الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فقد أرسل لي أحد الأخوة رسالة لبعض جهلة
القبورية يجوز فيها الاستعاذة بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما لا يقدر عليه إلا
الله ويستدل بأخبار لا علاقة لها بمحل النزاع والعجيب أنه لم يكد يحتج إلا بالضعيف
وكان مما احتج به ما رواه مسلم في صحيحه 4322-
[36-...] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَابْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ
لاِبْنِ الْمُثَنَّى ، قَالاَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ شُعْبَةَ ،
عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي
مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ غُلاَمَهُ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : أَعُوذُ
بِاللَّهِ ، قَالَ : فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ ، فَقَالَ : أَعُوذُ بِرَسُولِ اللهِ ،
فَتَرَكَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ
لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَأَعْتَقَهُ.
4323- [...] وحَدَّثَنِيهِ بِشْرُ بْنُ
خَالِدٍ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ ، يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ،
بِهَذَا الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ : أَعُوذُ بِاللَّهِ ، أَعُوذُ
بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أقول : هذه إشارة من مسلم إلى أن محمد بن
أبي عدي زاد زيادة ( أعوذ برسول الله ) من دون غندر محمد بن جعفر وهو أثبت الناس
في شعبة
وقبل بيان شذوذ هذه الزيادة وشرح إشارة
مسلم يقال هذا الحديث لا علاقة له بمحل النزاع بل استعاذة بحي قادر مستطيع حاضر
على ما يستطيعه ، فأين هذا من الاستعاذة بالميت الغائب فيما لا يقدر عليه إلا الله
قال الله تعالى : (وَمَا يَسْتَوِي
الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ
بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)
والقبوري كما أنه مشرك في توحيد الألوهية
هو مشرك في توحيد الأسماء والصفات إذ يثبت للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره سمعاً
خارقاً يسمع به على بعد آلا الكيلو مترات ولا تختلط عليه الأصوات فشبهوا سمعه بسمع
رب العالمين
ورأس شغبهم قياس الحي على الميت والحاضر
على الغائب وما لا يقدر عليه إلا الله على غيره
وأما عن الزيادة المذكورة فيقال أن هذا
الحديث رواه عن الأعمش جمع كلهم لم يذكر هذه الزيادة التي انفرد بها ابن ابي عدي
عن شعبة
قال مسلم في صحيحه 4319- [34-1659] حَدَّثَنَا
أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، يَعْنِي ابْنَ
زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ
، قَالَ : قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ : كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِي
بِالسَّوْطِ ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي ، اعْلَمْ ، أَبَا مَسْعُودٍ ،
فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ ، قَالَ : فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا
هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ : اعْلَمْ
، أَبَا مَسْعُودٍ ، اعْلَمْ ، أَبَا مَسْعُودٍ ، قَالَ : فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ
مِنْ يَدِي ، فَقَالَ : اعْلَمْ ، أَبَا مَسْعُودٍ ، أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ
عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلاَمِ ، قَالَ : فَقُلْتُ : لاَ أَضْرِبُ
مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا.
4320- [...] وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ (ح) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَهُوَ الْمَعْمَرِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ (ح) وحَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ (ح)
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ ، كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ بِإِسْنَادِ عَبْدِ الْوَاحِدِ
نَحْوَ حَدِيثِهِ.
غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ ،
فَسَقَطَ مِنْ يَدِي السَّوْطُ مِنْ هَيْبَتِهِ.
4321- [35-...] وحَدَّثَنَا أَبُو
كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا
الأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي
مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِي ، فَسَمِعْتُ
مِنْ خَلْفِي صَوْتًا : اعْلَمْ ، أَبَا مَسْعُودٍ ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ
مِنْكَ عَلَيْهِ ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ ،
فَقَالَ : أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ ، أَوْ لَمَسَّتْكَ
النَّارُ.
أقول : فهؤلاء
1_ عبد الواحد بن زياد
2_ سفيان الثوري
3_ أبو عوانة
4_ أبو معاوية الضرير
كلهم لم يذكر هذه الزيادة وهذه الزيادة
مناقضة لحديثهم إذ أن حديثهم فيه أن أبا مسعود الأنصاري لم يعلم بمن قال له ( اعلم
أن الله أقدر عليك منك عليه ) وأما في حديث محمد بن أبي عدي ففيه أن أبا مسعود
قيلت له هذه العبارة بعد رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا تناقض واضح يوجب
الترجيح والأكثر أولى بالحفظ كما قال الإمام الشافعي وتبعه الخطيب
ومسلم قد بين هذه الزيادة وأشار إلى علتها
إشارة يفقهها من يعرف الفن
وقد استدل القبوري أيضاً بما رواه أحمد في
مسنده 26366 - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْوَاحِدِ، عَنْ أَفْلَتَ بْنِ خَلِيفَةَ، قَالَ أَبِي: سُفْيَانُ يَقُولُ: فُلَيْتٌ،
عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: بَعَثَتْ صَفِيَّةُ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ قَدْ صَنَعَتْهُ
لَهُ وَهُوَ عِنْدِي، فَلَمَّا رَأَيْتُ الْجَارِيَةَ، أَخَذَتْنِي رِعْدَةٌ
حَتَّى اسْتَقَلَّنِي أَفْكَلُ، فَضَرَبْتُ الْقَصْعَةَ، فَرَمَيْتُ بِهَا. قَالَتْ:
فَنَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَفْتُ
الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِرَسُولِ اللَّهِ أَنْ يَلْعَنَنِي
الْيَوْمَ. قَالَتْ: قَالَ: «أَوْلَى» . قَالَتْ: قُلْتُ: وَمَا كَفَّارَتُهُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «طَعَامٌ كَطَعَامِهَا، وَإِنَاءٌ كَإِنَائِهَا»
وهذا في سنده جسرة بن دجاجة قال البخاري
عندها عجائب ، وضعف أحمد حديثها
والحديث محفوظ من غير طريقها من غير هذه
الزيادة
قال البخاري في صحيحه 5225 - حَدَّثَنَا
عَلِيٌّ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ
فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ
فَضَرَبَتْ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا
يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتْ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا
الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ
حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي
بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا
وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ
وهذه الرواية تناقض رواية جسرة إذ أن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يغضب على عائشة لفعلها
واستدل القبوري بما روى ابن السني في عمل
اليوم والليلة 346 - أخبرني إسماعيل بن إبراهيم الحلواني ، حدثنا أبي ، ثنا
إبراهيم بن المنذر ، ثنا عبد العزيز بن عمران ، عن ابن أبي حبيبة ، عن داود بن
الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم قال : « إذا
كنت بواد تخاف فيها السباع ، فقل : أعوذ بدانيال وبالجب من شر الأسد »
وهذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض
فعبد العزيز بن عمران متروك ومثله شيخه
وداود بن الحصين منكر الحديث عن عكرمة
و قال على ابن المدينى : ما روى عن عكرمة
، فمنكر الحديث .
قال : و قال سفيان بن عيينة : كنا نتقى
حديث داود بن الحصين .
و قال أبو زرعة : لين .
و قال أبو حاتم : ليس بالقوى ، و لولا أن
مالكا روى عنه لترك حديثه .
و قال أبو داود : أحاديثه عن عكرمة مناكير
، و أحاديثه عن شيوخه مستقيمة
واستدل القبوري أيضاً بما روى الخطيب البغدادي
في المتفق والمفترق حدث عنه عمرو بن يحيى بن عمارة المدني عنه عن النبي صلى الله
عليه وعلى آله وسلم وأخرجه بعض الشيوخ المحدثين في معجم الصحابة وليس يثبت له صحبة.
(592) أخبرنا أبو بكر البرقاني حدثنا أبو
بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي إملاء في معجم الصحابة أخبرني أبو عبد الله محمود
بن محمد حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن عمرو بن يحيى عن زياد بن أبي زياد قال
قدم على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ركب من اليمن فأتوا النبي صلى الله
عليه وعلى آله وسلم فسألوهم عن حوائجهم فقال رجل منهم حاجتي أني أعوذ بالله ورسوله
من النار فقال أعاذك الله ورسوله من النار قال الإسماعيلي رحمه الله لا أدري له
صحبة أولا يعني زياد بن أبي زياد.
وهذا خبر مرسل أرسله مجهول كفانا الخطيب
مؤنته ولو صح لم يدل على ما أراد القبوري فإن الرجل أراد دعاء النبي صلى الله عليه
وسلم وتأدب بذكر الله عز وجل قبل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فمتنه يناقض مقصود
القبوري
واستدل القبوري أيضاً بما روى ابن عساكر
في تاريخ دمشق (13/168) : اخبرني أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن احمد أنا أبو
بكر احمد بن علي أنا القاضي أبو الفرج محمد بن احمد بن الحسن الشافعي نا أبو بكر
احمد بن يوسف بن خلاد المعدل نا احمد بن يوسف القرشي نا ضرار بن صرد نا محمد بن
فضيل الضبي عن علي بن ميسر عن عمر بن عمير عن عروة بن فيروز عن سودة (1) بنت مسرح
قالت كنت فيمن حضر فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين ضربها المخاض قلت
فأتانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال كيف هي كيف هي ابنتي فديتها قالت قلت
إنها لتجهد يا رسول الله قال فإذا وضعت فلا تسبقيني به بشئ قالت فوضعته فسررته
ولففته في خرقة صفراء فجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال ما فعلت ابنتي
فديتها وما حالها وكيف هي فقلت يا رسول الله وضعته وسررته ولففته في خرقة صفراء
فقال لقد عصيتني قالت قلت اعوذ بالله من معصية الله ومعصية الرسول الله (صلى الله
عليه وسلم) سررته يا رسول الله ولم اجد من ذلك بدا قال ائتني به قالت فأتيته به
فألقى عنه الخرقة الصفراء ولفه في خرقة بيضاء وتفل في فيه والباه بريقة قالت فجاء
علي فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما سميته يا علي قال سميته جعفرا يا رسول
الله قال لا ولكنه حسن بعده حسين وأنت أبو الحسن والحسين
وهذا في سنده ضرار بن صرد متروك ضعيف جداً
وقال الذهبي في الميزان :" 5954 - على
بن ميسر.
عن عمر بن عمير، عن ابن فيروز، إسناد
مظلم، والمتن باطل"
واستدل القبوري أيضاً بحديث أعوذ بالله
ورسوله أن أكون كوافد عاد
قال أحمد في مسنده 15954 - حَدَّثَنَا
زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُنْذِرِ سَلَّامُ بْنُ
سُلَيْمَانَ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْبَكْرِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ
أَشْكُو الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ، فَإِذَا عَجُوزٌ مِنْ بَنِي
تَمِيمٍ مُنْقَطِعٌ بِهَا، فَقَالَتْ لِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّ لِي إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَةً، فَهَلْ أَنْتَ
مُبَلِّغِي إِلَيْهِ؟ قَالَ: فَحَمَلْتُهَا، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَإِذَا
الْمَسْجِدُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، وَإِذَا رَايَةٌ سَوْدَاءُ تَخْفِقُ [ص:307]،
وَبِلَالٌ مُتَقَلِّدٌ السَّيْفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالُوا: يُرِيدُ أَنْ
يَبْعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَجْهًا، قَالَ: فَجَلَسْتُ، قَالَ: فَدَخَلَ
مَنْزِلَهُ - أَوْ قَالَ: رَحْلَهُ - فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لِي،
فَدَخَلْتُ، فَسَلَّمْتُ فَقَالَ: «هَلْ كَانَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي تَمِيمٍ
شَيْءٌ؟» قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَكَانَتْ لَنَا الدَّبْرَةُ عَلَيْهِمْ،
وَمَرَرْتُ بِعَجُوزٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مُنْقَطِعٌ بِهَا، فَسَأَلَتْنِي أَنْ
أَحْمِلَهَا إِلَيْكَ، وَهَا هِيَ بِالْبَابِ فَأَذِنَ لَهَا فَدَخَلَتْ، فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي
تَمِيمٍ حَاجِزًا، فَاجْعَلِ الدَّهْنَاءَ، فَحَمِيَتِ الْعَجُوزُ،
وَاسْتَوْفَزَتْ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِلَى أَيْنَ تَضْطَرُّ
مُضَرَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّمَا مَثَلِي، مَا قَالَ الْأَوَّلُ: مِعْزَاةُ
حَمَلَتْ حَتْفَهَا، حَمَلْتُ هَذِهِ، وَلَا أَشْعُرُ أَنَّهَا كَانَتْ لِي
خَصْمًا أَعُوذُ بِاللَّهِ، وَرَسُولِهِ أَنْ أَكُونَ كَوَافِدِ عَادٍ قَالَ: «هِيهْ،
وَمَا وَافِدُ عَادٍ؟» وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ، وَلَكِنْ
يَسْتَطْعِمُهُ، قُلْتُ: إِنَّ عَادًا قَحَطُوا فَبَعَثُوا وَافِدًا لَهُمْ،
يُقَالُ لَهُ: قَيْلٌ، فَمَرَّ بِمُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ
شَهْرًا يَسْقِيهِ الْخَمْرَ، وَتُغَنِّيهِ جَارِيَتَانِ يُقَالُ لَهُمَا: الْجَرَادَتَانِ،
فَلَمَّا مَضَى الشَّهْرُ خَرَجَ جِبَالَ تِهَامَةَ، فَنَادَى: اللَّهُمَّ إِنَّكَ
تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَجِئْ إِلَى مَرِيضٍ فَأُدَاوِيَهُ، وَلَا [ص:308] إِلَى
أَسِيرٍ فَأُفَادِيَهُ، اللَّهُمَّ اسْقِ عَادًا مَا كُنْتَ مُسْقِيَهُ، فَمَرَّتْ
بِهِ سَحَابَاتٌ سُودٌ فَنُودِيَ مِنْهَا: اخْتَرْ، فَأَوْمَأَ إِلَى سَحَابَةٍ
مِنْهَا سَوْدَاءَ، فَنُودِيَ مِنْهَا: خُذْهَا رَمَادًا رِمْدِدًا ولَا تُبْقِ
مِنْ عَادٍ أَحَدًا، قَالَ: فَمَا بَلَغَنِي أَنَّهُ بُعِثَ عَلَيْهِمْ مِنَ
الرِّيحِ، إِلَّا قَدْرَ مَا يَجْرِي فِي خَاتِمِي هَذَا، حَتَّى هَلَكُوا، قَالَ
أَبُو وَائِلٍ: وَصَدَقَ قَالَ: " فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ إِذَا
بَعَثُوا وَافِدًا لَهُمْ، قَالُوا: لَا تَكُنْ كَوَافِدِ عَادٍ "
أقول : وهذا الخبر في سنده سلام بن سليمان
النحوي وهو صدوق يهم فكيف يحتج به القبوري كما أنه اضطرب في زيادة ورسوله
فقد روى عفان بن مسلم هذا الخبر عنه بدون
هذه الزيادة وقد ذكر هذه الزيادة زيد بن الحباب وهو صدوق يخطيء
وقد روى سفيان بن عيينة هذا الخبر كما
عندي الترمذي بدون زيادة ( ورسوله ) فتعين أنها شاذة مضطربة
والخبر إن صح فلا علاقة بممارسات القبورية
كما شرحته مقدماً
والعجب من القوم يدعون أن أخبار الآحاد لا
تصلح في العقيدة ويستدلون بالشاذ والمنكر والواهي
وإليك قول إمام من أئمتهم وهو القرطبي حيث
يقول في تفسيره :" ولا خفاء أن الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر وشرك"
يعني فيما يقدر عليه إلا الله ولا فرق بين
مخلوق ومخلوق في هذا ( فلا تدعوا مع الله أحداً )
وقال ابن حجر في شرح البخاري (20/476)
:" قَالَ نُعَيْم بْن حَمَّاد فِي الرَّدّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ : دَلَّتْ
هَذِهِ الْأَحَادِيث يَعْنِي الْوَارِدَة فِي الِاسْتِعَاذَة بِأَسْمَاءِ اللَّه
وَكَلِمَاته ، وَالسُّؤَال بِهَا مِثْل أَحَادِيث الْبَاب ، وَحَدِيث عَائِشَة ،
وَأَبِي سَعِيد " بِسْمِ اللَّه أَرْقِيك " وَكِلَاهُمَا عِنْد مُسْلِم
، وَفِي الْبَاب عَنْ عُبَادَةَ وَمَيْمُونَة وَأَبِي هُرَيْرَة وَغَيْرهمْ عِنْد
النَّسَائِيِّ وَغَيْره بِأَسَانِيد جِيَاد ، عَلَى أَنَّ الْقُرْآن غَيْر
مَخْلُوق إِذْ لَوْ كَانَ مَخْلُوقًا لَمْ يَسْتَعِذْ بِهَا إِذْ لَا يُسْتَعَاذ
بِمَخْلُوقٍ ، قَالَ اللَّه تَعَالَى ( فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ ) وَقَالَ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَإِذَا اِسْتَعَذْت
فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ " وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد فِي " كِتَاب
السُّنَّة " قَالَتْ الْجَهْمِيَّةُ لِمَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّه لَمْ يَزَلْ
بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاته ، قُلْتُمْ بِقَوْلِ النَّصَارَى حَيْثُ جَعَلُوا مَعَهُ
غَيْره ، فَأَجَابُوا بِأَنَّا نَقُول إِنَّهُ وَاحِد بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاته ،
فَلَا نَصِف إِلَّا وَاحِدًا بِصِفَاتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى ( ذَرْنِي وَمَنْ
خَلَقْت وَحِيدًا ) وَصَفَهُ بِالْوَحْدَةِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ لِسَان
وَعَيْنَانِ وَأُذُنَانِ وَسَمْع وَبَصَر وَلَمْ يَخْرُج بِهَذِهِ الصِّفَات عَنْ
كَوْنه وَاحِدًا وَلِلَّهِ الْمَثَل الْأَعْلَى"
وهذا الاستدلال الذي ذكره نعيم استدل به
جميع علماء أهل السنة وها أنت ترى حتى الأشاعرة لا يمكنهم دفع هذا ويذكرونه
وما صنعه ذلك القبوري إنما هو من اتباع
المتشابه واتباع ما لا يصح
قال مسلم في صحيحه 6869- [1-2665] حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : تَلاَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ
مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ،
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ
ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ
إِلاَّ اللَّهُ ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ
مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ، وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ} قَالَتْ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ
فَاحْذَرُوهُمْ.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم