الأربعاء، 19 فبراير 2014

بيان غلط من نزل حديث ( أنتم شهداء الله في الأرض ) على متابعي تويتر



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد بلغني عن سعد بن تركي الخثلان ( كذا الشهرة والصواب لغة الخثلاني ) ، أنه هنأ بعض كثيري المتابعين في تويتر بكثرة متابعيه واستدل بحديث ( أنتم شهداء الله في الأرض )

وهذا الاستدلال غلط عظيم من وجوه

الأول : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في مخاطبة الصحابة ولا ينطبق هذا على من تأخر عنهم خصوصاً في الأزمة المتأخرة

فقد جاء في السنة أخبار تدل على أنهم يعلون الوضيع

قال البخاري في صحيحه 59 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ ح وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ

ومن توسيد الأمر إلى غير أهله جعل الجهلة من أهل العلم

قال البخاري في صحيحه 100 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا قَالَ الْفِرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ

والناس إذا اتخذوا رأساً جاهلاً لا يقولون عنه ( جاهل ) وإنما يقولون ( عالم ) و ( علامة )

وأحاديث غربة الإسلام تدل على هذا المعنى

وقال البيهقي في الزهد الكبير 145 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف ، أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا إسحاق الأزرق ، حدثنا عوف ، عن أبي المنهال ، عن أبي العالية قال : « كنا نحدث أنه سيأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من الأمة ، أكيسهم في ذلك الزمان الذي يروغ بدينه روغان الثعلب »

وأبو العالية تابعي مخضرم وهذا حال المؤمن العالم في آخر الزمان

وقال ابن ماجه في سننه 4036- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ، قِيلَ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ.

ويشمل هذا تصديق الكاذب في العلم وتكذيب الصادق في العلم وهذا كثير في أزمنتنا

الثاني : أن المتابعين في هذه البرامج ليست متابعتهم دليل موافقة بل بعضهم يتابع شغفاً بالجدل أو تتبعاً لأمر يريده

الثالث : أن هناك كثيرين من توجهات متضاربة يحظون بعدد هائل من المتابعين فإن كان ذلك دليلاً على استقامة الطريقة للزم تصحيح طريق هؤلاء جميعهم وهذا ممتنع

الرابع : أن ما يسمونه بوضع القبول _ بهذا المعنى الخلفي المغلوط_ قد حصل لبعض من لهم انحراف عظيم في الأزمنة المتأخرة

قال الذهبي في السير (23/ 225) :" قَرَأْت بِخَطّ السَّيْف الحَافِظ: كَانَ الحَرِيْرِيّ مِنْ أَفتن شَيْء وَأَضرِّهِ عَلَى الإِسْلاَمِ، تَظهرُ مِنْهُ الزَّنْدَقَة وَالاستهزَاء بِالشرع، بَلَغَنِي مِنَ الثِّقَاتِ أَشيَاءُ يُسْتَعظم ذِكرُهَا مِنَ الزَّنْدَقَةِ وَالجُرْأَةِ عَلَى اللهِ، وَكَانَ مُسْتَخِفّاً بِأَمر الصَّلَوَاتِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَرِيْرِيِّ: مَا الحُجَّةُ فِي الرَّقصِ؟
قَالَ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا  } .
وَكَانَ يُطعِمُ وَيُنفِقُ وَيَتبعه كُلّ مُرِيب.
شَهِدَ عَلَيْهِ خَلقٌ كَثِيْر بِمَا يُوجب القتلَ، وَلَمْ يُقْدِم السُّلْطَانُ عَلَى قَتْلِهِ، بَلْ سَجَنَهُ مَرَّتَيْنِ"

وقال أيضاً :" وَعِنْدِي مَجمُوعٌ مِنْ كَلاَمِ الشَّيْخِ الحَرِيْرِيِّ فِيْهِ: إِذَا دَخَلَ مرِيْدِي بِلاَد الرُّوْم، وَتنصَّر، وَأَكل الخِنْزِيْر، وَشرب الخَمْر كَانَ فِي شغلِي!
وَسَأَله رَجُل: أَيُّ الطّرق أَقْرَب إِلَى اللهِ؟
قَالَ: اترك السَّيرَ وَقَدْ وَصلتَ!
وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: بَايِعُونِي عَلَى أَنَّ نَمُوْت يَهُوْدَ  ، وَنُحْشَرَ إِلَى النَّارِ حَتَّى لاَ يَصْحَبنِي أَحَدٌ لِعِلَّةٍ.
وَقَالَ: لَوْ قَدِمَ عَلَيَّ مَنْ قَتَلَ وَلَدِي وَهُوَ بِذَلِكَ طَيِّبٌ وَجَدَنِي أَطيَبَ مِنْهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: أَمردُ يُقدِّمُ مدَاسِي أَخْيَرُ مِنْ رِضْوَانِكُم، وَربع قَحبَةٍ عِنْدِي أَحْسَنُ مِنَ الولدَان، أَودُّ أَشتهِي قَبْلَ مَوْتِي أَعشق وَلَوْ صُوْرَة حَجر، أَنَا مُتَّكِل مُحَيّر وَالعشق بِي مَشْغُوْل!!"

وهذا الذي صح عنه كل هذه الزندقة

يقول الذهبي بعد ذلك فيه :" وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَنْجَبَ فِي (تَارِيْخِهِ) : الفَقِيْرُ الحَرِيْرِيُّ شَيْخٌ عَجِيْبٌ، كَانَ يُعَاشِرُ الأَحدَاثَ، كَانَ يُقَالُ عَنْهُ: إِنَّهُ مبَاحِيٌّ وَلَمْ تَكن لَهُ مُرَاقبَة، كَانَ يُخرِّب، وَالفُقَهَاءُ يُنكِرُوْنَ فِعلَهُ، وَكَانَ لَهُ قَبُولٌ عَظِيْمٌ"

وهذا الزنديق دافع عنه أبو شامة المقدسي وشهد له بالولاية والعلم بما في سرائر الناس فيا أسفي على مصنف ( الباعث )
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم