وهذا النص مناقض تماماً لما فهمه الشهري
من نص أبي طالب ، فتكفير تارك الصلاة أمر معروف عند أحمد وليس بالأمر المنكر
وعلى العموم التكفير إنما يذم بغير بينة
ولا برهان فلا يخلط بين الأمرين حتى لا نقع في الغلو في حرب الغلو، فإن كثيراً من
النزاعات في هذه الأمة يكون كلا الطرفين فيها مذموماً لما يقع من قصد المعاكسة أو
دفع ما عند المخالف من الحق وهكذا تنشأ البدع وتزداد يوماً بعد يوم والغلو والجفاء
كلاهما يبرر وجود الآخر
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم