مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: فائدة حديثية عقدية : تصحيح سفيان الثوري لحديث ( رأيت ربي في أحسن صورة )

فائدة حديثية عقدية : تصحيح سفيان الثوري لحديث ( رأيت ربي في أحسن صورة )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال الترمذي في جامعه 3235 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ أَبُو هَانِئٍ اليَشْكُرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَهْضَمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلاَّمٍ، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ الحَضْرَمِيِّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ السَّكْسَكِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: احْتُبِسَ عَنَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى كِدْنَا نَتَرَاءَى عَيْنَ الشَّمْسِ، فَخَرَجَ سَرِيعًا فَثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَجَوَّزَ فِي صَلاَتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ دَعَا بِصَوْتِهِ فَقَالَ لَنَا: عَلَى مَصَافِّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ ثُمَّ انْفَتَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ: أَمَا إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ مَا حَبَسَنِي عَنْكُمُ الغَدَاةَ: أَنِّي قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأْتُ فَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِي فَنَعَسْتُ فِي صَلاَتِي فَاسْتَثْقَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: لاَ أَدْرِي رَبِّ، قَالَهَا ثَلاَثًا قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ وَعَرَفْتُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الكَفَّارَاتِ، قَالَ: مَا هُنَّ؟ قُلْتُ: مَشْيُ الأَقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ، وَالجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَإِسْبَاغُ الوُضُوءِ فِي الْمَكْرُوهَاتِ، قَالَ: ثُمَّ فِيمَ؟ قُلْتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الكَلاَمِ، وَالصَّلاَةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. قَالَ: سَلْ. قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ اللَّجْلاَجِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشٍ الحَضْرَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الحَدِيثَ. وَهَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ. هَكَذَا ذَكَرَ الوَلِيدُ، فِي حَدِيثِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، هَذَا الحَدِيثَ بِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا أَصَحُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِشٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

هذا الحديث ضاقت به صدور الجهمية المعاصرين مع كونه رؤيا منام

ومما يؤخذ على ابن خزيمة محاولته الطعن فيه

وقال ابن أبي عاصم في السنة 465 - ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَلَّى لِي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَسَأَلَنِي فِيمَا يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قَالَ: قُلْتُ: رَبِّي لَا أَعْلَمُ بِهِ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ - أَوْ وَضَعَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ كَتِفَيَّ - فَمَا سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا عَلِمْتُهُ ".

وهذا إسناد آخر ظاهره الحسن يقوي السابق

ونقل عن الإمام أحمد تصحيحه وأما إعلال الدارقطني فهو خاص ببعض طرقه ، أو يكون كلام الأئمة الكبار مقدم على كلامه

غير أن الفائدة النفيسة أن الإمام الجبل سفيان الثوري يصححه ويقول به

قال سفيان الثوري في تفسيره :" في قوله بالملأ الأعلى قَالَ يَتَجَلَّى رَبُّكَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الْأَعْلَى فَيَقُولُ يَا رَبِّ لَا أَدْرِي فَيَضَعُ كَفَّهُ عَلَى صَدْرِهِ حَتَّى يَجِدَ بَرْدَهَا بين كتفيه فلا يسئله عن شئ الا أخبره"

وهذا معنى الحديث وسفيان من طبقة مالك وله أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطتين فقط

فهو يروي عن حميد عن أنس

وعن ابن المنكدر عن جابر

وعن أبي الزبير عن جابر

وعن أبي حازم عن سهل

وعن أبي إسحاق عن البراء

وعن عمرو بن دينار عن ابن عباس 

وعن محارب بن دثار عن ابن عمر وجابر 

وسمع من سماك بن حرب أحسن السماع وسماك سمع من النعمان بن بشير وجابر بن سمرة وكلاهما صحابي وأحد طرق حديث ( رأيت ربي ) من طريق سماك عن جابر 

وهذه أعلى أسانيده وله نظائرها وهو إمام أهل الصنعة في عصره فتصحيحه لهذا الخبر وقوله به إضافة إلى تصحيح البخاري وأحمد يرفع من شأن الحديث جداً

وهذا يدفع زندقة الخساف الخبيث الذي طعن في الحديث وأفرد فيه جزءاً

وحتى ابن الجوزي مع إيراده للخبر في العلل المتناهية استدرك وقال :" قُلْتُ قَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ"

وهذا تراجع من ابن الجوزي عن التضعيف مع ما عرف عن ابن الجوزي في باب الصفات
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي