مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: أين نحن من عبادة التفكر ؟

أين نحن من عبادة التفكر ؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال أحمد في الزهد 750- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ.


وهذا إسنادٌ صحيح وأبو الدرداء من كبار فقهاء الصحابة كما لا يخفى





و قال أحمد في الزهد 1567- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ.

وهذا إسناد صحيح أيضاً والحسن البصري من الفقهاء العباد الزهاد الحكماء اجتمع فيه ما تناثر في غيره


وهذا القول فيه فضل العلم على العبادة ، إذ أن التفكر لا يحسنه على وجهه إلا أهل العلم

وفيه فضل العبادة المتعدية النفع على العبادة غير متعدية النفع إذ أن العلماء إذا تدبروا ، أخبروا الناس بما أداه إليهم تدبرهم فيصير ذلك سبباً في زيادة إيمانهم


واعلم رحمك الله أن التفكر نوعان



الأول : تفكر في آيات الله المتلوة ، وهي نصوص القرآن ويتبعها نصوص السنة



الثاني : التفكر في آيات الله المخلوقة



والأول يرشد إلى الثاني في مواطن كثيرة كقوله تعالى ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)


وقوله تعالى ( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)



وقوله تعالى ( يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )


وقوله تعالى ( ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)


وغيرها كثير من الآيات



وأما الإرشاد إلى التفكر في الآيات المتلوة ففي قوله تعالى ( بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )


وتأمل ختم الآيات السابقة كلها بمدح المتفكرين
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي