مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: استخراج الدليل على أن الجهمية ليسوا مسلمين من حديث الشفاعة

استخراج الدليل على أن الجهمية ليسوا مسلمين من حديث الشفاعة



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال البخاري في صحيحه 6573 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ

وفي رواية مسلم :" فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلاَثًا ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ ، فَيَقُولُ : هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلاَّ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالسُّجُودِ"

هذا الحديث الذي تلقته الأمة بالقبول يدل دلالة قاطعة على أن الجهمية ليسوا من هذه الأمة

فكلهم بما فيهم الأشاعرة لا يؤمنون أن لله صورة ولا يؤمنون بالساق ولا يؤمنون بأن الله يرى والأشاعرة يقولون يرى إلى غير جهة فحقيقة أمرهم إثبات الرؤية القلبية التي لا ينازع فيها المعتزلة ، وكلهم لا يؤمنون بأن الله يتكلم بصوت مسموع

فلو كانوا في الأمة في هذا الموقف لقالوا ( نعوذ بالله منك ربنا لا يتكلم بحرف وصوت وليس له صورة ولا يكشف عن ساق ولا يرى )

وفي حديث جابر أنه سبحانه يتجلى ضاحكاً ولو كان الجهمية في الأمة لقالوا ( نعوذ بالله منك ربنا لا يضحك )

فهذا يدل على أنهم كفار ليسوا من الأمة ولا يكونون معها في الموقف بل يقال لهم كما يقال لغيرهم ( انطلقوا إلى ما كنتم تعبدون )

قال الخلال في السنة 1761- أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , أَنَّ الْبَنْدَنْجِيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الزَّرَّادُ الْهَمَذَانِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْبَغْدَادِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الأَثْرَمَ , يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ : رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَنَامِ , فَقُلْتُ : مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ ؟ فَقَالَ : مَا فَعَلَ لِي قَالَ لِي : انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ . يَا أَحْمَدُ , تَمَسَّكْ بِمَا أَنْتَ عَلَيْهِ , فَإِنَّهُ الْحَقُّ.

فتأمل هذا وابن أبي دؤاد أخذ عليه القول بخلق القرآن والدعوة إلى ذلك والقول بخلق القرآن يتضمن ألواناً من الكفر

الأول : نفي صفة الكلام عن الله عز وجل

الثاني : تضمن القول بأن كلام في الأرض كلام الله عز وجل فكون الله متكلماً عندهم هو أنه يخلق الكلام في غيره وهو خالق كل كلام للمخلوق فيتضمن أن كل كلام في الكون كلامه ولهذا انتهى ببعضهم إلى القول بوحدة الوجود

الثالث : القول بأن أسماء الله مخلوقة لأن الله لم يتكلم بهذه الأسماء وإنما خلقها في مخلوق والمخلوق أقدم منها فهي مخلوقة إذن ، وقد حاول بعض الجهمية التبرؤ من هذا المقتضى لكونه كفر ظاهر ونهايته القول بخلق الرب والعياذ بالله فلم يقبل أحمد منهم لأن قولهم لا يقتضي إلا هذا

وزاد الأشاعرة وجهاً رابعاً من الكفر وهو القول بأن كلام الله يمكن أن يحاكى فقالوا ( القرآن حكاية عن كلام الله ) لهذا كان قولهم أكفر من قول الجهمية الأولى كما قال ابن أبي العز وابن القيم

وقد زادوا على هذا الكفر نفي عامة الصفات بما في ذلك صفة العلو التي لم ينكرها حتى اليهود والنصارى وعباد الأوثان  وكان للأشاعرة الحظ الأعظم من تركة الجهم بن صفوان فأخذوا جبره وإرجاءه وهما أشر من وعيدية المعتزلة وقوله بالقدر

فهذا حال من يسميهم الجهلة ( أئمة الإسلام ) وليحذروا فإن المرء مع من أحب فابقوا مدافعين عنهم ممتحنين للعباد بهم ، فاتحين للزنادقة المحتجين بضلالاتهم حتى تأتوا يوم القيامة وأنتم في سجل أوليائهم ، ومن كان لاعباً فلا يلعبن بدينه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي