الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
جاء في سيرة الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح :" ثمَّ
أخرج أبي رَحمَه الله لَيْلًا ومعنا حراس مَعَهم النفاطات فَلَمَّا اصبح واضاء
الْفجْر قَالَ لي يَا صَالح مَعَك دَرَاهِم قلت نعم قَالَ أعطهم _ فأعطيتهم درهما
درهما فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جعل يَعْقُوب يسير مَعَه فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عبد
الله ابْن الثَّلْجِي بَلغنِي انه كَانَ يذكرك
فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا يُوسُف سل الله الْعَافِيَة
فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عبد الله أُرِيد أَن أودي عَنْك فِيهِ
رِسَالَة إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ فَسكت
فَقَالَ لَهُ إِن عبد الله بن إِسْحَاق اخبرني أَن الوابصى قَالَ
لَهُ أَنِّي اشْهَدْ عَلَيْهِ انه قَالَ إِن احْمَد يعبد ماني فَقَالَ يَا أَبَا
يُوسُف يَكْفِي الله
فَغَضب يَعْقُوب فَالْتَفت إِلَيّ فَقَالَ مَا رَأَيْت اعْجَبْ
مِمَّا نَحن فِيهِ أسأله أَن يُطلق لي كلمة اخبر أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَا يفعل"
خلاصة هذه القصة العظيمة أن ابن الثلجي كان ينال من الإمام أحمد
حتى نسبه للشرك وعبادة ماني وذلك في أيام المتوكل فجاء رجل من أصحاب أحمد له علاقة
بالمتوكل يطلب الإذن من أحمد يبلغ المتوكل عنه فيعاقبه فيرفض أحمد ويقول يكفي الله
ولا يغيب على الناس جعله من ضربه في حل ، ومن يقرأ كيف عذبوه وسعوا في إهانته لا يكاد يصدق أنه عفا عنهم
وقال الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أَخْبَرَنِي أَبُو
بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ صَالِحًا
ابْنَكَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى السُّلْطَانِ،
فَيُخْبِرُوهُ بِقِصَّةِ شَمْخَصَةَ، أَنَّهُ شَتَمَكَ وَقَدْ أَشْهَدُوا عَلَيْهِ
- وَكَانَ قَدْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ الْمُقْرِئُ - فَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «قُلْ لَهُمْ لَا تَعَرَّضُوا لَهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ
يَذْهَبُوا إِلَى السُّلْطَانِ»
أفيجوز بعد هذا أن ينسب هذا الإمام إلى الكلام في مسائل العقيدة في
الحكم على الأشخاص بالهوى
كما فعل عبد الفتاح أبو غدة وقلده حسن المالكي في كتابه قراءة في
كتب العقائد وتابعهما صاحبي ما بعد السلفية
فأما أبو غدة فجهمي غاضب لأصحابه وأما المالكي فمترفض حاقد ما سلم من
حقده حتى الصحابة وأما الأخيران فداء عهر الشهرة يفعل أكثر من هذا
وقد شرحت في ردي على الطيباوي أنهم ما نقموا على الإمام شيء إلا
وهو محل إجماع بين علماء عصره بل ومن قبلهم وأن مجتهدي عصره كانوا على وفاق معه
فيما قال
ولكن هؤلاء سلوكهم مع أئمة الإسلام كسلوك الملاحدة والمنصرين مع
نبينا صلى الله عليه وسلم يركزون على بعض المواقف التي عاقب فيها النبي صلى الله
عليه وسلم أقواماً عقاباً عادلاً كان لا بد منه ثم يقولون هذا نبيكم
ويغفلون عفوه وتجاوزه في حق نفسه في أضعاف ذلك وإن كان العدل لا
يعاب عند العقلاء
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله
وصحبه وسلم