الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد رأيت بعض المصنفين في أركان الإيمان يصف الملائكة بأن لها خلقاً عظيماً
، ويستدل لذلك بما ورد من صفة جبريل وعظم خلقه وأن له ستمائة جناح كل جناح منها سد
الأفق
والحق أن هذا الاستدلال على هذا المطلوب محل نظر من وجهين
الأول : أن ثبوت في حق جبريل _ عليه السلام _ أو في حق بعض حملة العرش
لا يعني ثبوته في حق بقية الملائكة بل وثبوته في حق الملائكة لا يعني ثبوته في كل الملائكة
وهذا باب لا يدخله القياس إذ أنه غيب محض ، وقد دل النص على تفاوت الملائكة في الخلقة
قال الله تعالى : ( جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ
مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
الوجه الثاني : أنه قد ورد عن بعض السلف ما يدل على أن من الملائكة من
ليس عظيم الخلقة
قال ابن مندة في الرد على الجهمية 83 - أخبرنا محمد بن الحسين القطان ،
ثنا أبو الأزهر النيسابوري ، ثنا صدقة بن سابق ، قال : قرأت على محمد بن إسحاق ، حدثني
هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو قال : سمعته يقول : خلق الله الملائكة
، ثم قال : ليكن منكم ألف ألفين ، فيكونون ، فإن في الملائكة لخلقا هم أصغر من الذباب
، وقال غيره وزاد فيه وخلقهم من نور الذراعين والصدر
وهذا الأثر استيعاب متنه يدل على أن ابن إسحاق قد حفظ ، ولو لم نثبته فإنه
يدل على جواز وقوع ذلك الأمر عند السلف إذ أنهم رووا الخبر ولم يستنكروه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم