مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: حكم الإمام الطبراني على الجهمية بالخلود في النار

حكم الإمام الطبراني على الجهمية بالخلود في النار



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال ابن طاهر المقدسي في الحجة على تارك المحجة (2/484) : قرأت على أبي بكر السمسار بأصبهان، أخبركم جعفر الفقيه قال: ((سألت أبا القاسم سليمان الطبراني: ما قولك -رحمك الله- فيمن يقول: إن أهل التوحيد يخرجون من النار إلا من يقول: القرآن مخلوق؟ فكتب في جوابه:
من قال: القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم بلا اختلاف بين أهل العلم والسنة؛ لأنه زعم أن الله تعالى مخلوق؛ لأن القرآن كلام الله عز وجل تكلم به وكلم به جبريل الروح الأمين، وأنزله جبريل عليه السلام من عند الله هكذا. قال الله تبارك وتعالى: {نزل به الروح الأمين}، وأنزله جبريل على قلبك، من قال: إنه مخلوق، فهو شر من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان، وليس من أهل التوحيد المخلصين الذين أدخلهم الله النار عقوبة منه لأعمال استوجبوا بها النار، فيخرجهم الله من النار برحمته وشفاعة نبيه محمد  صلى الله عليه وسلم وشفاعة الشافعين، ومن زعم أن من يقول: ((إن القرآن مخلوق)) يخرج من النار فهو كافر كمن زعم أن اليهود والنصارى يخرجون من النار.

أقول : الطبراني سليمان بن أحمد عاش مائة عاماً سمع فيها الحديث من قرابة الألف شيخ أحد هؤلاء الألف عبد الله بن أحمد ابن حنبل الذي جمع علم أبيه وابن معين وغيرهم

وهو هنا ينقل الإجماع ليس على كفر الجهمية بل على خلودهم في النار لقولهم بخلق القرآن هذا القول الذي يقول به الإباضية والرافضة والزيدية وهو حقيقة قول الأشعرية والماتردية

وقد نقل حرب الكرماني في عقيدته الإجماع على كفر من لم يكفر الجهمية

وقال الآجري في الشريعة 158 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال : حدثني أخ لي من الأنصار ، عن أبي زكريا يحيى بن يوسف الزمي قال : سمعت عبد الله بن إدريس : وسأله رجل عمن يقول : القرآن مخلوق فقال : من اليهود ؟ قال : لا ، قال : من النصارى ؟ قال : لا ، قال : من المجوس ؟ قال : لا ، قال : فممن ؟ قال : من أهل التوحيد ، قال : معاذ الله أن يكون هذا من أهل التوحيد ، هذا زنديق ، من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن الله تعالى مخلوق ، يقول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم  فالرحمن لا يكون مخلوقا ، والرحيم لا يكون مخلوقا ، والله لا يكون مخلوقا ، فهذا أصل الزندقة.

وقال الآجري أيضاً في الشريعة 175 - حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : حدثنا الفضل بن زياد قال : سألت أبا عبد الله عن عباس النرسي ، فقلت : كان صاحب سنة ؟ فقال : رحمه الله قلت : بلغني عنه أنه قال : ما قولي : القرآن غير مخلوق ، إلا كقولي : لا إله إلا الله ، فضحك أبو عبد الله ، وسر بذلك ، قلت : يا أبا عبد الله ، أليس هو كما قال ؟ قال : بلى

وهذا في معنى كلام الطبراني

إذا فطنت لهذا وعلمت أن قول الأشاعرة في القرآن شر من قول المعتزلة كما نص عليه ابن القيم وابن تيمية وابن أبي العز

علمت خطورة ما يظهر من تعظيم هؤلاء القوم

بل إذا علمت أن القول بإنكار العلو أشنع وأشر من القول بخلق القرآن

وتحريف نصوص العلو جريمة تضاهي جريمة اليهود في تحريف الكلم عن مواضعه

قال ابن القيم في الصواعق المرسلة :" والتحريف العدول بالكلام عن وجهه وصوابه إلى غيره وهو نوعان تحريف لفظه وتحريف معناه والنوعان مأخوذان من الأصل عن اليهود فهم الراسخون فيهما وهم شيوخ المحرفين وسلفهم فإنهم حرفوا كثيرا من ألفاظ التوراة وما غلبوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه ولهذا وصفوا بالتحريف في القرآن دون غيرهم من الأمم ودرج على آثارهم الرافضة فهم أشبه بهم من القذة بالقذة والجهمية فإنهم سلكوا في تحريف النصوص الواردة في الصفات مسالك إخوانهم من اليهود ولما لم يتمكنوا من تحريف نصوص القرآن حرفوا معانيه وسطوا عليها وفتحوا باب التأويل لكل ملحد يكيد الدين فإنه جاء فوجد بابا مفتوحا وطريقا مسلوكة ولم يمكنهم أن يخرجوه من باب أو يردوه من طريق قد شاركوه فيها وإن كان الملحد قد وسع بابا هم فتحوه وطريقا هم اشتقوه فهما بمنزلة رجلين ائتمنا على مال فتأول أحدهما وأكل منه دينارا فتأول الآخر وأكل منه عشرة فإذا أنكر عليه صاحبه قال إن حل أكل الدينار بالتأويل حل أكل العشرة به ولا سيما إذا زعم آكل الدينار أن الذي ائتمنه إنما أراد منه التأويل وأن المتأول أعلم بمراده من المالك فيقول له صاحبه أنا أسعد منك وأولى بأكل هذا المال"

ولهذا استبدل ابن تيمية لفظ ( التأويل ) في الواسطية ب( التحريف )

فهذا الذي يعتبره بعض الناس عذراً للقوم هو جريمة في حد ذاته 

وقال الخلال في السنة  1768- أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَدَقَةَ , قَالَ : سَمِعْتُ الْمَيْمُونِيَّ , يَقُولُ : قُلْتُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , لَمَّا أُخْرِجَتْ جِنَازَةُ ابْنِ طَرَّاحٍ , جَعَلُوا الصِّبْيَانَ يَصِيحُونَ : اكْتُبْ إِلَى مَالِكٍ : قَدْ جَاءَ حَطَبُ النَّارِ . قَالَ : فَجَعَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُسَتِّرُ وَجَعَلَ يَقُولُ : يَصِيحُونَ , يَصِيحُونَ.

فأقرهم الإمام على الشهادة لهذا الجهمي بالنار 

وأما اليوم فيأتي من يمنع من الشهادة على اليهودي والنصراني والقادياني والبهائي بالنار والله المستعان 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي