مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث : ( شيطان لقي شيطانة )

الكلام على حديث : ( شيطان لقي شيطانة )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال أبو داود 2176 : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرٌ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِىُّ ح وَحَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادٌ كُلُّهُمْ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ حَدَّثَنِى شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ قَالَ تَثَوَّيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْمَدِينَةِ فَلَمْ أَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَشَدَّ تَشْمِيرًا وَلاَ أَقْوَمَ عَلَى ضَيْفٍ مِنْهُ فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ يَوْمًا وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى أَوْ نَوًى - وَأَسْفَلُ مِنْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ - وَهُوَ يُسَبِّحُ بِهَا حَتَّى إِذَا أَنْفَدَ مَا فِى الْكِيسِ أَلْقَاهُ إِلَيْهَا فَجَمَعَتْهُ فَأَعَادَتْهُ فِى الْكِيسِ فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَلاَ أُحَدِّثُكَ عَنِّى وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ قُلْتُ بَلَى. قَالَ بَيْنَا أَنَا أُوعَكُ فِى الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ. فَقَالَ «مَنْ أَحَسَّ الْفَتَى الدَّوْسِىَّ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ ذَا يُوعَكُ فِى جَانِبِ الْمَسْجِدِ فَأَقْبَلَ يَمْشِى حَتَّى انْتَهَى إِلَىَّ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَىَّ فَقَالَ لِى مَعْرُوفًا فَنَهَضْتُ فَانْطَلَقَ يَمْشِى حَتَّى أَتَى مَقَامَهُ الَّذِى يُصَلِّى فِيهِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَمَعَهُ صَفَّانِ مِنْ رِجَالٍ وَصَفٌّ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ صَفَّانِ مِنْ نِسَاءٍ وَصَفٌّ مِنْ رِجَالٍ فَقَالَ «إِنْ أَنْسَانِى الشَّيْطَانُ شَيْئًا مِنْ صَلاَتِى فَلْيُسَبِّحِ الْقَوْمُ وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ».
قَالَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يَنْسَ مِنْ صَلاَتِهِ شَيْئًا. فَقَالَ «مَجَالِسَكُمْ مَجَالِسَكُمْ». زَادَ مُوسَى «هَا هُنَا». ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ». ثُمَّ اتَّفَقُوا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرِّجَالِ فَقَالَ «هَلْ مِنْكُمُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ وَأَلْقَى عَلَيْهِ سِتْرَهُ وَاسْتَتَرَ بِسِتْرِ اللَّهِ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ «ثُمَّ يَجْلِسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلْتُ كَذَا». قَالَ فَسَكَتُوا قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ». فَسَكَتْنَ فَجَثَتْ فَتَاةٌ - قَالَ مُؤَمَّلٌ فِى حَدِيثِهِ فَتَاةٌ كَعَابٌ - عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهَا وَتَطَاوَلَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيَرَاهَا وَيَسْمَعَ كَلاَمَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَتَحَدَّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَهْ فَقَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ ذَلِكَ».
فَقَالَ «إِنَّمَا ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانَةٍ لَقِيَتْ شَيْطَانًا فِى السِّكَّةِ فَقَضَى مِنْهَا حَاجَتَهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ أَلاَ وَإِنَّ طِيبَ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَوْنُهُ أَلاَ إِنَّ طِيبَ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ رِيحُهُ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ هَا هُنَا حَفِظْتُهُ عَنْ مُؤَمَّلٍ وَمُوسَى «أَلاَ لاَ يُفْضِيَنَّ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ وَلاَ امْرَأَةٌ إِلَى امْرَأَةٍ إِلاَّ إِلَى وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ». وَذَكَرَ ثَالِثَةً فَأُنْسِيتُهَا وَهُوَ فِى حَدِيثِ مُسَدَّدٍ وَلَكِنِّى لَمْ أُتْقِنْهُ كَمَا أُحِبُّ
وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ عَنِ الطُّفَاوِىِّ.

قال البوصيري في إتحاف الخيرة (4/ 61):"وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو أَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ هُوَ الْخُدْرِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: أَلاَ عَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْلُوَ بِأَهْلِهِ، يُغْلِقُ بَابًا، ثُمَّ يُرْخِي سِتْرًا، ثُمَّ يَقْضِي حَاجَتَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ حَدَّثَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ أَلاَ عَسَى إِحْدَاكُنَّ أَنْ تَغْلِقَ بَابَهَا، وَتُرْخِيَ سِتْرَهَا، فَإِذَا قَضَتَ حَاجَتَهَا، حَدَّثَتْ صَوَاحِبَتْهَا فَقَالَتِ امْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّهُنَّ لَيَفْعَلْنَ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ قَالَ: فَلاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مِثْلُ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةً عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ وَتَرَكَهَا.
قَالَ الْبَزَّارُ: لاَ نَعْلَمُهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ إِلاَّ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَأَبُو سَلَمَةَ ثِقَةٌ، وَمَهْدِيٌّ الْوَاسِطِيُّ لاَ بَأْسَ بِهِ"

أقول: رواية الجريري عن أبي نضرة عن الطفاوي أصح، فإن روح بن حاتم قال فيه ابن معين:" ليس بشيء "، لذا ذكره ابن حجر في لسان الميزان.
 والجريري وإن كان اختلط فرواية حماد عنه قبل الإختلاط وقد توبع حماد من قبل إسماعيل ابن علية عند أحمد في المسند (10990)

وقال أحمد 27624 - ثنا عبد الصمد قال ثنا حفص السراج قال سمعت شهرا يقول حدثتني أسماء بنت يزيد انها:" كانت عند رسول الله صلى الله عليه و سلم والرجال والنساء قعود عنده فقال لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها فارم القوم فقلت أي والله يا رسول الله انهن ليقلن وانهم ليفعلون قال فلا تفعلوا فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانه في طريق فغشيها والناس ينظرون"

أقول: طريق أبي هريرة الأولى فيها الشيخ الطفاوي وهو مجهول لا يعرف.
 وهذه الطريق فيها شهر بن حوشب وفيه ضعف

وحفص السراج قال في لسان الميزان:" [1318] حفص بن أبي حفص أبو معمر التميمي عن الحسن ليس بالقوي انتهى وذكره بن حبان في اتباع التابعين من الثقات فقال روى عن شهر بن حوشب روى عنه أبو عامر العقدي وأبو الوليد الطيالسي وهو السراج وهو التميمي وقال الدارقطني في العلل حفص بن أبي حفص عن أبي رافع عن أبي بكر رضى الله تعالى عنه وعنه موسى بن أبي عائشة مجهول قلت فما أدري أهو التميمي أو غيره"

أقول: فمثله لا يعتمد على تفرده، وقد حسن بعضهم هذا الحديث بمجموع طريقيه، بناءً على مذهبه في الإعتبار برواية مجهول العين وهذه مسألة خلافية في المصطلح وليس هذا محل تحريرها

غير أنني وددت التنبيه على أمر، وهو أن حديث أبا هريرة الذي في سنده مجهول، تفرد بزيادات عدة عن حديث أسماء، فلا يصلح تقويتها، لأنها لا شاهد لها في حديث أسماء بنت يزيد

فمن هذه الزيادات قوله:" فَجَثَتْ فَتَاةٌ (كعاب) عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهَا وَتَطَاوَلَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيَرَاهَا وَيَسْمَعَ كَلاَمَهَا"

فهذه الزيادة لا وجود لها في حديث أسماء البتة فلا يصلح تقويتها، وقوله (كعاب) تفرد بها مؤمل وهو سيء الحفظ من دون الثقات مما يدل على نكارة هذه اللفظة

ومن تلك الزيادات قوله:" فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَمَعَهُ صَفَّانِ مِنْ رِجَالٍ وَصَفٌّ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ صَفَّانِ مِنْ نِسَاءٍ وَصَفٌّ مِنْ رِجَالٍ" لا وجود لهذه الزيادة في حديث أسماء فلا تتقوى

وقوله:" إِذَا أَتَى أَهْلَهُ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ وَأَلْقَى عَلَيْهِ سِتْرَهُ وَاسْتَتَرَ بِسِتْرِ اللَّهِ " لا شاهد في حديث أسماء

وكذلك فقرة تسبيح أبي هريرة بالحصى انفرد بها الطفاوي المجهول

على أن الإمام أحمد صحح ذلك - يعني التسبيح بالحصى - عن أبي هريرة كما في مسائل الكوسج 
 
وأيضاً فقرة وعك أبي هريرة وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عنه لا شاهد لها في حديث أسماء
فلو قلنا بتقوية الحديث هذه الفقرات لا تتقوى

وقال عبد الرزاق في المصنف 4073 : عن ابن جريج عن رجل عن أبي هريرة قال خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما إلى المسجد فقال أين الفتى الدوسي قال هو ذاك يا رسول الله يوعك في مؤخر المسجد فأتاني النبي صلى الله عليه و سلم فمسح على رأسي وقال لي معروفا ثم أقبل على الناس فقال إن أنا سهوت في صلاتي فليسبح الرجال وليصفق النساء قال فصلى النبي صلى الله عليه و سلم ولم يسه في شيء من صلاته ومع النبي صلى الله عليه و سلم صفان ونصف من الرجال وصفان من النساء أو صفان من الرجال وصفان ونصف من النساء.

أقول: وهذا الطريق لا يصلح لعضد طريق الطفاوي المجهول، لاحتمال أن يكون هو نفسه المبهم الساقط، علماً بأن هذه الرواية ليس فيها من الزيادات ما في  رواية أبي داود

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي