الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
قال الله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي
خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ
لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
الذي لا يعلمه كثيرون أن هذه الآية نزلت
في إعانة النصارى بختنصر على اليهود في قول عدد من السلف
قال الطبري في تفسيره 1823- حدثنا بشر بن
معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قوله: (ومن أظلم ممن منع مساجد
الله أن يذكر فيها اسمه) ، الآية، أولئك أعداء الله النصارى، حملهم بغض اليهود على
أن أعانوا بختنصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس.
1824- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا
عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن
يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) ، قال: هو بختنصر وأصحابه، خرب بيت المقدس، وأعانه
على ذلك النصارى.
1825- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال،
حدثنا أسباط، عن السدي: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في
خرابها) ، قال: الروم، كانوا ظاهروا بختنصر على خراب بيت المقدس، حتى خربه، وأمر
به أن تطرح فيه الجيف، وإنما أعانه الروم على خرابه، من أجل أن بني إسرائيل قتلوا
يحيى بن زكريا.
أقول : هذه فائدة نفيسة غاية في الإنصاف
فمعلوم أن اليهود آنذاك كانوا كفاراً بعد
كفرهم بالمسيح عليه الصلاة والسلام ، ومعلوم أن سبب تسليط بختنصر عليهم الكوني هو
قتلهم ليحيى بن زكريا
ولكنهم كانوا يسكنون في بيت من بيوت الله
، فذم الله النصارى الذين أعانوا الكافر المجوسي الذي لا يراعي حرمة بيت الله على
اليهود مع بغض رب العالمين لليهود
وهذه فائدة جليلة في الإنصاف
فلا يجوز لك شرعاً أن تعين كافراً أو
ظالماً على آخر فضلاً عن مسلم إن علمت أن هذا الكافر أو الظالم سيتجاوز الحد في
العقوبة أو سيهين شعائر الله
فلا يجوز أن تعين رافضياً على من تراه
خارجي وإن ظلمك مطلقاً وخصوصاً إن علمت أن هذا الرافضي ينتهك الأعراض ويهدم
المساجد
بل إنك إن فعلت سيكون لك حظ من الآية (وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى
فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ
لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
فاليهود قتلوا نبياً وسلط الله عليهم
بختنصر وهذا تسليط كوني لا يلزم منه الرضا بما سيفعل بختنصر ولما أعان النصارى
بختنصر الظالم الذي دنس المساجد غضب الله على النصارى أيضاً
قال أبو جعفر الطبري : وأولى التأويلات
التي ذكرتها بتأويل الآية قول من قال: عنى الله عز وجل بقوله: (ومن أظلم ممن منع
مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) النصارى. وذلك أنهم هم الذين سعوا في خراب بيت
المقدس، وأعانوا بختنصر على ذلك، ومنعوا مؤمني بني إسرائيل من الصلاة فيه بعد
منصرف بختنصر عنهم إلى بلاده.
أقول : ولا يختلف المفسرون في أن تسليط
بختنصر على اليهود كان بسبب قتلهم ليحيى بن زكريا
ولهذا كان يقول ابن تيمية ( التتر لهذه
الأمة كبختنصر لبني إسرائيل ) وهذه كلمة جليلة
وقد رأيت بعض من أعمى بغضه لأقوام معينين
قلبه يسأل عن محمد الحسن ولد الددو فلا يهمه الرد على ضلالاته بل يذهب ويجمع من
أقوال المعظمين حتى المنكرين عليه ما يقترب من قول الددو وليس هو هو لو أنصف إغاضة
لمخالفيه وتقوية لحجة الددو من حيث لا يشعر وما هذا بسبيل العلماء ولا المتحرقين
على الشرع الذابين عنه وإنما هو سبيل الباحثين عن الانتقام فحسب لأمر طلبوه فلم
يحصلوه فصار الأمر كقول من يقول ( إما أن تكون لي أو لا تكون لأحد أبداً )
وإنا لله وإنا إليه راجعون
ومن هذا الجنس المنهي عنه ترديد أكاذيب الفساق والكفار التي لا تصدق على أحد أبداً إلا بعد التثبت من صدقها ، على أقوام بيننا وبينهم عداوة
ومن عظيم إنصاف الإمام أحمد الذي تلوكه الألسنة الفاجرة بالظلم أنه كان ينهى عن سجن من يؤذيه لئلا يتجاوز في عقوبته ويؤثر الصبر على ذلك
قال الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ صَالِحًا ابْنَكَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَيُخْبِرُوهُ بِقِصَّةِ شَمْخَصَةَ، أَنَّهُ شَتَمَكَ وَقَدْ أَشْهَدُوا عَلَيْهِ - وَكَانَ قَدْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِئُ - فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «قُلْ لَهُمْ لَا تَعَرَّضُوا لَهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى السُّلْطَانِ»
وَبَلَغَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ قَرَابَةً لَهُ حَبَسَ رَجُلًا فِي السِّجْنِ، فَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ، وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " رَأَيْتُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ رَقَّ لَهَا قَلْبِي، أَوْ قَالَ: رَقَقْتُ لَهَا. قَالَتْ: ابْنِي حُبِسَ بِسَبَبِكَ، حَبَسَهُ شَمْخَصَةُ وَأَصْحَابُهُ. فَقَالَ: لَوْ تَكَلَّمْتُمْ فِي أَمْرِهِ؟ قُلْتُ: قَدْ سَأَلَ أَصْحَابُنَا أَنْ أَذْهَبَ إِلَى فُلَانٍ، قَالَ: فَلَا تَذْهَبْ تُكَلِّمُ مَنْ يُكَلِّمُهُ عَلَى شَرْطِ، أَلَّا يَحْبِسَ مِنْهُمْ أَحَدًا "
وقال أيضاً أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْخَلِيلِ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ أَبَا حَامِدٍ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ، يُرَى مِنْهُ الْفِسْقُ وَالدَّعَارَةُ، وَيُنْهَى فَلَا يَنْتَهِي، يَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ؟ قَالَ: «إِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَارْفَعْهُ»
وَقَالَ: «كَانَ لَنَا جَارٌ فَرُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ، كَانَ قَدْ تَأَذَّى مِنْهُ جِيرَانُهُ فَرَفَعُوهُ، فَضَرَبُوهُ مِئَتِي دِرَّةٍ، فَمَاتَ»
ومن هذا الجنس المنهي عنه ترديد أكاذيب الفساق والكفار التي لا تصدق على أحد أبداً إلا بعد التثبت من صدقها ، على أقوام بيننا وبينهم عداوة
ومن عظيم إنصاف الإمام أحمد الذي تلوكه الألسنة الفاجرة بالظلم أنه كان ينهى عن سجن من يؤذيه لئلا يتجاوز في عقوبته ويؤثر الصبر على ذلك
قال الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ صَالِحًا ابْنَكَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَيُخْبِرُوهُ بِقِصَّةِ شَمْخَصَةَ، أَنَّهُ شَتَمَكَ وَقَدْ أَشْهَدُوا عَلَيْهِ - وَكَانَ قَدْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِئُ - فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «قُلْ لَهُمْ لَا تَعَرَّضُوا لَهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى السُّلْطَانِ»
وَبَلَغَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ قَرَابَةً لَهُ حَبَسَ رَجُلًا فِي السِّجْنِ، فَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ، وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " رَأَيْتُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ رَقَّ لَهَا قَلْبِي، أَوْ قَالَ: رَقَقْتُ لَهَا. قَالَتْ: ابْنِي حُبِسَ بِسَبَبِكَ، حَبَسَهُ شَمْخَصَةُ وَأَصْحَابُهُ. فَقَالَ: لَوْ تَكَلَّمْتُمْ فِي أَمْرِهِ؟ قُلْتُ: قَدْ سَأَلَ أَصْحَابُنَا أَنْ أَذْهَبَ إِلَى فُلَانٍ، قَالَ: فَلَا تَذْهَبْ تُكَلِّمُ مَنْ يُكَلِّمُهُ عَلَى شَرْطِ، أَلَّا يَحْبِسَ مِنْهُمْ أَحَدًا "
وقال أيضاً أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْخَلِيلِ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ أَبَا حَامِدٍ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ، يُرَى مِنْهُ الْفِسْقُ وَالدَّعَارَةُ، وَيُنْهَى فَلَا يَنْتَهِي، يَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ؟ قَالَ: «إِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَارْفَعْهُ»
وَقَالَ: «كَانَ لَنَا جَارٌ فَرُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ، كَانَ قَدْ تَأَذَّى مِنْهُ جِيرَانُهُ فَرَفَعُوهُ، فَضَرَبُوهُ مِئَتِي دِرَّةٍ، فَمَاتَ»
وما أكثر من يحمله بغض خصمه على الظلم
والخروج عن حد الاعتدال وإعانة الفجرة والظالمين والزنادقة على خصومه وهذا مصداق
قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لتتبعن سنن من كان قبلكم )
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم