مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: مخالفة الرازي للإجماع الذي نقله إمامه الأشعري ...

مخالفة الرازي للإجماع الذي نقله إمامه الأشعري ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال الرازي في كتابه معالم في أصول الدين في ص89 :" الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة قَالَ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ الِاسْتِطَاعَة لَا تُوجد إِلَّا مَعَ الْفِعْل وَقَالَت الْمُعْتَزلَة لَا تُوجد إِلَّا قبل الْفِعْل

وَالْمُخْتَار عندنَا أَن الْقُدْرَة الَّتِي هِيَ عبارَة عَن سَلامَة الْأَعْضَاء وَعَن المزاج المعتدل فَإِنَّهَا حَاصِلَة قبل حُصُول الْفِعْل إِلَّا أَن هَذِه الْقُدْرَة لَا تَكْفِي فِي حُصُول الْفِعْل الْبَتَّةَ فَإِذا انضمت الداعية الجازمة إِلَيْهَا صَارَت تِلْكَ الْقُدْرَة مَعَ هَذِه الداعية الجازمة سَببا مقتضيا للْفِعْل الْمعِين ثمَّ إِن ذَلِك الْفِعْل يجب وُقُوعه مَعَ حُصُول ذَلِك الْمَجْمُوع لِأَن الْمُؤثر التَّام لَا يتَخَلَّف عَنهُ الْأَثر الْبَتَّةَ
فَنَقُول قَول من يَقُول الِاسْتِطَاعَة قبل الْفِعْل صَحِيح من حَيْث ذَلِك المزاج المعتدل سَابق وَقَول من يَقُول الِاسْتِطَاعَة مَعَ الْفِعْل صَحِيح من حَيْثُ إِن عِنْد حُصُول مَجْمُوع الْقُدْرَة والداعي الَّذِي هُوَ الْمُؤثر التَّام يجب حُصُول الْفِعْل مَعَه"

قول الرازي أقرب إلى العقل والنقل غير أنه هنا خالف الإجماع الذي نقله إمامه الأشعري في غير كتاب له فقد نقل الإجماع على القول بأن القدرة لا بد أن تقارن الفعل ( وهو إجماع مكذوب بل هو قول الجبرية )

 قال الأشعري في مقالات الإسلاميين ناقلاً اتفاق أهل السنة : "وقالوا أن أحداً لا يستطيع أن يفعل شيئاً قبل أن يفعله".

قال ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (8/371): "قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي " اسْتِطَاعَةِ الْعَبْدِ " هَلْ هِيَ مَعَ فِعْلِهِ أَمْ قَبْلَهُ ؟
 وَجَعَلُوهَا قَوْلَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ فَقَوْمٌ جَعَلُوا الِاسْتِطَاعَةَ مَعَ الْفِعْلِ فَقَطْ وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى مُثْبِتَةِ الْقَدَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ .
وَقَوْمٌ جَعَلُوا الِاسْتِطَاعَةَ قَبْلَ الْفِعْلِ وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى الْنُّفَاةِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ وَجَعَلَ الْأَوَّلُونَ الْقُدْرَةَ لَا تَصْلُحُ إلَّا لِفِعْلِ وَاحِدٍ إذْ هِيَ مُقَارِنَةٌ لَهُ لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ وَجَعَلَ الْآخَرُونَ الِاسْتِطَاعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا صَالِحَةً لِلضِّدَّيْنِ وَلَا تُقَارِنُ الْفِعْلَ أَبَدًا وَالْقَدَرِيَّةُ أَكْثَرُ انْحِرَافًا ؛ فَإِنَّهُمْ يَمْنَعُونَ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْفِعْلِ قُدْرَةً بِحَالِ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْأَثَرِ لَا يُقَارِنُهُ بِحَالِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ وَالْأَمْرُ".

وقال ابن تيمية رحمه الله وهو ينقض قول الأشاعرة بأن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل (يريدون بذلك أن العبد لا قدرة عنده وهو الجبر الصريح) كما في مجموع الفتاوى (8/480):
"بَلْ نُصُوصُهُمْ مُسْتَفِيضَةٌ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ إثْبَاتِ اسْتِطَاعَةٍ لِغَيْرِ الْفَاعِلِ .
 كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا﴾، وقَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾.
 وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : ((صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)).
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى مُسْتَطِيعٍ وَأَنَّ الْمُسْتَطِيعَ يَكُونُ مُسْتَطِيعًا مَعَ مَعْصِيَتِهِ وَعَدَمِ فِعْلِهِ كَمَنْ اسْتَطَاعَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَإِنَّهُ مُسْتَطِيعٌ بِاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِقَابِ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ الَّذِي اسْتَطَاعَهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ لَا عَلَى تَرْكِ مَا لَمْ يَسْتَطِعْهُ .
 وَصَرَّحُوا بِمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْفِعْلِ تَصْلُحُ لِلضِّدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ حِينَ الْفِعْلِ مُسْتَطِيعًا أَيْضًا عِنْدَهُمْ فَهُوَ مُسْتَطِيعٌ عِنْدَهُمْ قَبْلَ الْفِعْلِ وَمَعَ الْفِعْلِ وَهُوَ حِينَ الْفِعْلِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا تَارِكًا فَلَا يَقُولُونَ : إنَّ الِاسْتِطَاعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا قَبْلَ الْفِعْلِ ، كَقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَلَا بِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ الْفِعْلِ كَقَوْلِ الْمُجَبِّرَةِ بَلْ يَكُونُ مُسْتَطِيعًا قَبْلَ الْفِعْلِ وَحِينَ الْفِعْلِ .
 وَأَمَّا قَوْلُهُ : الْعُلَمَاءُ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَبْدَ يَفْعَلُهَا قَسْرًا .
يُقَالُ لَهُ : لَمْ يُصَرِّحْ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ الْمَشْهُورِينَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَكَابِرِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَإِنَّمَا يُصَرِّحُ بِهَذَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ سَلَكُوا مَسْلَكَ جَهْمٍ وَمَنْ وَافَقَهُ وَلَيْسَ هُوَ لِأَهْلِ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ بَلْ وَلَا جُمْهُورِهِمْ وَلَا أَئِمَّتِهِمْ بَلْ هُمْ عِنْدَ أَئِمَّةِ السَّلَفِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ".

والأشعرية الآن في ورطة فإمامهم المجدد الرازي مخالف للإجماع الذي نقله إمامهم الأشعري

ويبدو أن هناك جماعة من الأشاعرة أدركوا ذلك وتبرم منهم الرازي

حيث قال في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص92 :"ف إِن الْأَعْدَاء والحساد لَا يزالون يطعنون فِينَا وَفِي ديننَا مَعَ مَا بذلنا من الْجد والإجتهاد فِي نصْرَة اعْتِقَاد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة ويعتقدون أَنِّي لست على مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَقد علم الْعَالمُونَ أَنه لَيْسَ مذهبي وَلَا مَذْهَب أسلافي إِلَّا مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَلم تزل تلامذتي وَلَا تلامذة وَالِدي فِي سَائِر أَطْرَاف الْعَالم يدعونَ الْخلق الى الدّين الْحق وَالْمذهب الْحق وَقد أبطلوا جَمِيع الْبدع وَلَيْسَ الْعجب من طعن هَؤُلَاءِ الأضداد الحساد بل الْعجب من الْأَصْحَاب والأحباب كَيفَ قعدوا عَن نصري وَالرَّدّ على أعدائي وَمن الْمَعْلُوم أَنه لَا يَتَيَسَّر شَيْء من الْأُمُور إِلَّا بالمعاونه والمساعدة وَلَو أمكن ذَلِك من غير مساعدة لما كَانَ كليم الله مُوسَى ع م بن عمرَان أَن مَعَ حججه الباهرة وبراهينه الْقَاهِرَة يَقُول مُخَاطبا للرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فَأرْسلهُ معي ردْءًا يصدقني} يسر الله لنا وَلكم التَّوْفِيق الى الْخيرَات وصاننا عَمَّا يكون فِي الدُّنْيَا والعقبى سَببا لاسْتِحْقَاق الْعُقُوبَات"


قال الرازي في كتابه معالم في أصول الدين ص61 :" الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة أجمع الْأَنْبِيَاء وَالرسل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام على كَونه تَعَالَى متكلما

وَإِثْبَات نبوة الْأَنْبِيَاء لَا تتَوَقَّف على الْعلم بِكَوْنِهِ تَعَالَى متكلما وَحِينَئِذٍ يتم هَذَا الدَّلِيل وَلِأَن كَونه تَعَالَى آمرا وناهيا من صِفَات الْجلَال ونعوت الْكَمَال وَالْعقل يقْضِي إثْبَاته لله تَعَالَى"

أقول : إجماع الأنبياء على علو الله عز وجل على خلقه أظهر من إجماعهم على أنه متكلم ولهذا جميع الكتب تقر بهذا وقد نقل اتفاق أهل الملل على إثبات العلو الدارمي وغيره وهذا أمر ظاهر إلى اليوم

وقال أيضاً في ص 79 :" اعْلَم أَن الْعلم بِصِحَّة النُّبُوَّة لَا يتَوَقَّف على الْعلم بِكَوْن الْإِلَه وَاحِدًا فَلَا جرم إِمْكَان إِثْبَات الوحدانية بالدلائل السمعية وَإِذا ثَبت هَذَا فَنَقُول إِن جَمِيع الْكتب الإلهية ناطقة بِالتَّوْحِيدِ فَوَجَبَ أَن يكون التَّوْحِيد حَقًا"

وهذا ينطبق على القول بعلو الله عز وجل على خلقه

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (5/122) :" وَافْتَرَقَ النَّاسُ فِي هَذَا الْمَقَامِ (أَرْبَعَ فِرَقٍ: " فالْجَهْمِيَّة " الْنُّفَاةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا هُوَ دَاخِلُ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجُ الْعَالَمِ وَلَا فَوْقَ وَلَا تَحْتَ؛ لَا يَقُولُونَ بِعُلُوِّهِ وَلَا بِفَوْقِيَّتِهِ؛ بَلْ الْجَمِيعُ عِنْدَهُمْ مُتَأَوِّلٌ أَوْ مُفَوِّضٌ وَجَمِيعُ أَهْلِ الْبِدَعِ قَدْ يَتَمَسَّكُونَ بِنُصُوصِ؛ كَالْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ؛ إلَّا الْجَهْمِيَّة؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعَهُمْ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تُوَافِقُ مَا يَقُولُونَهُ مِنْ النَّفْيِ. وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: " الْجَهْمِيَّة " خَارِجُونَ عَنْ الثَّلَاثِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَهَذَا أَعْدَلُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ أَحْمَد"

وهذا القول الذي أخرج به ابن تيمية هؤلاء الجهمية من الاثنتين وسبعين فرقة هو قول الأشاعرة فتأمل !

وقال ابن الوزير في العواصم منبهاً على تناقض الرازي (  5/97) :" وقد اعترف الرازي في كتاب " الأربعين " بأن الكتب السماوية كلها جاءت بذلك في حق الله تعالى، كما جاءت بتحقيق المعاد، ونسب إلى الفلاسفة  والباطنية المخالفة فيهما معاً، ونسب إلى المتكلمين تقرير ما جاءت به الشرائع في المعاد، وتأويل ما جاءت به في المبدأ، يعني به الرب سبحانه."

وقال الرازي في معالم أصول الدين ص73 :" الْمَسْأَلَة الأولى اتّفق أهل السّنة على أَن الله تَعَالَى يَصح أَن يرى وَأنْكرت الفلاسفة والمعتزلة والكرامية والمجسمة ذَلِك

أما إِنْكَار الفلاسفة والمعتزلة فَظَاهر وَأما إِنْكَار الكرامية والحنابلة فلأنهم أطبقوا على أَنه تَعَالَى لَو لم يكن جسما وَفِي مَكَان"


وهذا كذب فالحنابلة والكرامية يثبتون الرؤية

والحنابلة لا يقولون بالتجسيم فهم على فريقين

فريق على السنة لا يثبت هذا اللفظ ولا ينفيه

وفريق وقع في الإحداث ينفي الجهمية كأبي يعلى وابن الزاغوني ومن سار على طريقتهم

وأما إثبات الجسمية فبعيد عنهم

وقد نبه ابن تيمية على كذب الرازي هنا

فقال كما في مجموع الفتاوى (3/186) :" أَبِكَذِبِ ابْنِ الْخَطِيبِ وَافْتِرَائِهِ عَلَى النَّاسِ فِي مَذَاهِبِهِمْ تَبْطُلُ الشَّرِيعَةُ وَتَنْدَرِسُ مَعَالِمُ الدِّينِ؟ كَمَا نَقَلَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْقُرْآنَ الْقَدِيمَ هُوَ أَصْوَاتُ الْقَارِئِينَ وَمِدَادُ الْكَاتِبِينَ وَأَنَّ الصَّوْتَ وَالْمِدَادَ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ مَنْ قَالَ هَذَا؟ وَفِي أَيِّ كِتَابٍ وُجِدَ هَذَا عَنْهُمْ؟ قُلْ لِي. وَكَمَا نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ بِاللُّزُومِ الَّذِي ادَّعَاهُ وَالْمُقَدِّمَةُ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْهُمْ"

والله المستعان 

ثم وجدت في شرح النونية لابن عيسى ما يلي :"  قَالَ الشَّيْخ الْعَلامَة عبد الرَّحْمَن بن ابراهيم الْفَزارِيّ فِي كِتَابه غَايَة السول فِي علم الْأُصُول بعد أَن حكى كَلَام الرَّازِيّ هَذَا وَمَا أَدْرِي أَي الْأَمريْنِ أسْرع الى فضيحته نَقله أَو تَقْرِيره أما نَقله فَلِأَن الْحَنَابِلَة لَا يخْتَلف أَوَّلهمْ وَآخرهمْ فِي أَن الْمُنكر لرؤية الله تَعَالَى جَاحد لكتابه وَسنة رَسُوله واجماع اهل النَّقْل وَأما تَقْرِيره فَلِأَن قَوْله أطبقوا على أَنه لَو لم يكن جسما فِي مَكَان لامتنعت رُؤْيَته إِنَّمَا هُوَ اسْتِدْلَال يَقْتَضِي اثبات الْجِسْم بِدَلِيل صِحَة الرُّؤْيَة لِأَن التَّقْدِير يكون لَو لم يكن جسما لَا متنعت رُؤْيَته فَيكون جسما فَمثل هَذَا لَا يخفى على الْفَخر الرَّازِيّ وانما هُوَ الْهوى إِذا غلب أعمى وأصم فان كل لَبِيب يعلم من كَلَام هَذَا الرجل أَن فِي قلبه من الْحَنَابِلَة دَاء لَا دَوَاء لَهُ فانه اولا أخرجهم عَن اهل السّنة فتراه يرى السّنة مَا ابتدعه فِي دين الاسلام والشرعة المحمدية من المباحث الكلامية والشبه الْعَقْلِيَّة والآراء الفيلسوفية فَحكم على من لَا يقوم مقامهم بِأَنَّهُم لَيْسُوا من أهل السّنة وَثَانِيا أطلق عَلَيْهِم اسْم التجسيم والتجسيم لَا يَعْتَقِدهُ مُسلم وَأطَال الْفَزارِيّ الْكَلَام قَوْله وَحكى المعطلة عَنْهُم انهم قَالُوا يجوز كَلَامه من غير قصد معَان"

ومن اللطائف قول الرازي وهو يعدد أدلة الرؤية :" الْخَامِس قَوْله تَعَالَى {وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيما وملكا كَبِيرا} وَالْملك الْكَبِير هُوَ الله تَعَالَى وَذَلِكَ يدل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرى ربه يَوْم الْقِيَامَة"

وهذا عجيب فما رأيت أحداً سبقه إلى هذا الاستدلال
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي