السبت، 19 أكتوبر 2013

هذا قول الإمام أحمد فما عسانا أن نقول نحن ؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال المروذي في كتاب الورع 1 : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَكَرَ أَخْلاقَ الوَرِعِينَ .
فَقَالَ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا يَمْقُتَنَا أَيْنَ نَحْنُ مِنْ هَؤُلاءِ
2 : وَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ هَلْ لِلْوَرَعِ حَدٌّ يُعْرَفُ فَتَبَسَّمَ .
وَقَالَ مَا أَعْرِفُهُ
أقول : الله أكبر بل أسأل الله ألا يمقتنا نحن ، فهذا الإمام الذي علم الدنيا الورع امتحن في دينه فصبر ، وعرضت عليه الدنيا فردها

قال عبد الله في زوائد الزهد 531: سَمِعْتُ مُوسَى الطَّرْطُوسِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ ، يَقُولُ : دَخَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الْكِيرَ ، فَخَرَجَ ذَهَبَةً حَمْرَاءَ قَالَ عَلِيٌّ : فَبَلَغَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَوْلُ بِشْرٍ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْضَى بِشْرًا بِمَا صَنَعْنَا.

وبشر هو الحافي الزاهد المعروف ، فالإمام أحمد مع اتفاق الأمة على إمامته وورعه يقول هذه الكلمة ويخاف على نفسه فما عسانا أن نقول نحن وما أبعدنا عن أحوال القوم

قال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/84) :" وفى محاسبة النفس عدة مصالح منها: الاطلاع على عيوبها، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته، فإذا اطلع على عيبها مقتها فى ذات الله تعالى.
وقد روى الإمام أحمد عن أبى الدرداء رضي الله عنه قال: "لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس فى جنب الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا".
وقال مُطرِّف بن عبد الله: "لولا ما أعلم من نفسي لقَليْتُ الناس".
وقال مصرف فى دعائه بعرفة: "اللهم لا ترد الناس لأجلى".
وقال بكر بن عبد الله المزني: "لما نظرت إلى أهل عرفات ظننت أنهم قد غفر لهم، لولا أني كنت فيهم".
وقال أيوب السختياني: "إذا ذكر الصالحون كنتُ عنهم بمعزل".
ولما احتضر سفيان الثوري دخل عليه أبو الأشهب، وحماد بن سلمة، فقال له حماد: "يا أبا عبد الله، أليس قد أمنت مما كنت تخافه؟ وتقدم على من ترجوه، وهو أرحم الراحمين، فقال: يا أبا سلمة، أتطمع لمثلي أن ينجو من النار؟ قال: إي والله، إنى لأرجو لك ذلك"

فإن قلت : ما حملهم على مثل هذه الأحوال
قلت لك : تصاغرهم لأعمالهم في جنب فضل الله عليهم ، ومحاسبتهم لأنفسهم وبصيرتهم بعيوبها فيستعظمون الذنب وإن كان صغيرة لعظم قدر الخالق في نفوسهم ، ويستقلون الإحسان لعلمهم أنهم ما وفقوا لهذا إلا بمنه وكرمه

قال البخاري في صحيحه 6308 : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ

فانظر أيهما أقرب لحالك حال المؤمن الصادق أم حال الفاجر ؟
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم