الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فإن الكلام في مسائل العلم خصوصاً الفقه
يتطلب فهماً وإنصافاً فمن عري عن هذين الأمرين فأولى له أن يسكت ويتأنى فالتقوى
ليست بالتباكي على المنابر بل التقوى في إنصاف الخلق وتحري العدل في القول
قال تعالى : ( اعدلوا هو أقرب للتقوى )
وقد سمعت درساً لعبد الرحمن بن صالح الحجي
على مسائل عبد الله بن أحمد عن أبيه وهو الدرس رقم 56
تكلم فيه على مسألة من قال لزوجته ( أنت
علي حرام ) وذكر قول أحمد فيها أنه ظهار
وذكر ما ذكره عبد الله عن علي أنه طلاق
ثلاثاً
فقام على عادته في ثلب المتأخرين بحق أو
بباطل وادعى أنهم خالفوا هذا وأنهم خالفوا بأن الحرام يمين إن لم ينو بها الطلاق
وأخذوا هذا من ابن تيمية
ثم ختم البحث بعبارة من عباراته المحلقة (
المتأخرون في وادي والسلف في وادي )
والتعليق على هذا أن يقال : أن الحجي خلط
بين مسألتين وافترى على المتأخرين خصوصاً ابن تيمية
فهما مسألتان مسألة الحلف بالحرام ألا
يفعل شيئاً أو يفعل
ومسألة أن يحرم بشكل مباشر جازم فيقول ( أنت
علي حرام )
والقول بأن الحرام يمين مروي عن جماعة من
الصحابة
قال الطبري في تفسيره حَدَّثَنِي
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ
الدَّسْتُوَائِيُّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى يُحَدِّثُ عَنْ يَعْلَى بْنِ
حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: فِي
الْحَرَامِ يَمِينٌ تُكَفِّرُهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ جَارِيَتَهُ، فَقَالَ اللَّهُ وَجَلَّ
ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم:
1] إِلَى قَوْلِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم:
2] فَكَفَّرَ يَمِينَهُ، فَصَيَّرَ الْحَرَامَ يَمِينًا
وهذا إسناد قوي
وقال سعيد بن منصور في سننه 1693 - نا
سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ،
قَالَ فِي الْحَرَامِ: «يَمِينٌ»
وقال سعيد بن منصور في سننه 1698 -: نا
هُشَيْمٌ، قَالَ: أنا أَشْعَثُ، عَنِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، كَانَ
يَقُولُ فِي الْحَرَامِ: «إِنْ نَوَى طَلَاقًا فَهِيَ طَالِقٌ، وَإِنْ نَوَى
يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ»
وهذا عين التفصيل المذكور عن المتأخرين
والذي نكت عليه الحجي وادعى أنه إحداث
وقال سعيد أيضاً 1701 - نا هُشَيْمٌ،
قَالَ: أنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي الْحَرَامِ: «يَمِينٌ»
وقال سعيد أيضاً 1704 - نا هُشَيْمٌ،
قَالَ: أنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ فِي الْحَرَامِ: «هِيَ يَمِينٌ»
وهذا صحيح عن ابن عباس ورواه علي بن الجعد
عن شعبة بمثله
وقال عبد الرزاق عن الثوري 11390 - عَنِ
الثَّوْرِيِّ قَالَ: يَقُولُ فِي الْحَرَامِ: " عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: إِنْ
نَوَى طَلَاقًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ، وَإِنْ
نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ،
وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهِيَ كَذْبَةٌ فَلَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ "
أليس هذا هو أبلغ من المذهب الذي ينسبه
الحجي للمتأخرين ويدعي أنهم أخذوه من ابن تيمية وهم في واد والسلف في واد
قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا قَالَ: لِامْرَأَتِهِ
أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنْ نَوَى طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقٌ وَهُوَ مَا أَرَادَ
مِنْ عَدَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ طَلَاقًا فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ، وَيُكَفِّرُ
كَفَّارَةَ يَمِينٍ قِيَاسًا عَلَى الَّذِي يُحَرِّمُ أَمَتَهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ
فِيهَا الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَرَّمَ [ص:60] أَمَتَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا
أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]، وَجَعَلَهَا اللَّهُ يَمِينًا، فَقَالَ: {قَدْ
فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2]
وقال ابن قدامة في المغني :" (5899) فَصْلٌ:
إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَأَطْلَقَ، فَهُوَ ظِهَارٌ. وَقَالَ
الشَّافِعِيُّ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ
يَمِينٍ، وَلَيْسَ بِيَمِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ يَمِينٌ. وَقَدْ
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ الضَّحَّاكِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ،
وَابْنَ مَسْعُودٍ قَالُوا فِي الْحَرَامِ: يَمِينٌ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ،
وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ مَا
يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا
أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] .
ثُمَّ قَالَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ
تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] . وَلِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ
لِلْحَلَالِ، أَشْبَهَ تَحْرِيمَ الْأَمَةِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ تَحْرِيمٌ لِلزَّوْجَةِ
بِغَيْرِ طَلَاقٍ، فَوَجَبَتْ بِهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ
عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي. فَأَمَّا إنْ نَوَى غَيْرَ الظِّهَارِ،
فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، أَنَّهُ ظِهَارٌ، نَوَى
الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ. وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ
هَذَا. وَمِمَّنْ قَالَ: إنَّهُ ظِهَارٌ؛ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ
عَبَّاسٍ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَيْمُونُ بْنُ
مِهْرَانَ، وَالْبَتِّيُّ. رَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ،
فِي الْحَرَامِ، أَنَّهُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. وَلِأَنَّهُ صَرِيحٌ
فِي تَحْرِيمِهَا، فَكَانَ ظِهَارًا، وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ
عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.
وَعَنْ أَحْمَدَ؛ أَنَّهُ إذَا نَوَى
الطَّلَاقَ، كَانَ طَلَاقًا. وَقَالَ: إذَا قَالَ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ
حَرَامٌ يَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ، أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا، وَلَا أُفْتِي
بِهِ"
فالمسألة فيها نزاع بين الأوائل وليست
بحثاً بين متقدمين ومتأخرين
ولو أخذنا بظاهر الآثار المروية عن ابن
عباس وأبي بكر وعمر لقلنا بأن الحرام مطلقاً يمين غير أن ابن تيمية يرى بأن الحرام
الذي جهة على غير جهة اليمين بل تحريم صريح كأن يقول لزوجته ( أنت حرام علي ) دون
تعليق بشيء يراه ابن تيمية ظهاراً كقول أحمد تماماً
قال ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى :"
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " فَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا
يَفْعَلَ شَيْئًا فَفَعَلَهُ: فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَإِنْ لَمْ
يَحْلِفْ؛ بَلْ حَرَّمَهَا تَحْرِيمًا: فَهَذَا عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ،
وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ فِي الصُّورَتَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ
الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَئِمَّةِ
الْمُسْلِمِينَ: يَقُولُونَ: إنَّ الْحَرَامَ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إذَا لَمْ
يَنْوِهِ، كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ"
فغلط الحجي في تصوير مذهب ابن تيمية وله
عادة في ذلك
وليعلم أن مباديء البحث العلمي المحترم
يقوم على ثلاثة أمور
الأول : ترك الاستدلال بالمكذوب الذي لا
يختلف الناس في أنه لا يصلح الاحتجاج به فهناك أخبار لها علل ظاهرة لا تخفى على
أضعف الباحثين فهذه لا ينبغي أن تذكر إلا مبينة خصوصاً في الفقهيات
والحجي يقع له أحياناً الاستدلال بهذا
الضرب أو ذكره مقراً ففي تعليقه على كتاب الورع مر على حديث مرفوع في سنده متهم
بالكذب فلم يعلق بإيضاح
وفي دروس دليل الطالب أورد هذا الأثر
قال البيهقي في الكبرى 668 - أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا
عَلِيٌّ أَبُو الْحُسَنِ بْنُ زَاطِيَا، ثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثنا مُطَرِّفُ
بْنُ مَازِنَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ،
عَنْ أَبِي الْحَكَمِ الدِّمَشْقِيِّ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ نُسَيٍّ حَدَّثَهُ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ،
أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ الْوُضُوءُ مِنَ الرُّعَافِ، وَالْقَيْءِ، وَمَسِّ
الذَّكَرِ، وَمَا مَسَّتِ النَّارُ بِوَاجِبٍ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أُنَاسًا
يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " تَوَضَّئُوا
مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ " فَقَالَ: إِنَّ قَوْمًا سَمِعُوا وَلَمْ يَعُوا،
كُنَّا نُسَمِّي غَسْلَ الْيَدِ وَالْفَمِ وُضُوءًا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ،
وَإِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنِينَ
أَنْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ وَأَفْوَاهَهُمْ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ.
وهذا أثر منكر مطرف متهم بالكذب وشيخه
مجهول والعجب أن يترك أثر ابن عمر الصحيح في نقض الوضوء من القيء ويذكر هذا
الأساس الثاني : حسن تصور قول الخصم لا أن
ينسب له شيء لم يقله أو يعمم خاص قوله أو يخصص عام قوله
فمن ذلك أن ابن تيمية له مذهب في ربا
الكافر إذا أسلم أنه لا يلزمه إرجاع ما أخذ وإنما يلزمه إسقاط ما في الذمم
ويقيس على هذا المسلم الذي أخذ ربا بحيلة
يظنها جائزة
فجاء الحجي وصور مذهبه على أنه يقول هذا
في كل ربا حتى الربا الذي يفعله المسلم وهو يعلم أنه ربا
قال ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى :"
، أَوْ يُقَالُ لَا يَحِلُّ وَلَا يَصِحُّ حَتَّى يَدُلَّ عَلَى حِلِّهَا دَلِيلٌ
سَمْعِيٌّ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا، أَوْ يُقَالُ تَصِحُّ، وَلَا تَحْرُمُ إلَّا
أَنْ يُحَرِّمَهَا الشَّارِعُ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ، وَالْقَوْلُ
الْأَوَّلُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ دَلَّا عَلَى صِحَّةِ
الْعُقُودِ وَالْقُبُوضِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي حَالِ الْكُفْرِ، وَأَمَرَ اللَّهُ
بِالْوَفَاءِ بِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ شَيْءٌ
مُحَرَّمٌ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي آيَةِ الرِّبَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278] . فَأَمَرَهُمْ بِتَرْكِ مَا بَقِيَ لَهُمْ مِنْ
الرِّبَا فِي الذِّمَمِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِرَدِّ مَا قَبَضُوهُ بِعَقْدِ
الرِّبَا، بَلْ مَفْهُومُ الْآيَةِ الَّذِي اتَّفَقَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ يُوجِبُ
أَنَّهُ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْقَطَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الرِّبَا الَّذِي فِي
الذِّمَمِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِرَدِّ الْمَقْبُوضِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا قَسْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى
مَا قُسِمَ، وَأَيُّمَا قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَهُوَ قَسْمُ
الْإِسْلَامِ» .
وَأَقَرَّ النَّاسُ عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ
الَّتِي عَقَدُوهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ أَحَدًا، هَلْ
عَقَدَ بِهِ فِي عِدَّةٍ أَوْ غَيْرِ عِدَّةٍ؟ بِوَلِيٍّ أَوْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ؟
بِشُهُودٍ أَوْ بِغَيْرِ شُهُودٍ؟ . وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا بِتَجْدِيدِ نِكَاحٍ
وَلَا بِفِرَاقِ امْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ الْمُحَرِّمُ مَوْجُودًا
حِينَ الْإِسْلَامِ، كَمَا أَمَرَ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ الَّذِي
أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَنْ يُمْسِكَ أَرْبَعًا وَيُفَارِقَ
سَائِرَهُنَّ، كَمَا أَمَرَ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ الَّذِي أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ
أُخْتَانِ أَنْ يَخْتَارَ إحْدَاهُمَا وَيُفَارِقَ الْأُخْرَى، وَكَمَا أَمَرَ
الصَّحَابَةُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْمَجُوسِ أَنْ يُفَارِقُوا ذَاتِ الْمَحَارِمِ،
وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْعُقُودَ الَّتِي عَقَدَهَا
الْكُفَّارُ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إذْ لَمْ تَكُنْ
مُحَرَّمَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ الْكُفَّارُ لَمْ يَعْقِدُوهَا
بِإِذْنٍ شَرْعِيٍّ، وَلَوْ كَانَتْ الْعُقُودُ عِنْدَهُمْ كَالْعِبَادَاتِ لَا
تَصِحُّ إلَّا بِشَرْعٍ لَحَكَمُوا بِفَسَادِهَا أَوْ بِفَسَادِ مَا لَمْ يَكُنْ
أَهْلُهُ مُسْتَمْسِكُونَ فِيهِ بِشَرْعٍ"
فواضح من كلامه أنه يخصص ذلك بما وقع في
حال الكفر وواضح جداً من الأمثلة التي قرنها بالأمر
وجاء في جامع المسائل :" فإن الكافر
تأويلُه المخالف لدين الإسلام باطل قطعًا، بخلاف تأويل المسلم. ولهذا إذا أسلم
الكفار وتحاكموا إلينا- وقد قبضوا أموالاً يعتقدون جوازها، كالربى وثمن الخمر
والخنزير- لم تحرم عليهم تلك الأموال، كما لا تحرم معاملتهم فيها قبل الإسلام ولم
يحرم، لقوله تعالى: (اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا) (1) . فأمرهم
بترك ما بقي في الذمَم، ولا يحرِّم عليهم ما قبضوه.
وهكذا من كان قد عامل معاملاتٍ دنيوية
يعتقد جوازها، ثمّ تبيّن له أنها لا لَجوز، وكانت من المعاملات التي تنازع فيها
المسلمين، فإنه لا يحرم عليه قبضُه من تلك المعاملات على الصحيح. والله تعالى أعلم"
فقوله ( يعتقد جوازها ) يخرج منه ما لا
يعتقد جوازها وثبتت حرمتها وسواءً وافقنا أم خالفنا البحث الآن في تصوير قول
المخالف وأنه يجب أن يكون كما قال دون وكس ولا شطط
نعم قد يقع للباحث الوهم في تصوير قول ما
ولكن كثرة هذا من الباحث الواحد في حق شخص معين يوحي بأمر زائد على مجرد الوهم
ولابن تيمية مذهب في جواز تغيير الوقف إذا
كان لمصلحة أعظم مع تعويض الواقف
قال ابن تيمية في كما في الفتاوى الكبرى :"
حَيْثُ كَانَتْ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ - كَعُمَرَ
وَعُثْمَانَ - أَنَّهُمَا قَدْ غَيَّرَا صُورَةَ الْوَقْفِ لِلْمَصْلَحَةِ بَلْ
فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ حَوَّلَ
مَسْجِدَ الْكُوفَةِ الْقَدِيمَ فَصَارَ سُوقَ التَّمَّارِينَ، وَبَنَى لَهُمْ
مَسْجِدًا فِي مَكَان آخَرَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ"
فنقل الحجي مذهب ابن تيمية دون قيد تعويض
الواقف
وكتم أدلة ابن تيمية بما فيها الروايات عن
أحمد
قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْت
لِأَبِي: الْمَسْجِدُ يَخْرُبُ وَيَذْهَبُ أَهْلُهُ تَرَى أَنْ يُحَوَّلَ إلَى
مَكَان آخَرَ؟ قَالَ إذَا كَانَ يُرِيدُ مَنْفَعَةَ النَّاسِ فَنَعَمْ، وَإِلَّا
فَلَا.
قَالَ: وَابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ حَوَّلَ
الْجَامِعَ الْمَسْجِدَ مِنْ التَّمَارِينِ، فَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ
فَلَا بَأْسَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ سَأَلْتُ أَبِي: عَنْ رَجُلٍ بَنَى مَسْجِدًا،
ثُمَّ أَرَادَ تَحْوِيلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، قَالَ: إنْ كَانَ الَّذِي بَنَى
الْمَسْجِدَ يُرِيدُ أَنْ يُحَوِّلَهُ خَوْفًا مِنْ لُصُوصٍ، أَوْ يَكُونُ
مَوْضِعُهُ مَوْضِعًا قَذِرًا فَلَا بَأْسَ.
الأساس الثالث : استيعاب أدلة الخصم
خصوصاً الأدلة الأثرية
والحجي في مسألة الحرام يمين وفي مسألة
تغيير الوقف كتم أدلة مخالفيه ولعله لم يعرفها فكان ينبغي أن يسكت والحال هذه
والعجيب أنه في بعض المسائل يحتاج
لتحريرات ابن تيمية كمسألة البيع المشروط بتقييد التصرف كقول القائل ( أبيعك
الجارية على إن أردت بيعها فأنا أولى بها ) فسرد كلام ابن تيمية دون إحالة وكلام
الشيخ كان قوياً
والحق يقال قد ذكر الشيخ في مسألة الحساب
الفلكي ، ولكن عادته الغالبة الحط بمناسبة أو بغير مناسبة
ولا مشكلة عندي في الرد والمناقشة فأنا
شخصياً كثير التعقب للمتأخرين أو المعاصرين فيما خالفوا فيه من تقدمهم واختيارات
شيخ الإسلام في الطلاق أخالف عامتها ولا يعجبني أبداً إقبال الناس عليها وأشعر أن
ذلك ليس لاقتناع ولكن لموافقة ما في النفوس
ولكن هذه الأسس الثلاثة لولاها لكان الأمر
فوضى وهناك أمور أخرى ولكن هذه الثلاثة هي المباديء ولو جاء صاحب هوى وكتب بحثاً
سيكون بحثه مبنياً على هدم هذه الأسس الثلاثة
ألا ترى إلى رد السبكي والأخنائي على ابن
تيمية في شد الرحال كان بحثهم مبنياً ،على الاحتجاج بالبواطيل ثم عدم الأمانة في
تصوير قول الخصم إذ صوروه على أنه يحرم زيارة القبور مطلقاً ثم اختزلوا أدلة الشيخ
اختزالاً مخلاً
والعجيب فيمن يفقد هذه الأسس ثم يغلظ المقال في مخالفه فهذا أمرٌ لا يطاع
ومن العجائب تعليق الحجي على قول سفيان الثوري ( وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مرقعة ) بقوله ( وش دراك هذا اتباع للظن ) ولم يذكر أن هذا قول سفيان بل بعدها مرض وقيل ( يروى عن سفيان اختيار جواز المسح على الخف المرقع )
وهذا ثابت عن سفيان ثبوت الطود فلا داعي لهذا التمريض فهو في مصنف عبد الرزاق عن سفيان
والإمام سفيان لا يقال له ( وش دراك )
فسفيان عالم بأحوال السلف يكفيك أنه يروي عن أنس بواسطة واحدة وهو حميد ويروي عن عن جابر بواسطة واحدة وهو ابن المنكدر أو الزبير ويروي عن ابن عباس بواسطة واحدة وهو عمرو بن دينار ويروي عن البراء بن عازب بواسطة واحدة وهو أبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق رأى علياً وأدرك أصحاب ابن مسعود الذين من رآهم عوضوه عن رؤية عن ابن مسعود لشدة محاكاتهم لأحواله هذا غير أسانيد سفيان الأخرى
وينبغي التحلي بالأدب مع أئمة السلف
ومن ذلك دعواه أن تسمية المرجئة غير الغالية ب( الفقهاء ) من إحداثات المتأخرين وأنهم أظهروها من أجل سواد عيون أبي حنيفة والواقع أن هذه التسمية موجودة في كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام
قال أبو عبيد القاسم في الإيمان :" وكذلك نرى مذهب الفقهاء الذين كانوا يتسمون بهذا الاسم بلا استثناء، فيقولون: نحن مؤمنون، منهم عبد الرحمن السلمي وإبراهيم التيمي وعون بن عبد الله ومن بعدهم مثل: عمر بن ذر والصلت بن بهرام ومسعر بن كدام ومن نحا نحوهم، إنما هو عندنا منهم على الدخول في الإيمان لا على الاستكمال"
والعجيب فيمن يفقد هذه الأسس ثم يغلظ المقال في مخالفه فهذا أمرٌ لا يطاع
ومن العجائب تعليق الحجي على قول سفيان الثوري ( وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مرقعة ) بقوله ( وش دراك هذا اتباع للظن ) ولم يذكر أن هذا قول سفيان بل بعدها مرض وقيل ( يروى عن سفيان اختيار جواز المسح على الخف المرقع )
وهذا ثابت عن سفيان ثبوت الطود فلا داعي لهذا التمريض فهو في مصنف عبد الرزاق عن سفيان
والإمام سفيان لا يقال له ( وش دراك )
فسفيان عالم بأحوال السلف يكفيك أنه يروي عن أنس بواسطة واحدة وهو حميد ويروي عن عن جابر بواسطة واحدة وهو ابن المنكدر أو الزبير ويروي عن ابن عباس بواسطة واحدة وهو عمرو بن دينار ويروي عن البراء بن عازب بواسطة واحدة وهو أبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق رأى علياً وأدرك أصحاب ابن مسعود الذين من رآهم عوضوه عن رؤية عن ابن مسعود لشدة محاكاتهم لأحواله هذا غير أسانيد سفيان الأخرى
وينبغي التحلي بالأدب مع أئمة السلف
ومن ذلك دعواه أن تسمية المرجئة غير الغالية ب( الفقهاء ) من إحداثات المتأخرين وأنهم أظهروها من أجل سواد عيون أبي حنيفة والواقع أن هذه التسمية موجودة في كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام
قال أبو عبيد القاسم في الإيمان :" وكذلك نرى مذهب الفقهاء الذين كانوا يتسمون بهذا الاسم بلا استثناء، فيقولون: نحن مؤمنون، منهم عبد الرحمن السلمي وإبراهيم التيمي وعون بن عبد الله ومن بعدهم مثل: عمر بن ذر والصلت بن بهرام ومسعر بن كدام ومن نحا نحوهم، إنما هو عندنا منهم على الدخول في الإيمان لا على الاستكمال"
ومن عجائب الحجي بحثه في مسألة رد النبي
ابنته لأبي العاص بن الربيع هل هو بعقد جديد أم لا
فرجح أنها رده عليها بعقد جديد وادعى أن
حديث ابن إسحاق عن داود عن عكرمة عن ابن عباس في أنه ردها بالعقد معلول ولم يعمل
به العلماء
وأن اكثر الرواة رووا أنه ردها بنكاح جديد
ولا مشكلة عندي في الترجيح غير أن المصيبة
في هذه الدعاوى كدعوى أن حديث ابن عباس معلول ولم يعمل به العلماء !
والذي قاله الحجي عكس كلام أهل الحديث ولم
يرو أنه ردها بنكاح جديد إلا العرزمي المتروك وليسوا رواة عدة كما ادعى العجول
قال عبد الله بن أحمد في المسند قَالَ
أَبِي: فِي حَدِيثِ حَجَّاحٍ: " رَدَّ زَيْنَبَ ابْنَتَهُ "، قَالَ:
" هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، أَوْ قَالَ: وَاهٍ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ (1) الْحَجَّاجُ
مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ
الْعَرْزَمِيِّ، وَالْعَرْزَمِيُّ: لَا يُسَاوِي (2) حَدِيثُهُ شَيْئًا،
وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ (3) الَّذِي رُوِيَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّهُمَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ "
وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار :"
13990 - فَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فِيمَا
أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ: هَذَا لَا يَثْبُتُ، وَحَجَّاجٌ لَا
يُحْتَجُّ بِهِ، وَالصَّوَابُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ"
وقال الترمذي في جامعه 1144 - حَدَّثَنَا
يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ،
عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلاً
جَاءَ مُسْلِمًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ثُمَّ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا
كَانَتْ أَسْلَمَتْ مَعِي فَرُدَّهَا عَلَيَّ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ سَمِعْتُ عَبْدَ
بْنَ حُمَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَذْكُرُ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْحَاقَ هَذَا الحَدِيثَ.
وَحَدِيثُ الحَجَّاجِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِمَهْرٍ جَدِيدٍ،
وَنِكَاحٍ جَدِيدٍ.
قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَجْوَدُ إِسْنَادًا.
وَالعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ
شُعَيْبٍ
وقال الترمذي في العلل 289 - حَدَّثَنَا
هَنَّادٌ , حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , قَالَ:
حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ:
رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي
الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بَعْدَ سَنَتَيْنِ بِنِكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ
نِكَاحًا. سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَقَالَ: حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ
أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ
ودعوى أن العلماء لم يعملوا به أخذها
الحجي من ابن عبد البر وإيماء الترمذي غير أن ابن عبد البر ذكر أن هذا مذهب النخعي
والحنابلة يذكرونه رواية عن أحمد !
قال الشيخ في مختصر الإنصاف :" قال
ابن عبد البر: لم يختلفوا فيه إلا شيء روي فيه عن النخعي شذّ فيه، وزعم أنها تردّ
إلى زوجها وإن طالت المدة، "لأنه صلى الله عليه وسلم ردَّ زينب على أبي العاص
بالنكاح الأول". رواه أبو داود، واحتج به أحمد. قيل له: أليس يروى أنه ردَّها
بنكاح مستأنف؟ قال: ليس لذلك أصل، قيل: إن بين إسلامها وردِّها إليه ثمان سنين. وفي
حديث عمرو بن شعيب: "أنه ردها بنكاح جديد"، قال يزيد بن هارون: حديث ابن
عباس أجود إسناداً، والعمل على حديث عمرو بن شعيب"
والشأن في جرأته على إعلال خبر ما أعله
الأئمة وتصحيحه لخبر أعلوه وعكسه للمسألة تماماً ، وأحمد في مسائل صالح نقل خلافاً
في المسألة وفي مسائل عبد الله توقف ولو كان إجماعية كما يدعي من ادعى لجزم أحمد
بالقول المتفق عليه
بل خبر ابن إسحاق عضده مرسل الزهري
قال الزهري كما في المصنف وَأَسْلَمَ
أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِالرَّوْحَاءِ مَقْفِلِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْفَتْحِ، فَقَدِمَ عَلَى
جُمَانَةَ ابْنَةِ أَبِي طَالِبٍ مُشْرِكَةٍ، فَأَسْلَمَتْ فَجَلَسَا عَلَى
نِكَاحِهِمَا، وَأَسْلَمَ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ
حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى
نِسَائِهِمْ مُشْرِكَاتٍ فَأَسْلَمْنَ فَجَلَسُوا عَلَى نِكَاحِهِمْ، وَكَانَتِ
امْرَأَةُ مَخْرَمَةَ شَفَا ابْنَةَ عَوْفٍ أُخْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ، وَامْرَأَةُ حَكِيمٍ زَيْنَبَ بِنْتَ الْعَوَّامِ، وَامْرَأَةُ أَبِي
سُفْيَانَ هِنْدَ ابْنَةَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «وَكَانَ
عِنْدَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ مَعَ عَاتِكَةَ ابْنَةِ الْوَلِيدِ آمِنَةُ
ابْنَةُ أَبِي سُفْيَانَ فَأَسْلَمَتْ أَيْضًا مَعَ عَاتِكَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ،
ثُمَّ أَسْلَمَ صَفْوَانُ بَعْدَ مَا قَامَ عَلَيْهِمَا
وداعي مثل هذه التنبيهات أنني نصحت أحد
الأخوة عند ذهابه للرياض بعدة أسماء أحدهم عبد الرحمن الحجي وقلت له هو ينجز
إنجازات كبيرة في المرور على الكتب فانتفع من هذا ودع عنك تحريراته وخصوصاً كلامه
على الأحاديث والآثار صحة وضعفاً
فطلب مني بياناً فيما ادعيته على الرجل
على أنني في الحقيقة بعد سماعي لعدد من دروسه تغيرت نظرتي فيه وكنت أظن أن الأمر
أهون من هذا
ولا بد للمرء أن يتحلى بالإنصاف والتدقيق
عند كلام في مسائل العلم ولا يصير مجرد الطعن في بعض الأسماء يرفع المرء لسابع
سماء وهذا منهج السفهاء ممن لا يهمهم إلا الأمور الشخصية
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم