الخميس، 21 نوفمبر 2013

باب ما جاء في تكثير سواد أهل البدع



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال الإمام البخاري في كتاب الفتن من صحيحه :" باب: من كره أن يكثِّر سواد الفتن والظلم.
6674 : حدثنا عبد الله بن يزيد: حدثنا حيوة وغيره قال: حدثنا أبو الأسود. وقال الليث: عن أبي الأسود قال:
قطع على أهل المدينة بعث، فاكتتبت فيه، فلقيت عكرمة فأخبرته، فنهاني أشد النهي ثم قال: أخبرني ابن عباس: أن أناساً من المسلمين كانوا مع المشركين، يكثِّرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي السهم فيرمى فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضربه فيقتله، فأنزل الله تعالى:
{إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم}. "

قلت : في هذا الحديث من الفقه العظيم ما فيه ، فانظر إلى فقه عكرمة كيف نزل هذا الحديث الوارد في تكثير سواد المشركين على من كثر سواد أهل الفتن من المسلمين

وذلك أن تكثير سواد أي قوم يعينهم على ما هم فيه ، وتابعه على هذا الفهم الدقيق الإمام البخاري رضي الله عنه فعمم الحديث

وعليه فإن الخبر يؤخذ منه عدم جواز تكثير سواد أهل البدع لأن فيه إعانةً لهم على ما هم فيه من الضلال ، فلا يجوز التكتل معهم في جماعةٍ ولا جمعية - تعددت أفرعها أو لم تتعدد -

ويستفاد من هذا الحديث أن من كثر سواد أهل البدع فأصابته سهام أهل السنة فلا يلومن إلا نفسه وما ظلمه أهل السنة ولكنه ظلم نفسه بتكثيره لسواد أهل البدع

وقد أفاد ابن حجر في الفتح أن هؤلاء الخارجين مع المشركين لم يريدوا القتال

وهذا في تكثير سواد أهل الفتن ، فكيف بالثناء عليهم والدفاع عنهم ؟

أقول : هذا من موارد العطب

قال الله تعالى :"إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما "

قال القرطبي في تفسير هذه الآية :" وفي هذا دليل على أن النيابة عن المبطل والمتهم في الخصومة لا تجوز "

قلت : هذا في الدفاع عن المبطل في حقوق الناس فكيف بالمبطل في دين الله عز وجل .
قال الإمام مسلم وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بْنُ الفَضْلِ الحُدَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
عَبِثَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَنَامِهِ.
فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَنَعْتَ شَيْئاً فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ.
فَقَالَ: "الْعَجَبُ إِنَّ نَاساً مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ بِالْبَيْتِ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ، حَتَّىَ إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ".
فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ.
قَالَ: "نَعَمْ، فِيهِمْ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ، يَهْلِكُونَ مَهْلَكاً وَاحِداً، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّىَ، يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَىَ نِيَّاتِهِمْ".

قال النووي في شرح الحديث (18/7) :" وفيه: أن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا"

أقول : ومن العقوبات الدنيوية الظاهرة الهجران والتحذير.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم