الجمعة، 9 مايو 2014

كلام نفيس للأستاذ عطية محمد سالم في نجاسة الدم



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فمسـألة نجاسة دم الآدمي  مسألة معروفة تكلمت عليها في دروس الفقه ونقل غير واحد الإجماع على نجاسته منهم الإمام أحمد وابن حزم وابن تيمية والنووي وغير كثير ، مما يدل على غلط من ادعى القول بالطهارة وأن قوله شاذ محدث وأن تلك الاستدلالات التي يستدلونها ساقطة مبنية على غلط عندهم في الفهم فلو كان في الأخبار دلالة على ما يقولون لسبقهم إليه أئمة السلف وقد وجدت كلاماً طيباً لعطية محمد سالم في هذه المسألة في موسوعته في الدماء

وبحثه جيد وعليه مآخذ أن النتيجة التي توصل إليها مقطوع بصحتها ، فلا تقدح هذه المآخذ في أصل البحث

قال عطية محمد سالم في موسوعته المذكورة ص73 :" لم يزل المسلمون في كل عصر يقولون بنجاسة الدم جيلا بعد جيل ، وينقل الخلف الإجماع عليه عن السلف إلى يومنا هذا "

ثم ذكر جماعة من المفسرين

ثم ذكر كلام جماعة من أهل الحديث

ثم ذكر المذاهب الفقهية المشهورة

ثم قال في ص100 :" وكان يمكن الاكتفاء في هذا البحث بهذا القدر لما فيه الكفاية والتصريح بنقل الإجماع والاتفاق مما لا يدع للشك في ذلك

ولكن نظراً لوجود من يقول بخلاف ذلك من المتأخرين جداً أي من المعاصرين عند كتابة هذا البحث ، وقد زينوا للناس أقوالهم وأوهموا العوام ، وشككوا أتباعهم ممن يتقبلون كل أقوالهم ولو خالفت أسلافهم ، ولعظم خطر هذا القول مما ينطوي عليه من جرائم علمية وعملية

منها : تجهيل السلف على اختلاف طبقاتهم وتعدد مناهجهم

ومنها : إيهام الناس أنهم أعلم ممن سبقهم

ومنها : إفساد العبادة على  المسلمين لو أخذوا بأقوالهم

ومنها : إيجاد التشكيك في كل ما سبق أن الأمة اتفقت عليه

ومنها : إبطال أصل من أصول التشريع أو أدلته وهو من أقواها عند الأصوليين ، ألا وهو الإجماع حيث لم يأخذوا بنقل الإجماع ولا الاتفاق على القول بنجاسة الدم

ولو تساءلنا :على أي شيء بنوا رأيهم هذا ؟ لما وجدنا لهم إلا الوهم وعدم العلم بحقيقة أصول البحث عند علماء الأمة .

ولو أنهم حاولوا قبل أن يقولوا بهذا القول بعد أربعة عشر قرناً ، مضى عليها علماء الأمة يقولون بنجاسة الدم ، لو تساءلوا فيما بينهم وبين أنفسهم عما مضى عليه سلف الأمة وخلفها ، وقارنوا مقالتهم ومقالة السلف ، ووضعوا النتائج المترتبة على مقالتهم ، لما جرؤوا على القول بما يخالف سلف الأمة . وذلك لأن قولهم بطهارة الدم يقتضي ويستلزم خطأ من قال بنجاسته . وهذا يستلزم جهل من قال بنجاسته وهم السلف ، بالتالي يكونون هم مدعين لأنفسهم بأنهم أعلم من السلف ويقضون بهذا على السلف بالجهل "

ثم ذكر شبهاتهم وتألق في نقضها جزاه الله خيراً

وما قاله ينطبق على القول بطهارة القيء الذي اتفق السلف على نجاسته وما خالف إلا ابن حزم وكذا القول بطهارة الخمر وقد اتفق السلف على نجاستها ، غير أن نجاسة الدم حتى ابن حزم ينقل الإجماع على نجاسته

والشذوذ في الفقه له خطورته العظيمة ، فقد كان الإمام أحمد يدعو على أبي ثور لقوله بحل نساء المجوس ويقول ( لا فرج الله عمن قال بهذه المقالة ) ، وكذا ذكر ابن تيمية في التسعينية أن الإمام أحمد من أسباب تبديعه لداود الظاهري قوله بنكاح التحليل ولا يعرف عن أهل الحديث القول بهذا
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم