مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: باب من كره أن يؤثر السجود في وجهه

باب من كره أن يؤثر السجود في وجهه



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد قال الله عز وجل في صفة الصحابة سيماهم في وجوههم من أثر السجود )

وقد فسرها بعض السلف بالهدي الحسن والخشوع

وبعضهم فسرها بالنور يوم القيامة

وبعضهم فسرها بالتراب يرى بعد السجود على الجبهة

غير أن تفسيرها بذلك الأثر الثابت على الجبهة الذي يرى اليوم ، فعامة السلف لم يفسروا الآية به بل كره بعضهم أن يرى للرجل أثر على وجهه

قال ابن أبي شيبة في المصنف 3154- حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِِ ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ ، فَرَأَى رَجُلاً قَدْ أَثَّرَ السُّجُودُ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ : إنَّ صُورَةَ الرَّجُلِ وَجْهُهُ ، فَلاَ يَشِينُ أَحَدُكُمْ صُورَتَهُ.

وهذا الإسناد صحيح

وقال ابن شيبة في المصنف 3156- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ ، قَالَ : قلت لِمَيْمُونَةَ : أَلَمْ تَرَيْ إلَى فُلاَنٍ يَنْقُرُ جَبْهَتَهُ بِالأَرْضِ يُرِيدُ أَنْ يُؤَثِّرَ بِهَا أَثَرَ السُّجُودِ ، فَقَالَتْ : دَعْهُ لَعَلَّهُ يَلِجُ.

وهذا صحيح إلى أم المؤمنين ميمونة

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 3157- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ حُرَيْثٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ؛ أَنَّهُ كَرِهَ الأَثَرَ فِي الْوَجْهِ.
3158- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، عَنْ مُسَافِرٍ الْجَصَّاصِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، قَالَ : شَكَوْت إلَى مُجَاهِدٍ الأَثَرَ بَيْنَ عَيْنَيَّ ، فَقَالَ لِي : إذَا سَجَدْت فَتَجَافَ.

ومسافر الجصاص أثنى عليه أحمد في سؤالات أبي داود فالخبر عن حبيب ومجاهد ثابت

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 3159- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : رَأَيْتُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ وَأَصْحَابَ عَبْدِ اللهِ وَأَثَارُ السُّجُودِ فِي جِبَاهِهِمْ وَأُنُوفِهِمْ.
3160- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : مَا رَأَيْت سَجْدَةً أَعْظَمَ مِنْهَا ، يَعْنِي سَجْدَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.

أقول : هذا محمول والله أعلم على من لا يتكلف تمريغ وجه أثناء السجود أو يسجد على صنف معين السجاد ليحصل له ذلك الأثر بل يقع ذلك دون قصد

وسبب كراهية من كره من السلف والله أعلم مع ما ذكر ابن عمر ، محبتهم لإخفاء الطاعات عن الناس ، إلا ما كان في أصله مأموراً بأظهاره كشهود الجمع والجماعات والأعياد وغيرها ، أو كان في إظهاره مصلحة عامة كالسنن المهجورة

وهنا فائدة ذكرها بعض الأخوة : قال البوصيري في اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ([396] قال إسحاق: وأبنا الفضل بن موسى، ثنا الجعيد بن عبدالرحمن قال: "كنا عند السائب بن يزيد فجاءه الزبير بن سهيل بن عبدالرحمن بن عوف وفي وجهه أثر السجود، فقال: من هذا؟ فقلنا: الزبير بن سهيل، فقال: والله ما هذا السيما التي سماها الله، ولقد سجدت على وجهي منذ ثمانين سنة فما أثر السجود بين عيني.
هذا إسناد صحيح موقوف)).
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي