مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: مناقشة يوسف الغفيص في كلامه عن أبي حنيفة لأبي سعيد الرادسي ...

مناقشة يوسف الغفيص في كلامه عن أبي حنيفة لأبي سعيد الرادسي ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد وقفت على كلام ليوسف الغفيص وهو من أعلم المعاصرين بالعقيدة ، يتكلم فيه عن موضوع أبي حنيفة فتكلم بكلام هو استهانة بعقول المستمعين وتكذيب صارخ للثقات الأثبات الذين رووا مثالب أبي حنيفة والذين مؤتمنون على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الغفيص باباً لأمثال عدنان إبراهيم بتكذيبه لروايات الثقات ولما يحط بها علماً وأوهم مستمعيه أنه كذلك ، ونحن نعتمد كلام الأئمة في أبي حنيفة وغيره من آلاف الرواة فاستثناء هذا الرجل لوحده أمر خارج القياس ! ، ونظير كلامه هذا قوله أنه لم يكفر أحد الأشاعرة مع أن قولهم مكفر وادعى أن ذلك محل اتفاق في الأعصار المتأخرة ولو رجع إلى التسعينية وهو الذي يدعي أنه خبير بشيخ الإسلام لوجد ابن تيمية يخاطب بعض قضاة الأشاعرة بقوله ( يا كفار يا مرتدين يا مبدلين )، وقوله الغفيص بدعة مكفرة ولكن لا يكفرون بحال وهم مسلمون مطلقاً كلام غريب متناقض وإذا ثبت أن البدعة مكفرة لم يمتنع من التكفير المطلق على الأقل فكيف بالمخالف في أمور ضرورية ، وهذا الرجل كثير التمسح بابن تيمية ويغلط عليه في مسائل ولمعرفة موقف ابن تيمية من أهل الرأي راجع مقالي تحرير موقف شيخ الإسلام من أهل الرأي ومقالي اعتراف هام لشيخ الإسلام في أمر أبي حنيفة ومقالي هل مرجئة الفقهاء من أهل السنة  ، وقد التمست من الأخ أبي سعيد الرادسي أن يسود رداً عليه ففعل وهذا رده :

قال أبو سعيد :

مناقشة يوسف الغفيص في كلامه عن أبي حنيفة

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ، فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فَلَا هَادِيَ لَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
أما بعد :
فقد استمعت لمقطع صوتي للمدعو بيوسف الغفيص يتكلم فيه عن أبي حنيفة ويبرئه فيه مما قيل فيه , فجاء بشطط من القول وكذب وقح وجهل فاضح لا يجوز لآحاد المسلمين أن يأتوا به فضلا عمن تصدر لتعليم الناس , وهذه الدركة السفلى من الجهل والضلال التي بلغها هذا الرجل وأشكاله من مدعي العلم ما هي إلا جزاء وفاق من رب حكم عدل لا يظلم الناس مثقال ذرة ولكن الناس أنفسهم يظلمون لأناس أعرضوا عن سبيل المؤمنين وآثار السلف الصالحين وطلب الحديث والأثر بالأسانيد وأخذ العلم من فوق كما هي حال خير القرون , وأحدثوا طريقة مبتدعة في تحصيل العلم لا ترفع رأسا غالبا بما جاء عن الصحابة والتابعين وأتباعهم في أبواب الدين إلا في أندر النادر والله المستعان
والآن أشرع مستعينا بالله وحده في النقض على هذا الدعي وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب , رب يسر وأعن
قال الغفيص : وتعلمون أن الإمام أبا حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله إمام فقيه مجمع على إمامته في الفقه ومجمع على إمامته في الدين والفضل والعبادة والإمامة في الدين وإن لم يكن ذلك المشتغل كثيرا بعلم الحديث كأعيان أئمة الحديث كابن معين وأحمد وإسحاق وأمثال هؤلاء لكنه إمام منقطع النظير في الفقه حتى قال الشافعي رحمه الله : الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة , فهو إمام مجمع على إمامته . اهـ
التعليق على هذا السخف من وجوه :
أولا : دعوى الإجماع على إمامة أبي حنيفة في الفقه والدين والفضل والعبادة خرافة يكررها جموع غفيرة من المتعالمين الجهال , وواضح جدا أنهم يقلد بعضهم بعضا ولا يوجد فيهم من بحث في الأمر بتجرد وإنصاف فخلص إلى هذه النتيجة , بل الأمر كما قال الله جل وعلا : وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ , وهذه الخرافة لم يخلق الله منها شيئا ونقضها يكون بأمرين :
الأول : نطلب من هؤلاء أن يأتوا لنا بأئمة المسلمين الذين نقلوا الإجماع صريحا على إمامة هذا الرجل في الفقه والدين , أو يأتوا بنقول كثيرة صحيحة عن أئمة المسلمين من طبقة أقران أبي حنيفة إلى القرن الخامس أو السادس الهجري فيها ثناءات عظيمة عليه وتنصيص على إمامته في الفقه والدين –وليس مجرد ثناء عليه- لكي تثبت دعوى الإجماع ودون هذا خرط القتاد , فإن لدينا نقولا ثابتة ثبوت الجبال عن أئمة المسلمين ومحدثيهم على خمس أو ست طبقات كلها تذم أبا حنيفة بأبلغ الذم بل وتحكي الإجماع على ذمه والوقيعة في عقيدته ورأيه الفقهي وروايته للحديث وديانته , فلو سلمنا أن هناك من حكى الإجماع على إمامته فهو معارض بمن حكى الإجماع على ضلاله والإجماعات لا تتعارض , فلزم أن يكون أحد الإجماعين غلطا فعندها ننظر إلى مكانة من حكى الإجماعين من العلم وسعة الإطلاع والأمانة العلمية فأيهما كان أعلم كانت دعواه أصح –وهذا كلام تنزلي جدا- وننظر فيما يدعم دعوى الإجماع من النقول الصحيحة التي لا معارض لها مثلها , فمن دعم دعواه بالنقول الصحيحة كانت دعواه هي الصحيحة , ولا أطيل بكثرة التأصيل ولنتحف القارئ بمن حكى الإجماع على ذم أبي حنيفة :
قال عبد الله في السنة 371 - (390) حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ، حَدَّثَنِي أَسْوَدُ بْنُ سَالِمٍ، قَالَ: «إِذَا جَاءَ الْأَثَرُ أَلْقَيْنَا رَايَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فِي الْحُشِّ»، #180# ثُمَّ قَالَ لِي أَسْوَدُ: «عَلَيْكَ بِالْأَثَرِ فَالْزَمْهُ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ رَايَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَعِيبُونَهُ».
وهذا حكاية للإجماع على كراهة رأي أبي حنيفة –أي مذهبه الفقهي- من الأسود بن سالم وهو رجل زاهد متعبد
قال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/794) : قَالَ سليمان بن حرب: كلمت يحي بن أكثم فقال: (252 أ) إِنِّي لَسْتُ بِصَاحِبِ رَأْيٍ. قَالَ: وَذَكَرَ أَبَا حَنِيفَةَ فَقُلْتُ لَهُ دَعِ التَّنَازُعَ وَلَكِنْ قَدْ كَانَ فِي زَمَانِهِ أَئِمَّةٌ بِالْكُوفَةِ وَغَيْرِ الْكُوفَةِ فَأَخْبَرَنِي بِرَجُلٍ وَاحِدٍ حَمِدَ أَمْرَهُ وَرَأْيَهُ؟ قَالَ سُلَيْمَانُ: فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمّ قَالَ: قَالَ جَرِيرٌ [1] عَنْ مُغِيرَةَ [2] فِي رَجُلٍ دَفَعَ ثَوْبًا إِلَى خَيَّاطٍ إِنْ فَرَغْتَ مِنْهُ الْيَوْمَ جَعَلْتُ لَكَ دِرْهَمَيْنِ وَإِنْ أَخَّرْتَهُ إِلَى غَدٍ فَدِرْهَمٌ، قَالَ فُلَانٌ كَذَا، وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا، وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا، وَقَالَ هَؤُلَاءِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. قَالَ: فَقُلْتُ: كَفَاهُ بِهَذَا ضَعَةً أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى أَحَدٍ وَيُضْطَرَّ فِيهِ إِلَى مُغِيرَةَ. ((هذا النقل مستفاد من مقال لأبي جعفر الخليفي))
فهذا الإمام الجليل سليمان بن حرب الذي أكاد أجزم أن أغلب من نخاطبهم بما فيهم مدعوا العلم لا يعرفونه كما يعرفون عددا من الجهمية الأشعرية , ينقل إجماع الأئمة على ذم رأي أبي حنيفة , ولاحظ أن الإجماعين السابقين في رأيه دون بقية الأمور لأن أخطر ما أحدث أبو حنيفة مذهبه السوء في الفقه , لأن الإرجاء كان مشهورا قبله أما الرأي البدعي في الفقه فهو أول من ثلم هذه الثلمة في الإسلام والله الموعد
قال ابن عدي في الكامل (8/241) : سمعتُ ابْن أبي دَاوُد يَقُول الوقيعة فِي أبي حنيفة إجماعة من العلماء لأَن إمام البصرة أيوب السختياني وقد تكلم فيه وإمام الكوفة الثَّوْريّ وقد تكلم فيه وإمام الحجاز مَالِك وقد تكلم فيه وإمام مصر اللَّيْث بْن سعد وقد تكلم فيه وإمام الشام الأَوْزاعِيّ وقد تكلم فيه وإمام خراسان عَبد اللَّه بْن المُبَارك وقد تكلم فيه فالوقيعة فيه إجماع من العلماء فِي جميع الأفاق أو كما قَالَ.
وهذا أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني ينقل إجماع أهل العلم والسنة على الوقيعة في أبي حنيفة وقد سمى أناسا رويت عنهم الأخبار الصحاح في ذمه وعيب رأيه مما يدعم بقوة صحة هذا الإجماع
قال البخاري في التاريخ الكبير (8/81) : 2253 - نعمان بْن ثابت أَبُو حنيفة الكوفِي مولى لِبَنِي تيم اللَّه بْن ثعلبة روى عنه عباد بْن العوام وابْن المبارك وهشيم ووكيع ومُسْلِم بْن خَالِد وأَبُو مُعَاوِيَة والمقري كَانَ مرجئا سكتوا (عنه و - 1) عن رأيه وعَنْ حديثه، قَالَ أَبُو نعيم مات أَبُو حنيفة سنة خمسين ومائة.
قول البخاري رحمه الله ((سكتوا عنه)) حكاية لإجماع أهل العلم على ترك مذهب أبي حنيفة في الإعتقاد والفقه ورواياته للحديث كما يعرف هذا من درس وتتبع مصطلحات البخاري , فهو متروك العقيدة والفقه والروايته بالإجماع
وقال المروذي في أخبار الشيوخ : 274 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ ابْنِ الْمُبَارَكِ.
وَقَالَ: مَا رَفَعَهُ اللَّهُ إِلا بِخَشْيَةٍ كَانَتْ لَهُ.
وَقَالَ: كَانَ أَبُو تُمَيْلَةَ يَقُولُ: هَذَا الشِّعْرُ فِي ابْنِ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ:
كُنْتَ فَخْرًا لِمَرْوَ إِذْ كُنْتَ فِيهَا ... ثُمَّ صَارَتْ كَسَائِرِ الْبُلْدَانِ
كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَحْفَظُهَا، مَا أَحْسَنَهَا، إِنْ طَلَبْتَهَا وَجَدْتَهَا.

275 - فَقَدِمَ عَلَيْنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْهَا فَقَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: كُنْتُ صَاحِبَ رَأْيٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى الْحَجِّ عَمِدْتُ إِلَى كُتُبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ رَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنَ الأَحَادِيثِ، فَبَلَغْتُ نَحْوَ ثَلاثِ مِائَةِ حَدِيثٍ، فَقُلْتُ: أَسْأَلُ عَنْهَا مَشَايِخَ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ يَجْتَرِئُ أَحَدٌ أَنْ يُخَالِفَ أَبَا حَنِيفَةَ.
فَلَمَّا قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ، جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، فَتَرَحَّمَ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَكَانَ شَدِيدَ الْحُبِّ لَهُ، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ مَرْثِيَةٌ رُثِيَ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَنْشَدْتُهُ قَوْلَ أَبِي تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنِ وَاضِحٍ الأَنْصَارِيِّ:
طَرَّقَ النَّاعِيَانِ إِذْ نَبَّهَانِي ... بِقَطِيعٍ مِنْ فَاجِعِ الْحَدْثَانِ
قُلْتُ لِلنَّاعِيَانِ مَنْ تَنْعِيَا؟ ... قَالا أَبَا عَبْدِ رَبِّنَا الرَّحْمَانِ
فَأَثَارَ الَّذِي أَتَانِي حُزْنِي ... وَفُؤَادُ الْمُصَابِ ذُو أَحْزَانِ
ثُمَّ فَاضَتْ عَيْنَايَ وَجْدًا ... وَشَجْوًا بِدُمُوعٍ يُحَادِرُ الْهَطْلانِ
وَذَكَرَ الْقَصِيدَةَ إِلَى آخِرِهَا، قَالَ: فَمَا زَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يَبْكِي، وَأَنَا أُنْشِدُهُ، حَتَّى إِذَا مَا قُلْتُ:
وَبِرَأْيِ النُّعْمَانِ كُنْتَ بَصِيرًا ... . . . . قَالَ لِي: اسْكُتْ، فَقَدْ أَفْسَدْتَ الْقَصِيدَةَ، فَقُلْتُ: إِنَّ بَعْدَ هَذَا أَبْيَاتًا حِسَانًا، فَقَالَ: دَعْهَا، أَتَذْكُرُ رِوَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَنَاقِبِهِ؟ ! مَا نَعْرِفُ لَهُ زَلَّةً بِأَرْضِ الْعِرَاقِ إِلا رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ، وَأَنِّي كُنْتُ أَفْتَدِي ذَلِكَ بِمُعْظَمِ مَالِي.
فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَحْمِلُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ كُلَّ هَذَا، أَلَمَّا أَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِالرَّأْيِ، فَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ، وَالأَوْزَاعِيُّ يَتَكَلَّمُونَ بِالرَّأْيِ؟ ! فَقَالَ: أَتَقْرِنُ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى هَؤُلاءِ! مَا أَشْبَهَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ إِلا بِنَاقَةٍ شَارِدَةٍ فَارِدَةٍ تَرْعَى فِي وَادٍ جَدْبٍ، وَالإِبِلُ كُلُّهَا تَرْعَى فِي وَادٍ آخَرَ.
قَالَ إِسْحَاقُ: ثُمَّ نَظَرْتُ بَعْدُ فَإِذَا النَّاسُ فِي أَمْرِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى خِلافٍ مَا كُنَّا عَلَيْهِ بِخُرَاسَانَ.
فانظر إلى إسحاق رحمه الله كيف يقول "فإذا الناس في أمر أبي حنيفة على خلاف ما كنا عليه بخراسان" وما فيه من حكاية إجماع أهل العلم والفضل على ذم هذا الرجل وذم رأيه
وقال حرب بن إسماعيل الكرماني : هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أوعاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم ... -فكان مما قال- : ومن زعم أنه لا يرى التقليد، ولا يقلد دينه أحدًا فهذا قول فاسق مبتدع عدوا لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولدينه، ولكتابه، ولسنة نبيه عليه السلام، إنما يريد بذلك إبطال الأثر، وتعطيل العلم، وإطفاء السنة، والتفرد بالرأي، والكلام، والبدعة والخلاف. فعلى قائل هذا القول لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. فهذا من أخبث قول المبتدعة، وأقربها إلى الضلالة والردى، بل هو ضلالة زعم أنه لا يرى التقليد وقد قلد دينه أبا حنيفة وبشر المريسي، وأصحابه، فأي عدو لدين الله أعدى ممن يريد أن يطفئ السنن، ويبطل الآثار والروايات، ويزعم أنه لا يرى التقليد وقد قلد دينه من قد سميت لك، وهم أئمة الضلال، ورءوس البدع، وقادة المخالفين فعلى قائل هذا القول غضب الله .
وهذا حرب الكرماني الإمام الجليل ينقل إجماع أهل العلم على عقيدة في ضمنها عد أبي حنيفة في أئمة الضلال ورؤوس البدع وقادة المخالفين وقرنه ببشر المريسي الجهمي
قال عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي : وَيْحَكَ! إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَرْضَوْا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذْ أَفْتَى بِخِلَافِ رِوَايَاتٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي البيعين بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا، وَفِي "الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ" و "إِشْعَار البُدْن" وَفِي "إِسْهَامِ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ"، وَفِي "لبس الْمحرم الْخُفَّيْنِ إذا لم يَجِدِ النَّعْلَيْنِ" وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْأَحَادِيث حَتَّى نسبوا أَبَا حَنِيفَةَ1 فِيهَا إِلَى رَدِّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَاقَضُوهُ فِيهَا، وَوَضَعُوا عَلَيْهِ فِيهَا الْكُتُبَ.
وهذا إجماع آخر من إمام في العلم والسنة
قال العقيلي في الضعفاء : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ مَا يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فَكَيْفَ الرَّأْيُ؟
وهذا إجماع آخر من إمام من أئمة السنة بالكوفة وهو عبد الله بن نمير على ترك أخذ أهل العلم الحديث والرأي من أبي حنيفة
قال ابن حبان في المجروحين (3/63-64) : وَكَانَ رجلا جدلا ظَاهر الْوَرع لم يكن الحَدِيث صناعته حدث بِمِائَة وَثَلَاثِينَ حَدِيثا مسانيد مَا لَهُ حَدِيث فِي الدُّنْيَا غَيره أَخطَأ مِنْهَا فِي مائَة وَعشْرين حَدِيثا إِمَّا أَن يكون أقلب إِسْنَاده أَو غير مَتنه من حَيْثُ لَا يعلم فَلَمَّا غلب خَطؤُهُ على صَوَابه اسْتحق ترك الِاحْتِجَاج بِهِ فِي الْأَخْبَار وَمن جِهَة أُخْرَى لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ دَاعيا إِلَى الإرجاء والداعية إِلَى الْبدع لَا يجوز أَن يحْتَج بِهِ عِنْد أَئِمَّتنَا قاطبة لَا أعلم بَينهم فِيهِ خلافًا على أَن أَئِمَّة الْمُسلمين وَأهل الْوَرع فِي الدَّين فِي جَمِيع الْأَمْصَار وَسَائِر الأقطار جرحوه وأطلقوا عَلَيْهِ الْقدح إِلَّا الْوَاحِد بعد الْوَاحِد قد ذكرنَا مَا روى فِيهِ من ذَلِك فِي كتاب التَّنْبِيه على التمويه فأغنى ذَلِك عَن تكرارها فِي هَذَا الْكتاب . ثم روى الأخبار في ذمه
فهذا ابن حبان الذي هو إمام عند هؤلاء الناس وهو رجل واسع الإطلاع ينقل إجماع أهل العلم على ذم أبي حنيفة وإثبات دعوته للإرجاء وأنه متروك الحديث
وقد حكى ابن عبد البر إجماع من يقول الإيمان قول وعمل على تبديع أبي حنيفة لقوله في الإيمان , وكذا نقل إجماع أهل العلم على ذمه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وابن الجوزي في المنتظم , ومن أراد الاستزادة من هذا الأمر فليرجع إلى المصادر الأصلية وإلى كتاب أبي جعفر عبد الله الخليفي ((الترجيح بين أقوال المجرحين والمعدلين لأبي حنيفة))
ولاحظ أن هذه طبقات كثيرة مذكورة ينقل فيها الإجماع على ذم هذا الرجل وتركه والوقيعة فيه , فإذا أضفت إليها النقول الكثيرة الصحيحة التي رواها عبد الله بن أحمد في السنة وفي العلل ومعرفة الرجال ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه والعقيلي في الضعفاء والبخاري في التاريخ الصغير وابن عدي في الكامل وابن حبان في المجروحين والخطيب في تاريخ بغداد , تبخرت خرافة الإجماع على إمامته كما يتبخر الماء في الحمام ولله الحمد والمنة
ويستحيل أن تأتي بمن ينقل إجماعات ونقولا صحيحة على مدحه وإمامته تفوق هذه الإجماعات والنقول قوة وصحة فترجح عليها ولمس الشمس باليد أقرب منها
ويا ليت شعري , كيف يشهد له الغفيص بالإمامة في الدين وقد نص هو بنفسه على أنه لم يكن مشتغلا بالحديث كاشتغال أحمد وابن معين , والحقيقة أنه لم يكن له اشتغال بالحديث بتاتا إلا مائة وثلاثين حديثا أخطأ في مائة وعشرين منها والله المستعان , فلو كان إماما في الفقه وليس بإمام في الحديث فلا ينبغي الجزم بإمامته في الدين مطلقا
قال ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل : نا محمد بن مسلم قال سمعت أبا زياد يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: الناس على وجوه، فمنهم من هو إمام في السنة إمام (3) في الحديث (4) ، ومنهم من هو إمام في السنة وليس بإمام في الحديث، ومنهم من هو إمام في الحديث ليس بإمام في السنة، فأما من هو إمام في السنة وإمام في الحديث فسفيان الثوري.
وهذا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو جزما خير من ألوف من مثل أبي حنيفة مع فقهه لم ينص أحد من الأئمة على إمامته في الدين مطلقا لضعفه في الحديث
وأما ما نقله عن الشافعي من تلك الكلمة المشهورة فلا يصح منها شيء والخطيب البغدادي الذي رواها هو نفسه أعقبها وغيرها من المرويات في مدح أبي حنيفة بقوله أنها لا يصح منها شيء وأن المحفوظ عن كل هؤلاء الأئمة ذمه والقدح فيه ثم ساق الروايات الصحيحة عنهم , وإني لأحث هذا المتكلم وغيره أن يقرؤوا مناقب الشافعي لابن أبي حاتم فسيجدون فيه إن شاء الله كلاما شديدا للشافعي رحمه الله في إمامهم أبي حنيفة , وهذا جزاء من كذب بالصدق أن يبتلى بتصديق الكذب ولا حول ولا قوة إلا بالله
وأما إمامته المنقطعة النظير في الفقه فقد سبق بيان إجماع أئمة العلم والفقه بحق على ذم رأيه –أي مذهبه الفقهي- كما حكاه سليمان بن حرب وأسود بن سالم وإسحاق ابن راهويه وعثمان الدارمي والبخاري ولكن لنتحف هذا الغفيص بشيء من فقهيات أبي حنيفة منقطعة النظير وشيء من قدر فقهه عند أئمة الفقه :
قال عبد الله في السنة : 215 - (229) سَأَلْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ الرَّجُلِ، يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَ، عَنِ الشَّيْءِ، مِنْ أَمْرِ دِينِهِ مَا يُبْتَلَى بِهِ مِنَ الْأَيْمَانِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ فِي مِصره قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ الرَّاي وَمِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَحْفَظُونَ وَلَا يَعْرِفُونَ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ الْإِسْنَادِ وَلا الْقَوِيَّ الْإِسْنَادِ فَلِمَنْ يَسْأَلُ، أَصْحَابَ الرَّاي أَوْ لهؤلاء، أعني: أَصْحَابَ الْحَدِيثِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ قِلَّةَ مَعْرِفَتِهِمْ؟ قَالَ: يَسْأَلُ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ وَلَا يَسْأَلُ أَصْحَابَ الرَّاي، الضَّعِيفُ الْحَدِيثِ خَيْرٌ مِنْ رَاي أَبِي حَنِيفَةَ.
ضعيف الحديث خير من رأي أبي حنيفة منقطع النظير يا شيخ !
وقال عبد الله 216 - (230) حَدَّثَنِي مُهَنَّا بْنُ يَحْيَى الشَّامِيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: مَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ عِنْدِي وَالْبَعْرُ إِلَّا سَوَاءً.
البعر مثل رأي أبي حنيفة منقطع النظير يا شيخ !
وقال عبد الله 233 - (247) حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْخُرَاسَانِيُّ، ثنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ بَلَغَنِي عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ «أَبُو حَنِيفَةَ ضَيَّعَ الْأُصُولَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْقِيَاسِ».
صاحب الفقه المنقطع النظير قد ضيع الأصول أصلا !
وقال 237 - (251) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ أَبُو نَشِيطٍ، ثنا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ، سَمِعْتُ الْفَزَارِيَّ يَعْنِي أَبَا إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ لِي الْأَوْزَاعِيُّ «إِنَّا لا نَنْقِمُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَانَ يرى، كلنا نرى، ولكننا ننقم عليه أنه يَجِيءُ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُخَالِفُهُ إِلَى غَيْرِهِ».
صاحب الفقه المنقطع النظير يتعمد مخالفة الحديث
وقال 259 - (273) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى النَّسَائِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: " اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ فَاسْأَلْهُ عَنْ عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا، فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى سُفْيَانَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ هَذِهِ فُتْيَا يَهُودِيٍّ "
هذه فتيا منقطع النظير في الفقه يا شيخ ! وعدة أم الولد اختلف فيها السلف وقد قال ابن مسعود وابن عمر وروي عن عثمان وعبادة بن الصامت : أنها حيضة وهو قول أحمد وقد قيل أكثر من هذا لكن القول بأنها لا عدة عليها قول حادث
وقال عبد الله 283 - (297) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّاجِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ بِمَكَّةَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَبِسْتُ النَّعْلَيْنِ أَوْ قَالَ: لَبِسْتُ السَّرَاوِيلَ وَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ قَالَ: لَبِسْتُ الْخُفَّيْنِ وَأَنَا مُحْرِمٌ - شَكَّ إِبْرَاهِيمُ - فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْكَ دَمٌ، فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ وَجَدْتَ نَعْلَيْنِ أَوْ وَجَدْتَ إِزَارًا؟ قَالَ: لَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ قَالَ: سَوَاءٌ وَجَدَ أَوْ لَمْ يَجِدْ، قَالَ حَمَّادٌ: فَقُلْتُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ #150# عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ وَالْخُفَّيْنِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ»
(298) وَحَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَالْخُفَّيْنِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ» فَقَالَ بِيَدِهِ وَحَرَّكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ يَدَهُ أَيْ لَا شَيْءَ، فَقُلْتُ لَهُ: فَأَنْتَ عَنْ مَنْ؟ تقول؟
قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: عَلَيْهِ دَمٌ وَجَدَ أَوْ لَمْ يَجِدْ، قَالَ: فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَتَلَقَّانِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا أَرْطَأَةَ مَا تَقُولُ فِي مُحْرِمٍ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ وَلَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَلَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، فَقَالَ
(299) حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَالْخُفَّيْنِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ» قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا أَرْطَأَةَ: أَمَا تَحْفَظُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَا
(300) قَالَ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَالْخُفَّيْنِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ»
(301) قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ #151# قَالَ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَالْخُفَّيْنِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ» قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ مَا بَالُ صَاحِبِكُمْ قَالَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: ومن ذَاكَ؟ وَصَاحِبُ مَنْ ذَاكَ قَبَّحَ اللَّهُ ذَاكَ.
290 - (308) حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْخُرَاسَانِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: كَانَ شَرِيكٌ سَيِّئَ الرَّاي جِدًّا فِي أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَيَقُولُ: مَذْهَبُهُمْ رَدُّ الْأَثَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وقال عبد الله 298 - (316) حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمٌ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كُنْتُ أَجْلِسُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَأَسْمَعُهُ يُفْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ بِخَمْسَةِ أَقَاوِيلَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ تَرَكْتُهُ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْحَدِيثِ».
هذا الفقه المنقطع النظير !
وقال 303 - (321) حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ: " سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنِ الْأَشْرِبَةِ، فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا قَالَ: لَا بَاسَ بِهِ، وَسُئِلَ عَنِ الْمُسْكِرِ فَقَالَ: حَلَالٌ ".
وقال 304 - (322) حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ " حَدَّثْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ فِي رَدِّ السَّيْفِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ خُرَافَةٍ ".
هكذا يعامل الفقيه المنقطع النظير أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الفقه السلام
وقال 305 - (323) حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا، يَقُولُ: " كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا، كَسَرَ طُنْبُورًا ضُمِّنَ».
أضف هذه إلى قائمة الفتاوى النابعة من فقه منقطع النظير يا شيخ !
وقال 320 - (338) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَشَرِيكٌ، وَحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، قَالُوا: «أَدْرَكْنَا أَبَا حَنِيفَةَ وَمَا يُعْرَفُ بِشَيْءٍ مِنَ الْفِقْهِ مَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالْخُصُومَاتِ».
لعلهم لم يعرفوا فقهه المنقطع النظير فغفر الله لهم
وقال 322 - (340) حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ، وَذَكَرَ أَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ: «إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اسْتَقْبَلَ الْآثَارَ وَالسُّنَنَ يَرُدُّهَا بِرَايهِ».
وقال 329 - (347) حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ خَالِدِ بْنِ شَقِيقٍ ابْنَ عَمِّ، عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ يَقُولُ: قَدِمْتُ مِنَ الْحَجِّ فَأَدْرَكْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ بِالْعِرَاقِ فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَضَلَ مَعِي مِنْ نَفَقَةِ الْحَجِّ شَيْءٌ تَرَى إِلَي أَنْ أَكْتُبَ بِرَاي أَبِي حَنِيفَةَ؟ فَقَالَ: «لَا»، فَقُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ عَقْلُ رَجُلٍ لَيْسَ بِذَاكَ».
عجيب ! ينهاه عن كتابة فقه منقطع النظير
وقال 332 - (350) حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِيُّ، ثنا عَبْدَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: «مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مَجْلِسٌ أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ مَجْلِسِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ كُنْتُ إِذَا شِئْتَ أَنْ تَرَاهُ مُصَلِّيًا رَأَيْتَهُ وَإِذَا شِئْتَ أَنْ تَرَاهُ فِي ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَأَيْتَهُ، وَكُنْتَ إِذَا شِئْتَ أَنْ تَرَاهُ فِي الْغَامِضِ مِنَ الْفِقْهِ رَأَيْتَهُ، وَأَمَّا مَجْلِسٌ لَا أَعْلَمُ أَنِّي شَهِدْتُهُ صَلَّى فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ فَمَجْلِسُ» ثُمَّ سَكَتَ وَلَمْ يَذْكُرْ فَقَالَ: يَعْنِي مَجْلِسَ أَبِي حَنِيفَةَ.
هذا مجلس صاحب الفقه المنقطع النظير
وقال 335 - (353) حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ فِي مَسْأَلَةٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ: «قَطْعُ الطَّرِيقِ أَحْيَانًا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا».
هذه مسألة لصاحب الفقه المنقطع النظير
وعلى ذكر الشافعي والنقل المكذوب عنه في فقه أبي حنيفة إليك نقولا ثابتة ثبوت الطود الأشم عن هذا الإمام في ذم رأي إمامكم أبي حنيفة
قال ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي وآدابه : ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «أَبُو حَنِيفَةَ يَضَعُ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ خَطَأً، ثُمَّ يَقِيسُ الْكِتَابَ كُلَّهُ عَلَيْهَا»
ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ: «نَظَرْتُ فِي كُتُبٍ لأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِذَا فِيهَا مِائَةٌ وَثَلاثُونَ وَرَقَةً، فَعَدَدْتُ مِنْهَا ثَمَانِينَ وَرَقَةً، خِلافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لأَنَّ الأَصْلَ كَانَ خَطَأً، فَصَارَتِ الْفُرُوعُ مَاضِيَةً عَلَى الْخَطَأِ
أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ أَبِي: ثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «ما أَعْلَمُ أَحَدًا وَضَعَ الْكُتُبَ أَدَلَّ عَلَى عَوَارِ قَوْلِهِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ»
أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا أُشَبِّهُ رَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ إِلا بِخَيْطِ سَحَّارَةٍ، تَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَصْفَرَ، وَتَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَخْضَرَ»
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: «مَا أُشَبِّهُ أَصْحَابَ الرَّأْيِ إِلا بِخَيْطِ سَحَّارَةٍ، تَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَصْفَرَ، وَتَمُدُّهُ هَكَذَا فَيَجِيءُ أَخْضَرَ»
أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَخْطَأَ فِي الْمَسْأَلَةِ، قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: جَرْمَزْتَ "
أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي النَّوْمِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ رَثَّةٌ، فَقَالَ: مَا لِيَ وَلَكَ؟ "
الله المستعان على الفقه المنقطع النظير
وقال العقيلي في الضعفاء حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ , فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي أَبِي حَنِيفَةَ , فَقَالَ: رَأْيُهُ مَذْمُومٌ , وَحَدِيثُهُ لَا يُذْكَرُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ ضَعِيفٌ , وَرَأْيُهُ ضَعِيفٌ
أليس فقهه منقطع النظير ؟!!
قال عبد الله في السنة 359- (378) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، يَقُولُ: «جَلَسْتُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ فِي مَسْأَلَةٍ بِعَشَرَةِ أَقَاوِيلَ لَا نَدْرِي بِأَيِّهَا نَاخُذُ».
هذا الفقه المنقطع النظير وإلا فليمت الفقه !
361 - (380) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: " شَهِدْتُ أَبَا حَنِيفَةَ وَكَتَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فِي أَشْيَاءَ فَجَعَلَ يَقُولُ: يُقْطَعُ يُقْطَعُ حَتَّى سَأَلَهُ عَمَّنْ سَرَقَ مِنَ النَّخْلِ شَيْئًا فَقَالَ: يُقْطَعُ، فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ: لَا تَكْتُبَنَّ هَذَا، هَذَا مِنْ زَلَّةِ العالم، قَالَ لِي: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» قَالَ: امْحُ ذَاكَ وَاكْتُبْ لَا يُقْطَعُ لَا يُقْطَعُ ".
384 - (403) حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نا سَعِيدٌ، قَالَ: " جَلَسْتُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ بِمَكَّةَ فَذَكَرَ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ روي عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: ذَاكَ قَوْلُ الشَّيْطَانِ، وَقَالَ لَهُ آخَرُ أَلَيْسَ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» فَقَالَ: هَذَا سَجْعٌ فَغَضِبْتُ وَقُلْتُ إِنَّ هَذَا مَجْلِسٌ لَا أَعُودُ إِلَيْهِ وَمَضَيْتُ وَتَرَكْتُهُ ".
فقه منقطع النظير ولا كرامة !
ونختم بما رواه العقيلي في الضعفاء : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ مَا يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فَكَيْفَ الرَّأْيُ؟
فكيف الرأي المنقطع النظير ؟!!
وأما عن عبادته فخذ هذه يا شيخ :
قال عبد الله في السنة 328 - (346) حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ مَرْوَزِيُّ شَيْخٌ صَالِحٌ أَنَا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: دَخَلَ حَمْزَةُ الْبَزَّاز عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقَدْ بَلَغَنِي مِنْ بَصَرِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحَدِيثِ وَاجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ حَتَّى لَا أَدْرِي مَنْ كَانَ يُدَانِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: " أَمَّا مَا قُلْتَ بَصُرَ بِالْحَدِيثِ فَمَا كان لِذَلِكَ بِخَلِيقٍ لَقَدْ كُنْتُ آتِيَهُ سِرًّا مِنْ سُفْيَانَ وَإِنَّ أَصْحَابِي كَانُوا لَيَلُومُونِي عَلَى إِتْيَانِهِ وَيَقُولُونَ أَصَابَ كُتُبَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ فَرَوَاهَا. #163# وَأَمَّا مَا قُلْتَ مِنَ اجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ فَمَا كَانَ بِخَلِيقٍ لِذَلِكَ لَقَدْ كَانَ يُصْبِحُ نَشِيطًا فِي الْمَسَائِلِ وَيَكُونُ ذَلِكَ دَأَبَهُ حَتَّى رُبَّمَا فَاتَتْهُ الْقَائِلَةُ ثُمَّ يُمْسِي وَهُو نَشِيطٌ وَصَاحِبُ الْعِبَادَةِ وَالسَّهَرِ يُصْبِحُ وَلَهُ فَتْرَةٌ.
ثم قال الغفيص : وطعن على عقيدته هذا الإمام الفاضل الكبير طعن على عقيدته بعض الطعن في بعض أوراق في بعض كلمات المصنفين في التاريخ كما يذكر ذلك الخطيب البغدادي رحمه الله في تاريخ بغداد ويذكر ذلك أحيانا بعض المصنفين من أهل العلم رحمهم الله في بعض المصنفات بلاغات بلغتهم أو نقول وصلتهم من سير والأسانيد التي انتهت إليهم ولكن لم يحقق في شأن الإمام أبي حنيفة إلا أنه على أصول السنة والجماعة هذا هو المحفوظ في عقيدة هذا الإمام رحمه الله أنه على أصول السلف وعلى أصول الأئمة وهو إمام على رتبة أئمة العلم والدين من الفقهاء والمحدثين وإن كان رحمه الله تأثر في مسألة بينة معروفة عنه وكأنها هي المحفوظة في ما يشكل في التنبيه على أمر هذه الرسالة التي كتبها أبو جعفر رحمه الله مشيرا إلى عقيدة أبي حنيفة وهو أن طائفة من فقهاء الكوفة رحمهم الله لما ظهر القول في الإيمان تقلد طائفة منهم طريقة استعملها حماد بن أبي سليمان وهذه الطريقة فيها أثر من قول المرجئة وعرفت بعد ذلك بما عرفت به بعد ذلك بقول مرجئة الفقهاء وسماها أهل المقالات بهذه التسمية مع أن أهل الكوفة قبل حماد بن أبي سليمان لم يكونوا على هذه الطريقة فإن شيخه أعني شيخ حماد وهو إبراهيم النخعي إمام الكوفة المشهور كان على الطريقة التي عليها سواد الفقهاء وسواد المحدثين لكن عرض لحماد بن أبي سليمان هذه الطريقة لما جعل العمل ليس داخلا في مسمى الإيمان وإن لم يكن حماد رحمه الله تعالى لم يكن على طريقة المتكلمين ولم يكن على طريقة المرجئة الغالية لكنه استعمل وجها من الإرجاء عرف بإرجاء الفقهاء بعد ذلك فتقلد أبو حنيفة رحمه الله هذه الطريقة وسار على طريقة حماد بن أبي سليمان وهذا الخلاف بين حماد ومن شاركه كأبي حنيفة وبين الجمهور من أئمة السلف وغيرهم ممن سبقهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وهم أئمة السلف الأوائل أي قبل ظهور الخلاف لما كان الإجماع قائما هذا الخلاف في جملته يقع فيه ما هو لفظي وما هو له حقيقة وهذا سيأتي التنبيه عليه إن شاء الله في مقامه من الرسالة.
قول هذا الرجل " وطعن على عقيدته هذا الإمام الفاضل الكبير طعن على عقيدته بعض الطعن في بعض أوراق في بعض كلمات المصنفين في التاريخ كما يذكر ذلك الخطيب البغدادي رحمه الله في تاريخ بغداد ويذكر ذلك أحيانا بعض المصنفين من أهل العلم رحمهم الله في بعض المصنفات بلاغات بلغتهم أو نقول وصلتهم من سير والأسانيد التي انتهت إليهم" ركيك جدا ودليل على ضعفه العلمي وجهله العريض وتدليسه على الناس , فإن من روى أخبار ذم أبي حنيفة هم أقدم من الخطيب البغدادي بمائتي سنة وهم أجل وأعلم وأفقه من ملئ الأرض من الخطيب , فالإقتصار على ذكره دون غيره من أئمة المسلمين دليل إما على جهل هذا الرجل بهم وإما على تدليسه على الناس لكي لا يفاجؤوا بالعدد الكبير والأسماء الجليلة لمن روى أخبار معايب أبي حنيفة , فوقع اسم أبي زرعة الرازي والبخاري ومسلم وابن أبي حاتم وعبد الله بن أحمد والعقيلي ويعقوب الفسوي وأبي زرعة الدمشقي وابن عدي الجرجاني وحرب الكرماني , ليس كوقع اسم الخطيب على آذان الناس وقلوبهم وهكذا فلتكن الأمانة العلمية
وقوله " بلاغات بلغتهم أو نقول وصلتهم من سير والأسانيد التي انتهت إليهم" من أرك ما تقرأ من الكلام مبنى ومعنى , فإن أغلب أخبار معايب أبي حنيفة ومخازيه رواتها من أولهم إلى آخرهم أئمة حفاظ وإليك بعضها
قال عبد الله في السنة 231 - (245) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ ذَكَرَ أَبَا حَنِيفَةَ فَقَالَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ يَنْقُضُ عُرَى الْإِسْلَامِ.
234 - (248) حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، ثنا أَبُو حَفْصٍ التِّنِّيسِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: «مَا وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ مَوْلود أَشَرُّ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي مُسْلِمٍ وَمَا أُحِبُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنِّي خَيْرٌ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمَا وَأَنَّ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».
239 - (253) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَّامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ، يَقُولُ: " كُنْتُ مَعَ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَرَآهُ أَبُو حَنِيفَةَ فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ، فَلَمَّا رَآهُ أَيُّوبُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: قُومُوا لَا يعِرُّنَا بِجَرَبِهِ، قُومُوا لَا يعِرُّنَا بِجَرَبِهِ ".
أيوب تابعي صغير رأى أنسا رضي الله عنه
245 - (259) حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: قِيلَ لِسَوَّارٍ لَوْ نَظَرْتَ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَضَايَاهُ فَقَالَ: «كَيْفَ أَقْبَلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُؤْتَ الرِّفْقَ فِي دِينِهِ».
250 - (264) حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: «مَا أُحِبُّ أَنْ أُوَافِقَهُمْ عَلَى الْحَقِّ» قُلْتُ لِأَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَجُلٌ اسْتُتِيبَ فِي الْإِسْلَامِ مَرَّتَيْنِ» يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، قُلْتُ لِأَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ: كَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ استتيب؟ قَالَ: «نَعَمْ».
253 - (267) حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَىَ بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: «اسْتَتَابَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ أَبَا حَنِيفَةَ مَرَّتَيْنِ».
254 - (268) حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: «اسْتُتِيبَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ الْكُفْرِ مَرَّتَيْنِ».
277 - (291) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ سُفْيَانَ جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَأَقْبَلَ أَبُو حَنِيفَةَ يُرِيدُهُ فَلَمَّا رَآهُ سُفْيَانُ قَالَ: «قُومُوا بِنَا لَا يُعِرُّنا هَذَا بِجَرَبِهِ»، فَقُمْنَا وَقَامَ سُفْيَانُ، وَكُنَّا مَرَّةً أُخْرَى جُلُوسًا مَعَ سُفْيَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَجَاءَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فَجَلَسَ فَلَمْ نَشْعُرُ بِهِ فَلَمَّا رَآهُ سُفْيَانُ اسْتَدَارَ فَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَيْهِ.
278 - (292) حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، ذَكَرَ أَبَا حَنِيفَةَ فَذَكَرَهُ بِكَلَامِ سُوءٍ وَقَالَ: " كَادَ الدِّينَ، وَقَالَ: مَنْ كَادَ الدِّينَ فَلَيْسَ مِنَ الدِّينِ ".
280 - (294) حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ «أَيُذْكَرُ أَبُو حَنِيفَةَ بِبَلَدِكُمْ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا يَنْبَغِي لِبَلَدِكُمْ أَنْ يُسْكَنَ».
286 - (304) حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى الطَّبَّاعِ، قَالَ: سَأَلْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَاكَ يُعْرَفُ بِالْخُصَومَةِ فِي الْإِرْجَاءِ».
358 - (377) سَمِعْتُ أَبِيَ رَحِمَهُ اللَّهُ، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: قُلْتُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: كَانَ عِنْدَنَا عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ، فَقَالَ: «قَدْ كَانَ عِنْدَكُمْ مَنْ قَلَّبَ الْأَمْرَ هَكَذَا وَقَلَّبَ أَبي بَطْنَ كَفِّهِ عَلَى ظَاهِرِهَا، يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ».
وقال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ : «حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ : مَا وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ مَوْلُودٌ أَضَرَّ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ» .
«حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: سَمِعْتُ نُعَيْمًا يَقُولُ: قَالَ سفيان: مَا وُضِعَ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الشَّرِّ مَا وَضَعَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَّا فُلَانٌ- قَالَ: لَرَجُلٌ صُلْبٌ-» .
«حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَيْنَ الْحَقِّ حِجَابٌ» .
«حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ نفيل حدثنا ابو مسهر حدثنا يحي بْنُ حَمْزَةَ- وَسَعِيدٌ يسمع-: أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَبَدَ هَذِهِ النَّعْلَ يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا. فَقَالَ سَعِيدٌ: هَذَا الْكُفْرُ صَرَاحًا»
وقال العقيلي في الضعفاء : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ , قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ , وَذُكِرَ أَبُو حَنِيفَةَ , فَقَالَ أَيُّوبُ: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ , وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ , وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى دَرَجَتِهِ وَرَجُلَانِ يَسْتَفْتِيَانِهِ فِي الْخُرُوجِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ , وَهُوَ يَقُولُ لَهُمَا: اخْرُجَا اخْرُجَا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيَّ، يَقُولُ: اسْتُتِيبَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ الْكُفْرِ مَرَّتَيْنِ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ الْعَبْدَ بْنَ بُنْدَارٍ يَقُولُ: مَا كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يَذْكُرُ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَّا قَالَ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِّ حِجَابٌ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: مَا سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ شَيْئًا قَطُّ. حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: مَرَّ بِي أَبُو حَنِيفَةَ وَأَنَا فِي سُوقِ الْكُوفَةِ , فَقَالَ لِي: تَيْسُ الْقَيَّاسِ هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ , فَلَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ , قَالَ يَحْيَى: وَكَانَ جَارِي بِالْكُوفَةِ فَمَا قَرَبْتُهُ وَلَا سَأَلْتُهُ عَنْ شَيْءٍ. قِيلَ لِيَحْيَى: كَيْفَ كَانَ حَدِيثُهُ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِصَاحِبِ الْحَدِيثِ. حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَسُئِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: كَانَ مُرْجِئًا يَرَى السَّيْفَ.
وابحث يا أيها المتعالم عن رجال هذه الأسانيد –وغيرهم كثر لم أذكرهم لكثرة ما روي في عيبه- فاذهب وابحث عن تراجمهم ومتع عينيك بها
وقوله " ولكن لم يحقق في شأن الإمام أبي حنيفة إلا أنه على أصول السنة والجماعة هذا هو المحفوظ في عقيدة هذا الإمام رحمه الله أنه على أصول السلف وعلى أصول الأئمة وهو إمام على رتبة أئمة العلم والدين من الفقهاء والمحدثين" ثم استثنى من هذا الإرجاء وسيأتي الكلام على ما قاله عنه , ولكن أريد أن أثبت له جهله بعقيدة إمامه من كلام أئمة السنة ومن كلام أتباع إمامه أبي حنيفة
قال العقيلي في الضعفاء حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَسُئِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: كَانَ مُرْجِئًا يَرَى السَّيْفَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ مُرْجِئًا يَرَى السَّيْفَ
وقال عبد الله في السنة 330 - (348) حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْخُرَاسَانِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسِ السَّمَرْقَنْدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، بِالثَّغْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُكْنَى أَبَا خِدَاشٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا تَرْوِ لَنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ مُرْجِئًا فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَكَانَ بَعْدُ إِذَا جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَايهِ ضَرَبَ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ مِنْ كُتُبِهِ وَتَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ، وَذَلِكَ آخِرُ مَا قَرَأَ عَلَى النَّاسِ بِالثَّغْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَمَاتَ، قَالَ: وَكُنْتُ فِي السَّفِينَةِ مَعَهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الثَّغْرِ، وَكَانَ يُحَدِّثُنَا فَمَرَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ لَنَا: اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنِّي قَدْ خَرَجْتُ عَلَى حَدِيثِهِ وَرَايهِ، قَالَ: وَمَاتَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي مُنْصَرَفِهِ مِنْ ذَلِكَ الثَّغْرِ، قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ الْمُبَارَكِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ مُرْجِئًا يَرَى السَّيْفَ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ.
331 - (349) حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، سَمِعْتُ أَبَا الْوَزِيرِ مُحَمَّدُ بْنُ أَعْيَنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصِيَّ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ وَالدَّارُ غَاصَّةٌ بِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَسْأَلَةُ كَذَا وَكَذَا، #165# قَالَ: فَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ فِيهِ أَحَادِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ خِلَافَ هَذَا فَغَضِبَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَقَالَ: أَرْوِي لَكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وتَاتِينِي بِرَجُلٍ كَانَ يَرَى السَّيْفَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
228 - (242) حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، مِنْ أَهْلِ مَرْوَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ نَعُودُهُ أَنَا وَأَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ وَعَلِيُّ بْنُ يُونُسَ فَقَالَ لِي عَبْدُ الْعَزِيزِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، عِنْدِي سِرٌّ كُنْتُ أَطْوِيهِ عَنْكُمْ فَأُخْبِرُكُمْ، وَأَخْرَجَ بِيَدِهِ عَنْ فِرَاشِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: «احْتَمَلْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا وَعَقَدَ بِأُصْبُعِهِ، وَاحْتَمَلْنَا عَنْهُ كَذَا وَعَقَدَ بِأُصْبُعِهِ الثَّانِيَةِ، وَاحْتَمَلْنَا عَنْهُ كَذَا وَعَقَدَ بِأُصْبُعِهِ الثَّالِثَةِ الْعُيُوبَ حَتَّى جَاءَ السَّيْفُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَ السَّيْفُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ نَقْدِرْ أَنْ نَحْتِمَلَهُ».
301 - (319) حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: " قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَيْنَ تَسْكُنُ؟ قُلْتُ الْمِصِّيصَةَ، قَالَ: أَخُوكَ كَانَ خَيْرًا مِنْكَ قَالَ وَكَانَ قُتِلَ مَعَ الْمُبَيِّضَةِ ".
المبيضة قوم خرجوا على العباسيين
304 - (322) حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ " حَدَّثْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ فِي رَدِّ السَّيْفِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ خُرَافَةٍ ".
لأن هذا الحديث ينقض مذهبه في السيف والخروج
فهؤلاء الأئمة الأوزاعي ووكيع وابن المبارك وأبو إسحاق الفزاري يثبتون عليه بدعة أخرى وعليه القول بالسيف والخروج على أئمة الجور وهو متواتر عنه
قال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي يُوسُفَ: أَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ جَهْمِيًّا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ:
أَكَانَ مُرْجِئًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَلَقَدْ قُلْتُ لَهُ أَرَأَيْتَ امْرَأَةً تَزَوَّجَتْ سِنْدِيًّا فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا مُفَلْفَلِي الرُّءُوسِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ تُرْكِيًّا فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ، عِرَاضَ الْوُجُوهِ. قَالَ هُمْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ فَعَلَامَ كُنْتُمْ تُجَالِسُونَهُ؟ قَالَ: عَلَى مُدَارَسَةِ الْعِلْمِ
وهذا صاحبه أبو يوسف يثبت موته على التجهم ويقويه ما قاله الإمام الجهبذ بحق أبو زرعة الرازي رحمه الله كما في سؤالات البرذعي له : سمعت أبا زرعة يقول: "كان أبو حنيفة جهميا، وكان محمد بن الحسن جهمياً
وقوله أيضا عنه : ويقول: "القرآن مخلوق، ويرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستهزىء بالآثار، ويدعو إلى البدع، والضلالات ثم يعني بحديثه مايفعل هذا إلا غبي جاهل، أو نحو ما قال .
أما اليوم فيعنون برأيه بل بعقيدته والله الموعد
قال الطحاوي في عقيدته التي نسبها إلى إمامه أبي حنيفة وصاحبيه : وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.
قال عثمان الدارمي في نقضه على المريسي : وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ وَلَا نِهَايَةٌ. وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بنى عَلَيْهِ جهم ضَلَالَاتِهِ وَاشْتَقَّ مِنْهَا أُغْلُوطَاتِهِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ سَبَقَ جَهْمًا إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ.
وكلام الطحاوي هذا تجهم وخاصة تنزيهه لله عن الجهات الست ومنها جهة العلو وهذا قول الجهمية , وهذه مصيبة أخرى غير الإرجاء ينسبها أتباع هذا الرجل إليه
وجاء في كتاب الفقه الأكبر الذي يحكيه أبو مطيع البلخي عن أبي حنيفة : ولفظنا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق وكتابتنا لَهُ مخلوقة وقراءتنا لَهُ مخلوقة وَالْقُرْآن غير مَخْلُوق.
وهذا قول اللفظية الذي كفر به السلف وجهموا القائلين به , وهذه مصيبة أخرى ينسبها أصحاب أبي حنيفة إليه فهل من مبرئ ؟؟
ثم تكلم الغفيص بكلام مميع لبدعة الإرجاء وخطورتها والتي تركت الدين أرق من ثوب سابري ومن ذلك قوله " وهذه الطريقة فيها أثر من قول المرجئة" بل هي عين مذهب المرجئة وليس فيها أثر من قولهم , وتبرئتهم من قول الجهمية في الإيمان غايته تبرئتهم من الكفر ويبقى تلبسهم بالبدعة ثابتا عنهم لا يرده إلا مكابر مطموس البصيرة
بل صح عن أبي حنيفة الدعوة إلى الإرجاء بل ويصح عنه إرجاء جهم المكفر
قال عبد الله في السنة 261 - (275) حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ، ثنا حَمْزَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ، مِنْ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يَسْأَلُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ الْكَعْبَةَ، حَقٌّ وَلَكِنْ لَا أَدْرِي هَلْ هِيَ هَذِهِ أَمْ لَا؟ فَقَالُ: مُؤْمِنٌ حَقًّا، وَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَبِيُّ وَلَكِنْ لَا أَدْرِي هُوَ الَّذِي قَبْرُهُ بِالْمَدِينَةِ أَمْ لَا، فَقَالُ: مُؤْمِنٌ حَقًّا، قَالَ الْحُمَيْدِيُّ «مَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ»، #142# قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْحَارِثِ.
262 - (276) حَدَّثَنِي هَارُونُ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ بِنَحْوِ حَدِيثِ حَمْزَةَ.
352 - (370) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفَزَارِيَّ
(371) وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: " كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ إِيمَانُ إِبْلِيسَ وَإِيمَانُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاحِدٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَبِّ , وَقَالَ إِبْلِيسُ: يَا رَبِّ "
وقال يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ «حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ نفيل حدثنا ابو مسهر حدثنا يحي بْنُ حَمْزَةَ- وَسَعِيدٌ يسمع-: أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَبَدَ هَذِهِ النَّعْلَ يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا. فَقَالَ سَعِيدٌ: هَذَا الْكُفْرُ صَرَاحًا»
وهذا كله إرجاء جهم
 وقال عبد الله في السنة 365 - (384) حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْإِرْجَاءِ وَخَاصَمَ فِيهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «يَنْبَغِي أَنْ يُنْفَى مِنَ الْكُوفَةَ أَوْ يُخْرُجَ مِنْهَا».
367 - (386) حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: «كَانَ وَاللَّهِ أَبُو حَنِيفَةَ مُرْجِئًا وَدَعَانِي إِلَى الْإِرْجَاءِ فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ».
383 - (402) حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ مُرْجِئًا وَكَانَ مِنَ الدُّعَاةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ وَصَاحِبُهُ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ بِهِ بَاسٌ».
389 - (408) حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: «دَعَانِي أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى الْإِرْجَاءِ».
وقد مر معنا إثبات ابن حبان دعوته للإرجاء فالأمر أشد من مجرد القول بمقالة وإن كانت مقالة خبيثة , وانظر إلى تميعه مع إرجاء حماد بن أبي سليمان وأبي حنيفة وتسهيله فيه وكأنه خلاف في الوضوء من لحوم الإبل وانظر كيف قال إمام أهل السنة والحديث أحمد بن حنبل في مذهب حماد هذا لتعلم الفرق بين أئمة المسلمين بحق وهؤلاء الخلوف الخونة لسبيل المؤمنين
قال الخلال في السنة : 1063 - وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: هَذَا الْأَعْمَشُ وَزُبَيْدٌ وَمَنْصُورٌ حَدَّثُونَا، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ» ، فَأَيُّهُمْ نَتَّهِمُ؟ أَنَتَّهِمُ الْأَعْمَشَ، أَنَتَّهِمُ مَنْصُورًا أَنَتَّهِمُ أَبَا وَائِلٍ؟ قَالَ إِسْحَاقُ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَأَيْشِ أَتَّهِمُ مِنْ أَبِي وَائِلٍ؟ قَالَ: " اتَّهِمْ رَأْيَهُ الْخَبِيثَ، يَعْنِي حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَالَ لِي: قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: " كَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا حَتَّى أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ: قَالَ: أَحْدَثَ الْإِرْجَاءَ "
وانظر إلى ذلك الخبيث المعاند للسنة , يبلغه الحديث في أعلى درجات الصحة يرويه الأئمة عن الأئمة فيتهم فيه أبا وائل شقيق بن سلمة التابعي الكبير المخضرم الجليل والله المستعان
ثم قال الغفيص : "لكن إنما يراد التنبيه هنا على أن أبا حنيفة رحمه الله إمام وفضله معروف وديانته إمامته ومذهبه كما تعرفون في الفقه ربما هو أوسع المذاهب شيوعا ولسبب ذلك ربما شيوعه في بلاد العجم وبلاد العجم يغلب على أهلها الكثرة أكثر من بلاد العرب إلى غير ذلك من الأسباب" هذا كلام فارغ لا معنى له لا يقول إلا خاو العقل
ثم قال : "لكن هذا المقام الذي عرض في قول مرجئة الفقهاء مقام معروف وله تقدريه وسيأتي التنبيه عليه في مقامه وأن هذه بدعة مرجئة الفقهاء ينبه إليها وأما ما طعن به على أبي حنيفة رحمه الله في بعض كتب التاريخ وبعض الكتب الأخرى على فضل من صنفها وجلالته ففي الجملة هذا لا يثبت بل المحفوظ فضله"
في هذا الموضع يقال : ما هذا بعشك فادرجي , فالكلام على المرويات وثبوتها من عدمه هو لمن له علم واهتمام بالحديث والأثر وعلم العلل وفقه السلف وطريقتهم في تمييز ما يقبل من المرويات مما يرد , ليس لأمثال هذا المتعالم ممن هم على مذهب خنثى , لا أهل حديث ولا أهل رأي ولا أهل كلام , وليس لهم اهتمام بالسنن والآثار المروية بالأسانيد ولا اهتمام بعلم الحديث والعلل وطريقة الأئمة النقاد فيه , وكلامه هذا من أظهر الأدلة على هذا , فإن عامة ما روي في عيب أبي حنيفة ثابت عنه ثبوت الجبال الراسيات وعامة ما روي في فضائله كذب أصلع لا يرويه كل صاحب رأي مرجئ كذاب أو مجموعة من المجاهيل لا يدرى من هم , وهذا باعتراف الخطيب البغدادي نفسه , والبحث العلمي المنصف يبين هذا لا الدعاوى العريضة التي لا برهان عليها ولا الكلام الإنشائي الذي يحسنه كل ثرثار
وكلامه هذا يقتضي أن ابن أبي حاتم والبخاري وعبد الله بن أحمد والعقيلي ويعقوب الفسوي وأبا زرعة الدمشقي والمروذي وحرب الكرماني وسعيد بن عمرو البرذعي وابن عدي الجرجاني كانوا إما غششة فجرة كذبة , علموا أن عامة ما يروى في عيب أبي حنيفة لا يثبت وأن المحفوظ فضله وديانته وفقهه فلم يرووا إلا معايبه ومخازيه ووضعوه بسبب ذلك في كتب المجروحين وكتموا فضائله الكثيرة المشتهرة المجمع عليها , أو كانوا جهلة بهذه الفضائل المشتهرة ولم يعلموا من حاله إلا ما لا يثبت من معايبه , أمران أحلاهما مر يا صاحبي !
 
ثم قال : "وهذه هي الطريقة التي يستعملها المحققون من أهل العلم كما هي طريقة الإمام ابن تيمية رحمه الله فإنه أثنى على أبي حنيفة وذكر أن أصوله هي أصول الأئمة كأحمد ومالك والشافعي وإنما أخذ عليه ما أخذ في مسألة الإيمان وهذه مسألة لها تقدير وسيأتي تمييز مقالته ومقالة حماد بن أبي سليمان عن مقالة غيره عن مقالة غيره من المرجئة المتكلمين"
((أبا جعفر أنت أدري بشيخ الإسلام والنقول عنه في أن أصول أبي حنيفة لا تنفي البدع وأن التجهم عنه روايتان وأن السلف لم يكفروه بقوله في الإيمان وإنما بدعوه وكلامه الأخير في الرد على السبكي في الطلاق المعلق فدونك رد عليه))
ثم قال : "ومن هنا لا يجوز الطعن على هذا الإمام ولا يلتفت ويتتبع ويشاع ما يقع في بعض الكتب لأن ما يقع في بعض الكتب هي بلاغات وسير"
سبحان الله ! لا يشاع ويتتبع ما في كتب أئمة السنة التي هي المرجع في العقائد والجرح والتعديل والعلل لنشر أخبار صحيحة في ذمه , ويشاع ويتتبع ما في كتب المتأخرين من الروايات الباطلة الموضوعة في فضائله الخرافية ؟
ولا أدري ايش قصة هذا الدعي وكلمة "بلاغات وسير" , أظنه يهرف بما لا يعرف , فقد مر معنا أن أغلب ما روي في ضلالات أبي حنيفة إنما هي مما سمعه الناس منه كفاحا , وهل من مقتضى ورع أئمة المسلمين أن يذموا رجلا بأشد ألفاظ الذم والجرح بناء على بلاغات تبلغهم لا يدرون صحتها من ضعفها ؟ ويتمالأ أهل مكة والمدينة والبصرة والكوفة ومصر والشام وخراسان على نفس الكلمات والتهم عليه , كل هذا ببلاغات أغلبها لا يثبت ؟!!
أما كلمة "سير" التي كل مرة يحشرها ضمن الكلام فلا أدري حقيقة معناها ومحلها من الإعراب , فكأن الرجل به عي في لسانه وركاكة في لغته ومنطقه
ثم قال : "وكما قال الإمام أحمد رحمه الله : شيئان ليس لهما إسناد أو اثنان ليس لهما إسناد : المغازي والسير"
لا حول ولا قوة إلا بالله , هذه دركة سافلة من الغباء والحمق , فكلام أحمد في المشرق وفهم هذا الدعي وتنزيله له في أقصى المغرب
قال الخطيب في الجامع 1493 - أنا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيدٍ الْحَرَّانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: " ثَلَاثَةُ كُتُبٍ لَيْسَ لَهَا أُصُولٌ: الْمَغَازِي وَالْمَلَاحِمُ وَالتَّفْسِيرُ "
قال ابن تيميّة رحمة الله عليه في ((مقدمة أصول التفسير)) (ص28): "ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثرُهُ كالمنقول في المغازي والملاحم؛ ولهذا قال الإمام أحمد: ثلاثةُ أمورٍ ليس لها إسناد: التفسيرُ، والملاحمُ، والمغازي، ويروى: ليس له أصلٌ، أي: إسنادٌ؛ لأن الغالبَ عليها المراسيل، مثل ما يذكره عروة بن الزبير، والشعبي، والزهري، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق، ومَنْ بعدهم، كيحيى بن سعيد الأموي، والوليد بن مسلم، والواقدي ونحوهم في المغازي." ((هذان النقلان مستفادان من مقال لخالد الحايك))
فهذا هو النقل الصحيح للكلمة وهذا هو الفهم الصحيح للكلمة والله المستعان , فالمراد من السير في كلام أحمد سير النبي صلى الله عليه وسلم وغزواته ودعوته وهجرته وغيرها من الأمور , ومراده بأنها ليس لها أصل أي أن أغلب ما روي فيها مراسيل غير مسندة لا كما فهمه هذا المتعالم
ثم قال : "وإذا كان يقع في سير الأنبياء ما ليس ثابتا وما هو من الحديث عن بني إسرائيل في سير أنبياءهم فحتى في سيرة نبي هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم ليس كل ما رواه أهل السير يكون محفوظا عن رسول الله فكذلك سير أهل العلم ولا سيما أنه في ذلك التاريخ وهذا مهم لطالب العلم أن يعتبره كان هناك بعض الفرق بين مدرسة أهل الرأي في الفقه وكان أبو حنيفة من أئمتها وأعيانها وبين مدرسة المحدثين فصارت مدرسة الرأي تستعمل القياس بوجه فيه سعة وفي نظر المحدثين لم يروا أن هذا التوسع كان لائقا في نظر أهل الحديث وكانوا يرون كثرة الاستمساك بالنص والبحث عن الإسناد والرواية لكن الذي انتهى إليه التاريخ أن هذه مدرسة كان لها فضلها وأن هذه مدرسة كان لها فضلها وتمثل علم الفقه بهاتين المدرستين تمثل علم الفقه بعد ذلك بهاتين المدرستين"
ما قاله عن أهل الرأي كذب أبلق وجهل فاضح بالتاريخ الذي يريد من غيره أن يعرفه وجهل فاضح بالعلم والسنة والأثر وسبيل المؤمنين وما كان عليه السلف
قال حرب الكرماني في عقيدته التي نقل عليها الإجماع : وأصحاب الرأي: وهم مبتدعة ضُّلّال أعداء السّنة والأثر يرون الدين رأيًا وقياسًا واستحسانًا، وهم يخالفون الآثار، ويبطلون الحديث، ويردون على الرسول، ويتخذون/174/أبا حنيفة ومن قال بقوله إمامًا يدينون بدينهم، ويقولون بقولهم فأي ضلالة بأبين ممن قال بهذا أوكان على مثل هذا، يترك قول الرسول وأصحابه ويتبع رأي أبي حنيفة وأصحابه، فكفى بهذا غيًا وطغيانًا وردًا.
وقال أبو حاتم وأبو زرعة في عقيدتيهما التي نقلا عليها الإجماع : وَسَمِعْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ يَأْمُرَانِ بِهِجْرَانِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْبِدَعِ يُغَلِّظَانِ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ التَّغْلِيظِ , وَيُنْكِرَانِ وَضْعَ الْكُتُبِ بِرَأْيٍ فِي غَيْرِ آثَارٍ.
وقال أبو داود في مسائله : سَمِعْتُ أَحْمَدَ، " ذَكَرَ الْحِيَلَ مِنْ أَمْرِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، فَقَالَ: يَحْتَالُونَ لِنَقْضِ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال عبد الله في السنة 215 - (229) سَأَلْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ الرَّجُلِ، يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَ، عَنِ الشَّيْءِ، مِنْ أَمْرِ دِينِهِ مَا يُبْتَلَى بِهِ مِنَ الْأَيْمَانِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ فِي مِصره قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ الرَّاي وَمِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَحْفَظُونَ وَلَا يَعْرِفُونَ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ الْإِسْنَادِ وَلا الْقَوِيَّ الْإِسْنَادِ فَلِمَنْ يَسْأَلُ، أَصْحَابَ الرَّاي أَوْ لهؤلاء، أعني: أَصْحَابَ الْحَدِيثِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ قِلَّةَ مَعْرِفَتِهِمْ؟ قَالَ: يَسْأَلُ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ وَلَا يَسْأَلُ أَصْحَابَ الرَّاي، الضَّعِيفُ الْحَدِيثِ خَيْرٌ مِنْ رَاي أَبِي حَنِيفَةَ.
وقال ابن هانئ في مسائله : 1919 - وسئل عن النظر في كتب الرأي؟
فقال: لا تنظر في شيء من الرأي، ولا تجالسهم.
1930 - وسمعته يقول: تركنا أصحاب الرأي، وكان عندهم حديث كثير، فلم نكتب عنهم، لأنهم معاندون (1) للحديث، لا يفلح منهم أحد.
وينظر مقال أبي جعفر الخليفي "التائبون من ضلالة الرأي" ليعلم قدر هؤلاء القوم من الإسلام وخدمته
ثم قال : "وجاء في طريقة الإمام الشافعي رحمه الله الاستعمال لهذه الطريقة ولهذه الطريقة فإنه رحمه الله بنى فقهه في الابتداء الإمام الشافعي على فقه الإمام أبي حنيفة وأصحابه ولما جالس المحدثين كأحمد رحمه الله اعتنى بالعناية بالرواية وكان يقول عن الشافعي رحمه الله للإمام أحمد : إذا صح عندكم الحديث فأخبرونا نذهب إليه أو نعمل به وأحمد رحمه الله كان يقول للشافعي أو كان يقول عن الشافعي : ما عرفنا الناسخ والمنسوخ إلا لما جالسنا الشافعي فكان هذا هو اتصال العلماء بعضهم مع بعض"
ما أرخص الكذب في هذه الأعصار والله المستعان
قال ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي : ثنا أَبِي، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَوْمًا، وَذَكَرَ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، وَلا لِصَاحِبِكُمْ أَنْ يُفْتِيَ يُرِيدُ مَالِكًا، قُلْتُ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا يَعْنِي مَالِكًا كَانَ عَالِمًا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ ".
قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا كَانَ عَالِمًا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ عَالِمًا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَكَانَ عَاقِلا؟ قَالَ: لا.
قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، كَانَ جَاهِلا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ جَاهِلا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاهِلا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ، قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَكَانَ عَاقِلا؟ ، قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَتَجْتَمِعُ فِي صَاحِبِنَا ثَلاثٌ لا تَصْلُحُ الْفُتْيَا إِلا بِهَا، وَيُخِلُّ وَاحِدَةً، وَيُخْطِئُ صَاحِبُكَ ثَلاثًا، وَيَكُونُ فِيهِ وَاحِدَةٌ، فَتَقُولَ: لا يَنْبَغِي لِصَاحِبِكُمْ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَلا لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ؟ !
وقد نص أبو زرعة على أن الشافعي كان شديد النقض عليهم , وهذا واضح لمن قرأ الأم للشافعي كيف أنه كان يناظر الشيباني دائما فيلقمه الحجر ويلقنه الحجة , وكان رحمه الله كثير التتبع لهم ينقض عليهم وقد كان سببا في خروج عدد من الناس من بدعتهم إلى السنة والحديث , والشافعي أول ما طلب العلم تعلم من مالك وليس من أبي حنيفة وأصحابه يا هذا , أما أنه كان يجمع بين طريقة أهل الحديث وطريقة أهل الرأي فهذا كلام رجل لا يعرف طريقة أهل الحديث في أخذ العلم من السنن والآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين وإجماعهم والقياس على هذا والاستنباط منه , والقائمة على الورع والاحتياط وعدم الكلام في ما لم يقع , وبين طريقة أهل الرأي القائمة على جعل الرأي والقياس أصلا ترد إليه الآثار وتحاكم إليه , وعدم طلب الآثار إلا نادرا , والقائمة على بدع منها القول بأن زيادة السنة على القرآن نسخ والسنة لا تنسخ القرآن وبالتالي ترد , وعدم قبول خبر الصحابي غير الفقيه إذا روى ما يخالف القياس أو تفرد بما تعم به البلوى , والقائمة على الحيل لنقض السنن واستحلال المحرمات على طريقة اليهود , والقائمة على تفريع مئات الفروع التي لم تقع , وغيرها من البلايا , وعافا الله الشافعي وغيره من أئمة المسلمين من هذا المذهب البدعي الخبيث وعافا الله الفقه من أن تمثله هذه المدرسة الخبيثة
ثم قال : "بلغت بلاغات إلى علماء الحديث عن بعض أهل الكوفة وخاصة عن أبي حنيفة لأنه كان له شأن وشيوع نقل إلى بعض كبار المحدثين بعض الكلمات أضيفت إليه ونسبت إليه وهو في الحقيقة بريء منها لم يثبت ذلك بإسناد ومعلوم أن آحاد الناس لا يجوز الطعن على عقيدته إلا بعلم فالأصل في المسلمين البراءة فمن باب أولى أهل العلم وأهل الفضل كمثل هذا الإمام أعني الإمام أبا حنيفة رحمه الله إلا ما عرف وانضبط عند أصحابه وهي مسائل يجري التنبيه عليها إن شاء الله نعم."
مازال هذا المخرف يهذي بالبلاغات وأرجو أن تبلغه مخازي إمامه بأسانيدها الصحيحة لكي يعرف الأمر على حقيقته , وقوله " بعض الكلمات أضيفت إليه ونسبت إليه وهو في الحقيقة بريء منها لم يثبت ذلك بإسناد" قد مضى الكلام على هذا الفجور والجهل الوقح ونقضه والله المستعان على ما يصفون
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أقول : بالنسبة لموضوع ابن تيمية وما التمسه مني الكاتب فقد أحلت على مقالات وإليك بعض النقولات 

 قال ابن تيمية _ رحمه الله _ في رده على السبكي في مسألة تعليق الطلاق (2/837) :" وأكثر أهل الحديث طعنوا في أبي حنيفة وأصحابه طعناً مشهوراً امتلأت به الكتب ، وبلغ الأمر بهم إلى أنهم لم يرووا عنهم في كتب الحديث شيئاً فلا ذكر لهم في الصحيحين والسنن "

أقول : استحضر أن هذا من أواخر تآليف ابن تيمية وقد ذكره في سياق دفع السبكي الاعتداد بداود الظاهري في الخلاف لكونه مطعوناً فيه فأجابه ابن تيمية بعدة أوجه منها أن العبرة بالأدلة وداود معه صحابة وتابعين في المسألة و أن السبكي نفسه يعتد بأناس طعن فيهم في الخلاف ، بل ذكر حتى من طعن في مالك والشافعي وليس مالك والشافعي كداود وأبي حنيفة

ولا شك أن ابن تيمية نفسه يعلم جيداً أن طعون أهل الحديث ليست كطعون متعصبة العراقيين

وهو نفسه يقرر دائماً أن الحق لا يخرج عن أهل الحديث وعرف الفرقة الناجية والطائفة المنصورة في الواسطية بأنهم أهل الحديث ، ولكنه هنا يلزم السبكي فحسب

وهذا النص من ابن تيمية _ رحمه الله _ يستفاد منه عدة أمور

الأول : أن الطعن في أبي حنيفة وأصحابه هو مذهب أكثر أهل الحديث _ بنص ابن تيمية _ والواقع أنه مذهبهم كلهم ولكن لعل الشيخ اغتر ببعض ما ينسب لابن معين أو يروى عن بعضهم من الثناء على أهل الرأي

الثاني : أن من ضمن هؤلاء الطاعنين أصحاب الصحاح والسنن وأن اجتنابهم لتخريج حديث أبي حنيفة وأصحابه لعلة المنافرة والبغض والطعن

فالبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه ممن يطعن في أبي حنيفة وأصحابه ويجتنبه لهذا الداعي بشهادة ابن تيمية _ رحمه الله _

ومن كان هؤلاء سلفه في بابهم الذي هو الجرح والتعديل مع بقية أئمة الإسلام فلا يضره تشغيب الصعافقة

الثالث : أن هذا طعن مشهور امتلأت به الكتب ، فكيف يستطيع أحد أن يكتمه والحال

وليعلم أن ناسخ المخطوط لما رأى من غلظ هذه الكلمة أضاف عليها ترضياً على أبي حنيفة ! وأتبعه بمثله عن مالك والشافعي ، وابن تيمية رجل حنبلي وقد ذكر أحمد عدة مرات في هذه الرسالة ولم يترضَ عليه فيترضى عن أبي حنيفة !

وعادته أنه لا يترضى عن غير الصحابة وقد فعل ذلك أحياناً مع أحمد

ولا تستغرب فقد فعلوا في كتاب الأم للشافعي فإنك ترى الشافعي يذكر أبا حنيفة في محل ذم أو نقد ويكتبون إلى جانب اسم أبي حنيفة _ رضي الله عنه _ والشافعي في الأم يذكر الكثير من الأعيان الفضلاء ممن يعتقد فيهم أنه أجل من أبي حنيفة ولا يترضى عليه

ولابن تيمية نص آخر قد لا يعجب الخلفيون الطاعنين في الآخذين بمذاهب السلف

قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (20/186) :" فَالْمُبْتَدِعَةُ الْمُنْتَسِبُونَ إلَى غَيْرِهِ إذَا كَانُوا جهمية أَوْ قَدَرِيَّةً أَوْ شِيعَةً أَوْ مُرْجِئَةً؛ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَذْهَبًا لِلْإِمَامِ إلَّا فِي الْإِرْجَاءِ؛ فَإِنَّهُ قَوْلُ أَبِي فُلَانٍ وَأَمَّا بَعْضُ التَّجَهُّمِ فَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْهُ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ الْمُنْتَسِبُونَ إلَيْهِ مَا بَيْنَ سُنِّيَّةٍ وجهمية؛ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ؛ مُشَبِّهَةٍ وَمُجَسِّمَةٍ؛ لِأَنَّ أُصُولَهُ لَا تَنْفِي الْبِدَعَ وَإِنْ لَمْ تُثْبِتْهَا"

وأبو فلان هذا هو أبو حنيفة تصرف الناسخ أو المحقق فغير اسمه وهذا ظهر في الرسالة المفردة التي حققها بعضهم حين ذكر الاسم صريحاً

ولو قلت لشخص من هؤلاء ( أنت أصولك لا تنفي البدع ومذهبك الإرجاء ) سيرى أنني طاعن فيه أليس كذلك ؟

فليقل ابن تيمية يطعن في أبي حنيفة 


وهناك نقولات أخرى تجدها في مقالي تحرير موقف شيخ الإسلام من أهل الرأي وهناك فرق بين المدح المقيد والمطلق

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي