الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فإن الغلو في المصلحة صار سمة على عدد من
الفتاوى المخالفة لنهج السلف ، وتوسع كثير من المفتين في أمر المصلحة أوقع الناس
في حيص بيص ، وهنا إيقاظة حول ما قد ينتهي إليه الغلو في فقه المصلحة عن طريق سؤال
علمي
وهو أن رجلاً تعرف على امرأة نصرانية أو
من أي دين آخر وأقام معها على الفاحشة ثم بعد ذلك تعرفت على بعض أمور الإسلام من
طريقه ثم أسلمت وتزوجت به وأنجبت منه أطفالاً يحفظون القرآن
والسؤال هنا : هل ما ترتب على تلك العلاقة
من مصلحة إسلام المرأة يبرر تلك العلاقة المحرمة ، وهل يجوز لنا أن نحث أبناء
المسلمين على إقامة العلاقات المحرمة مع الكافرات لتعريفهن بالإسلام ؟
الجواب القطعي من كل عاقل : لا يجوز هذا
ومن استحله فقد استحل محرماً معلوم تحريمه من الدين بالضرورة
فيقال : وكذلك الانتخابات الديمقراطية هي
أشنع من الزنا إذ أنها حكم بغير ما أنزل الله والتصويت على الشريعة بحد ذاته
انتقاص عظيم للشرع ، على أن دخول كثير من الحركات الحزبية في الانتخابات لم يحقق
المراد منذ خمسين عاماً وأكثر
وكذلك دعوة جماعة التبليغ البدعة لغير
المسلمين فإذا لم يجز دعوة غير المسلمين بالمعاصي فلا يجوز دعوتهم بالبدع ، ولا
نظر إلى المصالح المزعومة فإن هذه المصالح لا شك أنها كانت ستحصل بالوسائل الشرعية
ومن اعتقد أن الدين لا ينصر إلا بالبدع أو بالديمقراطية فقد زعم أن محمداً صلى
الله عليه وسلم لم يبين لأمته كيف تنشر دينها وكيف تنتصر وكيف تحكم الشرع
وكذلك بعض الفتاوى التي تبيح للمرأة أن
تسافر إلى بلاد الكفر وتكشف عورتها المغلظة لطبيب كافر من أجل إنجاب الولد ، فمثل
هذا ينبغي للمفتي به أن يتأمله جيداً فإن الله سائله عما يقول
ومثل هذا السؤال قد يغير فيقال : هل يجوز
لمسلم أن يتزوج ملحدة أو وثنية أو نصرانية غير عفيفة لدعوتها للإسلام ؟
فلا شك أن الفقهاء متفقون على أنه لا يجوز
الزواج بمن هذه حالها بحال
فأين ذهب فقه المصلحة ؟
ولا شك أن أمر المصلحة موجود في الشرع غير
أنه في حدود ضيقة وفي أمور بينها الشرع في غالبها كأمر الضرورة ، والقواعد الفقهية
هي تفسير للشرع وليست شرعاً جديداً يحل محل النصوص
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم