الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد سن ابن عقيل الحضرمي في عتبه الخبيث الذي أسماه ( العتب الجميل ) سنة
سيئة في الطعن في أهل الحديث بدعوى أنهم يوثقون النواصب ويضعفون الشيعة وقد تلقى هذه
الدعوى كل من حسن المالكي وحفيده حسن السقاف وأخيراً مدنف الزندقة عدنان إبراهيم
وكنت قد ناقشت شيئاً هذه الدعوى في مقال ( هل احتج البخاري بالنواصب والخوارج
في صحيحه ) بينت فيه بياناً جلياً أن البخاري لم يحتج بأحد من الخوارج والنواصب وإنما
خرج لهم في الشواهد
وأن من احتج به من رواة الشيعة
( الذين هم ليسوا روافض ) أكثر من بكثير من هؤلاء ، مما يدل أن هؤلاء يهرفون بما لا
يعرفون
ولكنني هنا أختار طريقة أخرى لبيان جهلهم وتطاولهم على أخيار هذه الأمة
من أهل الحديث
وهي أن يقال : فضائل عثمان هل رواها النواصب ؟ وفضائل علي هل رواها الشيعة
؟
فإن قلت : ما الغرض من السؤال ؟
فيقال : إذا جعلنا الرواة تحت مطرقة الاتهام لتوجهاتهم العقدية كان المقتضي
لذلك أن نرد مرويات الشيعة في فضل علي ، كما نرد روايات النواصب في فضل عثمان ومعاوية
فإذا كانت عامة فضائل عثمان لم يروها النواصب ، وإنما رواها المعتدلون
وبعضها رواه الشيعة كما سيأتي ، وفضائل علي عامتها يرويها الشيعة ، كان ذلك دالاً على
إنصاف أهل الحديث ، وعلى أن ابن عقيل ومقلديه ما صنعوا شيئاً سوى أنهم حفروا قبورهم
بأيديهم
قال البخاري في صحيحه 3655- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
هذا إسناد مدني ليس فيه متهم بالنصب بل ولا شامي حتى
وقال البخاري في صحيحه 3674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو
الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ
أَبِي نَمِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ
أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقُلْتُ لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا قَالَ فَجَاءَ
الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا
خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ
بِئْرَ أَرِيسٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ
فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ
وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ
الْبَابِ فَقُلْتُ لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الْيَوْمَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ
هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَأَقْبَلْتُ
حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ ادْخُلْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ
كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ
ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي فَقُلْتُ
إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يُرِيدُ أَخَاهُ يَأْتِ بِهِ فَإِذَا إِنْسَانٌ
يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ
عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ
ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَجِئْتُ فَقُلْتُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ
فِي الْبِئْرِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا
يَأْتِ بِهِ فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ
بْنُ عَفَّانَ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ
عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ فَدَخَلَ
فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ فَجَلَسَ وِجَاهَهُ مِنْ الشَّقِّ الْآخَرِ قَالَ شَرِيكُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ
وهذا إسناد مدني
وقال البخاري في صحيحه 3675 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا
يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو
بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ
نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ
وهذا إسناد بصري وليس فيه متهم بالنصب
وقال البخاري في صحيحه 3698 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ
فَقَالُوا هَؤُلَاءِ قُرَيْشٌ قَالَ فَمَنْ الشَّيْخُ فِيهِمْ قَالُوا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عُمَرَ قَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي هَلْ
تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ
تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ
عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ
قَالَ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ
أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ
كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ
مَرِيضَةً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لَكَ
أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ
الرِّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ
مَكَانَهُ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ وَكَانَتْ
بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ
فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ هَذِهِ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ
اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ
وليس في هذا السند متهم بالنصب ولا شامي
فإن قيل : لعلهم نواصب ولم يبينوا أمرهم !
فيقال : إذن يجوز لخصمك أن يقول في رواة فضائل علي لعلهم روافض ولم يبينوا
أمرهم ، وقد بينوا أمر الكثير من النواصب فيستحيل أن يخفى أمر كل هؤلاء ثم إن من هؤلاء
الكثير ممن روى فضائل لعلي وأهل البيت
وقال الخلال في السنة 542- وقَرَأْتُ عَلَيْهِ : يَحْيَى , وَوَكِيعٌ
, عَنْ مِسْعَرٍ , قَالَ وَكِيعٌ : عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ , عَنِ النَّزَّالِ
, قَالَ وَكِيعٌ : سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ , قَالَ
: أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ وَلَمْ نَأْلُ.
وهذا إسناد كوفي صحيح ووكيع شيعي ، وقد روى هذا الخبر الأعمش أيضاً وهو
شيعي ، وحديث تبشير العشرة بالجنة أشهر مخارجه كوفي
وقال ابن أبي شيبة في المصنف 32715- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ , قَالَ : حدَّثَنَا
شُعْبَةُ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إيَاسٍ , عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ , عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ حَاطِبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا يَخْطُبُ يَقُولُ : {إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ
لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} قَالَ عُثْمَان مِنْهُمْ.
وهذا إسناد كوفي حيث لا نواصب
والآن إلى فضائل علي بن أبي طالب
قال الإمام مسلم في صحيحه 152- [131-78] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ (ح)
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ
، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ زِرٍّ ، قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ
: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ
الأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ : أَنْ لاَ يُحِبَّنِي إِلاَّ
مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يُبْغِضَنِي إِلاَّ مُنَافِقٌ.
هذا الحديث اجتنبه البخاري في سنده الأعمش شيعي ، وفي سنده عدي بن ثابت
قاص الشيعة في مسجدهم بل قال الدارقطني ( رافضي غال ) وانتقد الإمام مسلماً على تخريجه
لهذا الحديث وقد روي من طريقه بلفظ ( آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار
)
قال الإمام مسلم في صحيحه 149- [129-75] وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ
، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ (ح) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ
، وَاللَّفْظُ لَهُ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ
ثَابِتٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الأَنْصَارِ : لاَ يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ
يُبْغِضُهُمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ ، مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ
أَبْغَضَهُ اللَّهُ.
قَالَ شُعْبَةُ : قُلْتُ لِعَدِيٍّ : سَمِعْتَهُ مِنَ الْبَرَاءِ ؟ قَالَ
: إِيَّايَ حَدَّثَ.
فلو كنا لا نحترم صحيح مسلم كهؤلاء لقلنا الأعمش مدلس شيعي ورواية شعبة
أرجح من روايته ، ولكننا نصحح الوجهين ولا نتكلم في حديث خرجه مسلم ، ولكننا هنا نلزمهم
فهذا أقوى حديث في فضل علي إنما خرج من طريق الشيعة ( وليس الروافض )
ويا ليت شعري رجل ينكر أحاديث نزول المسيح وأحاديث الرجم كعدنان إبراهيم
على كثرتها وتواترها أنى له أن يؤمن بحديث كهذا فرد
وحديث الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة لم يرو إلا من طريق أهل الكوفة
، وأحد طرقه تفرد به شيعي وهو إسرائيل بن يونس انفراداً غريباً ، بل النسائي الذي ذكر
عنه التشيع خرج الحديث في سننه الكبرى ولما صنف المجبتى السنن الصغرى حذفه
وهذا التناقض لازم لأهل الأهواء وصاحب الباطل سلاحه الشغب عليك فإذا شغبت
عليه بمثل طريقته وطلبت منه أن يقيم حجته لا أن يكتفي بالتشغيب عليك سقط في يدك
فالرافضي يشغب على الصحابة ، فقل له أثبت لي عدالة الرواة عن جعفر الصادق
وموسى الكاظم وغيرهم من المعصومين عندكم ، ولماذا لا يكونون كذابين ومنافقين وأصحاب
أغراض وكم من زنديق انتحل صديقاً ليروج باطله
وتقول للرافضي كيف تثبت فضل علي بن أبي طالب ، فلا يأتي بطريق إلا وأنت
أقدر على إثبات فضل أبي بكر وعمر وعثمان من خلالها
وأظهر ذلك الروايات التي يستدلون بها
وكذا النصراني تقول أثبت نبوة المسيح أمام من ينكرها من اليهود ، فلا يأتي
بمعجزة إلا وللنبي مثلها أو أظهر منها ، وإن استدل بإخباره بالمغيبات كان ذلك أظهر
في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن استدل بسيرته فالأمر أظهر في نبينا ، وإن استدل
بصلاح الشرائع للناس فالأمر أظهر في نبينا صلى الله عليه وسلم
بل قل له أثبت لي نبوة بولس الذي ليس له عشر ما للمسيح أو للنبي صلى الله
عليه وسلم ممن نجحد نحن واليهود نبوته ، فلا يثبتها بطريق ( وأنى له ذلك ) إلا والأمر
أظهر في نبينا صلى الله عليه وسلم
وكذا الإباضي والمعتزلي والأشعري الجهمي تقول له اترك الشغب على أهل السنة
بدعوى ظنية الأدلة التي يستدلون بها وأثبت لي عقائدك فلا يستدل عليك بشيء إلا وهو ظني
الدلالة أو ظني الثبوت ( على أصوله )
وكذا أهل الرأي يتعنت بعضهم في الروايات الواردة في الطعن في أبي حنيفة
ويريد تضعيفها كلها ، ولو طبق هذا المنهج على أبي حنيفة نفسه لحكم عليه بأنه متروك
لأن عامة من يعتمد كلامهم في جرح رواة المثالب قد تكلموا في ضبط إمامه، ولو طلبت منه
أن يبثت لك مناقب إمامه لما استطاع إلا بإيراد روايات لو أخضعتها لنقد هو أخف من نقده
للمثالب لما صح من مناقبه شيء !
وكذا القبورية اليوم لا تقنعهم الأدلة على صفات الله عز وجل مع كثرتها
وقوة دلالتها ، فإذا أرادوا الاستدلال على التوسل أو شد الرحال جاءوا بالواهيات والبواطيل
وما لا علاقة له بالموضوع وحشدوه
وأهل الأهواء رأس مالهم الشغب على أهل السنة ومحاولة إثبات تناقض المخالف
، ولكنهم لا يستطيعون أبداً إقامة الحجة على صواب قولهم ، وإذا وضعوا في هذا الموقف
ظهر عجزهم وضعفهم بيناً
والخلاصة أن أهل الحديث حفظوا لنا الدين ، ولا يطعن فيهم إلا زنديق يريد
هدم الإسلام فإن الطعن فيهم طعن في السنة والسنة هي المبينة للقرآن
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم