الخميس، 26 مارس 2015

من نفائس ابن تيمية : الجويني ليس إماماً في الأصول ولا في الفروع



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى (6/616) :" فَلَوْ تَأَمَّلَ أَبُو الْمَعَالِي وَذَوِيهِ الْكِتَابَ الَّذِي أَنْكَرُوهُ لَوَجَدُوا فِيهِ مَا يَخْصِمُهُمْ، وَلَكِنْ أَبُو الْمَعَالِي مَعَ فَرْطِ ذَكَائِهِ وَحِرْصِهِ عَلَى الْعِلْمِ وَعُلُوِّ قَدْرِهِ فِي فَنِّهِ كَانَ قَلِيلَ الْمَعْرِفَةِ بِالْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يُطَالِعْ عِلَّاتِهَا بِحَالٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِالصَّحِيحَيْنِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَمْثَال هَذِهِ السُّنَنِ عِلْمٌ أَصْلًا فَكَيْفَ بِالْمُوَطَّإِ وَنَحْوه وَكَانَ مَعَ حِرْصه عَلَى الِاحْتِجَاج فِي مَسَائِل الْخِلَاف فِي الْفِقْهِ إنَّمَا عُمْدَتُهُ سُنَنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبُو الْحَسَنِ مَعَ إتْمَامِ إمَامَتِهِ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ إنَّمَا صَنَّفَ هَذِهِ السُّنَنَ كَيْ يَذْكُرَ فِيهَا الْأَحَادِيثَ الْمُسْتَغْرَبَةَ فِي الْفِقْهِ وَيَجْمَعَ طُرُقَهَا، فَإِنَّهَا هِيَ الَّتِي يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى مِثْلِهِ، فَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْهَا فِي ذَلِكَ فَلِهَذَا كَانَ مُجَرَّدُ الِاكْتِفَاءِ بِكِتَابِهِ فِي هَذَا الْبَابِ يُورِثُ جَهْلًا عَظِيمًا بِأُصُولِ الْإِسْلَامِ، وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ بِأَنَّ كِتَابَ أَبِي الْمَعَالِي، الَّذِي هُوَ نُخْبَةُ عُمْرِهِ نِهَايَةُ الْمَطْلَبِ فِي دِرَايَةِ الْمَذْهَبِ " لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مَعْزُوٌّ إلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إلَّا حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي الْبَسْمَلَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ.
وَلِقِلَّةِ عِلْمِهِ وَعِلْمِ أَمْثَالِهِ بِأُصُولِ الْإِسْلَامِ اتَّفَقَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَإِذَا لَمْ يُسَوِّغْ أَصْحَابُهُ أَنْ يُعْتَدَّ بِخِلَافِهِمْ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ فُرُوعِ الْفِقْهِ كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا؟ وَإِذَا اتَّفَقَ أَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ إمَامًا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ فَكَيْفَ يُتَّخَذُ إمَامًا فِي أُصُولِ الدِّينِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ إنَّمَا نِيلَ قَدْرُهُ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ بِتَبَحُّرِهِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مُؤَسَّسٌ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ بِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ غَايَتُهُ فِيهِ أَنَّهُ يُوجَدُ مِنْهُ نَقْلٌ جَمَعَهُ أَوْ بَحْثٌ تَفَطَّنَ لَهُ فَلَا يُجْعَلُ إمَامًا فِيهِ كَالْأَئِمَّةِ الَّذِينَ لَهُمْ وُجُوهٌ، فَكَيْفَ بِالْكَلَامِ الَّذِي نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ ذَنْبٌ أَعْظَمُ مِنْهُ؟ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا جَعَلَهُ أَصْلَ دِينِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَالشَّامِلِ وَغَيْرِهِمَا هُوَ بِعَيْنِهِ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي نَصَّتْ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، وَلِهَذَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ طَاهِرٍ أَنَّهُ قَالَ وَقْتَ الْمَوْتِ: لَقَدْ خُضْتُ الْبَحْرَ الْخِضَمَّ وَخَلَّيْت أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَعُلُومَهُمْ وَدَخَلْت فِي الَّذِي نَهَوْنِي عَنْهُ، وَالْآنَ إنْ لَمْ يُدْرِكْنِي رَبِّي بِرَحْمَتِهِ فَالْوَيْلُ لِابْنِ الْجُوَيْنِيِّ، وَهَا أَنَا أَمُوتُ عَلَى عَقِيدَةِ أُمِّي أَوْ عَقَائِدِ عَجَائِزِ نَيْسَابُورَ"

أقول : هذا الكلام ينبغي أن يتأمله من يحرص كلما ذكر هذا الرأس في التجهم قال ( إمام الحرمين ) فهذا الرجل ليس إماماً في الأصول ولا في الفروع بنص ابن تيمية _ رحمه الله _

وقد نص ياقوت الحموي على أنه قليل البضاعة في الحديث ، وهنا ابن تيمية يذكر أنه ليس له اطلاع على الكتب الستة هذا مع كونه فاسد العقيدة متبحراً في علم الكلام الذي ذمه السلف ونصوا أنه أعظم ذنب بعد الشرك

فمثل هذا كيف يعول على كتابه في الأصول ( الورقات ) وفيه أغلاط في باب التأويل وباب المحكم والمتشابه وباب الحقيقة والمجاز مع جهله الفاضح بالحديث

وفيما كتب أهل السنة وأهل التحقيق الكفاية ، وكثير من طلبة العلم لا يعرفون الرسالة للشافعي ولا كتب الأوائل المسندة الطيبة الميسرة ويعلمون ما قال الجويني ونظراء الجويني

وقال ابن تيمية بعد كلامه السابق مبيناً ضعفه في الأصول وفهم الشريعة :" قَالَ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرُّسْتُمِيُّ: حَكَى لَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ الْفَقِيهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْإِمَامِ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ نَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِنَيْسَابُورَ، فَأُقْعِدَ، فَقَالَ لَنَا: اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي رَجَعْت عَنْ كُلِّ مَقَالَةٍ قُلْتهَا أُخَالِفُ فِيهَا مَا قَالَ السَّلَفُ الصَّالِحُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَأَنِّي أَمُوتُ عَلَى مَا يَمُوتُ عَلَيْهِ عَجَائِزُ نَيْسَابُورَ.
وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ سَلَكُوا خَلْفَهُ مِنْ تَلَامِذَتِهِ وَتَلَامِذَةِ تَلَامِذَتِهِ وَتَلَامِذَةِ تَلَامِذَةِ تَلَامِذَتِهِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَلِقِلَّةِ عِلْمِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ سَلَفِ الْأُمَّةِ يَظُنُّ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَوَادِثِ لَيْسَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يُعْلَمُ حُكْمُهَا بِالْقِيَاسِ، كَمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عِلْمٌ بِالنُّصُوصِ وَدَلَالَتِهَا عَلَى الْأَحْكَامِ عَلِمَ أَنَّ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَأَمْثَالِهِ: إنَّ النُّصُوصَ تَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الْحَوَادِثِ، أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنْ كَانَ فِي طَرِيقَةِ هَؤُلَاءِ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ بَعْضِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا قَدْ يُسَمَّى قِيَاسًا جَلِيًّا، وَقَدْ يُجْعَلُ مِنْ دَلَالَةِ مِثْلِ فَحْوَى الْخِطَابِ وَالْقِيَاسِ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَمِثْلِ الْجُمُودِ عَلَى الِاسْتِصْحَابِ الضَّعِيفِ، وَمِثْلِ الْإِعْرَاضِ عَنْ مُتَابَعَةِ أَئِمَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مَا هُوَ مَعِيبٌ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْقَدْحُ فِي أَعْرَاضِ الْأَئِمَّةِ، لَكِنْ الْغَرَضُ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ فِي اسْتِيعَابِ النُّصُوصِ لِلْحَوَادِثِ، وَأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَدْ بَيَّنَ لِلنَّاسِ دِينَهُمْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ الْحَقُّ مِمَّنْ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ لَمْ يُبَيِّنْ لِلنَّاسِ حُكْمَ أَكْثَرِ مَا يَحْدُثُ لَهُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ، بَلْ وَكَّلَهُمْ فِيهَا إلَى الظُّنُونِ الْمُتَقَابِلَةِ وَالْآرَاءِ الْمُتَعَارِضَةِ"

وكلام ابن تيمية في ابن حزم جيد جداً في تلخيص عيوب طريقته الظاهرية وقد أحسن أيما إحسان بتنصيصه على مخالفة ابن حزم للصحابة وهذا فارق عظيم بين أهل الحديث وأهل الظاهر


وفي كلام ابن تيمية فائدة وهي أن من لا يميز بين الصحيح والضعيف لا يصلح أن يكون إماماً في الفقه ولا من أصحاب الوجوه

وهذا ينطبق على الغزالي والرازي وغيرهم

وفي كلامه أن من يبني عقيدته على الكلام الذي ذمه السلف لا يكون إماماً

وهذا كلام يستحق التأمل في تصحيح بعض المسارات التي اعتاد عليها المتأخرون والمعاصرون وهم غالطون في ذلك

وأما من يحتج بمتعصب كالسبكي فيقال 

السبكي أشعري متعصب ويعظم أئمة الأشعرية تعظيماً مبالغاً به وابن تيمية نقل كلام الأئمة الشافعية قبله 

ثم إن جهل الجويني بالمأثور لا يغطى بغربال ومن شرط المجتهد أن يكون عالماً بالأثر 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم