الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فمعلوم حمق الرافضة وبعدهم الحق وقد تحصل
لي من القراءة هنا وهناك بعض الأجوبة المسكتة للرافضة ( وما أكثرها ) في مناظرات
ذكرت في التاريخ فأحببت جمع بعضها إلى بعض
قال الذهبي في السير (11/127) :"
وَقَالَ مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَطَّان: لَوْ سَمِعْتُم سَعِيْدَ بنَ
الحَدَّاد فِي تِلْكَ المحَافل -يَعْنِي: مُنَاظرته لِلشِّيعِيِّ- وَقَدِ
اجْتَمَعَ لَهُ جَهَارَةُ الصَّوت، وَفخَامَةُ المَنْطِقِ، وَفَصَاحَةُ اللِّسَان،
وَصوَابُ المَعَانِي، لتَمَنَّيْتُم أَنْ لاَ يَسْكُت.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الحَدَّاد تَحوَّل
شَافِعِيّاً مِنْ غَيْر تَقْلِيد، وَلاَ يَعْتَقِدُ مَسْأَلَةً إلَّا بِحجَّة.
وَكَانَ حَسَنَ البِزَّة، لكنَّه كَانَ يتقوَّتُ بِاليَسِيْر، وَلَمْ يَحُجّ،
وَكَانَ كَثِيْر الردِّ عَلَى الكُوْفِيِّين.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَارَ لتلقِّي أَبِي
عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ، فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخ! بِمَ كُنْت تقضِي؟ فَقَالَ
إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْنُسَ: بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. قَالَ: فَمَا السُّنَّة؟
قَالَ: السُّنَّة السُّنَّة. قَالَ ابْنُ الحَدَّاد: فَقُلْتُ لِلشِّيعِي:
المَجْلِسُ مشتَرَك أُمْ خَاصّ؟ قَالَ: مشترَك. فَقُلْتُ: أَصلُ السُّنَّة فِي
كَلاَم العَرَب المثَال، قَالَ الشَّاعِر:
تُرِيْكَ سَنَّةَ وَجْهٍ غَيْرَ
مُقْرِفَةٍ ... مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلاَ نَدَبُ
أَي صُورَة وَجه وَمثَاله. وَالسُّنَّة
محصورَةٌ فِي ثَلاَث: الاَئِتمَار بِمَا أَمرَ بِهِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالاَنتهَاء عَمَّا نَهَى عَنْهُ، وَالاَئِتسَاء بِمَا فعل.
فَقَالَ الشِّيْعِيّ: فَإِنِ اختلفَ عَلَيْكَ النّقل، وَجَاءتِ السُّنَّةُ مِنْ
طُرق؟ قُلْتُ: أَنظرُ إِلَى أَصحِّ الخَبَرَيْن، كشُهُوْدٍ عدولٍ اختلفُوا فِي
شهَادَة. قَالَ: فَلَو اسْتَوَوْا فِي الثَّبَات؟ قُلْتُ: يَكُوْنُ أَحَدهُمَا
نَاسخاً لِلآخر. قَالَ: فمِنْ أَيْنَ قلتُم بِالقِيَاس؟ قُلْتُ مِنْ كِتَاب الله:
{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُم} [المَائِدَة: 95] ، فَالصَّيْدُ معلومَةٌ
عينُه، فَالجزَاءُ أُمرنَا أَنْ نمثِّلَهُ بِشَيْءٍ مِنَ النَّعَم، وَمثلُه فِي
تَثْبِيت القِيَاس: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَه} [النِّسَاء: 83] ،
وَالاستنباط غَيْر مَنْصُوص. ثُمَّ عَطَفَ عَلَى مُوْسَى القَطَّان فَقَالَ: أين
وجدتم حدَّ الخَمْر فِي كِتَاب الله، تَقُولُ: اضرِبُوْهُ بِالأَرديَة
وَبَالأَيْدِي ثُمَّ بِالجَرِيد؟ 1 فَقُلْتُ أَنَا: إِنَّمَا حُدَّ قِيَاساً عَلَى
حدِّ القَاذف، لأَنَّه إِذَا شرِبَ سَكِر، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى
افترى، فَأَوجبَ عَلَيْهِ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمرُه. قَالَ: أَوَلَمْ يقلْ
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَقْضَاكُمْ
عَليّ.." فَسَاقَ لَهُ مُوْسَى تمَامَه وَهُوَ: "وَأَعْلَمُكُمْ
بِالحَلاَلِ وَالحَرَام مُعَاذ، وَأَرْأَفُكُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّكُمْ فِي
دِيْنِ اللهِ عُمَر" 2. قَالَ: كَيْفَ يَكُوْنُ أَشدَّهُم وَقَدْ هَرَبَ
بِالرَّايَة يَوْم خَيْبَر؟ قَالَ: مُوْسَى: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا. فَقُلْتُ:
إنما تحيز إلى فئة فليس بفار.
وَقَالَ فِي: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا} [التَّوبَة: 40] ، إِنَّمَا نَهَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- عَنْ حُزْنِه لأَنَّه كَانَ مسخوطاً. قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ قَوْلُه
إلَّا تَبْشِيْراً بِأَنَّهُ آمنٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ وَعَلَى نَفْسه، فَقَالَ
أَيْنَ نَظِيْرُ مَا قُلْتَ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ لِمُوْسَى وَهَارُوْن: {لاَ
تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] ، فَلَمْ يَكُنْ
خَوْفُهُمَا مِنْ فِرْعَوْن خَوْفاً بِسخط الله.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْل البلدَة: إِنَّكُم
تبغضُون عَلِيّاً؟ قُلْتُ: عَلَى مُبْغِضِهِ لعنَةُ الله. فَقَالَ: صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ. قُلْتُ: نَعَمْ، وَرفعتُ صَوْتِي: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
لأَنَّ الصَّلاَةَ فِي خطَاب العَرَب الرَّحْمَةُ وَالدُّعَاء، قَالَ: أَلَمْ يقل
رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ مِنِّي
بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى"؟ قُلْتُ: نَعَمْ، إلَّا أَنَّهُ،
قَالَ: "إلَّا أَنَّهُ لاَ نبي بعدي". وهارون كان حجة في حَيَاة
مُوْسَى، وَعلِيٌّ لَمْ يَكُنْ حجَّةً فِي حَيَاةِ النَّبِيّ، وَهَارُوْنُ فَكَانَ
شَرِيْكاً، أَفَكَانَ عليٌّ شريكاً لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فِي النُّبُوَّة؟! وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّقْرِيْب وَالوِزَارَة وَالوِلاَيَة.
قَالَ: أَولَيْسَ هُوَ أَفضل؟ قُلْتُ: أَلَيْسَ الحَقُّ مُتَّفِقاً عَلَيْهِ؟
قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: قَدْ ملكتَ مدَائِن قَبْلَ مدينتنَا، وَهِيَ أَعْظَمُ
مَدِيْنَة، وَاسْتفَاضَ عَنْكَ أَنَّك لَمْ تُكْرِهْ أَحَداً عَلَى مذهَبِكَ،
فَاسلُكْ بِنَا مسلَكَ غيرِنَا وَنَهَضْنَا"
وهذه الحجج استخدمها ابن تيمية في المنهاج
وقال الذهبي بعدها :" قَالَ ابْنُ
الحَدَّاد: وَدخلتُ يَوْماً عَلَى أَبِي العَبَّاسِ، فَأَجلسَنِي مَعَهُ فِي
مَكَانِهِ وَهُوَ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ: أَلَيْسَ المتعلِّم محتاجًا إلى المعلم
أبدًا؟ فعرفت أنه يُرِيْدُ الطَّعن عَلَى الصِّدِّيق فِي سُؤَاله عَنْ فرض
الجَدَّة، فَبدرتُ وَقُلْتُ: المتعلِّم قَدْ يَكُوْنُ أَعْلَمَ مِنَ المُعَلِّم
وَأَفقَهَ وَأَفْضَلَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: "رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ
إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ... " 1. ثُمَّ مُعَلِّمُ الصِّغَار
القُرْآن يَكبرُ أَحَدُهُم ثُمَّ يَصير أَعْلَمَ مِنَ المُعَلِّم. قَالَ: فَاذكر
مِنْ عَامِّ القُرْآنِ وَخَاصِّه شَيْئاً؟ قُلْتُ: قَالَ: تَعَالَى: {وَلا
تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات} [البَقَرَة: 221] ، فَاحتمل المرَادُ بِهَا العَامّ،
فَقَالَ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُم} [المَائِدَة: 5] ، فعَلمنَا أَنَّ مُرَاده بِالآيَة الأُولَى خَاصٌّ،
أَرَادَ: وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْركَاتِ غَيْرَ الكتَابيَّات مِنْ قَبْلِكُم
حَتَّى يُؤمِنّ. قَالَ: وَمَنْ هنَّ المحصَنَات؟ قُلْتُ: العفَائِف. قَالَ: بَلِ
المتزوِّجَات. قُلْتُ: الإِحصَانُ فِي اللُّغَة: الإِحرَاز، فَمَنْ أَحرزَ شَيْئاً
فَقَدْ أَحصَنَهُ، وَالعِتْقُ يُحَصِّنُ المَمْلُوْكَ لأَنَّه يحرزُهُ عَنْ أَنْ
يجرِيَ عَلَيْهِ مَا عَلَى المَمَالِيْك، وَالتّزويجُ يحصِنُ الفرجَ لأَنَّهُ
أَحرزَهُ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ مبَاحاً، وَالعفَافُ إِحْصَانٌ لِلْفَرْج. قَالَ: مَا
عِنْدِي الإِحصَان إلَّا التَّزْوِيج. قُلْتُ لَهُ: مُنْزِلُ القُرْآنِ يَأْبَى
ذَلِكَ، قال: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التّحريم:
12] ، أَي: أَعَفَّتْه، وَقَالَ {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَات} [النِّسَاء: 25]
، عفَائِف. قَالَ: فَقَدْ قَالَ فِي الإِمَاء: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النِّسَاء:
25] ، وَهنَّ عِنْدَكَ قَدْ يكنَّ عفَائِف. قُلْتُ: سَمَّاهُنَّ بِمتقدِّم
إِحصَانِهِنَّ قَبْل زِنَاهُنَّ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ
أَزْوَاجُكُم} [النِّسَاء: 12] ، وَقَدِ انْقَطَعتِ العصمة بالموت، يريد اللاتي كن
أَزواجَكُم. قَالَ: يَا شَيْخ! أَنْتَ تَلُوذ. قُلْتُ: لَسْتُ أَلوذ، أَنَا
المُجِيْب لَكَ، وَأَنْت الَّذِي تلوذُ بِمسأَلَة أُخْرَى، وَصِحْتُ أَلاَ أَحَدٌ
يَكْتُبُ مَا أَقُولُ وَتَقُولُ. قَالَ: فوقَى الله شرَّه. وَقَالَ: كَأَنَّك
تَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاس. قُلْتُ: أَمَّا بِدينِي فَنَعم. قَالَ: فَمَا
تحتَاجُ إِلَى زِيَادَةٍ فِيْهِ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَأَنْتَ إِذاً أَعْلَمُ
مِنْ مُوْسَى إِذْ يَقُوْلُ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ}
[الْكَهْف: 66] ، قَالَ: هَذَا طعنٌ عَلَى نُبُوَّة مُوْسَى، مُوْسَى مَا كَانَ
محتَاجاً إِلَيْهِ فِي دِيْنِهِ، كلاَّ، إِنَّمَا كَانَ العِلْم الَّذِي عِنْد
الخَضِرِ دُنْيَاويّاً: سَفِيْنَةً خَرَقَهَا، وَغُلاَماً قَتَلَهُ، وَجِدَاراً
أَقَامَهُ، وَذَلِكَ كُلُّه لاَ يَزِيْدُ فِي دِين مُوْسَى. قَالَ: فَأَنَا
أَسأَلُكَ. قُلْتُ: أَوْرِدْ وَعلِيَّ الإِصدَارُ بِالْحَقِّ بِلاَ مَثْنَوِيَّة.
قَالَ: مَا تَفْسِيْرُ الله؟ قُلْتُ: ذُو الإِلهيَّة. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ:
الرُّبوبيَّة. قَالَ: وَمَا الرُّبوبيَّة؟ قُلْتُ: المَالِكُ الأَشيَاء كلها.
قَالَ: فَقُرَيْشٌ فِي جَاهِليَّتهَا كَانَتْ تَعْرِفُ الله؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ:
فَقَدْ أَخبر الله تَعَالَى عَنْهُم أَنَّهُم قَالُوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا
إِلَى اللَّه} [الزمر: 3] ، قُلْتُ: لَمَّا أَشركُوا مَعَهُ غَيْرَه قَالُوا:
وَإِنَّمَا يَعْرِفُ اللهَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ. وَقَالَ
تَعَالَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}
[الكَافرُوْنَ: 1-2] ، فَلَو كَانُوا يعبدُوْنَهُ مَا قَالَ: {لاَ أَعْبُدُ مَا
تَعْبُدُونَ} . إِلَى أَنْ قَالَ: فَقُلْتُ: المشركُونَ عَبَدَة الأَصْنَامِ
الَّذِيْنَ بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- إِلَيْهِم عَلِيّاً
ليقرأَ عَلَيْهِم سُوْرَة برَاءة. قَالَ: وَمَا الأَصْنَام؟ قُلْتُ: الحجَارَة.
قَالَ: وَالحجَارَةُ أَتُعْبَد؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَالعُزَّى كَانَتْ تُعْبَد
وَهِيَ شَجَرَة، وَالشِّعرَى كَانَتْ تُعبد وَهِيَ نجم، قَالَ: فَالله يَقُوْلُ:
{أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى} [يُوْنُس: 35] ، فَكَيْفَ تَقُولُ:
إِنَّهَا الحجَارَة؟ وَالحجَارَةُ لاَ تهتدِي إِذَا هُديت، لأَنَّهَا لَيْسَتْ
مِنْ ذوَاتِ العُقُوْل. قُلْتُ: أَخْبَرَنَا اللهُ أَنَّ الجُلُودَ تَنْطِقُ
وَلَيْسَتْ بذوَاتِ عُقُوْل، قَالَ: نسبَ إِلَيْهَا النُّطْقَ مَجَازاً. قُلْتُ:
مُنْزِلُ القُرْآنِ يَأْبَى ذَلِكَ، فَقَالَ: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى
أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِم} [يس: 65] ، إِلَى أَنْ قَالَ: {قَالُوا
أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت: 21] ، وما الفرق
بَيْنَ جِسمِنَا وَالحجَارَة؟ وَلَوْ لَمْ يُعقِّلْنَا لَمْ نَعْقِل، وَكَذَا
الحجَارَةُ إِذَا شَاءَ أَنْ تَعقلَ عَقَلت."
ومثل هذا الاحتجاج استخدمه ابن تيمية في
المنهاج في ذكر موسى والخضر وأطنب بكلام أكثر وأقوى
وقال الشاطبي في الاعتصام :" قَالَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ: " وَقَدْ قَالَ لِي أَصْحَابُنَا النَّصْرِيَّةُ بِالْمَسْجِدِ
الْأَقْصَى: إِنَّ شَيْخَنَا أَبَا الْفَتْحِ نَصْرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ
الْمَقْدِسِيَّ اجْتَمَعَ بِرَئِيسٍ مِنَ الشِّيعَةِ، فَشَكَا إِلَيْهِ فَسَادَ
الْخَلْقِ، وَأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا بِخُرُوجِ الْإِمَامِ
الْمُنْتَظَرِ، فَقَالَ نَصْرٌ: هَلْ لِخُرُوجِهِ مِيقَاتٌ أَمْ لَا؟ قَالَ
الشِّيعِيُّ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ أَبُو الْفَتْحِ: وَمَعْلُومٌ هُوَ أَوْ
مَجْهُولٌ؟ قَالَ: مَعْلُومٌ. قَالَ نَصْرٌ: وَمَتَى يَكُونُ؟ قَالَ: إِذَا فَسَدَ
الْخَلْقُ. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ: فَهَلْ تَحْبِسُونَهُ عَنِ الْخَلْقِ وَقَدْ
فَسَدَ جَمِيعُهُمْ إِلَّا أَنْتُمْ، فَلَوْ فَسَدْتُمْ لَخَرَجَ; فَأَسْرِعُوا
بِهِ وَأَطْلِقُوهُ مِنْ سِجْنِهِ وَعَجِّلُوا بِالرُّجُوعِ إِلَى مَذْهَبِنَا;
فَبُهِتَ"
وابن العربي أشعري جهمي متعصب غير أن هذا
الاحتجاج مسدد
وجاء في كتاب معالم الإيمان :" لما
اجتمع أبو عثمان: سعيد بن الحداد بأبي عبد الله الشيعي في مجلس المناظرة -قال له
أبو عبد الله: أنتم تفضلون على الخمسة أصحاب الكساء غيرهم- يعني بأصحاب الكساء
محمداً - صلى الله عليه وسلم - تسليماً، والحسن، والحسين، وعلياً، وفاطمة، ويعني بغيرهم
أبا بكر. فقال أبو عثمان: أيما أفضل؟ خمسة سادسهم جبريل؟ أو اثنان الله ثالثهما؟
فبهت الشيعي"
وجاء أيضاً في المعالم :" قال أحمد
بن القاضي النعمان: يا أبا سعيد لم تقولون: إن من قذف عائشة يقتل؟ وإنما قال الله
تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ
شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}
وجلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسليماً أهل الإفك ثمانين جلدة، فلم
لم تأخذوا بالقرآن، ولا بما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - تسليماً؟ فقال أبو
سعيد: قال الله تعالى: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} وقال: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ
وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} فجلد من قذفها قبل البراءة بالقرآن، وبعد القرآن
من قذفها فقد رد القرآن، ومن رد حرفاً من القرآن فقد وجب قتله بإجماع"
وقال ابن كثير في ترجمة معز الدولة
البويهي من البداية والنهاية :" أظهر
الرفض، فلما أحس بالموت أظهر التوبة وأناب إلى الله عز وجل، ورد كثيراً من
المظالم، وتصدق بكثير من ماله، وأعتق طائفة كثيرة من مماليكه، وأراق الخمور، وندم
على ما ظلم. وقد اجتمع ببعض العلماء فكلمه في السنة وأخبره أن عليّاً زوج ابنته أم
كلثوم من عمر ابن الخطاب فقال: "والله ما سمعت بهذا قط"، ورجع إلى السنة
ومتابعتها"
وهذا من أقوى الاحتجاجات لمن تأمله وذلك
أن عامة الروايات ممكن أن يطعن فيها بشيء غير أن هذا نسب غير مدفوع ولا يعقل أن
علياً يزوج ابنته من رجل يبغضه وخصوصاً مع فارق السن الكبير بينهما فهذا لا يحصل
إلا لخصوص محبة وإدلال بين الرجلين
وقال ابن تيمية في منهاج السنة :"
وقررت له ما يقولونه في هذا الباب، كقولهم: إن الله أمر العباد، ونهاهم، فيجب أن
يفعل بهم اللطف الذي يكونون عنده أقرب إلى فعل الواجب وترك القبيح.. وهذا أخذوه من
المعتزلة م قالوا: والإمام لطف؛ لأن الناس إذا كان لهم إمام يأمرهم بالواجب
وينهاهم عن القبيح، كانوا أقرب إلى فعل المأمور، وترك المحظور، فيجب أن يكون لهم
إمام، ولابد أن يكون معصوماً، لأنه إذا لم يكن معصوماً لم يحصل به المقصود، ولم
تدع العصمة لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لعليّ، فتعيّن أن يكون هو
إياه للإجماع على انتفاء ما سواه، وبسطت له العبارة في هذه المعاني.
ثم قالوا: وعليّ نصّ على الحسن، والحسن
على الحسين، إلى أن انتهت النوبة إلى المنتظر محمد بن الحسن فاعترف بأن هذا تقرير
مذهبهم على غاية الكمال.
قلت له: فأنا وأنت طالبان للعلم والحق،
وهم يقولون: من لم يؤمن بالمنتظر فهو كافر، فهذا المنتظر هل رأيته؟ أو رأيت من
رآه؟ أو تعرف شيئاً من كلامه الذي قاله هو؟ أو ما أمر به أو ما نهى عنه مأخوذاً
كما يؤخذ عن الأئمة؟.
قال: لا.
قلت: فأي فائدة في إيماننا هذا؟ وأي لطف
يحصل لنا بهذا؟ ثم كيف يجوز أن يكلفنا الله بطاعة شخص، ونحن لا نعلم ما يأمرنا به،
ولا ما ينهانا عنه، ولا طريق لنا إلى معرفة ذلك بوجه من الوجوه؟ وهم من أشد الناس
إنكاراً لتكليف ما لا يطاق، فهل يكون في تكليف ما لا يطاق أبلغ من هذا؟"
انتهى مختصراً هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم